محتوى مترجم
المصدر

المونيتور
التاريخ
2016/05/04
الكاتب
مازال موالم

في ديسمبر، قرر وزير المالية «موشيه كاهلون» أن اليهود من الجزائر والمغرب والعراق الذين عانوا من الاضطهاد على أيدي النظام النازي سوف يصبحون مستحقين لمنحةٍ مالية وإعفاءٍ كامل عند شراء الأدوية. بينما لم يحُز قرار كاهلون تغطيةً إعلامية مكثفة، فإنه يظل له تبعات اجتماعية هائلة. حيث يوسع القرار دائرة ضحايا النازية لتضم جماعات من اليهود والبلدان العربية تم تهميشهم حتى وقتٍ قريب. قضى هؤلاء أعوامًا يحاربون الدولة للاعتراف بوضعهم كضحايا.ربما لا تكون هذه المنحة التي تبلغ قيمتها 3600 شيكل (950 دولار أمريكي) مبلغًا كبيرًا، لكنها تُعيد هذه المجموعة إلى مكانها المُستحَق، بعد استبعادها طويلًا من الذاكرة الجمعية للهولوكوست. كان هؤلاء اليهود أيضًا ضحايا للهولوكوست، تمامًا مثل يهود أوروبا.بينما قد يبدو قراره كانتصارٍ بسيط، نجح كاهلون في استخدامه لتطبيق نظرته الاجتماعية إلى العالم. فهو نجل مهاجرَين من ليبيا، وهي البلد التي عانت بشدة من الاحتلال النازي، الأمر الذي قد أثّر على قراره.



لعقود، تم تهميش اليهود من الدول العربية في جهود إحياء ذكرى الهولوكست.

وقد شرح كاهلون أنه حتى الأشخاص الذين لم يتضرروا مباشرةً من النظام النازي لكنهم عانوا من موجات الكراهية «نعتبرهم مستحقين لتلك المساعدة». كما قال إنه يعتبر قيامه بتصحيح «مظلمةٍ تاريخية للمجتمع ككل وللجيل الذي اختبر الهولوكوست على وجه التحديد» شرفًا. توصل كاهلون إلى قراره بالاشتراك مع نائبه عضو الكنيست «يتزاك كوهين» من حزب شاس، وهو نجل يهوديين قدما من المغرب.حسب أرقام وزارة العدالة الاجتماعية، فإن هناك حوالي 1,000 يهودي من الجزائر والمغرب والعراق قد تقدموا للحصول على المساعدة منذ الإعلان عن الإجراء الجديد. يضم هؤلاء يهودًا من شمال أفريقيا عانوا من الاضطهاد على يد النظام النازي وحلفائه، خاصة ضحايا «

الفرهود»

، وهي مذبحة وقعت في بغداد في يونيو 1941. يعد ذلك عددًا قليلًا، لأن الكثير من الأشخاص الذين عاشوا في تلك المجتمعات آنذاك لم يعودوا على قيد الحياة.أحد الأشخاص البارزين الآخرين الذين نشطوا في العمل على تلك القضية كانت وزيرة العدالة الاجتماعية وعضوة الكنيست عن حزب الليكود «جيلا جملئيل»، ابنة أحد الناجين من الهولوكوست من ليبيا. «بالنسبة لي فإن الاعتراف الذي ناله ضحايا النظام النازي في الأعوام القليلة الماضية يعني إغلاق هذه الدائرة. إنه يُنصِف مجموعة كبيرة من الناس في إسرائيل لم تنل الاعتراف الذي تستحقه»، صرحت جملئيل للمونيتور. وأضافت: «في رأيي، كابنة امرأة ليبية نجت من الهولوكوست، فإن دولة إسرائيل تدين بحياتها لهؤلاء الأبطال الذين مروا بالجحيم ونهضوا مجددًا ليؤسسوا الدولة».إغلاق الدائرة الذي تحدث عنه كاهلون وجملئيل يشير إلى حقيقة أنه لعقود، تم تهميش اليهود من الدول العربية في جهود إحياء ذكرى تدمير المجتمع اليهودي الأوروبي، على الرغم من أن النظام النازي عمل أيضًا في تلك البلدان واستهدف السكان اليهود المحليين. قادت سنواتٌ طويلة ومحبطة من النضال أخيرًا إلى الاعتراف بهذه المجموعات في العقد الأخير، بعد أن توفي الكثير من الضحايا بالفعل.استغرق الأمر وقتًا حتى بدأت قصص ضحايا النازية من الدول العربية تظهر لأول مرة ثم تصبح متضمنة في جهود إحياء ذكرى الهولوكوست، ومن ثم مساعدتهم على الحصول على جميع حقوقهم. يوفر كتاب «ملاحظات عن مجتمعات ليبيا وتونس»، لإيريت ابرامسكي بلاي الذي نشره ياد فاشيم، تغطيةً مكثفة للهجمات النازية على اليهود الذين كانوا يعيشون في الأراضي العربية.كانت ليبيا، على سبيل المثال، محميةً إيطالية، وبالنسبة للنازيين، كان على يهودها أن يعانوا نفس مصير يهود أوروبا.عندما وصلت حكومة فيشي إلى السلطة في فرنسا عام 1940، تبنى شمال أفريقيا – الفرنسي بالكامل – قوانين عنصرية مستمدة من قوانين نورمبرج الألمانية. تم إنشاء معسكرات عمل أيضًا في المناطق الممتدة من الجزائر إلى المغرب.كانت تونس محمية فرنسية استولى عليها النازيون في نوفمبر 1942 واحتلوها لنصف عام. في ذلك الوقت كانت تونس موطنًا لمائة ألف يهودي، والذين تم اضطهادهم من قِبل النازيين، حتى أن بعضهم قد أُرسل إلى معسكرات الموت في أوروبا.



أتت النقلة التي قادت إلى الاعتراف باليهود العرب كضحايا للنازيين عام 2004.

كانت ليبيا موطنًا لمجتمعٍ صغير نسبيًا قوامه 27 ألف يهودي فقط. بدأ الاحتلال الألماني عام 1940 واستمر على فتراتٍ مُتقطِّعة لعامين ونصف. بدايةً من فبراير 1942، تم إرسال اليهود إلى معسكر اعتقال

«جادو»

، والذي تم إنشاؤه خصيصًا لهم. في ذروته، احتوى المعسكر على حوالي 4,000 سجين. توفي ما يزيد عن 600 شخص من «التيفوئيد» هناك، حيث تستدعي صور الجثث المكومة إلى الذاكرة صورًا مماثلة من أوروبا.أتت النقلة التي قادت إلى الاعتراف باليهود من تلك البلدان كضحايا للنازيين عام 2004، بعد عقودٍ من نهاية الحرب، وبعد أعوامٍ طويلة من النضال. كانت تلك أول مرة ينجح فيها مؤتمر المطالبات في إقناع ألمانيا بتحمل مسئولية معسكرات العمل التي أقامتها للرجال في الجزائر وتونس والمغرب.بعد مفاوضاتٍ مكثفة بين مؤتمر المطالبات والحكومة الألمانية في إبريل 2011، تم إعلان أن اليهود الذين فرض النازيون وحلفاؤهم في شمال أفريقيا حظر التجول عليهم أو أخضعوهم لقيودٍ على السفر يمكنهم الحصول على مبلغ 2,556 يورو (2,936 دولار أمريكي) لمرةٍ واحدة.وسّع قرار كاهلون في ديسمبر دائرة ضحايا النازية المستحقين للتعويض. من وقت اتخاذ القرار حتى الآن، عشية ذكرى الهولوكوست، تقدم حوالي 1,000 شخص إلى مراكز المساعدة المحلية للحصول على تلك المنحة المتواضعة. بينما يأتي المبلغ الهزيل بعد أعوامٍ طويلة من الإنكار، فإنه يمثل رسالةً قوية ومهمة لضم اليهود من الدول العربية في روح الهولوكوست والبطولة.