شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 72 في ليلة عاصفة من ليالي فبراير/شباط 2014، اقتحم 20 من رجال الشرطة المنزل، بعد كسر الباب، قاموا بمصادرة أجهزة الحاسب الخاصة والتليفونات المحمولة، وحينما سأل عناصر الأمن عن المذكرة القضائية الخاصة بالقبض، اعتدت الشرطة عليه بالضرب. هكذا أودع الحبس أحد أبرز وجوه ثورة يناير/كانون الثاني 2011، الناشط علاء عبد الفتاح، ففي 23 فبراير/شباط 2015 أصدرت محكمة جنايات حكمها بالسجن المشدد خمس سنوات، وأيدت محكمة النقض المصرية ، في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حكماً بسجن عبد الفتاح خمس سنوات، وغرامة 100 ألف جنيه، في قضية تظاهر من دون تصريح ليصبح حكماً نهائياً غير قابل للطعن. لكن نقول ايه، مزنوقين ما بين قضاة تابعين وقضاة مرتعشين معلش يا علاء مكتوبلك تخوض المعارك كلها لاخرها #FreeAlaa — Mona Seif (@Monasosh) November 8, 2017 وترجع القضية إلى مظاهرة نُظمت أمام مجلس الشورى بوسط القاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 احتجاجاً على المحاكمات العسكرية ضد المدنيين وإقرار قانون التظاهر، الأمر الذي جعل عشر منظمات حقوقية تطالب السلطات بالإفراج عن علاء عبدالفتاح نظرًا لما طال المحاكمة من ثغرات قانونية. ويقضي الناشط الحقوقي (36 عامًا)، مدة عقوبته بسجن طرة عنبر الزراعة قطاع (ب)، كما يُحاكم عبد الفتاح أيضا في قضية أخرى بتهمة إهانة القضاء، ومن المقرر أن يصدر الحكم في هذه القضية في ديسمبر/كانون الأول القادم، وهو حكم يحتمل أن يضاعف مدة حبسه ويزيد عزلته عن العالم. حياة علاء عبدالفتاح تخللها سنوات طوال انقضت في طوابير السجن. لم يكن عضواً في أي حزب أو حركة، كان يكتفي بالقول «أنا جندي مشاة الثورة»، وهذا لا ينفي أن جندي المشاة يخترق صفوف الجنود، ليقف في أول الصف، مستعداً للتضحية بنفسه قبل غيره. وارث القضبان عذرًا يا ابني، كان نفسي أورث لكم وطن حر.. بس ورثت الاعتقالات والسجون اللي دخلناها. رسالة مقتضبة أخيرة، أرسلها المحامي الحقوقي، أحمد سيف الإسلام، قبل وفاته بأربعة أشهر، إلى نجله علاء عبدالفتاح، القابع خلف القضبان. ولد علاء في القاهرة في 18 نوفمبر/تشرين ثاني 1981، لأسرة حقوقية؛ فوالدته الدكتورة ليلى سويف أستاذة جامعية ومن الشخصيات الفاعلة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، وإخوته سناء ومنى، وهم عائلة مصرية حلت في ضيافة السجون المصرية طويلًا، قادهم فيما مضى المناضل الراحل أحمد سيف الإسلام، عمود الخيمة لعائلة تذوقت مرارة القضبان وفُجعت برحيله. واشتهر علاء عبد الفتاح، وهو مهندس كمبيوتر، كمدون يعمل على تطوير نسخ عربية من البرامج الحاسوبية، وعرف بانتقاداته العلنية للأنظمة الإسلامية والعسكرية، وتزوج من الناشطة منال حسن وهي مدونة أيضًا، ليدشنا معًا مدونة «منال وعلاء»، في 20 مارس/آذار 2004، و فازت هذه المدونة بجائزة مراسلون بلا حدود. لعبت الأقدار دورًا لتتشابه مصائر الأب ونجله، حيث قضى سيف الإسلام أغلب سنوات شبابه حبيسًا خلف القضبان، على خلفية قضايا سياسية في عهد الرئيسين السابقين أنور السادات، وحسني مبارك، كما وُلِد علاء عندما كان والده بسجن طرة، وبالمثل، حينما وُلد لعلاء نجله خالد كان هو شخصياً في ذات السجن. تردد علاء على السجون المصرية، وتعرض للاعتقال عدة مرات، بدءًا من 2006، واستمر ذلك بعد الثورة، حيث في 30 أكتوبر/تشرين الأول عام 2011، تم القبض عليه، على خلفية اتهامه بالتحريض وتكدير الأمن والسلم العام في أحداث ماسبيرو. في الميدان: هكذا كان الحلم كنت خائفًا أن يتبدد كل شيء، وقتها انتقلت من مرحلة الخوف إلى الإيمان، ومن الشك إلى الحقيقة. هكذا وصف علاء عبدالفتاح فترة استيعابه لانتصار أشاد به العالم بعد نجاح الثورة. عاد عبدالفتاح من الخارج إلى مصر بعدما ترامى لسمعه أصداء قيام حركة شعبية صاخبة في ميدان التحرير تُنادي بإسقاط الرئيس على غرار تونس، استغرق الأمر ثلاثة أيام ليعود للقاهرة وينضم لمتظاهري التحرير. تساءل عن طبيعة الميدان ، وهل كان حقًا المدينة الفاضلة التي ذابت بداخلها فوارق الجنس والدين، وكيف تخلى الشباب عن الحذر وتمسكوا بالحلم محتضنين المجهول، وخلص إلى أن الحلم صار واقعًا بفضل الإيمان. في الميدان، حبنا للحياة مقاومة، نجرى نحو الرصاص لأننا نحب الحياة، وندخل السجن لأننا نحب الحرية، في حضرت الميدان فهمت تعاليم الأنبياء، متى يفهم العسكر. في مرحلة لاحقة، بدأت الثورة تفقد بريقها لصالح عملية استقطاب بين أطراف عدة عسكرية تارة وإسلامية تارة أخرى، حينها بدت كلمات علاء عبدالفتاح ترتفع صارخةً بشدة لإخبار الجميع أن الكارثة قادمة ولن ترحم، في حين لا أحد يسمع. آنذاك، التف شباب الثورة ببراءة وطوباوية حول عدد من المطالب التي كانت تؤكد الأشواق العامة لعدد من القيم الكبرى، حيث آمن بأن الديمقراطية لا تنضج بين يوم وليلة، والأحزاب لا تكبر بين عشية وضحاها، لكن الاستبداد نبت شيطاني يؤتي أكله كل حين. ربما كان العداء لسلطة الجيش أحد أسباب تحوله الكبير، ككثير من رفاقه، الذين عارضوا ترشح أحمد شفيق لرئاسة مصر تحت شعارات تلتمس رئاسة مدنية. عقب شهور قليلة من حكم الإخوان تحول موقف علاء عبد الفتاح مع رفاقه إلى معاداة جماعة الإخوان المسلمين، والعمل على إسقاط رئاسة محمد مرسي، حيث كان ذلك باباً جديداً للحضور الواسع في المشهد السياسي المضطرب، الذي انتهي بإسقاط الجماعة، وأفرز الوضع المستجد قيادات شابة جديدة وكان في مقدمتهم شباب حركة تمرد الذين حلوا ضيوفًا على وسائل الإعلام كممثل لشباب المرحلة الجديدة. عقب إسقاط الإخوان، انتقد علاء الأوضاع التي رآها تسير نحو الأسوأ، إلى أن فوجئ بإقرار قانون تظاهر؛ تصور بدايةً أنه سيستخدم ضد اعتصامات الإخوان في ميداني رابعة والنهضة، لتكون أول تجربة له بأجساد شباب الثورة. وعقب إنهاء اعتصام رابعة لمؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي، التي وصفها بـ «أكبر جريمة بحق الإنسانية»، اتخذت كتابات علاء منحى آخر، لتبدأ في ذلك الوقت معركة جديدة وفصل جديد من حكاية الثورة. ودعا عبدالفتاح في مقالاته إلى تقبل الهزيمة، فقال «اعترافي بالهزيمة كان لأننا فقدنا لغة الثورة، واستبدلناها بمزيج خطيرٍ من نظريات المؤامرة المعقدة والبارانويا… كل ما علينا أن نتقبل ونحتضن تخبط ثورتنا المستمرة»، لم يكن يعرف حينها أن أيامًا أسوأ قادمة. في السجن: تتضاءل الأحلام لتسع الزنزانة عن تجربة الحبس لسنوات، يتضاءل النضال والطموح حتى تسعه الزنزانة، ويصبح تعريف الحرية هو متى يفتح الباب أو يغلق… والخوف من الانسياق وراء أجيال انخفض سقفها ليتوقف عند مأمور السجن. هكذا وصف الناشط عبدالفتاح تجربته داخل السجن ، في حوار مع إحدى الشبكات الدولية، حيث قال «المسئولون في السلطة مشغولون بعزلي، لا يوجد غير القنوات الأرضية، أو الجرائد الحكومية، لم يعد هناك شيء سوى برنامج موسيقي، وأصبحت أعرف الآن عن آل كارداشيان أكثر مما أعرف عن أخبار المنطقة». وعبر عبدالفتاح عن خشيته التحول لواحد من آلاف الكائنات البائسة بسجن طرة، في ظل الانتهاكات التي يتعرض لها «أخشى أن يستمر حبسنا ولا تنتهي قضايانا وينسانا العالم الممتد خلف الأسوار». نسيان ما هو العالم خارج الأسوار هو كابوس لأناس منغمسين في الشأن العام، فكان الخوض في الخلافات هو الخبز، وكانت القراءة نفسًا من الهواء النقي. ولأن الأنظمة التي تعتمد على التضييق تفهم ذلك؛ تم سلب حق علاء في الاطلاع والقراءة والمراسلة، كما يقول المدون أحمد ناجي . ويعاني عبد الفتاح، منذ بداية عام 2015، من العزلة وعدم قدرته على الاتصال بالعالم الخارجي، حيث رفضت إدارة السجن دخول عدد كبير من المؤلفات والكتب، دون مسوغ قانوني. وإزاء هذه الإجراءات، أقامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبت فيها بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة بالامتناع عن دخول الدوريات العلمية. ومن جانبه، طالب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، بالإفراج عن عبدالفتاح: «إنّ المجلس قدّم مراراً وتكراراً قائمة على رأسها أحمد دومة وعلاء عبد الفتّاح وأحمد ماهر، بهدف تخفيف حدّة الاحتقان السياسيّ، لكنّ هناك موقفاً قويّاً من الحكومة تجاه هؤلاء الشباب». و اعتبرت منظمة العفو الدولية ، أن علاء عبدالفتاح «سجين رأي» محتجز لدى السلطات المصرية، مؤكدةً وجود أوجه قصور في الإجراءات التقاضي، كما خلصت المنظمة إلى أن النيابة العامة متواطئة في تلك الانتهاكات. وقال الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة، إن الناشط المصري علاء يجري احتجازه تعسفاً ويجب على السلطات سرعة الإفراج عنه. المستقبل بعيون علاء عبدالفتاح: «ونظل مُلهِمين» رؤية علاء عبدالفتاح للمستقبل تباينت بالتزامن مع السنوات التي مرت على حبسه، ففي 2014 كتب معلنًا هيمنة اليأس على الجميع، وبعدها بعام قال إنه لم يعد له رسالة أمل على الإطلاق، وفي الذكرى الخامسة للثورة اعترف بقيامه بكل السخافات التي قام بها كل أصحاب الثورات المفرطين بالتفاؤل، وذلك وفق مقال نشر في جريدة الغارديان البريطانية. ورأى الناشط الحقوقي أن نفس المشهد يتكرر: «تنفتح أبواب التاريخ على وسعها أمام وجهائنا وحكمائنا، وفى كل مرة يصر من ساقه حظه لعتبة التاريخ أن يخسف بأحلامنا الأرض، عليك فقط أن تقنع نفسك أن الهوان والخذلان بروتوكول». وفي آخر حوار أجرته CNN بالعربية مع علاء عبدالفتاح، عبر أسرته، قبيل إصدار الحكم النهائي بحبسه، قال إن «ثورة يناير هُزمت في الفضاء المادي وليس في مخيلة الشباب، نظل مُلهِمين رغم إحساسنا بأننا غير ملهَمين». وفي كل الأحوال، أكد عبدالفتاح في حواراته الصحفية على ضرورة التذكير أنه رغم الاعتراف بالهزيمة، ما زال بإمكاننا المقاومة، حتى وإن كان الميراث باهظ والثمن فادح دفعه جيل كامل من شباب الثورة ورموزها. ولخص علاء عبدالفتاح نظرته لمستقبل الثورة وإمكانية استعادة الشعلة المقدسة، في مقال دوّنه من داخل زنزانة 6/1 عنبر 4 سجن طرة: الحب خالد.. والحزن خالد.. والميدان خالد.. والشهيد خالد.. والبلد خالد، أما دولتهم فلساعة، ساعة فقط. قد يعجبك أيضاً كتاب «المنتخب من أدب العرب»: كتب المنتخبات في العصر الحديث لماذا يهتم الرؤساء بأخلاق الشعوب؟ السعودية وإيران تجيباك الإباحية الأخلاقية: هل ينبت الورد وسط الرماد؟ رينيه جينو: الفيلسوف الذي وجد طمأنينته في الإسلام شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram أسماء خليفة Follow Author المقالة السابقة سيد عويس: نجيب محفوظ في علم الاجتماع المقالة التالية مصر العثمانية: سياسة الطبيعة وتكوين الشخصية المصرية قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك إذا كان الدين يقينيا.. لماذ لم يؤمن به أغلب البشر؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كيف انتهت طفرة الاقتصاد العالمي بعد حرب أكتوبر 1973؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك روح دون كيشوت التي تملكتنا 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ميثاق الإمام: تجديد الإسلام أم متطلبات الدولة العلمانية؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ألبسوا الكلاب والسمك ذهبًا: الهوايات الغريبة لخلفاء المسلمين 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «ألبرت حوراني»: جولة في ظلال الفكر العربي 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لماذا كان أينشتاين اشتراكيًّا؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مصر الثائرة: حكاية 5 ثورات قام بها المصريون 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك طباخ وديليفري: حكايات الذين لا يفطرون بسبب «أكل العيش» 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الرجال من المريخ والنساء من الزهرة: هل يمكننا اللقاء على... 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.