ربما تمتلك الكثير من المال ولكنك لن تكون أبدًا من الراقين.





داني ألفيش متحدثًا عن مانشستر سيتي – 2014

لم يكن ألفيش يقصد إهانة السيتي بالمعني الحرفي، ولكنه وضح الفرق بينه ومن مثله من الأندية حديثة العهد بالمنافسات الأوروبية نتيجة طفرات الاستثمار من رجال الأعمال وبين الأندية العريقة التي مثلت كرة القدم منذ نشأت.

هذا هو المحور الأول لهزيمة مانشستر سيتي من برشلونة، فارق الشخصية والثِقَل بالمعنى الكروي حتى وان امتلكوا لاعبين من المستوى العالي.


قبل المباراة

يدخل برشلونة المباراة وهو في حالة جيدة بعد تعافيه من كبوة سيلتا فيجو وعودة ميسي للعب والتهديف عقب الإصابة، في حين يدخل مانشستر سيتي اللقاء وهو في حالة شك بعد سلسلة مباريات دون فوز، تعادل مع سيلتك وهزيمة من توتنهام ثم تعادل مع إيفرتون.

كذلك المباراة تُعيد بيب جوارديولا مرة أخرى إلى الكامب نو ولكن هذه المرة من على مقاعد الخصم، الخصم الذي لا يُضاهي برشلونة في أي شيء حتى أنه ليس بايرن ميونخ بعراقته وتقاليده. شيء جديد يُكسب المباراة قيمة إضافية.

الجميع كان ينتظر كيف سيؤدي بيب تلك المباراة، حتى هو نفسه كان ينتظر.

ليس هناك أي دفاع بامكانه إيقاف ميسي، إنه أمر مستحيل. بالطريقة التي يلعب بها حاليًا، لا يمكنك إيقافه، ربما بالدفاع بتسعة لاعبين في منطقتك أو الضغط عاليا بـ 11 لاعبًا.

جوارديولا قبل مواجهة برشلونة وبايرن ميونخ بتاريخ 5 مايو/أيار 2015

أنا لا أعلم كيف أوقف ميسّي.

جوارديولا قبل مواجهة برشلونة ومانشستر سيتي بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2016

بيب يعشق ميسي، إنه دائم الحديث عنه وقد أخبرني في أكثر من مناسبة بأنه فخور في تولي تدريبه وسعيد بما حققاه سويًا من ألقاب، علاقة الحب واضحة بينهما.





أجويرو بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2016

التصريحات السابقة من دون أن تُقال هي مُؤكدة 100%. فبيب وميسي هما شريكا النجاح في برشلونة في الفترة الذهبية من 2008 إلى 2011 والعلاقة القوية بينهما لا تحتاج إثبات، ولكن في النهاية بيب رحل عن تدريب البلوجرانا منذ سنوات وبقي ميسي هناك. وفي النهاية هي كرة قدم تتغير فيها الأحوال والثابت الآن هو أنهما متنافسان، وفي المنافسة يا بيب يجوز أن تمدح منافسك ولكن لا يجوز أن توحي للاعبيك بأن الخصم لا يُمكن هزيمته أو السيطرة عليه.

هذا هو المحور الثاني في هزيمة السيتي؛ انتزاع الروح القتالية من اللاعبين، فمدربهم يُصدّر عجزهم عن إيقاف الخصم قبل بدء المنافسة. الهدف الأول لميسي في شباك برافو خير دليل، فبعد سقوط فيرناندينهو المفاجئ وانطلاق ميسي للسيطرة على الكرة، ظل أوتاميندي واقفًا دون أن يركض مع ميسي ويحاول إيقافه، فلماذا يركض إذا كان ركضه بلا فائدة؟، فهو لا يمكن إيقافه.


المباراة

بدأ برشلونة كالمُتوقع 4-3-3 بثلاثي الوسط بوسكيتس وراكيتيتش وإنيستا، وثلاثي MSN في الهجوم، وبتغيير في مركز الظهير الأيمن بإشراك ماسكيرانو بدلاً من سيرجيو روبيرتو.

بدأ السيتي بمفاجأة من بيب بعدم إشراك مهاجم صريح في التشكيلة؛ لا أجويرو ولا حتى إياناتشو. بدأ بـ 4-6-0 حيث في وسط الملعب كان ينشط فيرنانيدينهو وجوندجان، وأمامهم دون مركزية سترلينج وسيلفا ودي بروين ونوليتو.

تشكيل الفريقين و تقييم أداء اللاعبين, في الأسفل معدل أداء الفريقين يتضح منه مجاراة السيتي لبرشلونة في الدقائق ال 11 الأولي ثم تفوق البرسا بعد ذلك - المصدر Whoscored.com

تشكيل الفريقين وتقييم أداء اللاعبين. في الأسفل معدل أداء الفريقين يتضح منه مجاراة السيتي لبرشلونة في الدقائق الـ 11 الأولى، ثم تفوق البرسا بعد ذلك – المصدر Whoscored.com

برشلونة له أسلوب واضح يعتمد عليه؛ الضغط على الخصم منذ البداية والسيطرة عن طريق توسيع الملعب على الأطراف والافتكاك السريع للكرة. هنا قرر جوارديولا ألا يتخلى عن فلسفته أمام ضغط برشلونة وأن يلعب كما يُحب أن يلعب، وبالفعل بدأ السيتي جيدًا في اللقاء وصنع الفرص وهدد مرمى شتيجين في أكثر من مناسبة في الربع ساعة الأولى.

مسلسل الأخطاء بدأ في الدقيقة 17 حيث سقط فيريناندينهو في منطقة جزائه دون تدخل تاركًا الكرة والمساحة لميسي والبقية مُتوقعة طبعًا؛ هدف أول.

ظلت المباراة على وتيرة عالية من تبدل الضغط في كل مكان من كلا الفريقين؛ فرص هنا و هناك، تكافؤ شديد لا يُخفيه سوى فارق الجودة بين MSN خصوصًا ميسي وعناصر مانشستر سيتي. ذلك النهج من الفريقين جعل دور صناع اللعب في الضغط أكبر من خلق الفرص.

تمريرات إنيستا في المباراة 31، أقل من معدله الطبيعي 53.76 مما يؤكد أن مهمته بالأساس كانت الضغط علي الخصم - المصدر Squawka.com

تمريرات إنيستا في المباراة 31، أقل من معدله الطبيعي 53.76؛ مما يؤكد أن مهمته بالأساس كانت الضغط على الخصم – المصدر Squawka.com

انتهى هذا التكافؤ لحظة وقوع برافو في خطأ تمرير الكرة لسواريز، برافو الذي لعب لمدة موسمين في برشلونة ونجح بصورة كبيرة لم يخطئ خطأ كهذا طوال فترته في الكامب نو. يبدو أن داني ألفيش كان مُحقًا بأن الأمر لا يتعلق بمدى جودة اللاعب فقط، اللاعب ما هو إلا تمثيل للشعار الذي يتواجد على قميصه وهنا تفوق برشلونة كان واضحًا.

بعد طرد برافو في الدقيقة 53 لم يستغرق برشلونة، أقصد ميسى، سوى 16 دقيقة لتسجيل هدفين ليقتل المباراة؛ أحدهما كان من تمريرة رائعة من جوندجان خلف زميله ستونز لخصمه لويس سواريز في استمرار لمسلسل الأخطاء الساذجة!


بيب أمام الجميع

لن أغير فلسفتي أبداً. إذا أخطأ الحارس بالتمرير وارتدت بهدف يقول الناس (لماذا لم يبعدها؟)، لا، السبب الصحيح هو لماذا أخطأ بتلك التمريرة؟

بيب جوارديولا في حوار مُسَّجل بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2016

أنا آسف حتى آخر يوم في حياتي، سأحاول أن يبدأ فريقي اللعب من حارس المرمى.





بيب جوارديولا بعد خطأ برافو الفادح في مباراة برشلونة

أن تمتلك فلسفة وتحاول تطبيقها هو شيء يُحترم، ولكن أن يؤثر هذا على نتائج فريقك فلابد من إلقاء نظرة أخرى. لا مانع من أن يبدأ برافو اللعب بقدميه، ولكن عندما يشتد الضغط لابد من أن يبعدها. لا مانع من أن تكون شجاعًا أمام خصوم أقوى ولكن ليس طوال المباراة، فالتراجع ولو على فترات كان من الممكن أن يُحسن النتيجة. البداية بأجويرو كانت لتمنع دفاع برشلونة من الضغط عليك. المرونة يا جوارديولا.

دييجو سيميوني في حوار سابق


انتبه يا إنريكي

لكن أنا لا أفهم المدربين الذين يحرصون على تطبيق أفكارهم أكثر من تقوية فرقهم.

فوز برشلونة بالأربعة على خصم يدربه بيب جوارديولا شيء يدعو للزهو، ولكن لا تنسَ أن الخصم بدأ بجرأة مبالغ فيها وكذلك لعب منقوصًا 40 دقيقة.

الفريق ما زال يعاني ضعفًا دفاعيًا بشكل كبير. برشلونة تلقي 8 تسديدات منهم 4 تصدى لهم تير شتيجن، أمام فريق أكثر واقعية بخط هجوم أكثر تركيزًا قد يعاني برشلونة.

فريق إنريكي أمس أحرز 4 أهداف منهم 2 بأخطاء مباشرة من الخصم في ليلة توهج ميسي، في ليلة أخري الخصم قد لا يخطئ - المصدر Squawka.com

فريق إنريكي أمس أحرز 4 أهداف منهم 2 بأخطاء مباشرة من الخصم في ليلة توهج ميسي، في ليلة أخرى الخصم قد لا يخطئ – المصدر Squawka.com

مشكلة الأظهرة في برشلونة تحتاج إلى عمل كبير، فالفريق الذهبي للكتلان كان يعتمد على توسيع الملعب بألفيش وأبيدال بصورة كبيرة ليتيح المساحات لميسي وفيا، كما كانا يمارسان الضغط على الخصم في مناطقه. الآن الفريق لا يمتلك ظهير أيمن حقيقي، ومع إصابات ألبا المتكررة أصبحت هناك أزمة في الناحية اليسري أيضًا.

هزيمة السيتي أكدت الأزمة التي يعيشها فريق بيب في الدوري، والتي يجب أن يعالجها قبل فوات الأوان. أما إنريكي عليه ألا ينخدع بالنتيجة التي لولا تفاصيل صغيرة، تتمثل في حجم وتاريخ الفريق وفلسفة مدرب عنيد قد تتلاشى عند مواجهة كبير من أوروبا أو مدرب أكثر واقعية، لكانت فوزًا صعبًا أو حتى لا فوز على الإطلاق. المباراة كانت بين رأي ألفيش في السيتي ورأي بيب في ميسي.