أصدر الملك سلمان أمرًا ملكيًا بفصل النيابة العامة – حاليًا – هيئة التحقيق والادعاء العام – سابقًا – عن وزارة الداخلية، وهو يعتبر خطوة لسحب جزء من صلاحيات ولي عهد المملكة العربية السعودية ووزير الداخلية محمد بن نايف، مما يصب في مصلحة تمكين ابن الملك سلمان وولي ولي العهد محمد بن سلمان من الحكم.


اقرأ أيضًا: محمد بن سلمان والصراع على السلطة في السعودية


النيابة العامة: خطوة لتمكين ابن سلمان

حماية الحقوق والحريات، من خلال نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم، وفقاً للنصوص الشرعية والقواعد المرعية، والعمل على تكريس ذلك وتعزيزه، بالتعاون مع الجهات العدلية والأمنية ذات العلاقة





رسالة «هيئة التحقيق والادعاء العام» بالسعودية.

جاءت الأوامر الملكية هذه المرة لسحب جزء من اختصاصات ولي العهد محمد بن نايف، الذي يشغل منصب وزير الداخلية، لتصب في مصلحة ولي ولي العهد محمد بن سلمان وزير الدفاع، في ظل صراع محتدم تتحدث عنه وسائل الإعلام لتمكين ابن سلمان من الحكم، فبالرغم من صغر سنة استطاع أن يلفت إليه أنظار العالم الدولي والعربي في حين تقليص تواجد بن نايف من المشهد.

ونصت الأوامر على أن تكون «النيابة العامة» الاسم الجديد لـ«هيئة التحقيق والادعاء العام» ويسمى رئيسها «النائب العام»، على أن ترتبط النيابة العامة مباشرة بالملك، وتتمتع بالاستقلال التام ولا يكون لأحد الحق في التدخل بعملها، بعد أن كانت تابعة لوزارة الداخلية.

ونص القرار الملكي على أن تقوم هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بالاشتراك مع من تراه من الجهات ذات العلاقة، بمراجعة نظام هيئة التحقيق والادعاء العام، ونظام الإجراءات الجزائية خلال فترة لا تتجوز 90 يوما. كما عُين الشيخ سعود بن عبد الله المعجب نائبًا عامًا لها.

أسست الهيئة – النيابة العامة – في عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز بمرسومٍ ملكي في 4/10/1409 ه، وتتألف من 44 عضواً

ويدخل ضمن إطار

اختصاصاتها: «الادعاء العام أمام الجهات القضائية، والرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف والإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية، والتحقيق في الجرائم، وأي أماكن تنفذ فيها أحكام جزائية، وطلب تنفيذ الأحكام، والإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية».

وجاء هذا الأمر محاولة لتقليص صلاحيات بن نايف وتحجيم منصبه، بينما تم

تصدير المشهد

على أنها محاولة فصل سلطات الحكم في السعودية، حيث قال النائب العام الأول الشيخ سعود بن عبد الله بن مبارك المعجب إن:


صراع ابن سلمان وبن نايف: لمن يكون الحكم؟

بينما يسعى محمد بن سلمان للتواصل مع الغرب والحصول على دعمه على حساب دعم ولي العهد محمد بن نايف وإيصاله إلى سدة الحكم، وبينما يتوغل في الاقتصاد بشكل كبير مستخدماً رداء والده الملك سلمان بن عبد العزيز، والشعبية التي يحاول جاهداً تكوينها منذ عاصفة الحزم، ومؤخراً حصار قطر إلا أن الصراع يأخذ منحنى أكثر صعوبة.

فيتلخص في صراع البيعة مقابل الاستحواذ على السلطة، حيث يتمتع محمد بن نايف بالبيعة كخلف للملك سلمان بن عبد العزيز بعد وفاته،كما أنه ما زال محتفظًا بنفوذه في الدولة، وهذا ما لا يتمتع به ابن سلمان، وبالرغم من تجريد بن نايف من بعض صلاحياته ونزع هيئة التحقيق والادعاء العام من تحت رداء وزارة الداخلية، إلا أنه يمتلك ولاءات عدد كبير من رجال الدولة من بينهم القضاة ورجال الدين في المملكة.

ومن الواضح أن ابن سلمان يأمل غير مبال بالبيعة أو ربما يجد طريقاً آخر للتخلص من محمد بن نايف، كنتيجة لما أحدثه الملك سلمان -عقب وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز- من إصدار المراسيم الملكية التي تعتبر تمكينًا له ولولده.

كما أن لبن نايف باع طويل في محاربة الإرهاب والزج بالمعارضين في السجون مما جعله يكتسب لقب «أمير الظل» وهذا ما قد يعطيه ورقة قوة أخرى لدى الغرب، ويجعله مفضلاً لديهم. كما يتمتع بالخبرة السياسية التي تغيب عن ابن سلمان.


من ستدعمه هيئة البيعة؟

ارتباط النيابة العامة مباشرة بالملك، وتسمية رئيسها النائب العام يكسبها أهمية واستقلالية

جاء

قرار تعيين بن نايف

وليًا للعهد في إطار سلسلة من الإجراءات للتخلص من رموز الملك الأسبق عبدالله، بعدما أقر العاهل السعودي الإطاحة بالأمير «مقرن بن عبدالعزيز» في أبريل من عام 2015، والذي كانت قد قالت هيئة البيعة حين تعيينه وليًا لولي العهد إنه: «لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله أو تبديله، من أي شخص كائناً من كان، بأي صورة كانت، أو تسبيب، أو تأويل».

وبالرغم من ذلك انقلبت الهيئة على قرارها وتم تعيين محمد بن نايف ولياً للعهد ومحمد بن سلمان وليا لولي العهد، مما يثير موجة من التساؤلات حول نزاهة وشفافية تلك القرارات المفاجئة، وهو ما انتقدته العائلة المالكة حيث اعتبرته:

مجلسًا صورياً استغله الملك عبدالله ثم الملك سلمان ثم محمد بن نايف من بعده لتمرير سياستهم

بالرغم من وضوح القرارات التي قام بها الملك سلمان بن عبد العزيز لتوطيد حكم ولده، إلا أن ولي العهد محمد بن نايف لا يعلق عليها ولا يبدو مضطرباً، مما يرجح انتظار بن نايف لحظة موت الملك ليسير على خطاه في إصدار أوامر ملكية تضمن تمكينه من الحكم على حساب ابن سلمان، وتسحب منه أوراق قوته ومن ثم تحجم دوره وتسحب بساط الطموح من تحت قدم محمد بن سلمان إلى الأبد.

فمن المؤكد أن الصراع القائم بين المحمدين غير محسوم خاصة في ظل اضطرابات المنطقة التي تغير من موازين القوة، كما أن دول الغرب لن تدعم سياسياً متهوراً يتسبب لها بمزيد من مشاكل في الشرق الأوسط المضطرب، ولكنها ستحرص على دعم من يحفظ مصالحها ويحد من توتر المنطقة المشتعلة.