شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 62 يحتوي المقال إشارات إلى بعض أحداث مسلسل «Game of Thrones» .. لذا وجب التنبيه. أصبح مسلسل لعبة العروش، شاء من شاء، وأبى من أبي، الحدث الأبرز في الحالة الدرامية العالمية في السنوات الأخيرة. وأكاد أجزم بمنتهى الثقة أنه لم يحظَ عمل فني معاصر حتى الآن بهذا القدر من ولع متابعيه، وهوس مغرميه، والتي تطفو على السطح هذه الأيام تزامنًا مع عرض حلقات الموسم السابع الجديد، فلا يملك الكثيرون صبرًا لانتظار الصباح، فتتجافى جنوبهم عن المضاجع – في نصف الكرة الأرضية هذا – أو يتركون أعمالهم – في نصفها ذاك – ليشاهدوا الحلقة الجديدة على الهواء مباشرة بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية، قبل أن يكشف أسرارها الثرثارون من بني «سبويلر»، ولتسكين الفضول الجازع للأحداث، والذي غالبًا ما تزيده الحلقة الجديدة اندلاعًا، فينتظر المريد بعشقٍ إدماني، الجرعة الأسبوعية المقبلة! نجح صناع المسلسل في جمع شرائح مليونية شديدة التباين من المشاهدين من كافة الأعمار والجنسيات والخلفيات الثقافية والفكرية… إلخ، بما قدموا لهم من وجبة دسمة من المسارات الدرامية storylines المتوازية والمتقاطعة، يصلح كل مسار منها بذاته لأن يقوم على أكتافه عمل درامي مستقل متميز، وكذلك بما حشدته بنية المسلسل من أغراض درامية كالتاريخ والسياسة والخيال العلمي، وغير العلمي، والأجواء الأسطورية، والحب، والجنس، والحروب والدم .. إلخ، ويظلل كل هذا سقف مرتفع من التوقعات يجعل بالإمكان – كما ورد على لسان «الإصبع الدقيق» أخبث شخصيات المسلسل- أن يكون كل الناس أعداء، وكلهم أصدقاء، وأن تقع كل المتناقضات في نفس اللحظة. الخلفية التاريخية والثقافية ولعبة الإسقاط نظرًا لتشعُّب أحداث المسلسل، وكثافة الشخصيات وتنوعها، فإن كل صاحب خلفية تاريخية وثقافية يجد مادة خصبة للإسقاطات على الماضي والحاضر وصراعاتهما التي تشكل ركنًا من مخزونه الفكري الخاص. وبالطبع لم يكن يقصد صناع المسلسل أن تتحمل شخصياته، وأحداثه، بكل تلك الإسقاطات التي يحاولها أغلب المشاهدين والمتابعين. وما ساعد على ذلك، أنه رغم وجود جوانب خيالية بارزة في سياق المسلسل وأحداثه، فإن الجوانب المتعلقة بالصراعات السياسية والعسكرية، والدينامية التاريخية، ونشأة الدول وانحطاطها، وعلوّ الأفراد وسقوطهم، وأجواء الصدام الأزلي بين الخير والشر وما بينهما من مراحل وسيطة، والنزاع الأبدي بين المثالية والواقعية .. إلخ، جاءت هذه الجوانب في منتهى القوة والمتانة والكثافة والواقعية سواءً على مستوى الأفكار، أو مجمل الأحداث وتفاصيلها، أو السرد، أو الإخراج الدرامي والفني … إلخ. ساعد على ذلك أيضًا ما يظهر في البنى الأساسية للمسلسل من أثرٍ واضح لقصص مشهورة من تاريخ الأنبياء والممالك الحقيقية، فقصة «جون سنو» المخلص متأثرة بالرواية النصرانية للمسيح، وقصة مشاة الجليد white walkers الذين يحجبهم سور عظيم عن العالم تكاد تكون اقتباسًا من قصة يأجوج ومأجوج، وما أشبه قبائل الدوثراكي المحاربة التي لا تبقي ولا تذر بالمغول .. إلخ. ولو كنت مستخدما أحداث المسلسل للإسقاط التاريخي ولو من بعيد، لأسقطت الصراع بين «آل ستارك» وزعيمهم المغدور ضحية الموقف الأخلاقي، «نيد ستارك»، وابنه «روب» ضحية أبشع مشاهد المسلسل، وأعدائهم «اللانيستر» أهل السياسة والدهاء والدسائس والحرب والطعن في الظهر، على النضال التاريخي الملحمي من الثوار من آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلى رأسهم شهيد تاريخ الإسلام الأكبر الحسين رضي الله عنه، ضد خصومهم الأمويين البغاة الطغاة الذين استأثروا بالحكم سنواتٍ طويلة، ورسخوا حكومتهم بكل ما أتيح لهم من وسائل مهما كانت موبقة وصادمة. أبرزتها الوقائع المأساوية ككربلاء الحسين، واستشهاد حفيده زيد بن علي بن الحسين ..الخ. والتي كان فيها قلوب الناس مع الضحية النبيلة، وسيوفهم إما في غمدها، أو مع الجلاد المهيمن! المجد للخير عندما يشحذ أنيابه يأخذُنا مثال الإسقاط التاريخي السابق إلى فكرة تتردد بقوة بين جنبات المسلسل، وهي أنه في لحظات الصراع المحتدم، لن يحمي الحقُّ نفسَه من طوفان الشر، ويفرض حقائقه على ساحة الدم والحسم، بمظلة من الأخلاق والمثالية الحالمة، إنما يفلّ الحديد بالحديد، ورد صاع الغدر بمثله أو مِثليْه، ودك قواعد أهل الشر بقارعة تصيبهم في المقاتل أو تحل قريبًا من دارهم، والتلذذ بالانتقام من الأشرار بشهوة قد لا يمتلكها بعض الأشرار! فكان من اللافت، أن أكثر شخصيات المسلسل مبادئية لم يتجاوز عتبة الموسم الأول للأحداث، بينما يعج الموسم السابع بالأشرار، وبالطبع بالأخيار ذوي الأنياب. ورغم صعوبة تبيُّن الحدود الفاصلة بين معسكريْ الخير والشر، نظرًا للالتباس الشديد بين الجانبيْن في شخوص المسلسل وأحداثه، وحشد كل الأطراف لما لا حصر له من التأويلات المساندة لأقوالهم وأفعالهم، فإن بعض الشخصيات لاقت ما يشبه الإجماع بين المشاهدين في الإعجاب بصفاتهم واختياراتهم في واقع المسلسل، رغم كونها صادمة للبعض، وخادشة لمثالية البعض الآخر. في المقدمة بلا منازع، سابقة سنّها «آريا ستارك»، أميرة الانتقام، التي كنا نردد جميعًا معها قائمتها السوداء للموضوعين على طاولة انتقامها لأسرتها المغدورة، والتي أنشأت لنفسها مخالب من صدمة الطفولة، وبراءتها التي طارت مع رأس أبيها في ميدان الغدر، في رحلة طويلة من المغامرة والعنفوان، وقودها أحلام الانتقام في اليقظة والمنام، حتى منحتنا واحدة من أبرز لحظات النشوة في المسلسل حتى الآن عندما أكلت من لحم بعض قتلة أخيها حرفًا لا مجازا! وهناك أيضًا القصير المكير «تيريون لانيستر»، الذي لم يتردد لحظة في قتل أبيه القاسي، والفرار لينضم إلى معسكر أعدى أعداء أسرته وراء البحر، واضعًا نفسه في خدمة دينيريس تارجيريان ابنة الملك المجنون الذي قتله أخوه، والتي يتحرق صدرها بنيرانٍ للانتقام لا تباريها في حرارتها إلا نيران تنانينها الثلاثة. و«دينيريس» التي تقدم نفسها كزعيمة ثورة، كللتها بتحرير العبيد في معقل تجارتهم، فانضم لها الكثيرون منهم، وأتت بالدوثراكي من تيه الصحاري إلى مرابع وستروس، وتقدم نفسها للجميع كحل وحيد لأزمات العالم، تبني جزءًا من شرعية طلبها للحكم على إرث أبيها الملك المجنون الذي كاد يحرق عاصمته قبل سقوطه. ولا تتردد لحظة في استخدام القوة الباطشة لسحق من تراهم أعداءها، هذا وهي لم تزَل بعد في عنفوان البدايات الثورية السحرية، حيث لم توضَع المبادئ بعد على محك السلطان الفعلي، وشهوته الجارفة. وحتى جون سنو مهدي المسلسل المنتظر، والأقرب في مثاليته إلى نيد ستارك، لم يصل إلى الموسم السابع إلا بعد أن أنقذت حياته كاهنة تقدم الأطفال قرابين! فعاد وضرب أعناق من خانوه من حراس الليل الذين كان يقودهم. ولم ينتزعه من بين مخالب رمزي السادي أمام أسوار وينترفيل إلا جيش الإصبع الصغير داهية المسلسل، وقوَّاد وستروس الأول! والذي استنجدت به أخت جون سنو – ابنة خاله حقيقة، لكن لهذا قصة أخرى – التي عركتها التجارب المريرة، سانسا ستارك. نهائي كأس وستروس! لا أحد يعلم من سيكون الرابح في الجولات النهائية من صراع العروش، فهذا ليس فيلمًا عربيًا قديما، حيث لابد أن يحقق البطل والبطلة اللذان يشعان خيرًا طوال الأحداث، أهدافهما بالعلامة الكاملة، ويحتفلان بقبلة الانتصار خلف كلمة النهاية. ولذا فرغم مضي ثلثي الموسم السابع، فيبدو أنه لا يزال أمامنا جرعة هائلة من التشويق والصدمات في الحلقات الثلاثة الباقية منه. ولا ندري بأي صبر سننتظر بعدها عامًا كاملًا حتى يأتينا الموسم الثامن والأخير بالخبر اليقين. قد يعجبك أيضاً التصورات التاريخية عن الرأسمالية التكيف مع الأمومة: كيف تراوغ النساء مجتمعاتها؟ الدين كما أفهمه – بشرية العلم ما بعد رابعة شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محمد صلاح قاسم Follow Author المقالة السابقة السخرية كتثاقف المقالة التالية يدعو لأندلس، إن حوصرت حلب قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك عذرًا: هل أنت مشغول؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل نحن في عهد المملكة العربية السعودية؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيلم أنا حرة والتنظير السياسي 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الإنجاز القاتل! — قصة قصيرة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك وافترقنا إذن: فما أجمل الذي حدث بيننا! 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك يدعو لأندلس، إن حوصرت حلب 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «أحمد مراد»: أن تكتب عن نجاحك 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مقتلة يهود بني قريظة: ما وراء القراءة الدينية للواقعة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الرئيس السيسي في الخرطوم: ما الجديد؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مستقبل الحكومة الإسرائيلية بعد مرور أيامها المئة الأولى 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.