يقول جوجل

إن اليورو يساوي 18 جنيهًا مصريًّا، وبالتالي فإن مبلغ 130 ألف يورو يوازي ما يزيد عن مليوني جنيه، وهذا رقم كبير جدًّا لا يحصله أغلب المصريين سنويًّا، سوى أن هناك حلًّا بسيطًا للغاية يمكنك من خلاله أن تجني هذا الرقم بلا أي جهد يذكر.

طبعًا يمكنك أن تنشئ شركتك الخاصة، أو تفتتح مطعمًا ينافس البرنس وصبحي كابر، وربما يوسوس لك الشيطان بسرقة فكرة إحدى الروايات الأجنبية ومن ثَم ترجمتها ونسبتها لنفسك، لكنك في الغالب لن تتمكن من جني هذا الرقم الضخم، وإن فعلت فسيكون ذلك بعد عناء ومشقة كبيرة.

الآن انسَ كل ذلك، لأن هناك من يعيش معنا على سطح هذا الكوكب ويصنع 130 ألف يورو سنويًّا دون أن يقوم بأي من تلك الأمور، بل يصل المبلغ لحسابه البنكي بينما يقضي يومه مستلقيًا على شواطئ البرازيل، أو متجولًا في متاحف باريس الفخمة، أو حتى وهو يلعب البلايستيشن في أحد قصور إسبانيا، والسبب في ذلك أنه صديق مقرب من النجم البرازيلي نيمار. بهذه البساطة؟ نعم بكل تلك البساطة!

جو وألميدا وجيلمار

هناك سردية تتكرر دومًا في أمريكا الجنوبية، يكون بطلها لاعب كرة قدم أتى من خلفية فقيرة ومعدمة، ثم نجح بفضل موهبته في انتشال نفسه وأسرته من هذا البؤس الذي يحاصرهم ويقبض أنفاسهم، نيمار يعد تجسيدًا واضحًا لتلك الحالة.

إذ

يقول أبوه

إنهم اعتادوا السكن بمنطقة يلقي فيها أهل ساو باولو القمامة، وإنه احتاج للعمل في ثلاث مهن يوميًّا فقط ليغطي تكاليف الأسرة. بالطبع اليوم يبدو الوضع مختلفًا تمامًا، وقد بات ابنه أحد أغنى الرياضيين في العالم، وأصبحت مهنة الأب الوحيدة هي التفاوض على عقود الرعاية الضخمة التي يحصل عليها نجله.

شخص واحد كان شاهدًا على قصة لاعب باريس سان جيرمان منذ بدايتها، اسمه جو أمانيكو وهو صديق نيمار الأقرب منذ كانا طفلين، حيث

قابله جو

في أكاديمية نادي سانتوس البرازيلي، ومنذ ذلك الحين لم يفترقا أبدًا. وقد تشارك الثنائي في كل شيء، لدرجة أن

نيمار دعاه

لترك الإقامة بأكاديمية النادي والانتقال معه لمنزل الأسرة.

وافق جو، وظلا معًا حتى غادر نحو إسبانيا عام 2012 ليخوض الاختبارات في نادي ليجانيس، وهناك

أشار بحرف الـ T

أمام عدسات المصورين، لم يكن أحد يفهم أنها إشارة لصديقه الذي كان يتألق وقتئذ بقميص سانتوس ويتصارع على ضمه ريال مدريد وبرشلونة.

إلى جانب جو، التقى نيمار أيضًا بجوستافو ألميدا حين كان في الثانية عشرة من عمره داخل جدران الأكاديمية، واتخذه صديقًا مقربًا، ولكن بدرجة أقل من أمانيكو. وقد تدرج ألميدا مع صديقه في فئات الشباب وحتى الفريق الأول، لكنه لم يكن موهوبًا مثل لاعب برشلونة السابق، فاعتزل مبكرًا.

وقبل أن يعتزل تعرف رفقة نيمار إلى جيلمار سيبولا الذي كان يعمل مساعدًا لأحد وكلاء اللاعبين، ونجح سيبولا بطريقة ما في إيجاد مكان لنفسه داخل الدائرة المقربة من النجم البرازيلي، وطبعًا استطاع جيلمار لاحقًا تحقيق أكبر استفادة ممكنة من وجوده الدائم بجانب الرقم 10.

كم تحصل مقابل أن يلقيك أحدهم في حمام سباحة؟

هل لا زلت تذكر إشارة جو؟ حسنًا دعني أخبرك ما المقصود بحرف الـ T. إنه الحرف الأول من كلمة «Toiss»، وهي كلمة برتغالية مستوحاة من اسم

إحدى الأغاني البرازيلية

وتدعى «Eh Tudo Toiss» ومعناها «نحن لنا». وقد اتخذها أصدقاء نيمار المقربين شعارًا لهم.

ظهرت هذه الكلمة للمرة الأولى

خلال تقديم

نجم السيليساو في ملعب الكامب نو بعدما انضم لبرشلونة، حيث حضر خمسة أشخاص – من بينهم الثلاثي جو وألميدا وجيلمار – وقد ارتدوا جميعًا قمصانًا موحدة طُبِعت عليها الكلمة التي تشير لقوة علاقة نيمار بهم.

للوهلة الأولى بدا الأمر طبيعيًّا للغاية. فكل لاعب ينتقل إلى نادٍ كبير يصطحب معه أسرته وأقرب أصدقائه ليشهدوا معه تلك اللحظة المهمة في حياته، خصوصًا اللاتينيين المعروف عنهم ارتباطهم الشديد بأحبتهم. لكن بمرور الوقت اكتشفنا أن الأمر أبعد من لحظة احتفال عابرة، وأقرب لنمط حياة سيفرضه اللاعب البرازيلي على كل نادٍ يلعب له.

وأول هذه الأندية كان بالطبع البلوجرانا،

إذ اعترف

رئيس النادي آنذاك ساندرو روسيل أن نيمار اشترط نقل التويس مع أسرته في طائرة خاصة من البرازيل وحتى كتالونيا لحضور الحدث المهم، وقد تكلفت تلك الرحلة مبلغًا يصل إلى

ـ300 ألف يورو

كاملة من خزينة برشلونة. هل كان ذلك كل شيء؟ طبعًا لا.

فقبل أن يوقع أصلًا لاعب سانتوس على العقود، اشترط أمرًا أكثر غرابة، وهو تحمل إدارة روسيل تكلفة زيارة أصدقائه لإقليم كتالونيا مرتين سنويًّا. ويشمل ذلك إقامة الحفلات، وزيارة النوادي الليلية، وربما تأجير أحد اليخوت للخروج بنزهة في ساحل إيبيزا. المثير أن إدارة برشلونة وافقت ليرتفع لاحقًا سقف طلباته.

إذ اكتشف نيمار أن زيارتين في عام كامل لا تكفيان، فعرض على التويس ترك أعمالهم في البرازيل والإقامة الدائمة في قصره بإسبانيا. لكن كيف سيجني الأصدقاء قوت يومهم؟ بسيطة. سيستغل اللاعب الموهوب نفوذه وجماهيريته، وسيطلب من الإدارة

دفع راتب شهري

يتراوح بين 4 آلاف إلى 6 آلاف يورو شهريًّا لأعضاء التويس.


يقول أندرو موراي، المحرر

بمجلة FourFourtwo،

إن هذا الراتب كان مقابل تحمل أصدقاء نيمار عناء التنزه في كتالونيا، والغناء والرقص في الحفلات التي تقام في قصر فاخر، وربما أيضًا مشقة لعب البوكر في سهرة تمتد حتى الصباح، أو مخاطرة أن يلقيك صديقك في حمام سباحة على سبيل الدعابة. صحيح لا أحد يأكلها بالساهل!

ما هي وظيفة أحلامك؟

هكذا أثبت نيمار مدى ولائه للمجموعة، لذا بدأ أعضاء التويس يفكرون بشكل أكثر طموحًا وجموحًا في آن معًا. فكان أول ما فعلوه هو توزيع الأدوار على أنفسهم، واكتساب الألقاب الوظيفية مهما بدت سخيفة ومثيرة للضحك. جو أمانيكو مثلًا أحب استغلال خبرته الواسعة كلاعب كرة قدم فشل في الانضمام لأي نادٍ، وعين نفسه

مستشارًا شخصيًّا

لنيمار، وهو ما يفتح له بابًا مع الصحافة والإعلام.

أما جيلمار سيبولا فاكتشف فجأة حبه للتصوير، وغدا

المصوِّر الشخصي

لنجم البرازيل الأول، وأصبح بذلك مسئولًا عن صورة نيمار على مواقع التواصل الاجتماعي. وبذلك كوَّن سيبولا علاقات واسعة مع المعلنين والمنتجين، وتحوَّل لشخصية عامة لها جماهير ومحبون، حتى إن إحدى شركات الطيران البرازيلية الكبرى استعانت به

بطلًا لحملتها الدعائية

بعدما اعتذر نيمار لضيق وقته.

وهناك أيضًا الصديق تشاو، وقد عرض على رفاقه التويس فكرة عبقرية بعدما لاحظ أن لاعب برشلونة يصطحبهم لحفلات يحضرها نجوم الرياضة والفن حول العالم. الفكرة هي

ابتكار ماركة ملابس

باسم المجموعة، تحظى بتوقيع هؤلاء المشاهير، ومن ثَم طرح منتجاتها في السوق البرازيلي وتحقيق الأرباح من بيعها.

وأخيرًا دعني أعرفك على

جويلهرم بيتا

. السيد بيتا وظيفته مرهقة جدًّا، إذ يقع على عاتقه مسئولية تحديد أين سيسهر التويس الليلة؟ أي حفلة ينبغي أن يحضروها؟ ما هو الكازينو الذي يقدم الخدمة الأفضل؟ ما هي وجهة المجموعة الصيفية القادمة؟

وبذكر الحفلات والسهر والكازينوهات، ينبغي أن تعرف كيف كان

يقضي نيمار يومه

خلال عام 2016. حيث كان يسهر طوال الليل، ومن ثَم يذهب مباشرة في الصباح للتمرين، يعود بعدها ليأكل مع التويس، ومن ثَم ينام ليصحو في التاسعة مساءً، لتكون المجموعة قد حددت ماذا سيفعلون هذا المساء.

تسبب هذا في غضب المدرب لويس إنريكي، ومن ثَم نقل الأمر للإدارة التي حاولت أن تصلح الخطأ الذي تسببت فيه من البداية، وسعت للحد من قوة التويس، لكن ذلك أزعج نيمار والمجموعة، وقرروا جميعًا ترك كتالونيا في العام المقبل.

مليونان

لكي نفهم الأمر، علينا أن ندرك أن التويس هي الدائرة الأقرب لنيمار بعد أسرته. هو يحظى بثقتهم، وهم يحظون بثقته. هو يتحدث دائمًا لهم، وهم يستمعون دائمًا له. هو يسألهم، وهم يقدمون له النصائح والاقتراحات. وبالتالي إذا أردت أن يقدم نيمار على خطوة ما، فينبغي أن يكون التويس في صفك.

لذلك رفض اللاعب البرازيلي المساس بهم، بل عاند إدارة البرسا وقام بتوسيع دائرة المجموعة لتشمل ثلاثين صديقًا بدلًا من خمسة فقط، وقد ظهر أغلبهم خلال تقديمه بملعب حديقة الأمراء الذي يملكه النادي الباريسي. وبالتأكيد أنت تعرف الآن أن المجموعة لم تفوِّت حدثًا كهذا دون أن يكون لها نصيب من ذلك الانتقال، هل يمكنك تخمين الرقم الذي حصلوا عليه؟

200 ألف يورو

كاملة.

حصلوا على هذا المبلغ لأنهم أصدقاء نيمار الذين يبقونه سعيدًا، ويخففون عنه الضغط بعيدًا عن ساحات التدريب واستديوهات الإعلام، وهذه هي مهمتهم باختصار كما

يقول جوستافو ألميدا

.  وهناك في باريس، توسعت صلاحيات رفاق ألميدا بشكل لم يحظَ به أحد من قبل.

حيث يتواجد أعضاء المجموعة كلما أحبوا داخل كامب دي لوج، وهو المركز التدريبي التابع لسان جيرمان، سواء كان هناك حصة تدريبية عادية أو استعداد لمباراة هامة. وهو ما

أثار استغراب

بعض المدربين واللاعبين الذين لم يعتادوا أن تدار الأمور بتلك الصورة المتساهلة.

كما يقيم التويس حفلة عيد ميلاد نيمار مطلع كل فبراير/شباط، ويدعون إليها كل لاعبي الفريق بصورة مباشرة، بالإضافة لبعض المشاهير من الرياضيين والفنانين. وتستمر الحفلة حتى فجر اليوم التالي، وقبل بدء الحصة التدريبية الصباحية بساعات، وطبعًا نيمار هو من يمتلك رخصة عدم حضور التدريب.

وعلاوة على كل ما سبق، فإن أعضاء المجموعة يحصلون على راتب شهري من إدارة النادي الفرنسي، يفوق حتى ما كانوا يتقاضونه من برشلونة. إذ كشف موقع Mundo Deportivo  أن راتبهم يصل

لنحو 11 ألف يورو شهريًّا

، وبحسبة بسيطة تجد أنه يعني 130 ألف يورو سنويًّا، أي مليونا جنيه مصري!