تشافي هيرنانديز، في أغلب الظن أنه تبادر إلى ذهنك الآن العديد من الذكريات. ثمانية ألقاب لليجا الإسبانية، أربعة ألقاب لدوري أبطال أوروبا، كأس العالم، 767 ظهورًا رسميًّا مع فريق برشلونة، وكذلك 133 ظهورًا رسميًّا مع منتخب إسبانيا. تبادر إلى ذهنك ليالي كان أبطالها ثلاثي مخيف نجح في فرض هيمنته على خريطة الكرة العالمية، ثلاثية « تشافي – ميسي – إنييستا » تحت قيادة بيب.

ولأن لفظ «خليفة » هو أحد الألفاظ التي لا غنى عنها عند جماهير كرة القدم عامة والعربية منها خاصة، ولأن الجماهير دائمًا ما تبحث عن خليفة اللاعب هذا أو ذاك بالرغم من تأكيد اللاعبين الكبار أن لكل لاعب سمات وجينات خاصة به لا يحملها أي لاعب آخر، فإن الجمهور لا يصدق غالبًا تلك الرواية، ودائمًا ما يبحث عن خليفة اللاعب الذي عشقه وأحبّه حتى لا تنتهي تلك الحكاية الجميلة بينه وبين نجمه المُفضّل بمجرد اعتزاله.

لهذا ظهر تشافي جديد تتصارع عليه أكبر الأندية على الساحة الأوروبية -مثل تشيلسي وأرسنال وبايرن ميونيخ ومؤخرًا باريس سان جيرمان- غير هذا الذي يقضي آخر أيامه مع الساحرة المستديرة في قطر، تشافي جديد لم يكن اسمه هذا أبدًا نوعًا من أنواع المصادفة ولا النادي الذي يلعب فيه هو الآخر من قبيل المصادفة، تشافي جديد اسمه الكامل تشافي سيمونز، ويلعب في فريق برشلونة!


هولندا تحبك يا تشافي

منذ ثلاثة عشر عامًا رُزق ريجيليو -لاعب كرة القدم المحترف الذي قضى جلّ مشواره الكروي في هولندا- وزوجته بيججي بمولودهم الأول، وبالرغم من كونهم من سكان هولندا وأن تشافي هيرنانديز لم يكن قد تجاوز الـ 23 عامًا في ذلك الوقت، فإن حب الأبوين له قد تجاوز المدى، فقرروا تسمية مولودهم الأول «تشافي» تيمنًا بنجم برشلونة.

بلغ تشافي سيمونز ربيعه الثالث عشر عام 2017، وأصبح قائدًا لفريق لاماسيا تحت الـ 14 عامًا، بعد أن نجح إداريو نادي برشلونة في ضمه عندما كان في السابعة من عمره بعدما لاحظوا طاقته ومردوده المادي والفني الذي قد يقدمه لفريق الإقليم الكتالوني مستقبلًا وهو ما تحقق بالفعل.

وبالرغم من ارتباط سيمونز بتشافي هيرنانديز، فإن أسلوب اللعب لكل منهما مختلف تمامًا عن الآخر، فسيمونز يتميز بعنفه في وسط الملعب في حالة الدفاع والهجوم، عنف يتحكم فيه عقلية شديدة الذكاء قلما تجدها في طفل لم يتجاوز الثلاثة عشر ربيعًا من عمره، وكأنه وُلد ليكون قائدًا، وفقًا لتصريحات مدربيه في لاماسيا.


سأكون مثله


إذا سألت أيًا من أطفال أوروبا هذه الأيام عن أي لاعب يحب أن يكون مثله عندما يكبر، فلن تخرج إجابته عن أسطورتي هذا الزمان ليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو، لكن سيمونز كانت إجابته مختلفة تمامًا مثل شخصيته في الملعب التي تتميز عن بقية رفاقه في الفريق، وفي المنتخب الهولندي الذي اُستدعي ليمثله منذ عامين تقريبًا.

لقد كنت أجلس مع المعالج الخاص بالفريق عندما رأيت تشافي لأول مرة، سلمت عليه وأخبرته أن اسمي تشافي مثله فضحك، أعلم أن ذلك ليس بالشيء السهل، ولكني أحلم أن أكون أسطورة مثله في يوم من الأيام





تشافي سيمونز في لقائه مع صحيفة ذا صن البريطانية.


الأنظار تتجه إلى إقليم كتالونيا

ولأن الموهبة الفذة عادة ما تجذب أنظار عمالقة أوروبا دون غيرهم كان لزامًا على إدارة برشلونة توقع اهتمام كبار القارة العجوز بالموهبة الهولندية الصغيرة.

وبالفعل في صيف عام 2016 تواصل نادي تشيلسي اللندني مع أسرة سيمونز للاستثمار في الطفل الموهوب من خلال إغراءات كبيرة قدموها للوالدين، مثل نقل إقامتهم في لندن وإبداء مرونة كبيرة للغاية في طلباتهم المادية، إلا أن إدارة برشلونة نجحت في التواصل مع ريجيليو وزوجته بيججي وإقناعهم ببقاء سيمونز في صفوف لاماسيا، وأن المستقبل الذي ينتظره في إسبانيا أفضل كثيرًا من ذلك الذي قد يواجهه الطفل الصغير في إنجلترا.

اقتنع الوالدان وبقى سيمونز ضمن صفوف صغار البلوجرانا، لكن إدارة تشيلسي عادت مرة أخرى للمفاوضات في يناير/كانون الثاني عام 2017، لكنهم لم ينجحوا في تغيير مسار الموهبة الهولندية الجديدة.


تشافي الجديد أم الأصلي؟


منذ قدومه إلى أكاديمية برشلونة في موسم 2010- 2011 بدأت بصمات الهولندي الصغير في الظهور، حيث قاد فريقه في أول موسم له في الإقليم الكتالوني إلى الفوز بلقب الدوري الإسباني تحت الـ 13 عامًا بعد التغلب على فريق أتلتيكو مدريد بهدف دون مقابل صنعه سيمونز بعد مراوغة أكثر من لاعب وتقديم الكرة على طبق من ذهب إلى أحد رفاقه ليضعها بالمرمى.

بدأ بعدها تشافي الصغير في التدرج بفرق الناشئين في برشلونة حتى وصل إلى موسم 2016- 2017 الخاص جدًا بالنسبة لسيمونز، حيث قاد فريقه للفوز في 25 مباراة من أصل 25 مباراة لعبها فريق الـ 14 عامًا، أي أنه نجح في مساعدة فريقه للظفر بالعلامة الكاملة وتسجيل 164 هدفًا بالرغم من كونه لاعب منتصف ملعب وليس مهاجمًا صريحًا، نعم الرقم صحيح 164 هدفًا!

أرقام جعلت من الموهبة الهولندية علمًا مشهورًا يُشار له بالبنان في إسبانيا، و تتصارع عليه أندية أوروبا؛ لتميزه عن أقرانه، فبالرغم من أن الهدف الرئيسي من الألعاب الجماعية للصغار هي زرع روح التعاون والعمل الجماعي بينهم، فإن موهبة سيمونز ضربت بكل تلك القواعد المعتادة عرض الحائط وجعلت الكثيرين يلقبونه بالأفضل في جيله حتى الآن ومنحه جائزة أفضل لاعب في نهاية الموسم في إسبانيا.

الآن يمكننا القول إن لدينا تشافي جديدًا من الوارد أن يحقق أكثر بكثير مما حققه تشافي الأصلي. صحيح أن تلك التكهنات قد ضعفت بشكل أو بآخر بعد إعلان اللاعب الصغير

عبر حسابه على تويتر

رحيله عن النادي الكتالوني بالتزامن مع تأكيد تقارير صحفية أخرى بأن وجهته القادمة ستكون باريس سان جيرمان، لكن دعنا ننتظر ما ستكشف عنه الشهور القليلة القادمة.