شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 62 منذ تولي الشيخ «حمد بن خليفة آل ثاني» مقاليد الحكم في قطر، عقب الانقلاب على والده الشيخ خليفة عام 1995، قامت السياسة القطرية الخارجية على عدة مرتكزات لخلق موضع قدم لها في الملعبين الإقليمي والدولي، وكان أبرز هذه المرتكزات؛ دعم جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة «الإخوان المسلمين». في سياق كهذا، كان من المفترض لفرع الجماعة في قطر أن ينمو ويتمدد ويلعب دورًا تنسيقيًا مع فروع الإخوان الأخرى، لكن جاءت المفاجأة بقرار «إخوان قطر» عام 1999 بحل التنظيم والتحول إلى تيار داخل المجتمع القطري. القرار لم يأت إثر حملات قمع وتضييق كما حدث مع الإخوان في دول أخرى، أو نتيجة صدامات مع النظام الحاكم في قطر، فما الذي أوصل «إخوان قطر» إلى اتخاذ هذا القرار الكبير في ظل واقع يقول لهم «المستقبل لكم»؟ المد الإخواني يصل قطر تكثف الوجود الإخواني في قطر على عدة فترات، كما يوضح الباحث مصطفى عاشور في دراسة له بعنوان «تجربة الإخوان المسلمين في قطر». وكان أول هذه المراحل في منتصف الخمسينيات، عندما دفعت حملة عبد الناصر القمعية ضد الجماعة في مصر إلى هجرات إخوانية نحو عدد من دول العالم، وكان للدول الخليجية – وعلى رأسها قطر – نصيب من هذه الهجرات. كان من بين الإخوان الذين وصلوا إلى قطر عبد البديع صقر ويوسف القرضاوي وعبد المعز عبد الستار وأحمد العسّال وكمال ناجي وغيرهم. وكان لحضور هذا النفر من الإخوان إلى بلد صغير كقطر أثر معنوي كبير على أهلها، فكان ثمة انبهار بهذه الرموز الإخوانية والتي كان لها دروس وحلقات في المساجد ومحاضرات عامّة ودور كبير في إنشاء وزارة التربية والتعليم وصياغة المناهج التربوية والتعليمية في البلاد، حسبما ذكر الدكتور عبد الله النفيسي في مقال له بعنوان « الحالة الإسلامية في قطر» . استطاع الإخوان أن يقيموا علاقات جيدة مع أسرة آل ثاني الحاكمة في قطر، فتمتعوا باحترامها وثقتها. ظهر ذلك عبر إسناد إدارة عدد من المساجد الكبيرة إليهم، وكذلك الاستعانة بهم في تأسيس بعض الكليات الشرعية، ووضع المناهج التعليمية والتربوية. حرصت هذه المجموعة من الإخوان، بحسب النفيسي، على العمل الفردي العضوي حتى لا تثير الشكوك حولها، خاصة وأن شبهة «الحزبية» كانت دائمًا تلاحق الإخوان الفارين إلى خارج مصر. ويبدو أن هذا كان سر نجاح إخوان قطر وثقة الحكام بهم، إذ ظهروا كأعوان للحكام وليسوا كمنافسين أو حتى منافسين محتملين. الإخوان من التنظيم إلى حل التنظيم حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، لم يكن للإخوان المسلمين في قطر تنظيم، وكانت أنشطتهم المختلفة – على مدى عقدين من الزمن- تتم بشكل عفوي عبر المبادرات الفردية والعلاقات الشخصية، لكن مع نشاط الحركة الإسلامية العربية في السبعينيات والثمانينات، واحتكاك عدد من القطرين بالجماعة الأم خلال دراستهم في مصر، تأثر بعضهم بالتجربة وقرروا تنظيم عمل الإخوان في قطر. مع منتصف السبعينيات أصرّت مجموعة صغيرة من شباب قطر، لا تتعدى المائة، على ضرورة اختيار «مسؤول» للإشراف على هذه الأنشطة الدعوية والتربوية يقول الدكتور «عبد الله النفيسي» إنه مع منتصف السبعينيات أصرّت مجموعة صغيرة من شباب قطر، لا تتعدى المائة، على ضرورة اختيار «مسؤول» للإشراف على هذه الأنشطة الدعوية والتربوية. وبعد 5 سنوات من تشكيل التنظيم البسيط شكلًا ومضمونًا، جاء بعض الخريجين الجُدد من الخارج وانضموا إلى هذه المجموعة وبدأت تطرح أسئلة جدّية: من نحن؟ وإلى نسير؟ وهل هناك مشروع نحمله ونتحمّل حمله؟ هل هذا ما نريد؟ ما مصلحة المجتمع القطري في كل ذلك؟ هل هذا الثوب مناسب ارتداؤه في قطر؟ انقسمت الدراسة إلى قسمين نشر أحدهما تحت عنوان «فكر البنا»، أما الجزء الثاني والذي جاء تحت عنوان «تنظيم الإخوان» فلم ينشر إلى الآن، رغم كونه الجزء الأهم «نظرًا لما فيه من تشريح عملي وموضوعي صارم لأوضاع المنظمة لم تعتد عليه في تاريخها الطويل منذ نشوئها 1928م في الإسماعيلية»، كما يقول النفيسي الذي اطلع على هذا الجزء. تعاملت هذه المجموعة مع هذه التساؤلات برصانة وجدّية وحزم فقررت تفويض أفراد منها للقيام بدراسة هذه الأسئلة دراسة تفصيلية واستحضار فكر الإمام المؤسس حسن البنّا وتنزيل هذا الفكر على تجربة الإخوان في مصر وتجارب الإخوان خارج مصر، واستغرقت الدراسة عدة سنوات وانتهت عام 1991 تقريبًا. وخلصت الدراسة إلى أن فكر البنّا لم يحدّد بدقة الموقف من الدولة: المشاكل الداخلية للدولة – الحكومة – الإدارة – الاقتصاد – الأمن – نظرية العلاقات الدولية – الاقتصاد – التعليم، وأن استنساخ التجربة الإخوانية التنظيمية في قطر أمر غير ذي جدوى في ظل محافظة المجتمع الدينية والوفرة المادية وغياب السياسة بمعناها التنافسي والصراعي. وبناء عليه تقرر حل التنظيم في قطر عام 1999، أي في الوقت الذي بدأت فيه السياسة الخارجية لقطر تتبلور والبوصلة تتجه للتعاون مع الإسلام السياسي. فوائد حل الإخوان تنظيمهم في قطر تكمن أهمية – وربما خطورة – نموذج إخوان قطر في أن قرار حل التنظيم كان – بحسب المصادر المتاحة إلى الآن – قرارًا ذاتيًا دون أي ضغوط خارجية، وأنه نِتاج مناقشات ومباحثات جادة ورصينة أقيمت في وقت كان يتمتع فيه التنظيم بعلاقات جيدة جدًا مع النظام الحاكم في قطر وليس نِتاج حملات قمع واضطهاد، وبالتالي فلا شبهة في دوافع القرار. وبهذا قدم إخوان قطر نموذجًا عمليًا على ما يمكن أن تصير إليه جماعة الإخوان مستقبلًا، كما هدموا الطرح الذي كان يبدو بديهيًا في ذهن منتسبي التنظيم وهو أن مستقبل الجماعة الوحيد هو حكم الدول العربية أو على الأقل المشاركة في حكمها. قدم إخوان قطر نموذجًا مهمًا في التقييم الجاد الصارم لأفكار وجهود السابقين ولأوضاع وأهداف تنظيم الإخوان، وأكدوا على ضرورة خضوع كل تجارب الجماعة للنقد والتطوير والإضافة والحذف والإلغاء والتجاوز وأنه لا يوجد نموذج واحد لما يجب أن تكون الجماعة. أكد إخوان قطر على ضرورة استقلال فروع وامتدادات جماعة الإخوان عن بعضها البعض وعن الأصل في مصر، وعلى ألا يكون نموذج التنظيم في مصر هو غاية باقي الفروع وربما كان إخوان قطر أول من نبهوا وطالبوا الإخوان في مختلف الدول العربية عمومًا ومصر خصوصًا بمراجعة أنفسهم وتقييم تجاربهم وإنجازاتهم، فقد قال أحد القائمين المهميّن على الدراسة التي أنتجها إخوان قطر، في معرض تعليقه على وضع إخوان مصر- بحسب النفيسي- إنهم «تحوّلوا إلى إسفنجة تمتص كل الطاقات وتجمّدها، إنهم حيثما كانوا يساهمون في تجميد الحالة وذلك يخدم في المحصول النهائي النظام أينما كان. إنهم يقومون بدور وظيفي لصالح الدولة هناك دون أن يشعروا». أكد إخوان قطر ضرورة استقلال فروع وامتدادات جماعة الإخوان عن بعضها البعض وعن الأصل في مصر، وعلى ألا يكون نموذج التنظيم في مصر هو غاية باقي الفروع، وأن لكل فرع وضع مغاير عن الآخر وبالتالي ففكره أهدافه وخططه يجب أن يكون مغايرًا، وهو الواقع الآن إلى حد كبير. بنسبة كبيرة أعطى قرار حل إخوان قطر للنظام الحاكم فيها دافعًا أكبر لدعم الجماعة والإسلام السياسي في مختلف الدول العربية، بعدما اطمن إلى أن ظهره آمن وأنها لا تنافسه على الحكم. وربما هذا ما تحتاجه فروع الجماعة في بعض الدول وخاصة دول الخليج التي تشن حملة شعواء ضد التنظيم وتدعم أعداءه في مصر وليبيا وتونس، لأنها ترى أن وجوده يمثل تهديدًا وجوديًا لها، وبالتالي فإن إعادة دراسة نموذج إخوان قطر في هذا التوقيت هو خطوة مهمة لكافة فروع الجماعة. قد يعجبك أيضاً خطر الوجود الإسرائيلي في الصين علي الأمن القومي العربي الظواهري يخرج من كهفه ليطلق مبادرة جديدة للعمل الجهادي الظهور الأول لمنظومة «حيتس» الإسرائيلية في سوريا لماذا تفشل المعارضة التركية في هزيمة أردوغان؟ شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram كريم أسعد Follow Author المقالة السابقة تفكيك أسطورة «الحرب الاستباقية» عام 1967 عند الإسرائيليين المقالة التالية الخط الأحمر: مصيدة القسام تفسد الهجوم الإسرائيلي قبل أن يبدأ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك لماذا يجب أن يخشى بوتين من حرب عصابات في أوكرانيا؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك المعركة من أجل البترول فى ليبيا (معهد كارنيجي) 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الانتفاضة السودانية على نظام البشير في مرآة «غرامشي» 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك حزب الانتماء اللبناني… الوسيلة الإسرائيلية للمال الأمريكي 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك انقلاب بيرو: عزل الرئيس اليساري بحجة «العجز الأخلاقي» 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك حكاية عباس: 11 سنة من «السلطة» 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك حراك الريف: هل تقلد «محمد السادس» سيف «الحسن الثاني»؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مؤتمر «فتح» أم مؤتمر «عباس»؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الكتالوج الصيني: طريق طويل لسيادة العالم 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك روسيا «القطب»: قراءة في وثيقة الأمن القومي الجديدة 01/03/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.