شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 147 عام كامل مر. عام كامل دون وجودك وكلماتك ومقالاتك ورواياتك وأعداد سلاسلك. عام دون يقيننا بأنك هنا٬ رغم كل الخبرات والعلوم والكتابات والأضواء ما زلت تقف في نفس مكاننا وعلى نفس المسافة التي نقف منها على الأشياء. عام كامل دون صدقك وصداقتك٬ نقائك ونظافة يدك وقلبك. مر عام يا دكتور أحمد دون أن تكون حاضراً بيننا٬ ولكنك – ليس غريباً- ما زلت هنا٬ في القلب والعقل٬ تحتل صورتك مكاناً مميزاً في بيوت معظمنا٬ وقلوبنا جميعاً٬ وقد أصبحت تتصدر المشهد ربما أكثر من ذي قبل٬ مر عام تمسكنا فيه بك أكثر٬ وارتبطنا بك رغم الغياب أكثر ربما من ذي قبل. جعل الشباب يقرؤون كانت أمنيته أن يقال إنه جعل الشباب يقرؤون٬ في الحقيقة وبعد عام كامل من غيابه٬ اتضح أنه لم يجعل الشباب يقرؤون فقط٬ رغم أن أمنيته تحققت بالفعل، وقالوا إنه جعل الشباب يقرؤون٬ ولكن الأعظم من ذلك هو أنه جعل الشباب يشعرون. نحن تعلمنا منه كيف نستخدم هذه الأجهزة التي تضخ القلب في صدورنا٬ هناك زر يجعل هذا الجهاز يشعر وضغط هو هذا الزر بسهولة شديدة٬ ربما لم نفطن لهذا في وقتها٬ ولكن الدموع التي لم تجف لمدة عام كامل٬ والحديث الذي اتصل ولم ينقطع طوال هذا العام عنه وعن ذكرياتنا معه وعن آرائه ومواقفه٬ تسابقنا كي نشارك في صدقات جارية لروحه٬ وبناء صرح تابع لمستشفى خيري يحمل اسمه٬ وصورته التي ما زالت تتصدر وسائل التواصل الاجتماعي تؤكد أنه نجح في جعلنا بشرًا أفضل٬ وأن قلوبنا تعمل على ما يرام٬ وإن كان الله قد استخدم أحداً كي يفعل بنا هذا٬ فإن د. أحمد خالد توفيق – كان! هذا الأحد. تعلمنا كيف نحب٬ كيف نتصرف بنبل٬ كيف نحزن بأناقة٬ كيف نسخر من العالم ومن أنفسنا٬ كيف نتألم٬ تعلمنا من كلماته كل شيء تقريباً عن العالم٬ وما لم يعلمه لنا بنفسه أشار لنا للطريق الذي يمكن أن نجد ضالتنا فيه٬ فتح لنا العالم على مصراعيه٬ عن طريق أنه فعل أسهل شيء ممكن٬ أن يفتح لنا قلبه٬ فكان قلبه في وسع العالم٬ قلبه الذي خذلنا وتوقف فجأة٬ فظللنا من يومها ولمدة عام نتألم٬ ونفتقده٬ وسنظل. ما وراء الطبيعة كل هذا الحب والافتقاد الذي ظل متقداً وساخناً لمدة عام كامل٬ والذي سيترك حزناً هادئاً مستقراً ومستمر بعد أن يخبو٬ كل هذا يحمل شيئاً غريباً٬ ما ورائياً. كيف يجتمع كل هؤلاء على حب رجل واحد؟ رجل خجول خفيض الصوت٬ هادئ الطباع٬ عادي الشكل٬ ويسكن الأقاليم؟ كيف لكل هؤلاء الذين تفور دماء الشباب في عروقهم فتجعلهم يتصرفون بحماقة واندفاع وتسرع في أغلب الأحوال أن يصمتوا جميعاً في حضرة مصيبة رحيله؟ وأن يحنوا الرؤوس في أسى حقيقي؟ وأن يظلوا لمدة عام كامل يرثونه؟ كيف لكل هؤلاء ألا يتناحروا ويتقاذفوا الاتهامات والشتائم التي يتبادلونها بمناسبة ودون مناسبة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي٬ وبدلاً من ذلك يدشنون مجتمعات صغيرة يتحدثون فيها عن أبيهم الراحل ويطفئون خلافاتهم التي تشتعل سريعاً قبل أن تلتهم حزنهم عليه؟ كيف تناسوا كل خلافاتهم وتذكروا فقط أنهم يحبونه وأنهم يفتقدونه وأنهم عرفوا معنى الحزن الحقيقي برحيله المفاجئ؟ كل هذا يحمل شعوراً غريباً بالماورائية٬ هذا ليس شيئاً معتاداً٬ لو كان دكتور أحمد خالد توفيق هنا كان قد حلل تلك الظاهرة٬ ووجد فيها شيئاً يستحق التأمل٬ وربما وجد شيئاً غريباً يستحق التنقيب وراءه٬ ربما أيضاً وجد تعويذة ما أو سحراً قديماً هو السبب٬ نعم هو سحر٬ سحر الصدق والنبل الذي لم نجده في غيره٬ والذي جذبنا جميعاً نحو بقعة النور الوحيدة التي كانت تسمى أحمد خالد توفيق. أسطورته هو ما زال هنا٬ داخل كل واحد فينا٬ ما زال موجوداً بقوة رغم الرحيل٬ في كل مناسبة أو حدث أو حادثة تجد من نقب في كتاباته ووجد مقالاً أو مقتطفاً من رواية أو قصة قصيرة تحكي ما حدث أو تقول رأيه فيه كأنه يراه معنا هنا والآن٬ ليس استبصاراً ولكن لأن التاريخ يعيد نفسه ولكن الناس ينسون كما كان يقول دوماً. أسطورته أنه كان قادراً أن يقول رأيه بصراحة في توقيت كانت الصراحة فيه تعني اعلان الحرب٬ أو على أفضل تقدير تلقي الشتائم٬ أسطورته أنه لم يخذلنا أبداً٬ اللهم إلا في رحيله المفاجيء الذي لم يكن له يد فيه٬ أسطورته أنه اشترانا في توقيت باعنا فيه كل الآخرين٬ أسطورته أنه كان أكثر نقاء من اللازم٬ وأكثر رهافة من اللازم لدرجة أنه لم يستطع تحقيق أحلامه في السينما والتليفزيون٬ أسطورته أنه كتب عن كل شيء٬ وأهم ما كتب عنه هو نحن٬ أسطورته أننا وجدنا من يكتبنا ويعرف حقيقتنا ويقدرها٬ أسطورته أنه وبعد عام من الرحيل ما زلنا نتذكر نبرة صوته في الحديث٬ أسطورته أنه هو. ما زلت أذكر اليوم المشئوم الذي سمعت فيه الخبر٬ كل كلمة قلتها وكل شعور أحسسته مامزال عالقاً في ذاكرتي٬ أحياناً تدهمني الذكرى فجأة٬ أتذكر كل شيء دفعة واحدة٬ وأستوعب من جديد أنه لم يعد هنا٬ في كل مرة يحدث هذا بقدر الألم الذي أستشعره إلا أنني أدعو الله أن يستمر هذا الافتقاد٬ لأنني أعرف أنه في المرة التي سوف تدهمني الذكرى فيها ولن أتألم سوف أتيقن أنني أصبحت عجوزاً بقلب أشيب٬ ولذلك وفي كل مرة أتذكر وأتألم أجدد العهد الذي سوف يظل للأبد٬ وحتى تحترق النجوم. قد يعجبك أيضاً «السبيليات»: من سيرة المرأة والحرب كل هذه الأخطاء: «ما وراء طبيعة» عمرو سلامة فيلم «Judas and the Black Messiah»: إرهاب منظومة العدل الأمريكية «رسائل سبتمبر»: حوار هادئ مع الموت والحياة شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram إنجي إبراهيم Follow Author المقالة السابقة هكذا أسس عبد الحليم حافظ لأفلام «رحلة الوصول للمجد» المقالة التالية رواية «دفاتر فارهو»: بين سندان الفقر ومطرقة الحرب قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك من يحسم الصراع على جائزة أفضل فيلم في أوسكار 2016؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أدباء «الإعلام الاجتماعي» والكتابة الجماهيرية الجديدة 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ناروتو: رحلة داخل النفس البشرية 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أهم 10 أعمال أدبية مترجمة في معرض الكتاب 2020 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيلم «The Boys From Brazil»: ملاك الموت وصائد النازيين 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «Toni Erdmann»: ألمانيا صاحبة الوجهين 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أحلام فترة النقاهة: الطريق الملكي لـ لا شعور نجيب محفوظ 05/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك سيرة فان جوخ السينمائية: 6 بورتريهات للهولندي المعذب 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «خالد حسيني»: الواقع الأفغاني في الأدب الأمريكي 03/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مسلسل 13Reasons Why: نظرة مختلفة على حياة المراهقين 03/03/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.