شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 60 مضى حوالي أربعة أعوام على انتفاضات الربيع العربي والتي بدأت من تونس في 2010 مرورًا بمصر وليبيا في 2011 وسوريا بعد ذلك، إلا أنه هناك في باقي الدول العربية، التي لم تقم بها هذه الانتفاضات، بعض الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وخاصة تلك المطالبة بإحداث نوع من أنواع التغيير الملموس في الحياة العامة بكل أشكالها وممارستها. ومما لا شك فيه أن وقود تلك الانتفاضات والمطالبات بالتغيير، وحتى الآن، هم “الشباب” يمكن القول أن هناك ما يزيد عن 1,5 مليار شخص في العالم تتراوح أعمارهم بين 10 و25 سنة، وهو عدد كبير وغير مسبوق لجيل من المراهقين المشرفين على أعتاب سن الرشد[1] الذين يمثلون حوالي أكثر من 50% من سكان بعض بلدان الوطن العربي. وبالنسبة لمصر وهي بؤرة التحليل، فالشباب يمثلون حوالي 52,3%[2] من إجمالي تعداد السكان، وتتراوح الفئة العمرية 10-24 سنة [3] يقوم هذا التقرير بإلقاء الضوء على أبرز التحديات، التوجهات، وردود الأفعال الخاصة بجيل الشباب تجاه القرارات السياسية (وخاصة الأخيرة منها داخليا وخارجيا)، سواءً من الذين قاموا بالانتفاضات وكانوا جزءًا منها في بدايتها، أو من كانوا جزءًا من حركة التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تتعرض له المنطقة وفي قلبها مصر، وذلك في إطار العديد من المؤتمرات والندوات بل والبيانات الرسمية التي تتحدث عن تمكين الشباب – أي إعطاء فرصة أكبر للشباب في صناعة القرار السياسي – الأمر الذي يجعلنا نتساءل هل هناك تمكين بالفعل أم هي مجرد شعارات سياسية؟ وفي حالة وجود هذا التمكين، هل هو يمثل طموحات الشباب الذين يرون أن من حقهم أن يكون لهم دور في اتخاذ القرارات السياسية، ويظنون أنهم مختلفين عمن سبقوهم من الأجيال السابقة من حيث الاستسلام والخضوع؟ يحاول التقرير كشف الاجابات عن تلك الأسئلة من خلال دراسة حالة مصر. التحديات التي تواجه الشباب هناك العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الشباب بداية من 2011 وحتى الآن. أما التحديات السياسية فتتمثل في تأخر العملية الانتقالية في بداية الأمر وقصور في الرؤية السياسية التي أطالت من الفترة الانتقالية والتي كان يحكم فيها المجلس العسكري المصري حتى عام 2012، ثم إجراء انتخابات رئاسية فاز بها مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي، الأمر الذي لم يدم سوى عام واحد حتى جاءت أحداث 3 يوليو 2013 إثر انتفاضة أخرى في 30 يونيو 2013، ثم جاءت فترة انتقالية أخرى حتى انتخابات 2014 الرئاسية والتي فاز بها الفريق عبد الفتاح السيسي. تلك التغيرات والاضطرابات التي حدثت في مصر نتج عنها عدم وجود برلمان منتخب يمثل إرادة الشعب والشباب حتى الآن. رسميًا تم تعيين هيئة استشارية للرئيس السيسي وأغلبهم ممن هم فوق الـ 60 عامًا مثل فايزة أبو النجا، محمد حسنين هيكل، وعمرو موسى. محمد حسنين هيكل الشباب في مصر لا يقفون موقفًا موحدًا من تلك التحديات السياسية، فمن الشباب من يرى أن مصر تسير في الطريق المستقيم والأمر قد يحتاج قليلا من الصبر حتى يتم الحصول على نتيجة ملموسة. وهناك أيضا من يرى على الجانب الآخر أننا نسير في طريق مظلم يكتنفه الغموض، خاصة في إطار حالة من عدم تنفيذ الوعود التي تم القطع بها منذ 2011 وحتى الآن، على لسان الحكومات المتعاقبة سواء في الفترات الانتقالية أم في فترات وجود رئيس يحكم في سدة الحكم في عامي 2012 و2014. غير أن هناك حالة من عدم الرضا عن الأداء السياسي والاقتصادي للحكومة، حيث ارتفعت معدلات البطالة بين الشباب وزادت بنسبة 12,4% [4]، وزادت معدلات الفقر ووصلت إلى 25,2% عام 2012 حسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية[5] هذا من الناحية الاقتصادية، فضلا عن غلاء الأسعار وثبات معدلات الأجور. أما من الناحية الاجتماعية، فمرة أخرى أدى قصور الرؤية الإستراتيجية في التعامل مع الواقع السياسي إلى انقسام الشعب المصري – الشباب جزء منه – إلى أطراف يسود بينها حالة من التنافر والتناحر وليس فقط حالة من الاختلاف المتسامحة والتي سادت عقب 2011 ولكنها لم تدم طويلا بسبب انعدام الرؤية لدى كثير من الشباب وأيضا من قبل من الأجيال الأكبر سنا التي أرادت ولا تزال تريد أن تستأثر بعملية صناعة واتخاذ القرار بمنأى عن الشباب بتوجهاتهم وطموحاتهم. ذلك وأن هذا الجيل من الشباب ضليع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تلك التي ساعدته في عملية الحشد والتعبئة ليناير 2011 واستخدامها لنشر الأخبار مما أدى إلى عدم إمكانية إخفاء المعلومات والأخبار التي من شأنها أن تؤثر على توجهات العامة، ووسائل التواصل الاجتماعي جعلت من تلك الأخبار والمعلومات متاحة للجميع وفي أي وقت مثل الفيسبوك والتويتر كما ذكرت السيدة كاريل مير في مقال تم نشره 25 أكتوبر 2011 بعنوان جيل تويتر حيث ذكرت عدة إحصائيات هامة منها أن عدد المنضمين للفيسبوك من مصر وصل نسبتهم إلى 30 % في مطلع عام 2011، ونحو 70 % من مستخدمي فيسبوك في العالم العربي شباب بين 15 – 29 عاما. انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين الشباب وفي الحديث عن وعي هؤلاء الشباب ذكرت في عينة فصل ديبورا ويلر بالجامعة الأمريكية بالكويت حيث تقول ويلر “أعتقد أن الشباب الذين يتواصلون مع تلك التقنيات لديهم وعي عميق بما يحدث من حولهم ولديهم وعي بما يحدث في مجتمعاتهم ولديهم وعي بالسياسة الخارجية الأميركية ولديهم آراء بشأن ما يحدث”[6]. التوجهات الشباب المصري يعاني حالة من التخبط الفكري وخاصة بعد انتفاضات الربيع العربي، والتي كانت لها تبعات سياسية من الناحية الفكرية والايديولوجية، فمن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار السياسي نرى حالة اختلاف “اختلال” في بعض الأحيان في الدوافع الفكرية للشباب نتيجة تسارع الأحداث، وخاصة بعد تجربة صعود الإسلام السياسي في مصر المتمثل في الإخوان المسلمين، وموقف السلفيين من السلطة في مصر بعد 30 يونيو، ذلك إلى جانب مواقف العديد من الشخصيات العامة والمؤثرة وخاصة الدينية والمتمثلة في بعض رجال الأزهر وموقفهم السياسي من السلطة أيضًا. كل ذلك نتج عنه ظواهر منها: عزوف طائفة من الشباب عن العمل السياسي بأكمله، قناعة منهم أن ما يحدث في مصر الآن والوطن العربي فتنة لا بد من تجنبها، وهناك طائفة أخرى توجهت إلى محاولات أخرى من التغيير وخاصة من الناحية الاقتصادية، وهم عدد قليل، نظرًا لما يتمتعون به من حالة مالية جيدة لإنشاء ريادات أعمال في مجالات مختلفة مثل شركة كرم سولار ورئيسها أ/ أحمد زهران أحد الشباب الذين شاركوا في 25 يناير وفي 30 يونيو. وعلى الصعيد الآخر، توجه العديد من الشباب إلى النهل من عالم المعرفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتمثل ذلك في إقبال عدد كبير من الشباب على الدراسة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لدراسة علم الاجتماع وعلم السياسية، ذلك إلى جانب الإقبال الملحوظ على تعلم العلم الشرعي الأزهري وغير الأزهري وذلك في محاولة لفهم أعمق للواقع وقناعة منهم أننا في مرحلة لا بد فيها من إعادة ترتيب الأوراق قبل القيام بأي عمل حركي جديد، وأن من أهم مراحل ترتيب الأوراق الفهم العميق للظواهر المجتمعية، ولعل من أبرز أمثلة الإقبال على عالم المعرفة ونشر الوعي والمعرفة؛ تجربة “الألش خانة” على اليوتيوب، التي تقوم بتحليل العديد من الأحداث والأمور السياسية الجارية من خلال الاستناد إلى العديد من العلوم والمعارف الاجتماعية والسياسية والإنسانية التي تساعده في تفسير هذه الظواهر مثل استناده في بعض الموضوعات الأخيرة على كتاب سيكولوجية الجماهير للكاتب جوستاف لوبون. وهناك أيضًا عدد من الشباب، وخاصة ممن تتراوح أعمارهم من 18 – 25 عاما، توجه نحو التشكيك في العديد من الثوابت الدينية والحياتية حتى وصل بعض منهم إلى الإلحاد، إلى جانب حالة الانفلات الأخلاقي بين كثير من الشباب. إلى هذا الحد نرى تقلب وتغير والمساحة الكبيرة في اختلاف توجهات الكثير من الشباب نتيجة حالة التغيير التي لم تستقر بعد في مصر والعالم العربي. ردود الأفعال تجاه القرارات والتصريحات الشخانة من فئات الشباب التي تم ذكرها أولئك الذين عزفوا عن العمل بالمجال السياسي بل وحتى الانشغال به، حيث كشف استطلاع أجرته مؤسسة “أصداء بيرسون – مارستيلر” أن الشباب في حوالي 16 دولة عربية منهم مصر؛ تراجعت نسبة التوقع بتغير الحال للأفضل بينهم إلى 41% عام 2015 بعد ما كانت 74% عام 2013 [7]، جاء ذلك نتيجة ورد فعل لما يؤخذ من القرارات السياسية والتي منها ما يمس حياة المواطن بشكل مباشر وآخر بشكل غير مباشر وأنه لم يعد هناك أمل في التغيير، فمثلا القرار الجمهوري الأخير بتعيين الزند وزيرًا للعدل الذي أثار ضجة واسعة في الأوساط السياسية وأوساط الشباب، محاولين تفسير لماذا تم أخذ مثل ذلك القرار، علمًا بتاريخ الزند القضائي المليء بعلامات الاستفهام المتعلقة بتطبيق العدل وتنفيذ القانون وسيطرة التوجهات السياسية على آرائه وقراراته القضائية التي من المفترض أن تكون خالية من الأهواء والتوجهات السياسية. تعيين الزند وزيرا للعدل أيضا أثار تصريح وزير العدل السابق في مسألة تعيين “ابن الزبال” على حد قوله استفزاز العديد من قطاعات الشعب البسيطة وخاصة عمال النظافة، ومما كان دلالة على عدم تغير النظرة الاجتماعية الطبقية تجاه الشعب المصري عموما. أثارت مسألة طرح فرص عمل للشباب عن طريق توفير عربات لبيع الخضار استياء بل وإحباط العديد من الشباب وخاصة الجامعي منهم. أيضا قرار المشاركة في عاصفة الحزم الأمر الذي جعل العديد من الشباب يستدعون حرب اليمن عام 1963 والتي نتج عنها هزيمة الجيش المصري عام 1967 بسبب سوء التخطيط والقرار السياسي غير المحسوب النتائج، إلى جانب الاختلافات الجذرية التي نتجت عن أحداث 3 يوليو والتي كان لها العديد من الدلالات السياسية وأهمها ترسيخ مفهوم موت الحياة السياسية بمصر لفترة غير وجيزة، وما نتج عنها أحداث عنف داخل الجامعات، وصعوبة احتواء الأزمة سياسيا الأمر الذي أدى إلى زيادة العنف. استمرار المظاهرات وخاصة داخل الجامعات عُدَّت إحدى المؤشرات ذات الدلالة الهامة على عدم الرضا بالوضع القائم بما فيه من قرارات سياسية واجتماعية واقتصادية تمس حياة الشباب وطموحاتهم، ومما زاد الأمر حدة؛ تعامل الدولة مع تلك المظاهرات بالمنطق الأمني ونبذ الحل السياسي الذي كان ولا زال يمكن أن يجنب البلاد العديد من الاضطرابات. فالشباب يواجه مشكلة عامة في الاستجابة لمطالبه وطموحاته السياسية والاجتماعية، الأمر الذي دفع كثيرًا من الشباب لفقدان الأمل في الوضع القائم، وثبات البعض الأخر أنه لا زالت هناك ضرورة ملحة للتغيير والإصلاح وأن أحداث يناير 2011 لم تؤت ثمارها حتى الآن. خاتمة نحن أمام خريطة معقدة ومتشابكة وبالغة الخطورة في التعامل معها وتتطلب من الحكمة ما ينبغي لكيفية إدارة هذا الاختلاف في التوجهات والطاقات الشبابية الموجودة داخل المجتمع المصري، فالأمر ليس سهلًا أمام صانع القرار الحالي. من يستطيع حل هذه الخريطة المعقدة والتعامل معها؟ سؤال تصعب الإجابة عنه حتى الآن، وهل نحن بحاجة للإجابة عنه أم ننتظر ونرى كيف سوف تسير الأمور في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية في المنطقة بشكل عام، وفي مصر بشكل خاص. الهوامش [1] موقع صندوق الأمم المتحدة للسكانhttp://egypt.unfpa.org/Arabic/Staticpage/6/89178fd5-0e9c-4f25-9c81- 20534105175c/Youth.aspx [2] موقع مركز الجزيرة للدراسات http://studies.aljazeera.net/reports/2013/01/2013110123854924185.htm [3] مرجع سبق ذكره، موقع صندوق الأمم المتحدة للسكان http://egypt.unfpa.org/Arabic/Staticpage/6/89178fd5-0e9c-4f25-9c81- 20534105175c/Youth.aspx [4] فراس عبد الحسين، المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية، الحوار المتمدن، العدد 4028، مارس 2013. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=349374 [5] تقرير التنمية البشرية 2014، المضي في التقدم: بناء المنعة لدرء الخطر، 2014، ص 179 [6] كاريل ميرفي، جيل تويتر، موقع المجلة، http://arb.majalla.com/2011/10/article55228513/%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%BA%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%87، 25 أكتوبر 2011. [7] موقع صحيفة العرب، http://www.alarab.co.uk/?id=51120 قد يعجبك أيضاً جلال أمين: في وداع القلم الأحمر البرلمان المغربي 2016 (إنفوجرافيك) هل يمكن اختزال الأخلاق في عمليات عصبية بالمخ؟ أقوال بلا أفعال: حقيقة انهيار الدولار أمام الجنيه المصري شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram علي عادل Follow Author المقالة السابقة القاهرة المملوكية (3): قلعة الجبل المقالة التالية نظرية النخبة والديموقراطية المظلومة قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك تأميم قناة السويس: أخطاء قاتلة تجاهلها «ناصر 56» 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 4 أسئلة تشرح لك الوضع المأزوم في ليبيا 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تشاثام هاوس: الأسد أكثر سعادة في لعبة الانتظار 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لماذا تبرَّأ توفيق الحكيم من «عودة الروح» لعبد الناصر؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الإنسان والحضارة: دليل المسيري لفهم وتحليل الظواهر 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك بدايات الفتنة الكبرى: كيف بدأ ضياع الأندلس؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف دفعت المواجهة السعودية الروسية أسعار النفط إلى الانهيار؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك سيرة مولانا جلال الدين الرومي: ادعُ إلى ربك بالحب والشعر 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك علي سعاوي: الديمقراطية حكم الشعب والمساواة 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك القرآن هو الهداية العظمى 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.