لو كنت أعلم أنه سيتصدي لضربة الجزاء لم أكن لأعطيه فرصة البداية مع الميلان، أنا أعلم كم هو جيد ولكن لم يكن بحاجة للتصدي لها ليثبت ذلك

ميهالوفيتش مدرب تورينو مازحًا بعد صد دوناروما لضربة جزاء تورينو أمام الميلان في آخر دقيقة.

دوناروما البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا أصبح حديث عالم كرة القدم في الفترة الأخيرة لا لموهبته الفذة فقط، ولكن لانتشار الأخبار المشيرة لرفضه تجديد عقده مع الميلان ورغبته في الانتقال إلى نادٍ آخر. دوناروما لم يثر فقط الجدل برغبته في الخروج بل أثار شجون وغضب جمهور الروسونيري الذي يعتقد – وهو اعتقاد صحيح بالفعل – أن الميلان هو صاحب الفضل الأكبر في بزوغ نجم الحارس المراهق الذي طالما قبّل الشعار في السان سيرو واعتبروا ذلك بمثابة الخيانة لعهد لم يكتبه أحد، ولكنه وقع عليه كلاهما بنظراته وهتافاتهم.


هل هي حقًا خيانة؟

BeFunky Collage

BeFunky Collage

الأمر الأكثر جدلًا في الانتقالات عمومًا وليس في حالة دوناروما فقط، فهل يعتبر اللاعب خائنًا لطلبه الانتقال من النادي صاحب الفضل عليه؟ الجواب على سؤال بهل لا بد وأن يكون بنعم أو لا، ولكن هنا الأمر محير فنحن لا نعرف ما حدث في كواليس علاقة دوناروما بإدارة الميلان كما أنه في دنيا الاحتراف لا يوجد ما يعوق انتقال أحدهم ما دام لم يخالف العقود، ولماذا لا نلوم جالياني وبيرلسكوني اللذين انشغلا بتوقيع العقود مع الصينيين لضخ الأموال بالنادي أكثر من انشغالهم بتوقيع عقود تجديد موهبة يعلم الجميع أنها ستكون محط أنظار كبرى الأندية؟

النقاش هنا لن ينتهي ولكن دوناروما حالة خاصة لأنه لم يعط للميلان شيئًا كي يطلب الرحيل، فرونالدو أعطى مانشيستر كل شيء قبل أن يتجرأ ويطلب الذهاب لمدريد ومع ذلك وتحت أمر السير فيرجسون استمر عامًا آخر، كذلك لويس سواريز مع ليفربول قبل الذهاب لكتالونيا. السخط من جمهور الفريقين في الحالات السابقة لم يكن كبيرًا لأنه تذكر لنجمه أيامًا جميلة عاشوها سويًا وقتال استمر سنوات من أجل شعار القميص، ولكن دوناروما لم يقدم ما يشفع له ليطلب الخروج ومن منطلق اللا مدفوع سيكون هكذا رد فعل جمهور الميلان العنيفة.

قد نلتمس له العذر لصغر سنه وعدم نضجه ووقوعه تحت سيطرة أكثر وكلاء الأعمال شغبًا في العالم «مينو رايولا» ولكن بالطبع الكورفا لن تفكر في كل هذا.


مينو رايولا الشيطان الأعظم ؟

عندما يتعلق الأمر بلاعب يثير الجدل فقط حاول التعرف علي وكيل أعماله، لحظة! نعم إنه هو مينو رايولا الذي يدير أعمال من يعتبرهم الكثيرون أكثر اللاعبين المشاغبين في الألفية الأخيرة، بالوتيللي وإبراهيموفيتش. رايولا ليس شيطانًا ولكنه ليس ملاكًا أيضًا فهو مجرد إنسان مثل الكل ولكنه يمتلك سر النجاح وهو حب العمل.

يصوره الكثيرون بالجشع الذي لا يهتم سوى بالأموال، ولكن هل يعمل أحد منتقديه دون مقابل؟ المميز فيه أنه لا يعتبر اللاعب موكله فقط بل يقيم علاقة صداقة كاملة معه ليصبح مصدر ثقته وينفذ كل ما يطلبه منه، ليس أدل علي ذلك من اتصال ماريو بالوتيللي به فور اندلاع حريق بمنزله كأول من خطر بباله! كذلك سبابه العلني لجوارديولا وكلوب فقط لأنهم عاملوا – على حد قوله – موكليه بشكل غير جيد، بالتأكيد أكثر من مجرد وكيل أعمال يهتم بالمال. ومن منطلق سمعة رايولا التي انتشرت بشكل أو آخر على نحو غير جيد حمله المثيرون مسئولية قرار جانلويجي بالتخلي عن الميلان ولكنهم تناسوا أن رايولا ليس ابنًا لتشيزاري مالديني ولا التقطت له الكاميرات صورة شبه عاريًا في مدرجات السان سيرو يحمل أعلام الأحمر والأسود، هو يبحث عن الجيد لموكله وله على الترتيب دون النظر لأي اعتبارات أخرى.


الجانب الآخر الذي يرغب به رايولا ولم تنتبه له الصحافة هو أنه يريد خطف السوق الإسباني من مينديز، رايولا ليس على وفاق مع إدارتي الريال وبرشلونة وخصوصًا الأولى، ولكنه سيستغل رغبة بيريز في التعاقد مع الحارس الشاب بالدخول بقوة لأراضي الأندلس والتفوق على خورخي في ملعبه، الربط بين ما حدث في قضية دوناروما وحديث الصحافة عن رغبة كريستيانو رونالدو في الخروج من مدريد وضغطه على بيريز سيعتبر خيالاً واسعًا، ولكنه في الحرب بين الوكلاء قد يكون مقصودًا.


على كل حال يجب رفع القبعة لوكيل أعمال استطاع أن يلتقط حارسًا في عمر السادسة عشرة ليوقع معه.


موهبة دوناروما بين بوفون وكاسياس

دون مبالغة كعادة الإعلام مع مواهب تلك الأيام نحن أمام حالة خاصة، حارس مرمى يمتلك كل ما يريده ذلك من طول فارع وثقة عالية وتمركز رائع والتصديات الخرافية والأهم من كل ذلك أنه إيطالي، فسمعة الحراس الطليان لا يشق لها غبار من دينو زوف مرورًا بتولدو وصولا للأسطورة بوفون .

إيطاليا وألمانيا تمتلكان مدارس عظيمة في حراسة المرمى، ولكن الطليان يتميزون بأن حراسهم ليسوا فقط ممتازين بل يفعلون شيئًا أقرب للفن فهم لا يتصدون للكرات كواجب وظيفي، ولكنهم بطريقة ما لا توصف يشعرونك بأنهم يتراقصون في المرمى مع الكرات، على عكس الألمان الذين تشعر أن حارس مرماهم سيقتلك إن دخلت منطقة جزائه، هل تتذكرون أوليفر كان؟


دوناروما هو امتداد لتلك المدرسة العظيمة بل ويتنبأ له الخبراء بأن يتخطى معظم أبناء جلدته، يكفي شهادة حارس مثل بوفون له بأنه «حارس ممتاز» أو وصف جو هارت له قائلًا «دوناروما لا يصدق، نقطة» .


الحارس الأصغر في تاريخ الكالتشيو بعمر 16 عامًا و242 يومًا وأصغر لاعب يمثل الأتزوري منذ عام 1911 وحراسة مرمى الميلان العظيم أساسيًا منذ بدايته ولمدة 68 مباراة وهو للتو في ربيعه الثامن عشر، كل تلك الأشياء ليست بالصدفة ولكنها دليل على موهبة حقيقية في حراسة المرمي. ولكن هل يعلم دوناروما مصير كاسياس؟


كاسياس مر بتاريخ مشابه مع ريال مدريد وبزغت موهبته مبكرًا للغاية وحرس مرمى ريال مدريد في نهائي الأبطال وهو دون العشرين عامًا بل وأنقذ الميرنجي من فرص كثيرة، ولكن في المقابل بدأ مستواه في الهبوط تدريجيًا في عام 2011 بعمر الثلاثين وهو العمر الذي يبدأ غالبية الحراس في النضوج فيه، دوناروما أمام تحد صعب ليثبت أنه يستطيع الاستمرار مثل بوفون لعمر الأربعين أو الانهيار مبكرًا بعد مجد غير مسبوق مثل كاسياس.


الآن وضع دوناروما نفسه في مأزق حقيقي فلن يتقبله جمهور الميلان حتى وإن استمر ولن يسلم من الترقب في أي نادٍ ينتقل له خصوصًا إذا كان بحجم ريال مدريد، ففي السابق كانت أخطاؤه تبرر بصغر سنه وقلة خبرته وكان الطفل الذهبي في مخيلة الكثيرين، لكن الآن هو الحارس الذي قرر ترك مرمى الميلان عاريًا.


كيف يستفيد الميلان؟

19389864_630402743830212_1449652242_n

19389864_630402743830212_1449652242_n


يجب الآن على إدارة الميلان التحرك وبيع دوناروما سريعا لأن خروجه مجانًا خسارة فادحة، ولكن استبداله بحارس عالمي مثل نافاس أو آخر جيد مثل تراب بالإضافة للأموال سيكون تعويضا جيدا.


الأكيد الآن هو أن دوناروما يجب أن يتحمل نتيجة اختياره أيًا كان وألا يحمل أحداث المستقبل سواء إيجابية أو سلبية لرايولا لأنه لا يعلم بالتأكد ماذا سيحدث؟


المراجع




  1. تقرير الفاينانشيال تايمز عن رايولا

  2. تقرير سكاي سبورتس عن دوناروما

  3. تقرير الصن عن دوناروما