شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 181 تشهد صناعة السيارات في الوقت الحالي تحولًا تقنيًا مهولًا، يصبح فيه دور سائق السيارة في التحكم بسيارته أصغر فأصغر مع الوقت إلى أن يتلاشى تمامًا خلال السنوات القادمة، لتكون السيارات المستقبلية ذاتية التحكم بنفسها تمامًا. وفي الأسبوع الثاني فقط من شهر فبراير/شباط الماضي وصل حجم الاستثمار في صناعة السيارات ذاتية القيادة بمختلف أنواعها حوالي 582 مليون دولار أمريكي، ليرتفع في الأسبوع الثالث لأكثر من مليار دولار أمريكي. وبلغ حجم الاستثمارات خلال الثلاث سنوات الماضية ما يقرب من 80 مليار دولار في صور استثمار مباشر بشركات ناشئة أو خلق شراكات أو من خلال الاستحواذ على بعض المشاريع المتعلقة بهذه الصناعة. ويتوقع وصول عدد السيارات ذاتية القيادة بأنواعها المختلفة إلى 8 مليون مركبة في أنحاء العالم بحلول عام 2025، ولطالما طمح مديرو الشركات الرائدة في المجال أن يتم إنتاج السيارات المؤتمتة بالكامل خلال السنوات الحالية لينتقل العالم لمرحلة جديدة تمامًا من النقل. لسوء الحظ، وبالرغم من الاستثمارات الضخمة خلال السنوات السابقة إلا أن حلم الوصول لسيارة يمكنها أن تذهب إلى أي مكان، أو تمضي في طريقها بأي وقت دون أي تدخل بشري لا يزال صعب المنال حاليًا، على عكس ما يدعيه إيلون ماسك المدير التنفيذي لشركة تسلا بأن السيارات المؤتمتة بالكامل ستكون متوفرة من خلال شركته بحلول نهاية عام 2020. في السنوات السابقة، شهد العالم بعض الحوادث المميتة للسيارات ذاتية القيادة. ففي عام 2016 شهدت ولاية فلوريدا اصطدام سيارة تسلا بشاحنة كانت تتجه نحو اليسار، فلم تتوقف السيارة قبل أن تصطدم بحاجز الطريق وكذلك برج كهربائي بعد أن تجاوزت الشاحنة. وفي عام 2018، شهدت كاليفورنيا حادثة مروعة أسفرت عن مقتل سائق سيارة تسلا. وأظهرت النتائج أن السيارة كانت تعمل على النظام الآلي مما أثار العديد من التساؤلات عن مدى أمان وفاعلية تقنيات شركة إيلون ماسك. اقرأ أيضًا: 6 حوادث لسيارات ذاتية القيادة، والسبب ليس التقنية دائمًا كما يعلم الجميع، تتطلب القيادة قدرًا كبيرًا من التركيز ومعالجة العوامل المحيطة فوريًا مع سرعة اتخاذ القرارات. كذلك هناك العديد من العوامل الخارجية المتغيرة التي لا يمكن التنبؤ بها ويجب على المرء التعامل معها. ويعتبر قائد المركبة أهم عامل مؤثر في القيادة، حيث لا يقتصر الأمر فقط على تعليمات المرور واتباع قواعد الطريق؛ لكن الأمر يتطلب أحيانًا التواصل بين سائقي السيارات للوصول لحل بعض المواقف الغامضة أو المعقدة التي لطالما تعرض لها السائقون. هنا يجب على السيارة التعامل مع كل هذه الأمور بطريقة صحيحة وآمنة، بالفعل هناك تطور ملحوظ في الحساسات الإلكترونية المستخدمة وبرامج رسم الخرائط التفصيلية التي تخدم تجميع وتحليل البيانات واختيار الاستجابات المناسبة وتنفيذها بسرعة تتجاوز سرعة الاستجابات البشرية. لكن هناك مصاعب عديدة تواجه بعض تقنيات السيارات، مثل الكاميرات التي تواجه صعوبات مع أشعة شمس قوية ذات زاوية منخفضة تؤثر على رؤية وقراءة إشارات المرور، وأشعة الليزر التي تتأثر بالضباب وتساقط الثلوج، كما يصعب لها التعامل مع المواقف الغريبة الطارئة وغير المألوفة. كما أنها غير جيدة في فهم الإشارات البشرية مثل الإيماءات والتواصل بالعين وغيرها، مما يوضح أن هناك تحديات هامة تواجه السيارات ذاتية القيادة خاصة المؤتمتة بالكامل. تحديات فارقة الأمان يعتبر عامل الأمان واحدًا من أهم العوامل التي يتم التساؤل عنها عند الحديث عن السيارات ذاتية القيادة، ومدى كفاءة هذه السيارات في توفير الأمان لراكبيها مقارنة بسيارة يقودها سائق بشري. في الولايات المتحدة الأمريكية، يصل عدد الوفيات الناتج عن حوادث السيارات 37 ألفًا و461 شخصًا خلال عام 2016م. هنا يأتي السؤال الهام: هل ستحسن السيارات ذاتية القيادة هذه النسب وتقلل من عدد الوفيات أم قد يزداد الأمر سوءًا عن ذلك؟ في استطلاع للرأي بعامين مختلفين لأكثر من 22 ألف شخص من 17 دولة مختلفة، أظهرت النتائج أن الناس أصبحوا أكثر ثقة في توفير السيارات ذاتية القيادة لعامل الأمان بعام 2018 عن عام 2017. وانخفضت نسبة المصوتين على عدم الأمان بالولايات المتحدة الأمريكية من 74% إلى 47%، وفي المملكة المتحدة تنخفض من 73% إلى 49%. يعد ذلك رسالة جيدة جدًا لشركات صناعة السيارات، وتعطي مؤشرًا إيجابيًا عن مدى تقبل المستخدمين للسيارات ذاتية القيادة عند طرحها بالأسواق. وهناك ورقة بحثية نشرت في 2017 من جامعة بتسبرغ، توضح إمكانية استخدام خوارزمية تقدير السيارة لاحتمالات البقاء على قيد الحياة للأشخاص في كل إجراء، ثم ستحدد أي إجراء سيوافق عليه شخص بشري في حالة تعرضه هو لهذا الإجراء. إجراء Maximin سيكون الإجراء الذي حدده الأشخاص، وعليه سيتم إظهار كيف يمكن تشغيل هذا الإجراء لإخراج نتائج فريدة من نوعها لتحقيق أعلى احتمالات للبقاء على قيد الحياة. هذه الطريقة تقترح على مصنعي السيارات تحديد أسوأ النتائج المحتملة لأي قرار حتى لو كان ذلك نادرًا، والعمل على تقليل آثارها مما يحقق احتمالات أكبر للركاب والمشاة للبقاء على قيد الحياة. لا تعتبر ما تقدمه هذه الورقة هو أفضل حل ولا الحل الوحيد الموجود لمعضلة الأمان؛ لكنها أحد الحلول المطروحة لذلك. اقرأ أيضًا: سيارتك ذاتية القيادة قد تختار أن تُضحي بك، فهل ستقبل؟ كذلك يعتبر اختبار السيارات على الطرق العامة وتجربتها في أماكن وأزمنة مختلفة أمرًا بالغ الأهمية، حيث يساعد ذلك السيارات في التعرض للعديد من المواقف المتباينة وجمع أكبر قدر من البيانات وتطوير القرارات للأفضل بعد تحليلها. نجد هنا أن بالفعل 28 شركة دفعت بعدد 467 سيارة من سياراتها لتنطلق على الطرق العامة لتقطع أكثر من 2 مليون ميل، وقطعت سيارات شركة Waymo وحدها ما يزيد عن عن 1.27 مليون ميل على الطرق العامة. ماذا عن اتخاذ هذه السيارات للقرارات الصعبة؟ تخيل عندما تسير سيارة ذاتية القيادة على أحد الطرق العامة لتواجه مشكلة ما كتساقط مجموعة من البراميل من شاحنة أمامها، هنا يظهر ثلاثة قرارات للسيارة؛ إما أن تصطدم بهذه البراميل محطمة نفسها ومعرضة راكبيها للخطر، وإما أن تتجه ناحية اليسار لتتفادى هذه البراميل وتقوم بالاصطدام بسيارة مجاورة لها، أو تتجه ناحية اليمين لتصطدم براكبي دراجة نارية معرضة حياتهم للخطر. قام مجموعة من الباحثين بمعهد ماساتشوستس بعمل تجربة تسمى الآلة الأخلاقية وهي عبارة عن منصة عبر الإنترنت مصممة لاستكشاف المعضلات الأخلاقية التي قد تواجهها المركبات ذاتية القيادة. جمعت هذه المنصة خلال ثمانية عشر شهرًا أكثر من 40 مليون قرار شخصي من ملايين الأشخاص المتواجدين بحوالي 233 دولة ومنطقة. تم تقسيم البلدان إلى ثلاثة أقسام؛ القسم الأول الذي يحتوي على أمريكا الشمالية والعديد من دول أوروبا حيث كانت الديانة المسيحية هي المهيمنة في وقت من الزمان، القسم الثاني يشمل دولاً مثل اليابان وإندونيسيا وباكستان ذات التقاليد الكونفوشيوسية والإسلامية، والقسم الثالث يتكون من أمريكا الوسطى والجنوبية وكذلك فرنسا وبعض الدول التي كانت مستعمرة من فرنسا سابقًا. أظهرت دول القسم الأول تفضيلًا أكبر للتضحية بحياة كبار السن لإنقاذ الأشخاص الأصغر سنًا عن ما فعلته الدول الموجودة بالقسم الثاني والتي أبدت احترامًا أكبر لكبار السن، في حين كانت دول القسم الثالث التي بها فرنسا أكثر تقديرًا للنساء حيث لو تم وضعهم في حالة لاختيار أن يصطدم برجل أم فتاة فسيختار أن يصطدم برجل. أما عن الدول ذات المؤسسات الحكومية القوية مثل فنلندا واليابان، فقد اختار أفرادها الاصطدام بالأشخاص الذين يعبرون الطريق بطريقة غير قانونية، وذلك عكس الدول ذات المؤسسات الحكومية الضعيفة مثل نيجيريا وباكستان. كما اختار أفراد الدول التي تتمتع بتباين واضح في المستوى الاجتماعي والاقتصادي أن تصطدم السيارة بشخص متشرد على أن تصطدم بمدير تنفيذي لإحدى الشركات، وذلك على عكس الدول التي تتمتع بمساواة اقتصادية بين أفرادها. يتضح هنا أن القرار في النهاية يتباين بين الدول وبعضها وبين المستويات الاقتصادية والثقافية لشعوب هذه الدول، وهذا ما يصعب من الأمر كثيرًا على الآلة أثناء اتخاذ قرارًا محددًا تقوم به في أحد المواقف المشابهة، مما يدفعنا إلى الحاجة للتوصل إلى قرار اجتماعي عالمي يحدد أي القرارات الصعبة التي سيتم اختيارها لتعمل السيارات على أساسها. البنية التحتية لشبكات الطرق التطور الذي يشهده عالم السيارات يظهر تأثيره بشكل ملحوظ على البنية التحتية للمدن والمجتمعات. تتطلب هذه السيارات طرقًا بمواصفات محددة ومعايير لإنشاء هذه الطرق وتجديدها، فالطرقات والممرات واللافتات الموجودة على جانبي الطريق والأرصفة وإشارات المرور تحتاج أن تكون أكثر ذكاءً. هذا يعني أننا نحتاج للتفكير ليس فقط في التكنولوجيا المستخدمة في تطوير السيارات بل أيضًا في البيئة التي سيتم دمجها بها. تخيل استبدال إشارات المرور بأجهزة إرسال موجات راديو تبعث بإشارات ذات معانٍ محددة لكل السيارات التي بنطاق محدد، فكر في شبكات البيانات ذات السعة العالية مثل تقنية 5G التي تسهل من تبادل المعلومات والبيانات بين السيارات وبعضها البعض، وكذلك بين السيارات ووحدات الطرق الذكية التي توفر بيانات في الوقت الفعلي عن الطقس وحركة المرور وغيرها من البيانات الهامة. ما يزيد من تحديات الأمر هو اختلاف البنية التحتية للطرق واختلاف اللوائح وكذلك عادات القيادة بين الدول، فكيف سيتم توحيد معايير البنية التحتية على مستوى العالم؟ لا يتضح من هي الجهة أو الهيئة التي سيكون لها القدرة على توحيد وتنظيم وفرض معايير محددة للطرق، خاصة أن الأمر مختلف تمامًا عن الطائرات وخطوطها الجوية التي تحكمها هيئات تنظيمية عالمية ولديها حركة مرور أقل بكثير من السيارات على الأرض. كحل مؤقت لهذه المعضلة، نجد أن السيارات ذاتية القيادة تم تجريبها في مناطق محددة ذات كفاءة طرق عالية وكذلك طقس معتدل إلى حد ما ولم يتم تجربتها في مناطق أخرى. كما أن هناك احتمالية أن تكون لهذه السيارات طرق وممرات خاصة بها خاصة أن التحول من عالم السيارات الحالية لعالم السيارات المؤتمتة بالكامل سيأخذ عقودًا؛ مما سيتعين على هذه السيارات أن تشارك الطرق مع السائقين البشر لبعض الوقت بينما يتم تحسين التكنولوجيا وكذلك البنية التحتية شيئًا فشيئًا. القوانين المنظمة للسيارات يتطلب الأمر كنتيجة لهذا التطور في تكنولوجيا السيارات وكذلك البنية التحتية تغيير وإعداد شرائح كبيرة من القوانين المتعلقة بالسيارات والنقل والمرور. وتنقسم العقبات القانونية التي قد تبطئ من عملية طرح السيارات ذاتية القيادة إلى قسمين: حركة البيروقراطية والتي بدورها أبطأ من التغير التكنولوجي الحاصل، والاعتبارات السياسية. كمثال على البيروقراطية ، تدعم الولايات الفيدرالية بأمريكا تقنية السيارات ذاتية القيادة لكنها تعترف أنها لا تملك هيكلاً تنظيميًا أو سلطة قانونية واضحة لإنجاحها. وفي محاولة من الحزبين بداخل الكونغرس الأمريكي لحل مشكلة الترقيع من خلال منح الإدارة السلطة التي تحتاجها لوضع قوانين وطنية تستبق قوانين الولايات الحالية، إلا أنه لا يوجد ما يضمن متى أو ما الذي قد يصل الكونغرس له، خاصة مع تقويمهم التشريعي المزدحم بالقضايا الأكثر إلحاحًا. وإلى أن يتم اتخاذ إقرار اتحادي، ستظل مجموعة القوانين الناتجة عن كل ولاية بشكل عشوائي هي المسير الحالي، وعلى الرغم من مساعدة هذه القوانين الشركات لاختبار سياراتها على الطرق إلا أنها قد تعيق النشر التجاري الفعلي لها في السنين القادمة. أما عن الاعتبارات السياسية، يوجد بالولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب من 1.8 مليون سائق شاحنة ثقيلة، و1.3 مليون سائق شاحنة تسليم، وما يزيد عن 600 ألف سائق حافلة وما يقرب من 230 ألف سائق سيارة أو سيارة أجرة. هذا الكم الضخم من الأفراد معرضون لأن يفقدوا وظائفهم بسبب التكنولوجيا مما يخلق رد فعل سياسي معارض. اقرأ أيضًا: الإنسان: العقبة الجديدة التي سيزيحها التقدم بجانب ذلك، قال وزير الطرق السريعة بدولة الهند إن الهند لن تسمح بوجود السيارات ذاتية القيادة على طرقها لأننا لن نسمح بأي تقنية تلغي الوظائف. هذا يظهر رد فعل سياسي من مسؤول بدولة كبيرة مضاد لتكنولوجيا السيارات القادمة، وربما لن يكون هذا المسؤول هو الوحيد الموجود في دول العالم الذي سيعارض التكنولوجيا عند بدء استخدامها. ما رأيك إذن؟ هل ستشتري يومًا ما سيارة ذاتية القيادة وتنعم بالهدوء والأمان والنوم أثناء رحلاتك اليومية؟ قد يعجبك أيضاً شرق وغرب: قراءة في التجارب الآسيوية لمواجهة كورونا لماذا يتجمد «الماء الساخن» أسرع من تجمد «الماء البارد»؟ السر الكمومي للتوصيل الفائق للكهرباء أسعار صفقات شركات التقنية (إنفوجرافيك) شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محمود كشك Follow Author المقالة السابقة كيف نتحكم في المركبات الفضائية في أعماق الفضاء؟ المقالة التالية كل ما يجب أن تعرفه عن مرض القولون العصبي قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك الضوء والرؤية: مما يتكون عالم الألوان حولنا؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مرصد صنسبوت الشمسي فتح مرة أخرى، لماذا أغلق من البداية؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك العلم والنسوية: من القائد، حيوان منوي أم بويضة؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 5 أمراض يجب أن يتوقف مصابوها عن قيادة السيارة فورًا 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف نقي أجسامَنا من أمراض الشتاء؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دليلك للتغلب على صداع الكافيين في نهار رمضان 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 4 أعراض صحية تحتاج لاستشارة فورية من الطبيب 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لا يتمتع مرضى الصرع بالحماية في أفريقيا، فما العمل؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «الليثيوم» يمنح ثلاثة علماء نوبل في الكيمياء 2019 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف نرصد الكواكب في سماء الليل؟ 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.