جائزة الأوسكار تختم موسم الجوائز السينمائية من كل عام، إذ يتم الإعلان عن ترشيحاتها في يناير/ كانون الثاني، ويقام حفل الجوائز في الأسبوع الأول من فبراير/ شباط كل عام، وذلك في الوقت الذي تكون فيه باقي الجوائز السينمائية المرموقة قد أعلنت عن اختياراتها النهائية لأفضل الأفلام وصناعها في العام الفائت. ورغم ذلك، تظل جائزة الأوسكار هي الأكثر انتظارًا من قبل الجمهور وصناع السينما على السواء، وبمجرد إعلان الترشيحات، تتسابق المنصات الإعلامية في إعلان توقعاتها للجوائز.

لم تشهد ترشيحات الأوسكار لهذا العام أية مفاجآت كبيرة، باستثناء استبعاد فيلم The Lighthouse للمخرج روبرت إيجرز، من الترشيحات، إذ خرج بترشيح وحيد في فئة أفضل تصوير سينمائي، رغم كونه أحد أهم الأفلام الأمريكية خلال العام الماضي، ويستحق في أبسط تقدير على 3 ترشيحات إضافية في فئتي التمثيل والإخراج.

على مدار السنوات الطويلة في عمر الجائزة، طرحت العديد من النظريات بشأن توقعات الفائزين، فمثلا إحدى تلك النظريات تفيد بأن الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى، جائزة أفضل فيلم، دائما ما يجمع معها جائزة المونتاج أو جائزة دليل الممثلين SAG لأفضل طاقم تمثيلي، غير أن هذه النظريات المختلفة لها العديد من الاستثناءات بالطبع.

في هذا التقرير نستعرض توقعاتنا للفائزين بأبرز الجوائز هذا العام، نمزج فيها بين مخرجات عدد من هذه النظريات، بالإضافة إلى تقييم النقاد للأعمال المرشحة، وكذلك التوجه العام لمجتمع صناعة السينما في هوليوود.

أفضل ممثل


المنافسة الأقل احتدامًا على الإطلاق في سباق الأوسكار. لا توجد مفاجآت تذكر في الترشيحات، حتى أن استبعاد الممثل الكبير روبرت دي نيرو قبول برضا واضح، فعلى الرغم من أهمية فيلم The Irishman وتفوقه البادي بعشرة ترشيحات، إلا أن أداء دي نيرو كان أبسط من أن يصل إلى الترشيح، أو بالأحرى أن بساطة الشخصية حالت دون وجود مساحة كبيرة من الإبداع على مستوى الأداء التمثيلي.

يتسابق على الجائزة 5 مرشحين هم أنطونيو بانديرس عن فيلم Pain and Glory، وآدم درايفر عن فيلم Marriage Story، وليوناردو دي كابريو عن فيلم Once Upon a Time…in Hollywood، وجوناثان برايس عن فيلم The Two Popes، وخواكين فينكس عن فيلم Joker. وبشكل خاص، يبرز من بين المرشحين الخمسة كل من أنطونيو بانديرس، الفائز بجائزة التمثيل من مهرجان كان الفرنسي، والذي يرشح للجائزة للمرة الأولى، وخواكين فينكس صاحب 4 ترشيحات للأوسكار. قدم فينكس أداءً مبهرًا لشخصية الجوكر الشهيرة، واقتنص عنها الكثير من الجوائز الهامة هذا العام من بينها؛ الجولدن جلوب، والبافتا، وجائزة اختيار النقاد، ونتوقع أن يضم في جعبته جائزة أوسكار أولى، ومستحقة بكل تأكيد.

أفضل ممثلة


يشهد هذا التصنيف منافسة أقوى عن سابقه، وتضم الترشيحات كلاً من تشارليز ثيرون عن فيلم Bombshell، ورينيه زيلويجر عن فيلم Judy، وسيرشا رونان عن فيلم Little Women، وسكارليت جوهانسون عن فيلم Marriage Story، وسنثيا إيرفو عن فيلم Harriet. الأخيرة هي الممثلة الوحيدة من أصول أفريقية التي ترشح للجائزة هذا العام، من بين 20 ترشيحًا في فئات التمثيل، وهو ما أعاد إلى السطح الانتقادات الموجهة للأكاديمية بتحيزها لأصحاب العرق الأبيض على حساب ذوي الأصول الأفريقية.

أبرز المرشحات في هذا التصنيف هم الأيرلندية سيرشا رونان، ذات الخمسة وعشرين عامُا، وصاحبة أربعة ترشيحات للأوسكار كان أولها عن فيلم Atonement وهي في الثالثة عشر من العمر، وسكارليت جوهانسون التي تعيش فترة ازدهار بكل تأكيد، وتجمع هذا العام بين ترشيحين في فئات أفضل ممثلة في دور رئيسي، وأفضل ممثلة في دور مساعد. أما أبرز المرشحات الخمس وأقربهم إلى الجائزة هي رينيه زيلويجر التي سبق وفازت بالجائزة عن دورها في فيلم Cold Mountain، بالإضافة إلى ثلاثة ترشيحات أخرى. ومثل فينكس، اقتنصت زيلويجر أبرز جوائز التمثيل هذا العام وهو ما يجعلنا نتوقع فوزها بالجائزة هذا العام.

أفضل ممثل مساعد


أكثر فئات الجائزة تنافسية هذا العام هو فئة أفضل ممثل مساعد والتي يتسابق عليها كل من آل باتشينو وجو بيشي عن فيلم The Irishman، وأنطوني هوبكنز عن فيلم The Two Popes، وبراد بيت عن فيلم Once Upon a Time…in Hollywood، وتوم هانكس عن فيلم A Beautiful Day in the Neighborhood.

توم هانكس هو صاحب الفرصة الأضعف في الفوز، أما المرشحون الأربعة يكاد يتساوى التقدير النقدي لكل منهم، إذ قدموا جميعًا أداءات رائعة في أفلامهم يستحقون عليها الجائزة بكل تأكيد، وعلى الرغم من أن بيشي يبدو الأفضل من بين الأربعة، إلا أننا نتوقع فوز الممثل صاحب 56 عامًا، براد بيت بالجائزة، إذ تميل الكفة على مستوى توجهات مجتمع هوليوود إليه أكثر من غيره كما تشير الجوائز السابقة. في حال فوزه ستكون الأوسكار الأولى في مسيرته في مجال التمثيل، بعد ترشيحين سابقين غير موفقين، وجائزة كمنتج عن فيلم 12 Years a Slave.

أفضل ممثلة مساعدة


تصنيف آخر لا يحمل الكثير من المفاجآت ولا تستعر فيه المنافسة بين 5 مرشحات هن: كاثي بيتس عن فيلم Richard Jewel، ولورا ديرن عن فيلم Marriage Story، وسكارليت جوهانسون عن فيلم Jojo Rabbit، وفلورنس بف عن فيلم Little Women، ومارجو روبي عن فيلم Bombshell.

رغم الأداء المميز للبريطانية فلورانس بف، إلا أن المزاج العام يميل بشدة لصالح لورا ديرن، خاصة وأن الشخصية التي قامت بأدائها لديها الكثير من الصفات الجذابة لمجتمع هوليوود الذي يعيش حالة من السعار تحت مسمى المصاححة السياسية. ربما لا يستحق هذا الدور الجائزة، ولكن درين، التي سبق ورشحت لها مرتين، تستحقها بكل تأكيد، ويعتبر فوزها من أسهل توقعات هذا العام.

أفضل سيناريو أصلي


شهد عام 2019 ازدهارًا فنيًا لافتًا للسينما الأمريكية، وهو ما يجعل المنافسة على أشدها في فئتي السيناريو. يتسابق على جائزة السيناريو الأصلي 5 أفلام هي: Marriage Story، وOnce Upon a Time…in Hollywood، وParasite، وKnives Out، و1917.

من بين المرشحين الخمسة تكاد تتساوى فرصة كل من كوانتين تارانتينو، الذي سبق وفاز بجائزة السيناريو مرتين، وبين الكوري الجنوبي بونج جون الذي قدم أحد أفضل أفلام العام إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، وهو ما يصعب من مهمة توقع الفائز بهذه الجائزة، ولكننا نميل إلى أنها ستؤول في النهاية لفيلم Parasite.

أفضل سيناريو مقتبس


تضم فئة السيناريو المقتبس 5 من أفضل النصوص السينمائية في العام الماضي وهم: The Irishman، وJoker، وLittle Women، وThe Two Popes، وJojo Rabbit. المنافسة في هذه الفئة ليست بشدة مثيلتها في فئة النص الأصلي، فرغم جودة النصوص الخمسة يمكننا أن نتوقع أن الأقرب إلى الجائزة هو فيلم Jojo Rabbit، والذي يقدم دراما ساتيرية من الحرب العالمية الثانية عن طفل ألماني يكتشف أن أمه تخفي فتاة يهودية، ويتخذ من أدولف هتلر صديقًا خياليًا. معالجة مختلفة بشكل واضح عن المصدر الأدبي، وتجربة جديدة تمامًا على مستوى النوع يقدمها المخرج وكاتب السيناريو تايكا واتيتي، ﻻ تنافس فقط على جائزة السيناريو، ولكن أيضًا على الجائزة الكبرى، أفضل فيلم في العام.

أفضل مخرج


أحد أبرز الجوائز التي تشهد منافسة قوية بين كل من سام ميندز عن فيلم 1917، وتود فيليبس عن فيلم Joker، ومارتن سكورسيزي عن فيلم The Irishman، وبونج جون هو عن فيلم Parasite، وكوانتن تارانتينو عن فيلم Once Upon a Time…in Hollywood.

يبدو أن فرصة فيليبس هي الأقل وإن كان مجرد ترشحه مكسبًا كبيرًا له واعترافًا ضمن به كمخرج جاد. أما تارانتينو الذي أعلن أن (حدث ذات مرة في هوليوود) سيكون أحد آخر أفلامه ستكون مفاجأة سارة له أن يفوز بالجائزة في فئة الإخراج، لكننا نستبعد هذا الاحتمال أيضًا، لتبقى المنافسة بين ثلاثة من أقوى الأعمال السينمائية هذا العام.

وعلى الرغم من الإنجاز الكبير الذي قدمه كل من سكورسيزي، الذي يعتبر المخرج السينمائي الأهم على قيد الحياة في الوقت الحالي، والكوري الجنوبي الذي قدم واحدة من أجمل الأعمال السينمائية التي اقتنص بها سعفة كان الذهبية، فإننا نتوقع أن تذهب الجائزة إلى البريطاني سام ميندز، والذي حصد أغلب جوائز الإخراج هذا العام عن ملحمة الحرب العالمية الأولى 1917.

أفضل فيلم عالمي


للمرة الأولى هذا العام سيتم تغيير اسم جائزة (أفضل فيلم ناطق بغير الإنجليزية) لتصبح (أفضل فيلم عالمي)، بعد أكثر من ستة عقود على استحداث الأكاديمية لتلك الجائزة، في محاولة لإعادة النظر للسينما العالمية في إطار أوسع من اللغة.

يتنافس على هذه الجائزة 5 أفلام هي: Parasite من كوريا الجنوبية، وPain and Glory من أسبانيا، وHoneyland من مقدونيا، وCorpus Christi من بولندا، Les Miserables من فرنسا. الأفلام الخمسة حصلت على تقدير معتبر وفازت بالعديد من الجوائز من أهم المهرجانات السينمائية حول العالم، مثل مهرجان كان، وفينيسيا، وصندانس، وغيرهم. ولكن على الرغم من ذلك ﻻ تبدو المنافسة قوية، بل ربما تكون محسومة بنسبة كبيرة لصالح الفيلم الكوري الجنوبي الذي حصل على سعفة كان الذهبية هذا العام، وقوبل بافتتان واضح أينما عرض.

أفضل فيلم


الجائزة الكبرى، والفئة الأكثر عددًا من حيث المرشحين إذ يتنافس عليها 9 أفلام. كما أسلفنا، فإن العام الماضي شهد ازدهارًا في المستوى الفني للسينما الأمريكية عبر مجموعة من الأفلام الهامة، ومن ثم فإن المنافسة على جائزة الأفضل هذا العام هي بالتأكيد منافسة قوية.

يشهد هذا العام أيضًا تطورًا كبيرًا بالنسبة لمنصات العرض الإلكتروني، ومنصة نتفليكس بالتحديد التي تنافس على الجائزة الكبرى من خلال اثنين من أهم أفلام العام هما: The Irishman، وMarriage Story. ولكن ليس من المبالغة القول بأن فرصة الفيلمين ليست عظيمة، نظرًا لما تمثله نتفليكس من تهديد بالنسبة لمصالح أصحاب دور العرض والاستديوهات من خلفها، وكذلك لما أثارته تصريحات مارتن سكورسيزي بشأن أفلام مارفيل من جدل كبير ﻻ يبدو أن مجتمع هوليوود سيأخذه بسعة صدر.

ستكون مفاجأة كبيرة في حال فوز الفيلم الكوري الجنوبي Parasite، وستكون مفاجأة جميلة بالنسبة لعشاق كوانتن تارانتينو في حال فوز فيلمه الأخير كمخرج – على حسب زعمه – ولكننا نميل أكثر إلى توقع فوز الفيلم البريطاني 1917 وذلك اعتمادا على حظه في أهم الجوائز لهذا العام، والتي جمع في أغلبها بين جائزتي الإخراج وأفضل فيلم.