هناك الكثير لنتحدث فيه عن مورينيو، فشخصيته لديها الكثير من الجوانب و الأمور التي بإمكاننا أن نركز على بعضها ونهمل بعضها الآخر بحسب عواطفنا تجاهه سواء كنا من محبيه أو من الكارهين له، بإمكاننا الحديث عن نجاحاته التي أعطته لقب الاستثنائي، أو عن تصرفاته وتصريحاته التي أظهرته كشخص مغرور محب لنفسه، أو عن فكره الدفاعي و إخفاقاته الأخيرة بسبب شخصيته الصدامية، لكننا هنا نتناول جوانب يعرفها القليل من المتابعين، عن حياته وتجاربه وعائلته، وبإمكاني القول لكارهيه إنه يتوجب عليهم أخذ الحيطة، لأنهم ربما يقعون في حب مورينيو الذي لا يحبونه.


فيليكس وماريا: ولدنا سيترك بصمته في اللعبة

منذ سن مبكرة اكتشف والدا جوزيه فيليكس وماريا أن ولدهما سيصبح له شأن كبير في اللعبة، فمورينيو أراد أمرًا واحدًا فقط عندما كان صغيرًا بحسب والده، أراد كرة قدم وكانت كل شيء بالنسبة له. في كل عام سواء في حفلة عيد ميلاده أو الأعياد كان يريد الحصول على كرة جديدة بجانب الهدايا الأخرى، لكن إن لم يحظ بالكرة يعتبر أنه لم يتلق أي هدايا جديدة، هو أراد الكرة فقط ولم يفكر بأي شيء آخر.

شخصيته القوية ستقوده إلى المكان الذي ينشده، إلى القمة بحسب والدته ماريا، منذ سن الخامسة كان دقيقًا في كل شيء، كان يهتم بدفاتره و أقلامه وكان تأقلمه سريعًا مع الأطفال في المدرسة وصنع العديد من الصداقات بسبب شخصيته، لقد كان لا يعرف الخوف ومحبًا للمعرفة وخاصة فيما يتعلق بكرة القدم لأن والده كان لاعبًا.


الوطن والحب والانتماء

في مرحلة شبابه مرت البرتغال بتغيرات جوهرية على الصعيدين السياسي و الاجتماعي، حيث أطاحت ثورة القرنفل بالنظام الديكتاتوري، و هذه السنوات كانت بمثابة حياة ممزوجة بالخوف والأمل، الخوف على عائلته ووطنه وأمل بالحرية المنشودة من قبل الجميع.


http://gty.im/485079502

لقد كان الخوف يسود المجتمع البرتغالي ككل، لأنه بعد نجاح الثورة تفاءل الناس بحصول تغيير إيجابي وكان هذا الشعور ممزوجًا بالخوف من حصول الأسوأ وانهيار البلاد.. عائلتي فكرت كثيرًا بالخروج من البرتغال في تلك الفترة، وعلى صعيد آخر يراودك إحساس بأنه يتوجب عليك البقاء لتعيش هذه التغيرات الإيجابية التي تأمل حدوثها، بالنسبة للبرتغاليين كانت لحظة الحرية، حرية التعبير، حرية الفكر، لقد عشنا بسلام في تلك الفترة لكن كنا مدركين أن الواقع أصبح مختلفا.. لقد كانت لحظة التغيير بالنسبة لي وللبرتغال، لقد كانت تجربة إيجابية علمتني كيف أتعايش مع الواقع والمصاعب التي أواجهها وكيف أحضر نفسي للتعامل مع كل شيء أمر به، ولهذا أصبحت أقرب لعائلتي وأحاول دوما أن أفعل الأفضل من أجلها





جوزيه مورينيو.


العلم شيء والتجربة شيء آخر

في إحدى المقابلات الصحفية سأله أحد الصحفيين عن تخرجه بشهادة جامعية في العلوم الحركية والفيزيائية من جامعة لشبونة، وعن أول مهنة له كمدرس وتأثير ذلك على مسيرته التدريبية.

هذا صحيح، لقد عملت كمدرس للعلوم البدنية في مدرسة أطفال لذوي الاحتياجات الخاصة، بالنسبة لي كانت تجربة رائعة، لأن كل شيء تختبره هناك يتعلق بالجانب النفسي، كل شيء عبارة عن عواطف وأحاسيس. خلال دراستك الجامعية بإمكانك أن تتفوق وتحصل على درجة تقييم ممتازة وتحضر نفسك للعمل في هذا المجال، لكن بمجرد وصولك إلى هنا تدرك تماما أن ما تعلمته في الجامعة أمر مختلف بعض الشيء، هنا يجب أن تعمل من قلبك، أن تظهر الحب والعاطفة ويجب أن تتحلى بالقدرة لتتمكن من إيصال هذا الحب إليهم. وحده الحب الذي مكنني من التقرب إليهم بشكل أسرع، حقيقة الأمر أنك تقوم بأشياء بسيطة لكن بالنسبة لهم تعد أشياء كبيرة ومهمة، لذلك كانت تجربة مميزة بالنسبة لي وأفادتني حتما في جميع جوانب حياتي ليس الرياضية فقط.





جوزيه مورينيو.


أنا أصلح للدرجة الثانية فقط

خلال لعبه في الشارع مع أطفال الحي كان جوزيه النجم الأوحد في الحي، لكن عندما قرر اللعب في الدوري الاحترافي اكتشف أن موهبته عادية وتصلح فقط للعب في الدرجة الثانية، لاحقًا أدرك أنه ليس من الضروري أن يكون لاعبًا كبيرًا، فكان يعرف في داخله أنه يمتلك القدرة على أن يكون قائدًا أفضل من كونه لاعبًا.

عندما كنا نلعب في الحي أو حتى في فرق الهواة، كنت دائما أميل إلى تنظيم الفريق، أين يلعب هذا وكيف يتحرك وماذا يتوجب عليه فعله وما هو المركز المناسب لإمكانياته، لقد كنت قائدا صغيرا أكثر من كوني لاعبا جيدا، لذلك لاحقا بدأت الأمور تتضح بالنسبة لي وسارت في تسلسل طبيعي وفهمت أنه ليس مقدرا لي أن أحقق حلمي بأن أصبح لاعبًا كبيرًا





جوزيه مورينيو.


أنا هنا بسبب والدي


http://gty.im/592209522

لم يفكر جوزيه مطلقًا في شبابه بأن يصبح مدربًا، أراد فقط أن يكون لاعبًا، كان يعود إلى المنزل واضعًا الكرة تحت إبطيه و منهكًا من اللعب، و فعل ذلك أيضا في دراسته فكان ينهك نفسه أيضا في قراءة الكتب، فأراد أن يدرس وأن يصبح لاعبُا في الوقت ذاته. يقول جوزيه في هذا الشأن:

«هذا الأمر لم يكن بإرادتي لأن الدراسة كانت من القواعد الصارمة داخل المنزل، ولولا الدراسة لم يكن يسمح لي باللعب. عندما كبرت قليلا، أصبحت أتابع المباريات في المنزل بتركيز أكبر مع والدي، لقد كان حارس كرة قدم ومن خلال رؤيته للعبة أصبحت أشاهدها بطريقة مختلفة تمامًا، كما الآن بالنسبة لطفلي الصغير، بعد كل مباراة يسألني لماذا أقحمت هذا اللاعب عوضًا عن لاعب آخر، لماذا فعلت هذا ولم تفعل ذلك، من خلال هذه الأسئلة تدخل بعملية تفكير مغايرة عن كرة القدم وتصبح أكثر إدراكا لبعض الأمور التي لم تعتد على ملاحظتها مسبقًا.

ذات مرة أرسلني والدي للذهاب إلى مباراة لفريق آخر سيلتقي به فريق والدي في مباراة لاحقا، طلب مني أن أدون ملاحظاتي عن هذا الفريق، لقد كانت هذه التجربة ثرية جدا ومهمة كثيرا، لأنها عملية مركبة ومزدوجة، إن نجحت في قراءة الخصم ومكامن خطورته ونقاط ضعفه، عليك أن تكون قادرا على إيصال هذه الأفكار والتعبير عن رؤيتك بشكل جيد لتصبح مفهومة بالنسبة للآخرين».


العائلة هي الأهم

قبل إقالته بإسبوعين من تدريب تشلسي، خرج مورينيو في مؤتمر صحفي بعد إحدى المباريات التي انتهت بخسارة فريفه، جوزيه يتكلم عن العائلة للمرة الأولى، والده كان يمر بفترة صعبة جدا في الأشهر الماضية حيث تعرض لأزمة قلبية للمرة الثانية في حياته وكان مورينيو يسافر إلى لشبونة بشكل متكرر للاطمئنان على والده في تلك الفترة.

أبي وأخيرا تعافى من آلامه وخرج من المشفى، لقد انتصر في معركته ضد المرض وهو الآن بخير بعد مروره بظروف صعبة جدا، والعائلة سعيدة جدا بعد كل هذه المعاناة، لا داعي للسفر الآن هو بحالة جيدة، بالنسبة لي العائلة هي الأهم، أهم من كرة القدم، أهم من أي شيء آخر، و الآن سأعود قويا مثل والدي





جوزيه مورينيو.


كلمتي هي القول الفصل

عندما كان مورينيو مدربا لإنتر حاول وكيل أعماله خورخي مينديز نقله إلى القلعة الملكية ريال مدريد للحاق بكريستيانو رونالدو، وكان هناك اتفاق شفهي بين مينديز وإدارة الريال لإيصال البرتغالي إلى دكة الريال، وشاءت الأقدار أن تكون آخر مباراة لمورينيو مع إنتر ميلان في سانتياغو بيرنابيو عندما تواجه فريقه مع بايرن ميونخ في نهائي دوري أبطال أوروبا 2010 .


http://gty.im/100354914

وبالفعل التقى مورينيو مع أحد الأشخاص من إدارة ريال مدريد وحصل الاتفاق النهائي في فندق الميراسيرا قبل يوم واحد من المباراة، وحاول هذا الشخص تقديم العقد لمورينيو من أجل التوقيع لكنه رفض رفضًا قاطعًا و قال: «اذهب من هنا، لدي مباراة مهمة غدا، كلمتي هي الاتفاق وهي القول الفصل»، وبالفعل بعد الفوز باللقب قام مورينيو بتوقيع العقد في نفس الليلة.


لقد ظننت أنه مترجم فقط!

عندما كان السير بوبي روبسون مدربًا لنادي سبورتينغ لشبونة في البرتغال، قام النادي بتعيين مترجم له كون السير لا يتقن البرتغالية، لكن هذا المترجم لديه ثقافة كروية ولم يكن مترجمًا كما يظن روبسون ولذلك قامت الإدارة بتعيينه، هذا الشخص بالطبع هو جوزيه.

في سبورتينغ لاحظ السير أن مورينيو ليس مترجمًا فقط، وتبين له هذا من التقارير التي يسملها مورينيو، و اكتشف أن لديه فهما واسعا للعبة وطلب منه لاحقًا المزيد من التقارير عن المنافسين.


http://gty.im/1561552

السير بوبي روبسون متحدثًا عن الاستثنائي.


خبير في زرع الثقة

لقد قام بتسليم تقارير مميزة بالفعل وكأنه مدرب حقيقي، لقد كانت تقارير من الدرجة الأولى، لقد كان في أوائل الثلاثينات من عمره، لم يكن لاعبا مميزًا، ولم يكن مدربًا أيضًا، لم أحصل على تقارير أفضل من هذه على الإطلاق

خبير في تطوير شخصية اللاعبين، حيث يغرس الثقة في داخلهم ويجعلهم يؤمنون بقدرتهم على تنفيذ ما يريد





بيني مكارثي لاعب بورتو عن مورينيو.

وهذا ينعكس أيضًا في تعامله المميز مع اللاعبين وخاصة مع ماريو بالوتيلي، على الرغم من تصرفاته الطائشة إلا أن مورينيو كان يعامله برشد وبحذر. في مباراة أمام فيورنتينا تقاعس ماريو عن التغطية بعد فقدانه لعدساته اللاصقة وبدأ بالبحث عنها خلال المباراة، فسحبه مورينيو على الفور لكن ماريو ذهب إلى غرفة الملابس ولم يصافح مورينيو. وحاولت الصحافة استغلال الموقف ولكن مورينيو قال حينها، إنه لا يفكر كثيرًا في كلام الصحافة وإنه يحب ماريو ومعجب بأدائه، لكنه يجب عليه أن يستمر باللعب حتى لو فقد عينيه أيضًا.