محتوى مترجم
المصدر

The Conversation
التاريخ
2018/03/27
الكاتب
شيرين دافت

في الـ 21 من مارس/آذار الماضي 2018، تم تحرير أكثر من 100 فتاة اختطفن في فبراير/شباط 2018 من قبل جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة من مدرسة نيجيرية ببلدة دابتشي، وتمت إعادتهن لأسرهن. لكن المجتمع ظل مهددًا، في حال عادت الجماعات المتشددة ووجدت أية فتيات في المدارس، فقد يتم اختطافهن مجددًا، دون أن تتم إعادتهن هذه المرة.

في غضون ذلك، وفي سوريا، أفادت تقديرات بأن أكثر من 4072 مدرسة قد أجُبِرت على إغلاق أبوابها، وتم استخدامها كملاجئ، أو تعرضت للدمار، نتيجة للصراع الدائر هناك. كما أن هناك أكثر من 1292 هجمة وقعت على مدارس في محافظات حماة ودرعا وحِمص وإدلب.

وفي الوقت الذي كان فيه تحالف من المنظمات غير الحكومية يقدم ما خلص إليه من نتائج في مشروعهم «أنقذوا المدارس السورية» في جلسة استماع عامة بالعاصمة السويسرية جنيف في الأسبوع الثاني من شهر مارس/آذار 2018، تعرضت مدرسة أخرى للقصف في سوريا، ما أسفر عن مقتل أكثر من 15 طفلاً.

وتعكس تلك الأمثلة اتجاهات أوسع لاستهداف التعليم في شتى أنحاء المناطق التي تضررت جراء الصراعات في العالم. ويُقدّر بأن 1 من بين كل 4 أطفال في سن المدرسة بالدول المتضررة من الصراعات، لا يذهب إلى المدرسة. ويكون المجموع الكلي قرابة 27 مليون طفل لا يذهبون إلى المدارس، كما تكون الفتيات أكثر عرضة مرتين ونصف للحرمان من التعليم.


لماذا يتم استغلال المدارس كساحات قتال؟

ثمة العديد من الأسباب وراء استهداف المدارس والطلاب، على الرغم من حمايتهم من قبل القانون الدولي خلال أوقات النزاعات المسلحة والاضطرابات. كما أن الأطفال المتجمعين داخل المدارس أو من يتم منعهم من الانتقال من وإلى المدارس، يكونون أهدافًا أساسية للاختطاف من قبل الجماعات المسلحة.

وفي حين يتم تجنيد الأطفال أو استخدامهم كدروع بشرية أو قنابل بشرية، تكون المدارس أهدافًا سهلة، ويكون استهداف الأطفال فعالاً للغاية في حملات الإرهاب، وله تأثير مُزعزِع للاستقرار على المجتمعات.

وتكون المدارس والجامعات أيضًا مواقع مثالية للمقرات والمرافق العسكرية، ويمكن أن تصبح محورية في الجهود الحربية، هذا يجعلها أهدافًا عسكرية رئيسية للجانبين المتحاربين.

ويمكن أن يُنظر إلى المدارس من قبل الجماعات المسلحة على أنها تمثل سلطة الدولة، وبالتالي تغدو أهدافًا رئيسية في الحملات العسكرية ضد الحكومة.

ويكون ذلك صحيحًا بشكل خاص عندما لا تتفق المجموعات المسلحة على شكل التعليم المُقدَم، وتتضح تلك الحقيقة على نحو أفضل عند النظر إلى جماعة بوكو حرام، التي التزمت في عام 2015 بقضية تنظيم «الدولة الإسلامية» وأعادت تسمية نفسها باسم «الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا» بعد مبايعتها لتنظيم داعش. وعلى الرغم من ذلك التغير، فإن الجماعة لا تزال تُعرف باسم «بوكو حرام» والتي تعني بلهجة الهاوسا «التعليم الغربي حرام».

إن استهداف المدارس واختطاف الأطفال سياسة جوهرية للجماعة، التي تتعارض معتقداتها المتطرفة مع مثل ذلك التعليم وتراه خاطئًا، كما تعترض على وجه الخصوص على تعليم الفتيات.

وقد أثار اختطاف جماعة بوكو حرام في العام 2014 لـ 276 فتاة من مدرسة في بلدة تشيبوك حملة كبرى على وسائل التواصل الاجتماعي، ودشن ناشطون وسم (أعيدوا فتياتنا) #BringBackOurGirls. ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن أكثر من 910 مدارس قد تعرضت للدمار من قبل جماعة بوكو حرام في نيجيريا، كما تم قتل 600 معلِم، وأجُبِر الآلاف على الفرار.


ماذا يمكن لبقية دول العالم أن تفعل؟

لجميع الأطفال الحق في التعليم ويمكن تأمين ذلك فقط عندما تصبح المدارس آمنة للدراسة. وبينما يشاهد العالم ويشجع الأطفال الأمريكيين على الاحتشاد لجعل مدارسهم أكثر أمنًا، يجدر بنا أن نتذكر أنه في الوقت الحالي يوجد 75 مليون طفل بشتى أنحاء العالم يعانون اضطرابًا كبيرًا في تعليمهم بمناطق الصراعات وانعدام الأمن.

وعلى الرغم من إعلان الأمم المتحدة أن الهجمات على المدارس هي واحدة من أصل 6 انتهاكات خطيرة تؤثر بشكل كبير على الأطفال خلال النزاعات المسلحة، فلا يزال هناك الكثير ينبغي القيام به لحماية التعليم أثناء تلك النزاعات – خاصة بالنسبة للفتيات.

ويعود ذلك –بشكل كبير- إلى أنه لا يُنظر إلى التعليم كأولوية في حالات الأزمات. إن فقدان التعليم لا يشكل تهديدًا على الفور للحياة، ما يجعله يحظى بأهمية أقل مقابل اهتمامات أخرى. ويُشكل هذا جزءًا مما يمكن الإشارة إليه في بعض الأوقات بـ «الفجوة بين الإغاثة الإنسانية والتنمية»، وهو الفصل بين الأولويات خلال الأزمات طويلة الأمد. وغالبًا ما يكون التعليم من أوائل الخدمات التي تتعرض للفقدان أثناء الأزمات، على الرغم من أهميته للمجتمعات.

ويستقطب التعليم أقل من نسبة 2% من المساعدات الإنسانية العالمية، وتستثمر العديد من البلدان المتأثرة بالصراعات بشكل أكثر في إنفاقها العسكري أكثر مما تنفق على التعليم.

وفي الوقت الذي توجد فيه العديد من المبادرات والأموال، فلا تزال هناك حاجة لتنسيق أكبر بين الهيئات الحكومية والمنظمات غير الحكومية لتنفيذ استجابة فعالة. ومع دول تقوم بخفض ميزانيات المساعدات التي تقدمها، يصبح ذلك صعبًا بشكل متزايد.

وربما لا يكون هناك أيضًا إرادة سياسية لمواجهة هذه المشكلة من جانب البلدان غير المتأثرة بشكل مباشر. وينعكس ذلك في أستراليا، والتي فشلت الحكومة الحالية بها في إقرار إعلان المدارس الآمنة، وهو التزام دولي يدعم مبادئ توجيهية واضحة وآليات إبلاغ لحماية المدارس والتعليم أثناء النزاعات المسلحة.

وتشمل تلك الآليات والمبادئ التزامًا بعدم استغلال المدارس أو الجامعات لأغراض عسكرية، والقيام بإجراءات لمراقبة والإبلاغ عن الهجمات على المدارس.

إن التعليم حق وليس رفاهية يتم التمتع بها في أفضل الأوقات. وللخروج من الصراع وإنشاء مجتمعات مستقرة بحق، فلابد من النظر إلى التعليم على أنه استثمار ضروري في المستقبل، كما يجب أن يتشارك المجتمع الدولي في المسئولية الجماعية لحمايته.