شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 53 من العراق إلى سوريا ومصر وفلسطين واليمن وصولًا إلى الإمارات والسعودية، حلقّت النساء العربيات في فضاء التحدي لتُقدم إنجازات حفرت أسماءهن بماء الذهب في تاريخ بلدانهن، حتى أصبحن ملهمات للآخرين في مجالات التغيير الاجتماعي. 1. «زها حديد»: المعمارية العبقرية بين 31 أكتوبر/تشرين الأول 1950، و31 مارس/آذار 2016 نبض قلب «زها حديد». بيدها خطت حدود مستقبلها حتى أضحت أحد أشهر مهندسي العمارة في العالم. تعود أصولها العربية إلى العراق، والغربية إلى بريطانيا، حيث عاشت أكثر من ثلاثة عقود هناك؛ فتجنّست وعُرفت كـ «معمارية بريطانية من أصل عراقي». حين كانت طفلة التحقت بمدارس داخلية في إنجلترا وسويسرا، وفي شبابها درست الرياضيات بالجامعة الأمريكية في بيروت، ثم ما لبثت أن اكتشفت ولعها بهندسة العمارة فانتقلت إلى لندن عام 1972 ودرست بكلية الجمعية المعمارية. استطاعت حديد أن تجعل من المباني الصماء صورًا حيوية نابضة بالتجديد والابتكار، وتميّزت أعمالها بالنمط المعماري التفككي متعدد المناظر، وأغدقت عليه بتفاصيل الحداثة والانسيابية. بدأت مشاريعها الناجحة في ألمانيا بإنشاء محطة إطفاء الحريق «فيترا» بمدينة «فايل آم راين»، والتي استمر العمل بها قرابة الثلاث سنوات، ومن ثمَّ انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية فأبدعت في تصميم مركز «رونتال» للفن المعاصر، واعُتبر أول متحف أمريكي تقوم على تصميمه امرأة، مما أكسبها شهرة عالمية. واستمرت على حال تميزها فأبدعت مجددًا في تصميم مركز لندن للرياضات البحرية في دورة الألعاب الأولمبية عام 2012، كما يشهد متحف الفن المعاصر بالولايات المتحدة الأمريكية وكذلك مركز «حيدر علييف» بأذربيجان على ثراء فكرها المعماري، حتى استحقت بجدارة عام 2004 جائزة بريتزكير المعمارية التي تُعادل نوبل في الهندسة، وكانت أول امرأة وأحد أصغر الحاصلين على الجائزة آنذاك، كما مُنحت عام 2010 جائزة سترلنج لتصميمها مبنى المتحف القومي للفنون بروما. تؤمن حديد أن المعمار ليس مأوىًّ فقط بل يتعدى حدود السكن إلى التحفيز على التفكير، كما ترى أن التعليم ليس مجرد مؤهل للحصول على الوظيفة وإنما سبيل لفهم تفاصيل الكون. فارقت حديد الحياة، وتركت ما يقارب الألف مشروع تصميم، لتخليد أعمالها المعمارية وثروتها الحقيقية . 2. «نوال المتوكل»: عداءة استثنائية نوال المتوكل في الدار البيضاء بالمغرب، وتحديدًا في 15 أبريل/نيسان 1962، أطلقت «نوال المتوكل» أولى صرخات الحياة التي تحولت فيما بعد إلى عبارات ثناء استثنائية استحقتها على بذلها اللامتناهي في عالم ألعاب القوى. نشأتها في بيئة رياضية شجّعها على اتباع ذات النهج، وساعدها على ذلك أحد أشقائها فألحقها منذ كانت في الخامسة عشر من عمرها بالنادي البلدي، فاكتشفت ذاتها الرياضية وألمت بقدراتها البدنية، وخلال العام 1979 اخُتيرت لتمثيل المغرب في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط. شكّل هذا الاختيار دافعًا لديها للاستمرار بقوة وجهد أكبر لتحقيق نجاحات أعظم، فحصلت على دبلوم تربية مدنية من أمريكا، وحصلت على ذهبية سباق الـ 400 متر حواجز في دورة الألعاب الأولمبية في أغسطس/آب 1984 في لوس أنجلوس مما شكّل نقلة نوعية في حياتها إذ اعُتبرت أول مغربية بل عربية وإفريقية تحصل على هذا اللقب. ومع كل عام كانت المتوكل ترتقي درجات متقدمة في عالم الرياضة، فبعد عملها كمدربة عام 1989، انُتخبت في العام 1995 كعضو في المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لألعاب القوى، وفي فترة أخرى انُتخبت نائبة لرئيس الاتحاد، كما حصلت على عضوية الرابطة الدولية لاتحادات ألعاب القوى (IAAF). وفي عام 1997 عُينت وزيرة للشباب والرياضة، ثم ما لبثت أن نالت عضوية اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) في العام 1998، وكانت المرأة العربية والأفريقية الأولى التي تنال تلك العضوية، وأوكل إليها إعداد المقترحات لتعديل القوانين والتنظيمات في ألعاب القوى، وواصلت تألقها في المجال الرياضي فتسلمت رئاسة اللجنة التنسيقية للألعاب الأولمبية لدورة 2016. وفي يوليو/ تموز 2003 نالت جائزة الروح الرياضية «مسيناتي 2003» التي تمنحها الجمعية الدولية الإيطالية (بريمو كايو سيلنيو مسيناتي)، ونالت أيضًا جائزة الشخصية الرياضية العربية ضمن «جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي». تمكنت المتوكل من تحطيم الصورة النمطية للمرأة العربية، وأظهرت أن المرأة قادرة على إثبات ذاتها في المجال الرياضي واختراقه بتميز ووعي بعيدًا عن صورة التمثيل الصوري، فكانت من الشخصيات العالمية التي تُقرر مصير ألعاب القوى. 3. «تغريد حكمت»: أول قاضية عربية في المحكمة الجنائية الدولية تغريد حكمت عُرفت بأنها المرأة الأردنية والعربية الأولى التي تُعين قاضية في محكمة الجنايات الدولية، فضلًا عن حصولها على العديد من الجوائز والأوسمة، أشهرها جائزة المرأة المتميزة عالميًا في القانون الدولي. أنهت حكمت تعليمها الجامعي من جامعة دمشق بتخصص الحقوق، وما لبثت أن واصلت العمل في التدريس حتى بداية الثمانينيات، اجتهدت بعدها في مجال المحاماة، وكانت شغوفة بقضايا العنف ضد المرأة والطفل، وفي الوقت ذاته تفاعلت مع المجتمع المدني، ثم ترأست لجانًا قانونية لتعديل التشريعات المتعلقة بالمرأة والقضاء. وفي عام 1995 شاركت في مؤتمر بكين الذي يهدف إلى إعادة تقييم القوانين والأنظمة ذات العلاقة بوضع المرأة في دول مختلفة. نافست حكمت خمس محاميات في الأردن على منصب القضاء، لكنها وحدها من حظيت به فكانت أول قاضية في تاريخ الأردن وفتحت بعدها المجال لعمل المرأة في القضاء حتى بات عدد القاضيات في المحاكم الأردنية حوالي 250 قاضية. لم ينته طموح حكمت عند هذا الحد، بل واصلته بمزيد من التألق على المستوى الدولي والعالمي لتكون أول قاضية عربية مسلمة في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لكنها لم تصل إلى هذه الحالة إلا بعد معاناة طويلة أولها كانت قهر العادات والتقاليد التي تحظر على المرأة خوض المحاماة والقضاء في مجتمع ذكوري، وآخرها قهرها لآلام جسدها بعد أن نُحل وأعياه السرطان، لكنها أبدًا ما استسلمت. 4. «نعمت شفيق»: اقتصادية من طراز فريد نعمت شفيق في 5 فبراير/شباط 1962، كان ميلاد «نعمت شفيق» في الإسكندرية، لكنها ما لبثت أن انتقلت مع عائلتها إلى الولايات المتحدة إبان عمليات التأميم التي قام بها جمال عبد الناصر آنذاك لممتلكات الإقطاعيين. كانت تلك الفترة حافزًا لبناء شخصيتها، فقد أفقدها التأميم وعائلتها كل شيء في طرفة عين، وقتها أيقنت أن ما عليها إلا التسلح بسلاح العقل، فهو الوحيد الذي لا يُنتزع إلا بالموت، وما إن عادت وعائلتها مجددًا إلى الإسكندرية حتى كانت في الثانوية العامة، فأنهتها بجدارة من المدرسة الأمريكية بالإسكندرية، ثم طارت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتحصل على بكالوريوس السياسة والاقتصاد من جامعة ماساتشوستس في أمهرست. عملت بعدها كخبيرة اقتصادية وخبيرة تقييم في فرع الوكالة الأمريكية للتنمية، ما مهّد الطريق أمامها لدراسة الماجستير، وخلال العام 1986 حصلت عليه من جامعة لندن للاقتصاد، وبعد ثلاث سنوات حصلت على الدكتوراه من كلية سان أنطونيو في جامعة أكسفورد، وبعدها بدأت بالعمل بالبنك الدولي واستمرت هناك لقرابة 15 عامًا، تكللت بوصولها عام 2004 إلى منصب نائب رئيس البنك الدولي، لتصبح حينئذ أصغر سيدة تصل إلى هذا المنصب؛ في عمر الـ36. ولم تلبث إلا أن التحقت بصندوق النقد الدولي، وأضحت نائب مدير عام في الفترة بين أبريل/نيسان 2011 ومارس/آذار 2014. كانت خلالها تُشرف على عمل البلدان في أوروبا والشرق الأوسط، وبالإضافة إلى إشرافها على ميزانية إضافية للصندوق تُقدر بمليار دولار. لكنها لم تكتف من ذلك النجاح، فاستقالت من منصبها في صندوق النقد الدولي، وتتعين كنائب محافظ بنك إنجلترا، لتصبح رابع امرأة تشغل هذا المنصب منذ تأسيس البنك، وفي العام 2015 كرّمتها الملكة إليزابيث الثانية لإسهاماتها المتعددة، ومنحتها «رتبة الإمبراطورية البريطانية». اختارتها مجلة فوربس الأمريكية ضمن قائمة النساء الأكثر نفوذًا في العالم عام 2015، وفي العام 2016 اُختيرت أيضًا ضمن أقوى 10 سيدات عربيات عالميًا. وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه، تم الإعلان عن تعيينها في منصب رئيس كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. 5. «يسرى مارديني»: تغلبت على حياة اللجوء بالأولمبياد نعمت شفيق, نساء مصر يسرى مارديني شابة سورية لم تكن أنهت عامها الـ17 حين خرجت تحت وطأة القصف ونيران المدافع من بلدها سوريا إلى وطن اللجوء، فرت من الموت عبر البحر، وما علمت أن تلك الرحلة على قساوتها وعظيم ألمها ستمنحها لقبًا عالميًا في فريق الأولمبياد للاجئين. في عام 2015 كان الفرار الحتمي بعد اشتداد وطأة الحرب، وقد رافقتها في الرحلة شقيقتها سارة، خرجتا عبر بحر إيجة على متن قارب يُشاركهما فيه 20 شخصًا آخر لاذوا فرارًا، ولعل ذلك العدد كان سببًا حتميًا في غرق القارب، ما دفع الشقيقتين وقد كانتا تُمارسان السباحة كهواية إلى محاولة إنقاذ المهاجرين معهما وحثهم على الاستمرار في التجديف والسباحة باتجاه الأمان إلى أن نجوا. وصلت الفتانان إلى برلين وهناك كان التحول؛ قررتا تعلم السباحة من أجل التأهل لدورة الألعاب الأولمبية 2020، وكان لـ «يسرى» ما أرادت، فمدربها الألماني لم يترك وسيلة لإعدادها بالشكل المطلوب حتى اتبعها، بينما كان الحلم والإصرار يزداد عمرًا في روحها، وبمجرد تكوين لجنة الأولمبياد للمرة الأولى فريقًا من المهاجرين للمشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو البرازيلية 2016، حتى تحقق حلمها واقعًا بانضمامها إلى الفريق بعد عام من معاناة اللجوء، فأضحت عضوًا في أول فريق لاجئين يشارك في الأولمبياد وفازت في سباق التصفيات الذي شاركت فيه ضمن منافسات السباحة. تتمنى الفتاة أن تحقق حلمها بالسباحة من أجل سوريا وأن تصل لأعلى المستويات في هذه الرياضة على مستوى العالم لتُبقي اسم سوريا مُنيرًا بإنجازات أبنائها رغم قساوة الحرب وضخامة التدمير، كما تأمل أن تضع تجربتها بعد بطولة العالم بين دفتي كتاب يؤرخ مسيرتها من اللجوء إلى الأولمبياد. قد يعجبك أيضاً في مواجهة النيوليبرالية: الذات «المقاوِمة» عند فوكو عزيزي الإعلامي المخضرم: لماذا أحببنا أحمد خالد توفيق؟ لمحة من حضارة نظيفة! الدواء المر: كيف يدمر «صندوق النقد» الدول؟ شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محاسن أُصرف Follow Author المقالة السابقة «قرآن التنوير»: تاريخ ترجمة القرآن في أوروبا المسيحية المقالة التالية لغز الوطنية: بين الفردانية والانتماء إلى الجماعة قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك «القدر المتجلي»: كيف توسعت «أرض الأحلام» على حساب المكسيك وأوروبا؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دليل الرجل العادي: كيف بدأ علم الاقتصاد؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مصطفى أمين: مراسلكم من سجون عبد الناصر 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الرايات المنكسة: جلسة البرلمان الثانية لمناقشة تيران وصنافير 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك من الاستعباد إلى الثورة: الأفارقة المسلمون في الأمريكتين 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك عزلة وعدوانية: معاناة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع كورونا 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الصراع السلفي الصوفي في عهد السلطان سليمان القانوني 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مواكب الخلفاء: البزخ الأسطوري الذي استحل الحرام 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك السرد الحداثي: متاهة أم فوضى خلاقة؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تيمورلنك: نهاية سفاك الدم وهادم الحضارات 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.