اعتمدت
الإمارات قبل تأسيسها، ومنذ عام 1892، على الحماية العسكرية البريطانية، فهي لم
تكن قادرة على تحمل تكاليف تأسيس جيش نظامي في فترات ما قبل اكتشاف الثروة النفطية.

وتعود
جذور الجيش الإماراتي إلى قوة «مجندي ساحل عمان»، التي تشكّلت وفق المرسوم الملكي
البريطاني رقم 1 لعام 1951، وذلك للحفاظ على الأمن وتوفير الحماية للوفود
البريطانية الزائرة للخليج، وحماية المُنقِبين عن النفط. ثم في عام 1964، تم تأسيس مؤسسة عسكرية حقيقية وهي «قوة
دفاع أبو ظبي» من ضباط بريطانيين وأردنيين وجنود إماراتيين.

ومع الانسحاب البريطاني وتأسيس الإمارات كدولة اتحادية عام 1971، ظلت لكل إمارة قوتها العسكرية المستقلة وفق الدستور المؤقت، ولكن صدر بعد ذلك قرار عام 1975 يقضي بتوحيد القوات المسلحة لإمارات الاتحاد، واختصاص السلطة الاتحادية بالمسئولية عن استيراد الأسلحة وعقود الشراء والتسليح. وفي 6 مايو/أيار 1976، صدر قرار من المجلس الأعلى للاتحاد بتوحيد القوات المسلحة تحت قيادة واحدة وعلم واحد، وإنشاء قيادة عامة للقوات المسلحة، على أن يكون رئيس الدولة

بحكم منصبه هو القائد الأعلى للجيش

.

ومنذ عام 1971، لم تكن المؤسسة العسكرية على قائمة أولويات الأجندة التنموية الإماراتية، خاصةً في ضوء التحالف الخليجي-الأمريكي الذي تكفّل بحماية مصالح وأمن دول الخليج، ومن بينها الإمارات.

ولكن وقعت 3 أحداث تاريخية مثّلت نقطة تحول في وعي القيادة السياسية الإماراتية، وكان كل حدث منهم بمثابة مُحفِّز لإضفاء تحديثات وتطويرات جوهرية على الإستراتيجية العسكرية الإماراتية، وصلت إلى مراحل ثورية خلال العقد الأخير.

الحدث الأول كان غزو العراق للكويت عام 1990، وهو ما مثّل تهديدًا وجوديًا وحقيقيًا لأمن ومستقبل دول الخليج، وأظهر أن مستقبل المنطقة – في هذه اللحظة – رهين سياسات دول وأطراف خارجية. كانت هذه هي الصدمة الأولى التي دفعت قادة الإمارات لإضفاء الطابع الاحترافي على المؤسسة العسكرية، ومحاولة عقد صفقات تسليح من جهات ودول متعددة، بل وإرسال قواتها في عمليات عسكرية خارجية: حرب تحرير الكويت (1991) وحفظ السلام في الصومال (1993) وكوسوفو (1999).

الحدث الثاني كان هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الذي ألقى الضوء على نقاط الضعف التي تعاني منها الدولة تجاه ظاهرة الإرهاب (خاصة أن 2 من الخاطفين كانا إماراتيين فيما كان ثالث مقيمًا في الإمارات)، وألقى الضوء كذلك على غياب الاستقرار السياسي الإقليمي وحتى الداخلي. كما أن تطورات هذه الهجمات وما ترتب عليها خلال حربي أفغانستان والعراق أدخل أمن المنطقة في حالة سيولة، وصار الأمن الخليجي مُهدَّدًا من قبل جماعات وقوى إقليمية.

ثم جاء الحدث الثالث الذي كان بمثابة انقلاب في الإستراتيجية العسكرية الإماراتية، وهو وقوع ثورات الربيع العربي عام 2011، حيث رأت الإمارات فيها تهديدًا مباشرًا لأنظمة الحكم الخليجية، ورأت أن سقوط الأنظمة المتحالفة معها في المنطقة وصعود الإسلام السياسي يُغيّر معادلة السياسة في الإقليم تمامًا لغير صالح الإمارات، في الوقت الذي كانت تسعى فيه لاحتلال مكانة إقليمية كبيرة. ناهيك عن أن الربيع العربي منح دولاً مثل إيران وتركيا فرصًا أكبر للصعود الإقليمي؛ وهي الدول التي تقف على طرف النقيض مع الإمارات، سواء من حيث تهديد أمن الخليج، أو من جانب

الطموح السياسي الإقليمي

.

أهداف الإستراتيجية العسكرية الإماراتية

يمكن القول إن الإستراتيجية العسكرية التي تنتهجها الإمارات منذ سنوات وحتى هذه اللحظة، تُحرِّكها 3 أهداف رئيسية:

1. تنمية الاقتصاد وتنويعه وحماية موارده

كانت الإمارات من أوائل دول الخليج التي سعت لتنويع اقتصاداتها والخروج من عباءة صناعة النفط والغاز، وعلى مدار الأعوام العشرين الأخيرة، صارت دولة رائدة في مجال الطيران والسياحة، فضلاً عن كونها مركزاً تجارياً ومالياً رئيسياً في الشرق الأوسط. بيد أنها رأت في الصناعات العسكرية الدفاعية

مجالاً اقتصادياً واعداً في المنطقة

.

عمدت الإمارات إلى بناء صناعة عسكرية محلية، تساهم في خلق الوظائف، وتدعم مجالات البحث العلمي على المدى الطويل. ناهيك عن مساهمة هذه الصناعة في تخفيض فاتورة التسليح السنوي، المتضخمة أصلاً.

ولهذا السبب، احتل «تعزيز شركات الدفاع المحلية» حيزاً بارزاً في وثيقة «الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبو ظبي». وفي فبراير/شباط 2020، أعلن مجلس التوازن الاقتصادي عن إنشاء صندوق تنمية القطاعات الدفاعية والأمنية،

وبلغ رأسماله التأسيسي 680 مليون دولار

.

وعلى جانب آخر، فإن الهجمات التي وقعت في منطقة الخليج خلال صيف 2019 وألحقت أضراراً بناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات، وسرب الطائرات المُسيرة وصواريخ كروز التي أوقفت مؤقتاً نصف إنتاج السعودية من النفط في هجوم سبتمبر/أيلول 2019، نبّهت الإمارات إلى ضرورة تعزيز وضعها العسكري، في مواجهة التهديدات العسكرية الإيرانية، التي ربما

تضرب صناعة النفط الإماراتية في أي وقت

.

2. مواجهة القوى المناوئة لها والاستعداد للانسحاب الأمريكي من المنطقة

رغم جهود الإمارات لتعزيز وضعها العسكري منذ حرب الكويت عام 1990، فإنها حاولت خلال هذه الفترة وحتى انطلاق ثورات الربيع العربي إدارة ملفات السياسة الخارجية وعلاقاتها مع الدول المناوئة لها في المنطقة عن طريق استخدام القوى الناعمة، أو استخدام نفوذها لدى الولايات المتحدة والدول الكبرى. إلا أن هذه الإستراتيجية شهدت تحولاً تاماً في أعقاب عام 2011.

فقد صارت خطوط العداء أكثر وضوحاً تجاه قوى الإسلام
السياسي والدول والقوى الداعمة لها؛ فصار العداء مع إيران أكثر حدة وشراسة عمّا
قبل، وبالتبيعة مع القوى المسلحة التابعة لها في لبنان واليمن والعراق وسوريا.
وكذلك تطور التوتر الإماراتي-التركي، حتى صارت مصالح الطرفين وانحيازاتهما على
طرفي النقيض تماماً. كما شعرت الإمارات أن تأييد قطر لقوى الإسلام السياسي وخروجها
عن الإجماع الخليجي بات مصدر تهديد شديد الخطورة.

فتح خطوط المواجهة هذه، تزامن مع خطة الانسحاب الأمريكي من المنطقة، التي بدأها الرئيس الأمريكي بارك أوباما، والتي أرّخت لبداية النهاية لحقبة من الزمن، كانت خلالها واشنطن هي الضامن الفعلي لأمن دول الخليج. ومن ثَمَّ، وجدت الإمارات نفسها مضطرة إلى تعزيز قوتها العسكرية بما يسمح لها تأمين مصالحها وأمنها القومي، وعدم التراجع في مواجهة خصومها في الإقليم.

3. التحول إلى قوة إقليمية رئيسية في المنطقة

سعت
الإمارات منذ عام 2011 أن تصبح قوة إقليمية رئيسية في المنطقة، وذلك عبر محاولة
الانخراط والتدخل في معظم القضايا والبقاع الساخنة، بدايةً من البحرين وليبيا، ثم
مصر وسوريا واليمن، ناهيك عن محاولات تمديد نفوذها في المغرب العربي ودول القرن
الإفريقي. وقد أدركت الإمارات أن هذه المكانة الإقليمية لا يمكن أن تصل إليها
بالقوة الناعمة فقط، ولكن عليها تعزيز قواها الصلبة، خاصة وأنها وجدت منافسة
إقليمية شرسة من جانب تركيا وإيران.

لذلك سعت الإمارات أن تصبح قوة عسكرية صاعدة –بقوة- في المنطقة، بل وأن تتحول إلى مركز إقليمي للصناعات العسكرية، لتصبح الأداة العسكرية

إحدى أهم أدوات سياستها الخارجية

.

ولتحقيق
ذلك، عمدت الإمارات إلى تفادي حظر الأسلحة الذي قد تباشره الدول الأوربية على
مبيعاتها، أو فرض نوعية معينة من الأسلحة، وذلك عبر تطوير قواعد الصناعة العسكرية
لديها، وكذلك بناء شراكات مع شركات السلاح العالمية، وهي شبكة تتسم بالتنوع ما بين
القوى الكبرى كالولايات المتحدة وروسيا وفرنسا،

كما
تتطرق لدول نامية مثل صربيا وبلغاريا

.

كذلك سعت الإمارات إلى إثبات حضورها العسكري في المنقطة، ففي أعقاب الربيع العربي، تواجدت القوات المسلحة الإماراتية في أكثر من بقعة ساخنة في المنطقة؛ كانت البداية في البحرين، حيث ساهمت في قوات درع الخليج التي انتشرت في شوارع المنامة عقب مظاهرات مارس 2011. وكان التواجد الأهم والأكبر في اليمن، مع انطلاق عملية «عاصفة الحزم» عام 2015، وقد قُدرت مشاركتها بنحو 3 آلاف مقاتل رفقة دبابات، وطائرات مروحية، ومنظومات بانتسير للدفاع الجوي، و4 منظومات باتريوت للدفاع الصاروخي. وبسبب حرب اليمن تواجدت على الأراضي السعودية نحو 12 طائرة مقاتلة إماراتية من طراز إف-16 للمشاركة في العمليات الحربية باليمن. وكذلك تواجدت في إريتريا، حيث تتخذ القوات الإماراتية من السواحل الإريتيرية قاعدة انطلاق

لدعم العمليات العسكرية باليمن

. وأخيراً نجد الدعم العسكرية لقوات حفتر في ليبيا، حيث تتواجد 6 طائرات من طراز «إير تراكتور» تعمل في مجال المراقبة والهجوم الخفيف، وطائرتان مروحيتان من طراز بلاك هوك،

وطائرتان بدون طيار من طراز وينج لونج

.

ملامح الإستراتيجية العسكرية الإماراتية

إن
دراسة تطور الإمكانات العسكرية الإماراتية عبر الفترة من 2011 وحتى اللحظة
الراهنة، تكشف عن فروقات هائلة سعت الإمارات لإحداثها على مستوى مؤسستها ومنظومتها
العسكرية بالكامل.

فقد طرأت تطورات هائلة على مستوى تسليح الجيش الإماراتي، فبات يتألف من 64 ألف جندي، ويمتلك أكثر من 540 طائرة عسكرية متنوعة، و510 دبابات

و5900 عربة عسكرية مدرعة

. ووفقاً لمقياس Global Fire Power لعام 2020، تحتل الإمارات

المركز الـ45 عالمياً

من بين 138 دولة داخل التصنيف. وذلك بعد أن كانت تحتل

المركز الـ57

عام 2013، و

المركز الـ50

عام 2015.

ونعود مرة أخرى لتصنيف Global Fire
Power لعام 2020، فنجد الإمارات

تحتل المركز الـ 18

من بين 45 دولة على مستوى قارة آسيا. و

تحتل المركز الـ 6

على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وذلك من بين 15 دولة (بما يشمل تركيا
وإيران وإسرائيل). وبين دول الخليج (الذي أضاف إليها الموقع إيران)،

تحتل الإمارات المركز الـ 3

، مباشرة خلف إيران والسعودية.

وقد
زادت الإمارات واردتها من الأسلحة بنسبة 63% بين عامي 2012 و2016، واحتلت المركز
الـ 7 ضمن أكثر 10 دول مستوردة للأسلحة على مستوى العالم بين عامي 2014 و2018، وفق
معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وعربياً، تحل الإمارات في المركز الرابع بعد
السعودية ومصر والجزائر، من حيث واردات السلاح (3.6% من إجمالي واردات السلاح
العالمية)، فيما تحل في المرتبة الثالثة عالميا لأكبر

المشترين
للسلاح الأمريكي

.

وقد عمدت الإمارات في أعقاب عام 2011 إلى إحداث تطويرات هيكلية في مؤسستها العسكرية، حيث قامت بإنشاء «حرس الرئاسة»، وهو عبارة عن قوة تضم قوات برية وجوية وبحرية، إضافة إلى قوة للمهام الخاصة يُناط بها مكافحة الإرهاب، وتمتلك نحو 50 دبابة قتال من طراز لوكلير، و290 عربة مشاة مدرعة، وصواريخ كورنيت مضادة للدبابات.

ونتيجة إدراك الإمارات إن إستراتيجيتها العسكرية لن تستقيم دون توفير العنصر البشري القادر على إدارتها وتطويعها لأهدافه، فقد قامت في أغسطس/آب 2012 بتأسيس «كلية الدفاع الوطني»، لتتبع القيادة العامة للقوات المسلحة، وتهدف إلى إعداد وتأهيل القيادات العسكرية والمدنية، ورفع قدراتهم على تحديد وتقييم

تحديات الأمن الوطني والإقليمي والدولي

.

وفي
عام 2014، فرضت الإمارات «التجنيد الإلزامي» على الشباب الذين تتراوح أعمارهم من
18 إلى 30 عاماً لمدة تتراوح من 9 أشهر إلى عامين، بحسب مستواهم العلمي. وكذلك أطلقت
التجنيد الطوعي للإناث لفترة تسعة أشهر،

ثم مدّدتها إلى
12 شهراً في العام 2016

.

أمّا المجال الأبرز والأهم في الإستراتيجية العسكرية الإماراتية، فتمثّل في تأسيس قاعدة صناعات عسكرية متطورة. وهو الأمر الذي قطعت فيه البلاد شوطاً كبيراً، خاصةً إذا ما قُورن بمستوى صناعات التسليح في المنطقة العربية.

حيث سعت الإمارات إلى تنمية الصناعات الدفاعية المحلية من 10% و30%

بين عامي 2015 و2030

. وهو ما دفعها عام 2014 إلى دمج 16 شركة صغيرة في إطار شركة الإمارات للصناعات العسكرية (إديك)، وهي الجهة الأكبر في البلاد في مجال تصنيع الأسلحة

وتأمين الخدمات ذات الصلة

. ثم في نوفمبر 2019، أطلقت الإمارات شركة «إيدج»، والتي تعمل على عقد شراكات مع الشركات المُصنِّعة للمعدات الأصلية، ومقاولي الدفاع، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والأوساط الأكاديمية، وذلك لتطوير مجموعة واسعة من المنتجات الدفاعية الحديثة. وتجمع تحت مظلتها 25 شركة، تغطي مجالات عسكرية متعددة: من بناء السفن وإصلاح أنظمة توجيه الصواريخ، إلى

تصنيع الذخيرة وخدمة الطائرات العسكرية

.

وقد
نجحت الإمارات بالفعل في إنتاج ناقلات مدرعة متعددة الأغراض لجميع التضاريس «نمر»،
والتي تم تطويرها بالاشتراك مع شركة صناعة السيارات الروسية GAZ.
كما نمت صناعة الإلكترونيات الدفاعية الإماراتية من حيث الإنتاج والتطور نتيجة
الشراكة مع كبرى الشركات الأجنبية مثل Raytheon. واستحوذ قطاع الصناعات الدفاعية في
الإمارات أيضاً على استثمارات كبيرة في شركات أجنبية مثل شركة Piaggio
Aerospace الإيطالية وشركة VR-Technology التابعة لشركة Helicopter
الروسية، وتمكنت من تصدير منتجاتها إلى روسيا والمملكة العربية السعودية وغيرها.

وفي الفترة بين 2014 و2018، أصبحت الإمارات في المرتبة الـ18 بين أكبر مُصدِّري الأسلحة في العالم،

متقدمة على أستراليا وجنوب إفريقيا والبرازيل

.

كيف يخدم التطبيع مع إسرائيل الإستراتيجية العسكرية؟

لا يمكن النظر إلى اتفاق التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي الذي وُقع مؤخراً بمعزل عن الإستراتيجية العسكرية الإماراتية، وبغض النظر عن الوزن النسبي للأسباب التي دفعت أبوظبي للإقدام على هذه الخطوة، فلا شك أن المنظومة العسكرية تقع ضمن أسباب عديدة لهذا الاتفاق:

  • أولاً: أن تضمن الإمارات وجود حليف قوي لديها في واشنطن، قادر على ممارسة الضغوط على الرئيس القادم أياً كانت هويته وسياسته. لأنه رغم التقدم الذي تشهده المنظومة العسكرية الإماراتية، فهي ما زالت في حاجة ماسة لشراكة الولايات المتحدة عسكرياً، سواء فيما يتعلق بجانب صيانة الأمن القومي الخليجي أو تعزيز الصناعات العسكرية الإماراتية.
  • ثانياً: اكتساب شريك إقليمي قوي عسكرياً (وهو إسرائيل)، سواء في مواجهة القوى الإقليمية المناوئة لها (إيران وتركيا)، أو في مجال تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي، نظراً لتقدم الصناعات العسكرية الإسرائيلية بشكل كبير. وليس أدّل على ذلك من خوض الإمارات لمناورات عسكرية مشتركة مع اليونان (في أغسطس/آب 2020)، في الوقت الذي تشتعل فيه أزمتها مع تركيا في شرق المتوسط. وبهذه المناورات تنضم الإمارات بشكل شبه رسمي إلى الحلف الذي شكّلته إسرائيل عام 2016، وأطلقت عليه «حلف حماية البحر المتوسط»، الذي يهدف في

    تقويض مصالح تركيا في غاز المتوسط لصالح إسرائيل وحلفاءها

    .
  • ثالثاً: السعي إلى تخطي الحدود، التي رسمتها الولايات المتحدة إسرائيل في المنطقة، فيما يتعلق بتطوير المنظومة العسكرية الإماراتية. حيث أشار السفير «دينيس روس» في صحيفة «واشنطن بوست» أن المحفّز الأهم لخوض الإمارات تجربة التطبيع، هو الوعد بإدخال تحديثات عسكرية على منظومتها، وأن «السلام الرسمي» سيتيح لها الوصول إلى

    الأسلحة الأمريكية التي كانت محظورة عليها في السابق

    . لذلك نجد أن موضوع تزويد واشنطن للإمارات بمقاتلات «إف-35» قد عاد مرة أخرى للساحة، ويذهب بعض المحللين أن هذه المقاتلات كانت ضمن وعود ترامب للإمارات في مقابل توقيع اتفاق التطبيع. ولكن ما زالت إسرائيل تعارض هذه الخطوة، بوصفها

    تقويضاً للتفوق العسكري النوعي لإسرائيل بدرجة خطيرة

    .

وختاماً، فإن هذه الإستراتيجية العسكرية ستُجبَر الإمارات على خوض نزاعات إقليمية جديدة خلال السنوات المقبلة، وكذلك تصعيد النزاعات القائمة بالفعل، ليس فقط بسبب تعارض المصالح الناشئ بينها وبين دول إقليمية كبيرة في المنطقة، ولكن لإن هذه الإستراتيجية ذاتها ترسم للإمارات دور سياسي وعسكري متعاظم ومتداخل في كافة ملفات وأزمات المنطقة.