محتوى مترجم
المصدر

Middle East Eye
التاريخ
2017/09/20
الكاتب
ريتشارد سيلفرشتاين

أقيم خلال الأسبوع الماضي احتفال بحريني للتسامح الديني في «لوس أنجلوس»، كان من رعاته مركز «سيمون ويزنتال». فكيف سيرى الشيعة البحرينيون ذلك؟

يبدو مؤخرًا أن إسرائيل تنخرط أكثر مع الأنظمة العربية الديكتاتورية في الشرق الأوسط. وفي وقت سابق من هذا العام، قام قياديان عبريان من مركز «سيمون ويزنتال» القائم في لوس أنجلوس بزيارة البحرين، وعقدا لقاء مع الملك «حمد بن عيسى آل خليفة». وذكر الحاخام أن العاهل العربي ندد بالمقاطعة العربية القديمة لإسرائيل، مؤكدًا أن شعب بلاده لهم الحرية في زيارة إسرائيل.كما أكد خططه لافتتاح متحف خاص به عن التسامح الديني خلال هذا العام. وإذا صح ذلك، فإن هذه التصريحات تشير إلى انحراف جذري لدولة عربية. أعلن الحاخامان «كوبر» و«هاير» عن هذه التطورات الأسبوع الماضي في احتفال «التسامح الديني» البحريني في متحف «التسامح» في لوس انجلوس. وفي هذا الحدث، اتفق 400 ممثل من العديد من الديانات مع ولي العهد البحريني على تعزيز التنوع الديني في البلاد.وعزفت الأوركسترا الوطنية البحرينية تحت إشراف -لا يقل عن «مشير»- (HaTikvah) -النشيد الوطني الإسرائيلي- الذي يدعو إلى العودة الجماعية ليهود الشتات إلى الوطن اليهودي. لقد كانت علاقات عامة رائعة حقًا.وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية متحمسة جدًا لهذه الأنباء التي كسرت البروتوكول وأعلنت القصة على صفحتها باللغة العربية على تويتر:

تويتر، البحرين، حمد بن عيسى

تويتر، البحرين، حمد بن عيسى

*تم حذف التغريدة في وقت لاحق على الأرجح عندما أشار شخص ما إلى أن هذا من شأنه أن يضع الملك في موقف حرج، خاصة وأنه هو نفسه لم يؤكد مزاعم الحاخامات علنًا.لقد اتصلت بالسفارة البحرينية في واشنطن العاصمة ووزارة الخارجية في البحرين للسؤال عما إذا كانت مزاعم الحاخامات تمثل سياسة رسمية للدولة. ولم يرد أحد حتى الآن.


«سيناترا» والتسامح

أشارت نقاط الحديث التي تم التأكيد عليها خلال الحفل، والتي سلطت الضوء عليها -على النحو المطلوب- صحيفة «جيروزاليم بوست» اليمينية المتطرفة، إلى أن نحو 400 عضو من هذه المجموعات المتنوعة شهدوا إعلان دعم الحرية الكاملة للاختيار الديني وحماية الحكومة للأقليات وضمان الإيمان الديني، إنما هو «بمثابة نعمة للبشرية جمعاء وركيزة للسلام في العالم».وتستطرد المقالة، إلى أن البحرين تعاملت بخبث مع اليهود الذين أقاموا هناك قبل تأسيس إسرائيل في عام 1948. لكن لا تخافوا، فإن هذه الكراهية لم تكن خطأ البحرينيين، بل المحرضين في الخارج «المؤيدين للفلسطينيين».فقط في حالة ما إذا كان لدى القارئ أي شكوك حول هذا الأمر، فإن المقال يستمر في التأكيد على خيرية الملك «حمد»، بعد فوزه بالعرش في عام 2002، «يرى المراقبون المحليون والأجانب حالة شبه مثالية للعلاقات بين الجماعات الدينية في البحرين». نفس الملك الذي قيل لنا إن لديه مجموعة رائعة من تسجيلات «

فرانك سيناترا

».لم يتم إخبارنا من يكون أولئك «المراقبون المحليون والأجانب» المجهولين. إلا أنه من المؤكد أن الحاخامات من بين المراقبين الأجانب الموافق عليهم. أما بالنسبة للمراقبين المحليين، فأنا أشك بقوة أن أياً من المواطنين الشيعة من الشعب من بينهم، حيث إن البحرين التي هي ذات أغلبية شيعية، تقمعهم بعنف لصالح الطبقة الحاكمة السنية، التي تسيطر على الجيش والتجارة ومعظم المناصب من السلطة.

ومن المثير للسخرية أيضًا أن الملك يعلن عن تسامحه مع أقليات أمته دون الإشارة إلى الحالة البائسة للأغلبية الشيعية من مواطنيها. من الواضح أن المفارقة الأخرى التي أُخذت على حاخامات «ويزنتال» هي أن إسرائيل تخبر العالم بكل فخر عن تسامحها الديني، بينما تقدم في الوقت نفسه حقوقًا وامتيازات فائقة للأغلبية اليهودية، وتقيد حرية العبادة للأقلية المسلمة. كما قامت أيضًا بقمع الفلسطينيين عنوة في ظل الاحتلال غير الشرعي، كما أنها تميز ضد الفلسطينيين الإسرائيليين الذين يعيشون داخل حدود الدولة.


ما يتعين على الإسرائيليين القيام به

وكما لو لم يكن لدينا ما يكفي من الفكاهة، فإن إسرائيل التي تعتبر نفسها ديمقراطية (غالبًا ما يصورها موالوها كذريعة «الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط») تجد أن أفضل أصدقائها هم أسوأ منتهكي حقوق الإنسان وأكثر الحكام استبدادًا. ويشير الدعاة المؤيدون لإسرائيل بكل فخر إلى أن تطورات كهذه (بما في ذلك رؤية ولي العهد السعودي في إسرائيل الأسبوع الماضي) تشير إلى تحول جذري ومرحب به في قبول إسرائيل في العالم العربي.

اقرأ أيضًا:

أمير سعودي في إسرائيل «تحالف من رحم الفشل»

كما قال الحاخام هاير: «إذا كان عليّ أن أتنبأ، أود أن أقول لكم إن علاقة العالم العربي مع دولة إسرائيل سوف تتغير بشكل كبير». الملك هو «رأس الحزمة وعقلها».ما يهمله هو أن صداقة إسرائيل هي مع نصف العالم الإسلامي فقط، السنة؛ وهم عدو لدود للنصف الآخر، الشيعة. يبدو أن المناصرين لإسرائيل ينسون هذه الحقيقة، ويتظاهرون بأن المسلمين الوحيدين في العالم هم السنة.وعلاوة على ذلك، فإنها أيضا لا تُقَدر أن هذا ليس تحولًا أساسيًا في مواقف المسلمين، وإنما هو أسلوب تخطيطي. لم يتحول السنة فجأة إلى صهاينة وتلاميذ لـ «ثيودور هرزل». إنهم لا يتقبلون احتمال أن يسيطر اليهود على الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس. لكنهم يدركون أن لديهم حلفاء قليلين في المنطقة ضد عدوهم الشيعي إيران. والإسرائيليين تحديدًا لديهم القوة العسكرية والقدرة الاستخباراتية لتسخيرهم ضد الدولة الشيعية والتي تفتقر إليها الدول السنية. وبالتالي فإن على الإسرائيليين أن يفعلوا ذلك.


استغلال الدين

والفكاهة الأخيرة القاتلة لكل الفكاهات؛ هو أن المفهوم المُمَيّز (العلامة التجارية) لمتحف التسامح الذي يدعو إليه مركز «ويزنتال» هو «الخديعة». ومن أجل بناء متحفٍ في القدس، استولوا على قطعة من الأملاك في القدس، تستقر على مقبرة إسلامية تاريخية تحمل قبورًا تعود إلى مئات السنين.فبدلًا من احترام الموتى ومعاملتهم على نحو لائق، مزق مشروع البناء الأرض بحفارات. أزاح العظام جانبًا. ثم تخلصوا منها. هذا هو مفهوم «ويزنتال» للتسامح الديني. التسامح للجميع باستثناء المسلمين الفلسطينيين.إذا كنت مسلمًا ممن يمكن استغلالهم كالبحرينيين، فسوف تحصل على الكثير من الاحترام. ولكن إذا كنت مسلمًا من الذين يقفون في طريق التمييز، فأنت (hefker) (مفقود) كما يقولون في القانون اليهودي.وأخيرًا، فإن قضية تعزيز الرؤية الداخلية للتسامح الديني هي مثال ممتاز على التطهير الديني، استغلال الدين لتعزيز الوطنية، وغطاء لقمع الأقليات الدينية (أو في حالة البحرين، الأغلبية الدينية).