تأتي هذه الحلقة ضمن تغطية إضاءات المستفيضة للوثائق المفرج عنها مؤخرًا لدى الخارجية الأمريكية، حول اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية، المعروفة تاريخيًّا باتفاقية كامب ديفيد.

للاطلاع على الملف المجمع للتغطية

اضغط هنا

.


الوثيقة الأولى

في السادس من سبتمبر/ أيلول

قال حسن التهامي

، نائب رئيس الوزراء، لهيرمان آيتس، سفير الولايات المتحدة في مصر، إن السادات سيخبر بيجن أن مصر يمكنها التفاوض حول الضفة الغربية وقطاع غزة حتى لو لم يرد الفلسطينيون والأردنيون. أجابه هيرمان أن مصر لا تملك حقًّا أو تفويضًا بالتفاوض عن غزة نيابةً عن سكانها. رد التهامي بأن مصر ليست بحاجة إلى تفويض من أحد، وأن كونها أقوى دولة عربية يُحتم عليها القيام بما يخجل الآخرون من القيام به.وشفع التهامي حديثه قائلًا إن بإمكانه أن يكون مارشال غزة إذا لزم الأمر. خُتمت الوثيقة بتوضيح أمريكي أن رأي التهامي يتعارض بوضوح مع آراء وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل وبطرس غالي بهذا الصدد. كما أوضحت أن رسالة السادات لبيجن كان هدفها إيصال معلومة واحدة، ألا وهى أن مصر مستعدة لتنفيذ كل ما يُطلب منها بخصوص الضفة الغربية.


الوثيقة الثانية

السفير الأمريكي في السابع من سبتمبر/ أيلول في

رسالة إلى كارتر

لخص فيها اجتماعه مع السادات والوفد المصري. وأعاد التأكيد على خلاف كامل وغالي مع السادات في تلك النقطة. وخوف كامل من أن يتخذ السادات موقفًا يحرج مصر أمام العرب والفلسطينيين. كما نقل السفير طمأنته لكامل من أن السادات يعي حدوده السياسية جيدًا، ولن يعد بما لن يستطيع تنفيذه.

ثم انتقل السفير إلى لقائه مع أحمد ماهر، مدير مكتب وزير الخارجية المصري، حيث أكد ماهر أن على الولايات المتحدة أن تدرك أن مصر تبذل أقصى ما تستطيع، وأنه على الجانب الإسرائيلي أن يدرك ذلك. وأخبر ماهر السفير أنه من الضروري أن تسفر محادثات كامب ديفيد عن شيء ما، لا أن تنتهي بمجرد بيان تقول فيه الإدارة الأمريكية إنها ترعى وتسعى للوصول إلى حل.وحين أفصح ماهر عن مخاوفه للسادات من أن يسرب الإسرائيليون نية السادات التفاوض حول الضفة الغربية حتى لو رفض ملك الأردن ما قد يسبب حرجًا بين البلدين، أجاب السادات بأن لديه ما يسربه ويؤدي لإحراج الإسرائيليين إذا فعلوا. ونقل ماهر للسفير ما يشبه إجماعًا، استثنى منه التهامي، أن الوفد غير متفائل بمفاوضات كامب ديفيد، وأن لديهم مخاوف من أن يتنازل السادات أكثر مما ينبغي.


الوثيقة الثالثة

ظهيرة نفس اليوم كان نائب الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته يجتمعان مع موشي ديان، وزير الخارجية الإسرائيلية، ومع عزرا وايزمان.

تنقل الوثائق

صورة حادة عن موشيه ديان، لا يريد الخوض في فرعيات ولا يريد الحديث بدبلوماسية زائدة عن الحد. أول كلامه كان أن الجانب المصري يظن أن كل شيء متعلق بسيناء قد حُل، وأن الأمر متعلق فقط بالضفة الغربية. لذا أراد من الرئيس الأمريكي أن ينقل للجانب المصري تلك النقطة.

وقال إن مستقبل المستوطنات وحرية المجال الجوي الإسرائيلي هما من النقاط الجوهرية التي تجب مناقشتها. كما علّق على خطأ السادات حين صرح بأنّه لا يجوز الاستيلاء على الأرض بالحروب. وأن مقصد السادات منها هو الانسحاب من سيناء، وهو ما لن يحدث. ثم قال ديان إنه لا يختلف مع حقيقة أنّه لا يجوز الاستيلاء على الأرض بالحروب، لكن يجب التفرقة بين حروب العدوان وحروب الدفاع، ويجب أن نعرف لأي نوع تنتمي حرب 1967.


الوثيقة الرابعة


طلب ديان

كذلك من الجانب المصري مزيدًا من التوضيح عما سيقبلونه فعلًا على الأرض بعيدًا عن الكلمات المكتوبة. وأراد أن يحصل الإسرائيليون على حق امتلاك الأراضي في أي مكان ما داموا يشترونها بشكل قانوني، وأن تصبح الحدود مفتوحةً بين البلدين، وأن تصير التجارة حرة بينهما. ثم تساءل عن إمكانية إحضار فلسطينيين إلى الاتفاقية، سواء بشكل رسمي أو ودي، فأجابه وزير الخارجية الأمريكي بأن كامل يؤمن أن هذا ممكن الحدوث، لكن بعد انتهاء المفاوضات.

وأوضح وايزمان أن على السادات أن يفهم أن زيارته للقدس لن تجعل الإسرائيليين ينسون مشاعرهم تجاهه. كما نقل ديّان أنه اجتمع بقادة فلسطينيين منهم رؤساء بلديات الخليل وبيت لحم، وحكمت المصري من نابلس، وأنور كاتب من القدس. جميعهم أعربوا عن رغبتهم في حصول الضفة على حكم ذاتي ليتمكنوا من التخلص من الوجود العسكري، ويبدأوا التخطيط لمجتمع مدني متماسك. وأنهم لا يمانعون من وجود جيش الدفاع الإسرائيلي بينهم، ويتعهدون بتقديم من يهدد أمن إسرائيل.


الوثيقة الخامسة

في

اجتماع لاحق

بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره المصري أكد كامل رغبة السادات في القيام بأي شيء من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن لا بد من تفكيك المستوطنات في سيناء، ولا تضمن مصر ما سيحدث لمستوطنات الضفة. وأوضح كامل أنه بعد انتهاء مدة السنوات الخمس التي اقترحها الوفد كفترة انتقالية يصير لأهل الضفة حق تقرير مصيرها، إما استمرار الوضع الحالي أو التبعية للأردن أو الانضمام إلى إسرائيل.وأكد كامل رفض الوفد المصري لبناء جدار داخل القدس أو تقسيمها. ونبه الإدارة الأمريكية إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار المشاعر الإسلامية العالمية حين يتعلق الأمر بالقدس تحديدًا. ونقل رفض السادات القاطع لوجود مطارات أو قواعد جوية إسرائيلية داخل الحدود المصرية.


الوثيقة السادسة

تنتقل الوثائق بعيدًا عن كامب ديفيد وتذهب جهة سوريا والأردن.

توجه كارتر إلى حافظ الأسد

بخطاب يخبره فيه أنه يعي التزام الأسد العميق بحقوق الإنسان، وأن إسرائيل أخيرًا قد أدركت حق الشعب الفلسطيني. وأن الاتفاقية قد لا تجيب عن كل ما يتعلق بالفلسطينيين لكنّها تضع الأساس لحل يمكن أن يأتي في المستقبل. وتعهد له بأنه لن يتم بناء أي مستوطنات جديدة، كما ستنسحب القوات من غزة والضفة.

لكن تلك النقطة لم يكن كارتر المتحكم فيها. إذ أرسلت السفارة الأمريكية خطابًا على لسان بيجن يقول إن تجميد الاستطيان في غزة والضفة سيكون لثلاثة أشهر فقط، وهو عكس

ما تم الاتفاق عليه

في كامب ديفيد. ما ترك

كارتر في حرج شديد،

إذ وعد السادات بأن يتم التجميد للأبد، ولهذا وافق السادات على توقيع الاتفاقيات. لذا تواصل مع الجانب الإسرائيلي موضحًا أن بناء المستوطنات سيكون عقبةً حقيقيةً أمام السلام وعلى الإسرائيليين الالتزام بما تم الاتفاق عليه.


الوثيقة السابعة

ثم في 19 سبتمبر/ أيلول 1978 أرسل كاتر رسالة إلى الملك حسين يخبره فيها أن مصر صادقة في رغبة الوصول إلى سلام، لكن قد تفشل المفاوضات بسبب غياب دعم القادة العرب. ثم ألمح كارتر إلى أن فشل المفاوضات يعني مزيدًا من القوة للسوفيت، ما يعني مزيدًا من الاضطراب في المنطقة العربية، وأخبره أن موقفه من الاتفاقية مهم للحفاظ على علاقته بالولايات المتحدة.

جاء رد الملك حسين بأن الموقف المصري غير محايد لرغبته في استعادة أراضيه بأي ثمن. كما أن كامب ديفيد قد نجحت في عزل مصر عن المعسكر العربي ما يعطي إسرائيل نصرًا جديدًا. وأن حقوق الفلسطينيين تم تجاهلها بينما تستمر إسرائيل في فرض واقع جديد على الأرض بدعم أمريكي. وأن لب المشكلة هو دعم الولايات المتحدة الدائم وغير المشروط لإسرائيل.