عادة لا يُلعب كأس العالم كل أربع سنوات من أجل مباريات كرة القدم فحسب، أو لنكن أكثر دقة، فإنه عادة لا تنتظر الجماهير كأس العالم أربع سنوات كاملة من أجل مشاهدة مبارياته فقط، مباريات كرة القدم تلعب على مدى الموسم كاملًا بشكلها الدفاعي والهجومي والمفتوح والمغلق، وكل ما يحبه المشجعون.

أما في كأس العالم، فالأمور تتجاوز كونها كرة قدم، أجواء خاصة على مدى شهر في كل أنحاء العالم تقريبًا، قصص وأحداث وتجمعات وتفاصيل كثيرة تدور حولها مباريات كرة القدم الخاصة بالبطولة منذ الافتتاح وحتى النهائي، هي أشياء تجعل العالم يبدأ في حساب السنوات الأربع القادمة بمجرد انتهاء المباراة النهائية.

أصبح من السهل الحديث حول أن الأحداث الغريبة هي شيء لا يمكن أن يخلو منها كأس العالم، وهنا سنتوقف عند حادثة استبعاد كالينيتش من المنتخب الكرواتي عقب المباراة الأولى لكرواتيا في المونديال أمام نيجيريا على خلفية اعتراضه على قرار إشراكه خمس دقائق فقط، حيث طلب منه المدرب زلاتكو داليتش الدخول فرفض بحجة أنه يعاني من آلام في الظهر كما فعل ذلك في مباراة ودية سابقة، ليقوم داليتش باستبعاده ليستكمل علاج الظهر المزعوم، ولكنه في حقيقة الأمر كان قرارًا تأديبيًّا بسبب رفض الانصياع المتكرر لأوامره.

حالات غريبة وعديدة من استبعاد اللاعبين تمت في نسخ كأس العالم لأسباب مختلفة ومتباينة بين العقوبات والقرارات التأديبية وبين عدم التوافق بين اللاعب ومدربه وبين أسباب أخرى، منها ما حدث أثناء كأس العالم نفسه كحادثة كالينيتش، ومنها ما لم يحدث أثناء المونديال، ولكنه ارتبط به وترتب على شيء من تفاصيله.


بيرند شوستر

قبل مونديال 1986 كان بيرنارد شوستر أحد أهم اللاعبين الألمان في العالم. الثعلب أو الملاك الأشقر الذي لعب لقطبي إسبانيا كان في أوج عطائه مع برشلونة حينها، وفي الوقت الذي كان فيه فرانتس بيكينباور المدير الفني لمنتخب ألمانيا يعول بشكل كبير على جهود شوستر في بناء وسط ملعبه، ولكنه فوجئ بقرار صادم من شوستر حين قام باستدعائه من أجل الانضمام إلى المنتخب،

فرفض بيرند

دون إبداء أية أسباب.

القرار وقع على بيكنباور وقعًا صادمًا وغريبًا في نفس الوقت؛ فكيف لنجم مثل شوستر أن يرفض المشاركة مع المنتخب في كأس العالم، وهو في أوج عطائه، بيكنباور استشعر خطورة الأمر لدرجة جعلته يسافر إلى إسبانيا خصيصًا من أجل الجلوس مع شوستر ومعرفة أبعاد قراره، ولماذا لا يريد المشاركة في المونديال، قبل أن يتفاجئ بالسبب الذي ربما جعله يندم على ثمن تذكرة السفر إلى إسبانيا.

وفي اجتماع مغلق رفض فيه شوستر كشف السبب الحقيقي بداية، قام بإبدائه بعد إلحاح ومحاولات من بيكنباور لمعرفته، ليقول له: «خطيبتي إسبانية، ومن المحتمل أن تلتقي إسبانيا وألمانيا في الأدوار الإقصائية من البطولة، لذلك هي ترفض مشاركتي مع ألمانيا في كأس العالم».

وقعت هذه الكلمات على أذن بيكنباور لتجعله يأخذ قرارًا أجمع عليه الألمان جميعًا باستبعاد بيرند شوستر من منتخب ألمانيا نهائيًّا، ليتحول بعدها شوستر إلى أحد أكثر المكروهين من الجماهير الألمانية منذ عام 1986 وحتى الآن.


ستيفان إيفينبيرج

ألماني آخر والمفارقة أنه لاعب وسط أيضًا، ستيفان إيفينبيرج هو المكروه الآخر من الجماهير الألمانية، والذي لم يكن يحبه مدربوه بسبب تصرفاته غير الأخلاقية، سافر إيفينبيرج نجم فيورينتينا في ذلك الوقت عام 1994 إلى الولايات المتحدة الأمريكية رفقة المنتخب الألماني من أجل المشاركة في كأس العالم، ولكنه على الرغم من ذهابه مع المنتخب

فإنه عاد بمفرده

وتركهم هناك، بعد أن انتهت رحلته في كأس العالم مبكرًا بسبب الاستبعاد.

كان الأمر في مباراة ألمانيا وكوريا الجنوبية، وفي منتصف الشوط الثاني طلب بيرتي فوجتس مدرب المنتخب الألماني وقتها إيفينبيرج الخروج من أجل استبداله، وبسبب أدائه السيئ قابلته الجماهير بصافرات الاستهجان أثناء خروجه من ملعب المباراة، ليفقد سيطرته على نفسه كعادته ويقوم بإشارة غير لائقة للجمهور الألماني الذي يصفر عليه، فلم يتردد فوجتس بعد المباراة بطرد اللاعب عاقدًا العزم على ألا يستعين به مستقبلًا، قبل أن يحزم اللاعب حقائبه ويعود إلى ألمانيا.

وفي النسخة التي تليها وبعد خروج ألمانيا من كأس العالم 1998 في فرنسا بعد هزيمة قاسية أمام كرواتيا بثلاثية نظيفة، اضطر فوجتس مكرهًا أن يستعين بخدمات إيفينبيرج مرة أخرى، فاستدعاه للمنتخب من أجل المشاركة في دورة ودية في مالطا من أجل بناء المنتخب حوله كلاعب محوري.

وبعد مشاركة غير موفقة للمنتخب في الدورة أعلن فوجتس استقالته، وتم تعيين إيريك ريبيك كمدرب جديد للمانشافت، ليعلن استدعاء إيفينبيرج للمنتخب مؤكدًا أنه سيكون عنصرًا أساسيًا بالنسبة له، قبل أن يفاجئه إيفينبيرج برفض الاستدعاء معلنًا اعتزاله اللعب دوليًا، ومصرحًا بأنه يفضل التركيز مع بايرن ميونيخ الذي انضم إليه عقب كأس العالم 1994 الذي شهد بداية الأزمة.


دييجو أرماندو مارادونا

في 30 مارس 1991

تم الحكم بإيقاف مارادونا

عن اللعب لمدة 15 شهرًا بعد ثبوت تناوله للكوكايين، قبل أن يعود للعب من جديد في يونيو من العام الذي يليه، عاد مارادونا بوزن زائد ولياقة أقل من المعتاد وبمستوى متأثر بكل هذا، أشياء لم تجعله قادرًا على مسايرة الأجواء في أوروبا وأجبرته على الرحيل من نابولي إلى بوكاجونيورز.

عاد مارادونا للمنتخب من جديد، وقبل انطلاق منافسات كأس العالم 1994 عقدت الآمال على مارادونا على الرغم من مظهره الذي لا يوحي بأنه جاهز لقيادة المنتخب نحو لقب جديد، وعقب مباراة منتخب بلاده أمام نيجيريا جاء الخبر الصادم باستبعاد مارادونا من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم من منافسات كأس العالم بسبب تعاطيه للمنشطات.

لم أقصد تناول المنشطات في مونديال 94، كنت مريضًا وتناولت علاجًا في أمريكا، كان يقصده المواطنون الأمريكيون، منتشر في كل الأماكن مثل الحلوى، الجهاز الطبي للمنتخب الأرجنتيني وقتها كان يعلم بهذا الشيء، لكن الجميع للأسف تخلوا عني، المدرب والطبيب والاتحاد الأرجنتيني، الجميع تركوني وحدي أواجه المشكلة.





تصريحات مارادونا عن واقعة المنشطات في مونديال 1994.


نيكولاس أنيلكا

وهي حادثة تابعها الغالبية بشكل مباشر نظرًا

لأنها حدثت منذ 8 سنوات فقط

وتحديدًا في نسخة 2010 التي أقيمت في جنوب أفريقيا، في نسخة لم تكن محببة للجماهير الفرنسية بكامل تفاصيلها، وأثناء مواجهة فرنسا مع غريمتها المكسيك، لعب نيكولا أنيلكا شوط المباراة الأول، والذي كان الأخير له في البطولة قبل أن يتم استبعاده بقرار من المدرب ريمون دومينيك.

ما حدث أنه بين شوطي المباراة طلب ريمون دومينيك من نيكولا أنيلكا أن يلعب عل المرمى بشكل مباشر أكثر، وأن يلتزم بمهام مركزه في الملعب، ليتفاجأ برد فعل غير طبيعي من أنيلكا الذي قام بسب وإهانة مدربه، ليخبر دومينيك الجميع في غرف الملابس أن أنليكا سيتم استبداله في بداية الشوط الثاني، قبل أن يتم استبعاده نهائيًا من تشكيلة المنتخب عقب المباراة، بعدما رفض شرط دومينيك بأن يقدم له اعتذارًا علنيًّا أمام الجميع، وكان هذا بحضور زميله باتريس إيفرا.

والغريب هنا أن لوران بلان حينما تولى القيادة بعدها بعام قام باستبعاد القائمة المشاركة في كأس العالم كاملة، وأرجع الأمر إلى أن اللاعبين قاموا بالاحتجاج على قرار دومينيك باستبعاد أنيلكا خلال مباراة جنوب أفريقيا الأخيرة لهم في البطولة، في حادث تسبب في استقالة رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم وقتها.


لويس سواريز

وهو الحادث الأشهر في تاريخ لويس سواريز كلاعب وفي تاريخ كأس العالم كحدث غريب، غالبًا حين يسمع أي شخص اسم لويس سواريز يتبادر إلى ذهنه تلقائيًّا

حادثة العض الشهيرة

لجورجيو كيليني في كأس العالم 2014.

الحادثة لم تلتقطها عيون الحكم في البداية، ولكن التقطتها الكاميرات وأعادتها بعد المباراة ليثبت أن سواريز قد قام بعض كيليني من كتفه كتكرار للحادثة التي فعلها مع برانسيلاف إيفانوفيتش قبلها بعام، ليقوم الاتحاد الدولي لكرة القدم بتوقييع عقوبة الإيقاف لمدة 4 شهور و9 مباريات دولية على سواريز، ما تسبب في استبعاده من بقية مباريات الأوروجواي في كأس العالم.

الحقيقة أن القصص المذكورة جميعها تبرز أن استبعاد اللاعبين جميعًا بدأ من أنفسهم، كل القصص بدأت إما بحادث لا أخلاقي من اللاعب أو تصرف يدل على اللا مبالاة وعدم الاهتمام بقيمة كأس العالم، تلك التي كانت تجعل المدرب وبلا تردد يقرر استبعاد اللاعب حتى وإن كان أهم لاعب في المنتخب، فقط من أجل قيمة كأس العالم التي تحدثنا عنها سلفًا.