محتوى مترجم
المصدر

Bundesliga Fanatic
التاريخ
2016/06/10
الكاتب
Max Regenhuber

لماذا أصبح نسف النظام الاحصائي الحالي ضروريًا؟ فلنبدأ بسيناريو من فريقين؛ الأول «أ» والثاني «ب»

أ حقق نسبة استحواذ 52%، 18 تسديدة و7 ركلات ركنية.

ب حقق نسبة استحواذ 48%، 14 تسديدة و5 ركلات ركنية.

تلك الأرقام هي التي عادة ما تشاهدها في مباراة كرة قدم عادية، هل تخبرك بأي شيء؟ من فاز؟ من لعب أفضل؟ الإحصائيات التي لا تعكس ما حدث فعليًا ليست أكثر من مجرد هراء؛ الأمر بهذه البساطة.

حسنًا؛ الفريق «أ» كان البرازيل والفريق «ب» كان ألمانيا في نصف نهائي كأس العالم 2014 الذي عبر من خلاله المانشافت للنهائي بعد فوز تاريخي بسبعة أهداف لهدف لم تنصفه الإحصائيات التي تظهر أن المقابلة كانت متقاربة.


أرقام لعينة

مباراة صعبة أمام ماينز، والكل مرهق متعب لا يقوى على الركض، ستيفان راينارتز يتلقى الكرة في موقع متأخر نسبيًا، يرفع عينه ويرسل تمريرة طولية يتحرك لها فينديل خلف خط الدفاع ثم يرسل عرضيته الأرضية ليضع كروز هدف الفوز في المرمى الخالي.

بعدها بعدة أيام يُستدعى راينارتز لغرفة المدير الفني روجر شميدت الذي يجلس بصحبة محلل أداء اللاعبين؛ إحصائياته تقول أنه لا يفعل ما يكفي لمساعدة الفريق، يفكر راينارتز في كل المرات التي شعر فيها بأنه قدم كل ما لديه ولكن المحللين ظلوا يلقون بنفس القنبلة في وجهه؛ إحصائياتك ليست جيدة.

يخرج ستيفان مقررًا أنه قد نال كفايته، سيعتزل وهو لم يبلغ السابعة والعشرين من عمره بعد، ولكنه سيهدم معبد الاحصائيات اللعين أولًا.


البداية

يحكي ماتياس ساينز خبير البرمجيات أنه تلقى اتصالًا من راينارتز يخبره بالحضور فورًا، فوضى عارمة وعدد هائل من قصاصات الورق مدون عليها أرقام غير مفهومة، ستيفان قضى الأيام الماضية في تحليل العديد من المباريات وأيقن أخيرًا أن فكرته قابلة للتحقيق؛ أهم إحصائية في اللعبة على الاطلاق هي التمرير وأهمية كل تمريرة تتوقف على العدد الذي تخطته من لاعبي الخصم للأمام، سنطلق على تلك القيمة معدل التخطي أو الــ Packing Rate.

تلقت الفكرة مزيدًا من النضج عبر إحصائيات هامة أخرى كفقد الكرة، استخلاص الكرة من الخصم، واستلام التمريرات، فريق العمل يتسع بانضمام يانس هيجلير؛ متوسط ميدان دفاعي آخر. سئم تجاهل الإحصائيات الحالية لدوره في الملعب، لا مزيد من اختزال كرة القدم في الأهداف والتمريرات الحاسمة.

الإحصاء الرقمي وإلقاء خام الأرقام للجمهور بلا تحليل هو ما كانت البرامج التليفزيونية تفعله لعقود، بالطبع يأتي المتخصصون بعد المباريات الهامة برؤية أعمق لتلك الأرقام في الوقت الذي يكون فيه المشاهد العادي قد تحول لقناة أخرى بلا شيء في ذهنه سوى من أحرز الهدف وربما من أرسل التمريرة الأخيرة إن أسعفته الذاكرة، ومع الوقت تحولت كرة القدم لمجموعة محدودة من الأسماء، فقط لأنها تضع اللمسة الأخيرة حتى لو كانت وضع الكرة في المرمى الخالي، وتضاءل دور لاعبي الوسط والمدافعين؛ إن لم تكن تجيد تسجيل الركلات الحرة كبيرلو أو إرسال التمريرات الحاسمة كفابريجاس فلن يعبأ بك أحد على الأغلب وستظل مجرد لاعب وسط آخر ممن يملأون الطرقات.


https://youtu.be/DXn62ThUn_M

في المقطع السابق يقوم فيدال باستخلاص الكرة من بول بوجبا في وضع أفضلية لليوفي يمكنه من خلاله شن مرتدة خطيرة، ليرسلها لكومان الذي يصنع الهدف لمولر، في النظام الإحصائي التقليدي سيعود الفضل للأخيرين للصناعة والتسجيل ولكن لن يُذكر اسم فيدال إلا بتمريرة صحيحة واستخلاص صحيح بغض النظر عن أهميته، وهذا هو الخلل الذي قرر راينارتز وهيجلير معالجته بوضع نظام جديد يهتم بالجودة بقدر ما اهتم القديم بالكم.

هل يمكن مساواة تسديدة قريبة لميسي بتسديدة من 35 مترًا لألابا؟ هل عدد الركلات الركنية التي حصل عليها فريق لا يعتمد على الهوائيات كبرشلونة قد يكون بنفس فائدتها لليفربول أو ويستهام؟ هل سوكراتيس يمرر أفضل لأنه حصل على نسبة 88% مقابل 85% لهوملز؟ حسنًا، الارتباك والضيق الذي كنا نشعر به عند رؤية تلك الإحصائيات في طريقه للزوال.


Punchline

لفترة طويلة مملة، استغل الإعلام وأنصار اللقطة إحصاء الأهداف كـ Punch Line لحسم مناظرة “من أفضل”؛ الأفضل هو من يسجل أكثر وباقي التفاصيل لا يهم، حتى لو كان العمل الأكبر يعود لزملائه، والأفضل هو من يستحق الراتب الأكبر بالتبعية، وكلما طال الجدل كلما قلت أهميته ومتابعوه، ميزة نظام راينارتز وهيجلير الجديد هو أنه أوجد Punch Line آخر قادرًا على قياس تلك الجودة المفقودة، الوزن النسبي لدور المهاجمين والأجنحة في اللعبة وإعادة الفضل لأصحابه من خلال عدد اللاعبين الذين تخطتهم تمريرات كل لاعب اشترك في التحضير، أو بمعنى أدق؛ عدد المدافعين الذين أخرجتهم التمريرة من اللعبة لتسهل المهمة الباقية على الخط الأمامي ومن هنا تقاس جودة التمريرة الواحدة، جودة تمريرات اللاعب في مباراة كاملة وجودة تمريرات الفريق بصفة عامة، والرائع في هذه التقنية هو إمكانية استخدامها في تقييم جودة دفاع الخصم كذلك؛ الفريق الذي يُضرب مدافعوه بمعدل أقل هو الفريق الذي دافع بشكل أفضل، التقييم هنا يعتمد على فكرة محايدة تمامًا ولا تخضع للآراء الشخصية؛ الطريقة الأمثل لتسجيل هدف هي تخطي مدافعي الخصم، الكرة تخطت المدافع أو لم تتخطاه، لا يمكنك الجدال في ذلك. ويظهر في الفيديو التوضيحي التالي طريقة عمل نظام التخطي والتأثير.



الشيطان يكمن في التفاصيل

لنعُد إذن لمثالنا الأول؛ كيف كانت عينا راينارتز وهيجلير لترى سباعية ألمانيا في البرازيل؟

إحصائيات مباراة ألمانيا والبرازيل في نصف نهائي كأس العالم 2014

إحصائيات مباراة ألمانيا والبرازيل في نصف نهائي كأس العالم 2014

الــ Packing Rate أو معدل التخطي يُظهر أن الألمان تفوقوا على البرازيليين بـ 61 لاعبًا إضافيًا تخطتهم تمريرات المانشافت، للدهشة الفرق لا يزيد عن 15% وبالتالي لا يفسر الهزيمة بسبعة أهداف، هنا تتدخل الإحصائية الأكثر تفصيلًا؛ الــ Impact وهي المعنية تحديدًا بعدد مدافعي الخط الخلفي الذين تخطتهم تمريرات الفريقين متجاهلة تمريرات أقل أهمية تخطت مهاجمين يحاولون الضغط من المقدمة، على سبيل المثال تمريرة من هوملز لكروس تخطت فريد وظلت الكرة بعدها في نصف ملعب الألمان؛ هنا يرتفع الفارق بين المانشافت والسيليساو لـ58%؛ 31 مدافعًا إضافيًا تم تخطيهم لمصلحة الفريق الفائز وهنا تتكامل العوامل الأخرى كدقة استلام الكرة وتأمينها ودقة التصويب لتوفر صورة أقرب لما حدث.

لم لا نبدأ العمل إذن؟

تمريرة توني كروس التي تخطّت مدافعي البرازيل بالأرقام الحمراء.

الصورة من نفس المباراة الشهيرة، تمريرة من كروس يتسلمها مولر ويرسل عرضية لكلوزة تضعه أمام المرمى الخالي، كم نقطة يحصد كل منهم؟

كروس سيحصل على +4 وهو عدد مدافعي السليساو الذين تخطتهم تمريرته، +4 أخرى لمولر لأنه تحرك خلف نفس الأربعة مدافعين دون أن يقع في التسلل مستغلًا خطأ مارسيلو في التأخر و+1 إضافية عن تمريرته لكلوزة التي أخرجت مارسيلو بدوره من اللعبة بينما يكتفي كلوزة بـ+1 لتأمين الكرة في المرمى الخالي، دفاع البرازيل يحصل على -5 بالطبع لأنه ضُرب بالكامل؛ مولر وكروس أبطال اللقطة بـ+5 و+4 على الترتيب.

مستقبلًا لن يحكي اسم واحد قصة الهدف بل مجموعة من الأرقام تمنحك فكرة أفضل عمن قام بالعمل الأكبر، لأن أي لاعب في الدرجة الثانية الألمانية كان بإمكانه تأدية دور كلوزة في تلك اللقطة بينما قليلون هم من يستطيعون التحرك بذكاء مولر والتمرير بدقة كروس.

11111

تمريرة هوملز لماركو رويس في ثمن نهائي الدوري الأوروبي أمام ليفربول

مثال آخر من مباراة دورتموند وليفربول في نصف نهائي اليوروبا ليج، تمريرة هوملز أخرجت 6 لاعبين من الريدز خارج اللعبة كذلك هو تحرك رويس الخبيث، كل منهما يحصل على +6 في معدل التخطي، فلو تأخر أي منهما في التمرير أو التحرك لماتت اللعبة، الطرق التقليدية كانت ستخبرك عن تمريرة حاسمة وهدف دون تفاصيل بينما تخبرك الـ+6 والـ+6 بالكثير عن دور هوملز.


11

هدف ميسي في نهائي كأس ملك إسبانيا 2015

حتى عبقرية ميسي يمكن التعبير عنها بشكل أفضل الآن، فعندما بدأ الركض أمام بيلباو كان سبعة لاعبين يفصلونه عن المرمى، وعندما انتهى لم يتبقَ منهم سوى ثلاثة، ميسي يحصل على +4 في معدل التخطي وهو رقم صعب الحصول عليه بتمريرة ناهيك عن المراوغة لتحقيقه، المثير هنا أن تمريرة ألفيش التي سبقت انطلاقة ميسي لن تحسب في الـ Impact أو معدل التأثير لأنها لم تتخطَ سوى اثنين من مهاجمي الخصم ولا مدافعين، بينما سيحصل البولجا على الرصيد كاملًا عندما تقول الأرقام أنه حقق +4 ركضًا بالكرة.


ماذا بعد؟

22

راينارتز وهيجلير حصلوا بالفعل على قائمة لا بأس بها من العملاء؛ باير ليفركوزن، دورتموند، ليبزيج بالإضافة للمنتخب الألماني قد وقعوا العقود بالفعل، وعندما يقر توخيل وشميدت ولوف بجودة تقنية ما فلا بد أنها جيدة بالفعل.

القفزة النوعية التي قدمتها مصفوفة إحصائيات التخطي والتأثير ستغير الكثير في لعبة ظننا أننا نعرفها جيدًا؛ القناة الألمانية الأولى ARD قد استخدمت تقنياتها في اليورو الماضية بالفعل بعد أن أكد المبرمجون أن إحصائياتها ممكنة التقديم على الهواء مباشرة أثناء سير المباراة، والعينة التي حللها راينارتز وهيجلير من المباريات أثبتت أن إحصائيات التخطي والتأثير تقف في صف الفائز بالمباراة في 86% من الحالات، لذا يمكنك أن تفهم لماذا أغرت المقامرين باستخدامها لمعرفة هوية الفائز بالمباراة القادمة غير عالمين أن دورها الأصلي هو وصف ما حدث فعلًا لا التنبؤ بما قد يحدث، ومن ثم تحديد مواطن الضعف والقوة والعمل عليها، الآن يمكن للمدربين توجيه اللوم للأخطاء الفردية في الدفاع أو الهجوم بضمير مستريح بعد أن يقدموا دلائل ملموسة تثبت أن الفريق لعب بطريقة جيدة تمكنه من الفوز، ويمكن للاعبي الخطوط الخلفية إثبات مساهمتهم في بناء هجمات الفريق.

بالطبع النظام الجديد ليس سوى خطوة على الطريق، ويمكنك بسهولة أن تُعرّف أولى مشاكله وهي تجاهل عنصر مهم إن لم يكن الأهم؛ المساحة؛ هل إرسال تمريرة طولية من وضعية دفاعية تصنع انفرادًا للمهاجم من نصف الملعب سيتم تقييمه كتمريرة أخرى في الوضع المعاكس عندما يتكتل 10 لاعبين في مسافة لا تتخطى 20 مترًا؟ بالطبع لا، لكن رغم حاجته لمزيد من التطوير يظل النظام الجديد متخطيًا للقديم بسنين ضوئية، يكفيك أن تعلم أن رجل التخطي الأول لدوريات أوروبا الخمس الكبرى في الموسم الماضي كان توني كروس الذي أوشك الريال على التخلص منه؛ الألماني تخطت تمريراته متوسط من 85 لاعب في المباراة مقابل 28 كمتوسط لمحاور الارتكاز في المعتاد.

ولكن هل كان الأمر بهذا السوء فعلًا فيما سبق؟ أملك قائمة لا بأس بها لأسماء حصلت على إشادات واسعة بسبب جهودها في وسط الملعب رغم أنها لم تساهم بشكل مباشر في تسجيل الأهداف، يطرأ للذهن نجوم كماكيليلي، فييرا، ألونسو، وحتى كانتي إلخ، ولكن هؤلاء تميزوا في إحصائيات أخرى كعدد مرات الاستخلاص وقطع تمريرات الخصم. عبقرية النظام الجديد أنه يقيم جودة الفعل الأكثر تكرارًا في اللعبة منذ بدأت؛ التمرير، فمهما كانت كفاءة هذا المدافع أو ذاك المهاجم فهو لن يمارس أي إحصائية في المباراة بقدر ممارسته للتمرير، والنظام القديم كان يمنحك أربعة أنواع قاصرة ومبهمة؛ سليم، خاطىء، يصنع فرصة ويصنع هدفًا، وهو بالتأكيد يفتقر للدقة بشكل مخجل ومجحف، فتمريرة خافي مارتينيث لألابا التي أعقبتها تسديدة من 30 مترًا للنمساوي في مرمى أرسنال حُسبت كتمريرة صنعت فرصة، مثلها كأخرى حريرية من إنييستا وضعت ألبا خلف مدافعي كرواتيا حيث لم يكن عليه سوى إرسال عرضية سهلة لموراتا أمام مرمًى خالٍ، كل ما يطلبه راينارتز وهيجلير هو مزيد من العدل، وسيُسر الثنائي إذا أدت جهودهم لأن يحصل كروس في يوم من الأيام على راتب مساوٍ لرونالدو، أو وصل فيدال وبوسكيتس لمنصة البالون دور مستقبلًا.

أعلم ما يدور في رأسك، سواريز أم كلينسمان؟ توتي أم ديل بييرو؟ سكولز أم جيرارد؟ والأهم بالطبع؛ ميسي أم رونالدو؟

كل ذلك قد يتحول لتاريخ قريبًا.