شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 82 محتوى مترجم المصدر The Conversation التاريخ 2019/6/7 الكاتب Susanna Lee في نهاية مايو/أيار عام 2019، حدث الأمر مرة أخرى. شخص يطلق النار بشكل جماعي ويتسبّب في مقتل 12 فردًا، هذه المرة في مركز بلدي في شاطئ فيرجينيا. (نُشر هذا المقال في عام 2019، قبل وقوع حادثة مايو/أيار 2022، والتي تسبّبت في مقتل 19 تلميذًا واثنين من البالغين بعد اقتحام شاب مسلح لمدرسة ابتدائية في جنوب ولاية تكساس الأمريكية). في ذلك الوقت (أي في مايو/أيار 2019)، كان الموظفون ممنوعين من حمل السلاح في العمل، ونتيجة لذلك، أعرب البعض عن أسفهم لأن هذه السياسة منعت «الأخيار» من القضاء على مُطلِق النار. أصبح هذا المجاز، «الرجل الجيد ذو السلاح»، مألوفًا بين نشطاء حقوق السلاح. إذن من أين أتى؟ في 21 ديسمبر/كانون الأول عام 2012، بعد أسبوع واحد من إطلاق Adam Lanza النار على 26 شخصًا وقتلهم في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في نيو تاون، بولاية كونيتيكت، أعلن نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد القومي للأسلحة Wayne LaPierre خلال مؤتمر صحفي أن: الطريقة الوحيدة لإيقاف رجل سيئ يحمل سلاحًا هو رجل جيد يحمل سلاحًا. منذ ذلك الحين، وبعد كل إطلاق نار جماعي، يقوم خبراء وسياسيون ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدون للأسلحة بترديد نسخة ما من التصريح السابق، وبعدها يطلقون دعوات لتسليح المعلمين أو روّاد الكنيسة أو موظفي المكتب. وكلما قام مواطن مُسلح بإيقاف مجرم، تنقضّ وسائل الإعلام المُحافِظة على القصة. لكن النموذج الأصلي لـ «الرجل الجيد ذي السلاح» يعود إلى فترة طويلة قبل مؤتمر LaPierre الصحفي لعام 2012. هناك سبب لوجود صدى عميق لكلماته، فقد استعان بنموذج أصلي أمريكي فريد، والذي يرجع أصوله إلى روايات الجريمة الأمريكية والتي ذكرتها في كتابي Hard-Boiled Crime Fiction and the Decline of Moral Authority . لكل ثقافة خيالها البوليسي الخاص، لكن في أمريكا على وجه التحديد أصبح «الرجل الجيد ذو السلاح» شخصية بطولية وخيال ثقافي. «عندما أُطلِق النار، لا داعي للتخمين» ابتداءً من عشرينيات القرن الماضي، بدأ نوع معين من الأبطال في الظهور في قصص الجريمة الأمريكية. كان رجلًا يرتدي معطفًا في أغلب الأوقات ويُدخِّن السجائر. لم يتكلم كثيرًا، كان شريفًا، ومُستقلًا، والأهم مُسلحًا. أُطلق على هذه الشخصيات مُسمى Hard-boiled، والذي يشير إلى الصرامة والتجرُّد من العاطفة. نشأ هذا المصطلح في أواخر القرن التاسع عشر لوصف: الرجال القاسين والأذكياء والأشداء الذين لم يطلبوا أو يتوقعوا أي شكل من أشكال التعاطف، ولم يستطيعوا إبداء هذا الشعور، ولا يمكن فرضه عليهم أيضًا. لم تصف هذه الكلمة مجرد شخص قاسٍ بكل بساطة، وإنما خلقت شخصية، وسلوكًا، وحالة كاملة للوجود. معظم الدارسين يدينون للكاتب Carroll John Daly بكتابة أول قصة بوليسية (Hard-boiled) بعنوان Three Gun Terry، والتي نُشرت في مجلة Black Mask في مايو/أيار 1923. صرّح بطل الرواية، تيري ماك: أرني الرجل، وإذا أشهر مسدسه عليّ، وإذا كان بحاجة لقتل جيد، فأنا الرجل المطلوب لهذه المهمة. يُوضِّح تيري للقارئ أيضًا أنه مُطلِق نار محترف قائلًا: عندما أطلق النار، لا توجد مسابقة تخمين إلى أين ستتجه الرصاصة. منذ البداية، كان المسدس إكسسوارًا مُهمًا، ونظرًا لأن المُحقِّق أطلق النار فقط على الأشرار، ولأنه لم يُخطِئ أبدًا، لم يكن هناك داعٍ للخوف. جزء كبير من شعبية هذا النوع من الشخصيات يرجع للعصر الذي كُتبوا فيه. في عصر الحظر والجريمة المنظمة والفساد الحكومي وتصاعد الشعبوية، انجذب الجمهور إلى فكرة وجود شخص مُنشق ومُسلح جيدًا وحسن النية يمكنه أن يتصرف ببطولة للدفاع عن الأشخاص العاديين. خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، أصبحت القصص التي تُصوِّر هذه الشخصيات شائعة للغاية. سار كُتّاب مثل Dashiell Hammett وRaymond Chandler على خُطى Daly، وهيمنوا على هذا النوع. وبالرغم من اختلاف حبكات قصصهم، إلا أن أبطالهم كانوا في الأغلب مُتشابهين: محققين يعملون بمفردهم ويتكلمون بصرامة، ويطلقون النار بحرفية شديدة. في قصة مُبكرة كتبها Hammett، أطلق المحقق النار من مسدس من يد رجل آخر، ثم قال مازحًا إنها «رصاصة عادلة، لا أكثر ولا أقل». في مقال نُشر عام 1945، حاول Raymond Chandler تعريف هذا النوع من البطل قائلًا: في هذه الشوارع اللعينة، يجب أن يسير رجل ليس لئيمًا بذاته، ولا مُلوثًا ولا خائفًا. يجب أن يكون -إذا أردنا استخدام عبارة مُحددة إلى حد ما- رجلاً شريفًا، بالفطرة، وبالحتمية، دون أن يفكر في الأمر، وبالتأكيد دون أن يصرح بذلك. عندما أصبحت الأفلام أكثر شعبية من الروايات، انْسَلَّت الشخصية إلى الشاشة الفضية. لعب الممثل Humphrey Bogart دور Sam Spade بطل روايات Dashiell Hammett، ولعب أيضًا دور Philip Marlowe بطل روايات Raymond Chandler، ونال استحسانًا كبيرًا. بحلول نهاية القرن العشرين، أصبح الرجل الجيد الذي لا يعرف الخوف ويحمل السلاح بطلاً ثقافيًا، على أغلفة المجلات ومُلصقات الأفلام وفي الاعتمادات التلفزيونية وألعاب الفيديو. بيع الوهم اعتنق المتحمسون لحقوق السلاح فكرة «الرجل الجيد» كنموذج يُحتذى به، ودور تمثيلي لشخصية تحتاج لأشخاص حقيقيين لتجسيدها في الواقع. حيثُ بدأ متجر الاتحاد القومي للأسلحة NRA ببيع قمصان تحمل تصريح LaPierre السابق، وعمل على تشجيع الزبائن على إظهار أنهم «رجال جيدون» من خلال شراء القميص. تكمن مشكلة هذا النموذج الأصلي في أنه مجرد نموذج، وشخصية خيالية. في الخيال الرخيص، لا يُخطِئ المحققون أبدًا. توقيتهم دقيق ودوافعهم لا تشوبها شائبة، لا يطلقون النار على أنفسهم ولا يُصيبون المارة الأبرياء. ونادرًا ما يكونون غير مستقرين عقليًا أو معميين بالغضب. عندما يتشابكون مع الشرطة، فعادةً يكون ذلك بسبب قيامهم بعمل الشرطة بشكل أفضل منهم. جانب آخر من الخيال ينطوي على مظهر معين للدور، فـ «الرجل الطيب ذو السلاح» ليس مجرد أي رجل، بل إنه رجل أبيض. في رواية Three Gun Terry، يلقي المحقق القبض على الشرير Manual Sparo، ويُفحمه ببعض الكلمات الصعبة: تحدّث الإنجليزية… كما قلت… أنا لست لطيفًا جدًا… لأن ذلك لن يفيده الآن. في رواية Snarl of the Beast لـ Daly، يواجه بطل الرواية، Race Williams، مهاجرًا شريرًا وحشيًا. هل يمكن أن يفسر هذا لماذا لم يُعلِّق الاتحاد القومي للأسلحة الذي اعتاد الدفاع عن الأخيار المُسلحين، في عام 2018، عندما حاول رجل من أصل أفريقي يحمل مسدسًا إيقاف مطلق النار في مركز تجاري في ألاباما، وأطلقت عليه الشرطة النار وقتلته هو بدلًا من المجرم الحقيقي؟ التحقق من الواقع لا يرقى معظم المتحمسين للأسلحة النارية إلى المستوى الخيالي للرجل المثالي الصالح صاحب الطلقة الدقيقة. في الواقع، أظهرت الأبحاث أن الاستقلال في حمل السلاح يُطلق العنان للفوضى والمذابح أكثر من إظهار البطولة. كشفت دراسة أجراها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في عام 2017 أن القوانين الخاصة بحق حمل السلاح تزيد من جرائم العنف بدلًا من تخفيضها. كما ارتبط ارتفاع معدلات امتلاك الأسلحة بارتفاع معدلات جرائم القتل، وزيادة الغضب الشعبي. بالطبع توجد أوقات نجح فيها شخص مدني يحمل سلاحًا في التدخل في حادث إطلاق نار، لكن هذه الحالات نادرة. فغالبًا ما تُستخدَم الأسلحة الخاصة للأشخاص ضدهم. والمدني الذي يحمل سلاحًا يصبح أكثر عُرضة للقتل من نجاحه في قتل المُعتدي. حتى في الحالات التي يتقاضى فيها الشخص أجرًا مقابل الحراسة بسلاح، فليس هناك ما يضمن أنه سيؤدي هذا الواجب. بيعت مئات الملايين من هذا النوع من الروايات، وشاهد ملايين آخرون الأفلام والبرامج التلفزيونية المستوحاة منها. ما بدأ كمجرد ترفيه، تحوّل إلى خيال أمريكي دائم، والحفاظ عليه أصبح هوسًا أمريكيًا مُميتًا. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً كتاب «أساتذة اليأس»: لا شيء يستحق العناء العدالة: بين أولوية الحق وأولوية الخير ماذا قدمت أبل وجوجل ومايكروسوفت في مجال الرعاية الصحية؟ مسلسل «The Boys»: أمريكا بين الواقع والبروباجندا شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram يارا أبوزيد Follow Author المقالة السابقة إدراك – قصة قصيرة المقالة التالية مسلسل «The Boys»: أمريكا بين الواقع والبروباجندا قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك «شآبيب»: كيف جدد أحمد خالد توفيق الحلم داخلنا؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك العرب في أوروبا: سيكولوجيا الاغتراب والحصاد المر 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نحن قادمون أيها الضوء 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك بأبطال بعيدين عن الكمال: كيف يكمل الروائيون الرسم المنقوص؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك شيء من حتى: كيف صمم العراب آلة الزمن؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الخيار الصعب: هل تتجه المقاومة في غزة إلى الحرب؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نظرة عابرة على قضية التراث والتجديد في الدين 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك وكأن الذكريات تلعب «الغميضة»: ماذا تعرف عن خَرَف الشيخوخة؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لهذه الأسباب لم يؤمن تولستوي بقدرات شكسبير الأدبية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كتاب «الحداثة السائلة»: الحياة في ظل سطوة الرأسمالية 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.