محتوى مترجم
المصدر

Open Democracy
التاريخ
2018/11/22
الكاتب
جانيس جريم

عندما شاعت الأخبار منتصف أكتوبر/ تشرين الأول عن احتجاز أبوظبي لأكاديمي بريطاني شاب بسبب أبحاثه، كان قد مرّ بالفعل على سجن

ماثيو هيدجز

أكثر من خمسة أشهر. في أوائل مايو/ أيار، سافر ماثيو إلى الإمارة بهدف إجراء مقابلات للحصول على درجة الدكتوراه في العلاقات المدنية والعسكرية في الإمارات العربية المتحدة ما بعد الربيع العربي. رغم حصوله على جميع التصاريح اللازمة ومقابلة عدة مسؤولين، تم اعتقاله وحبسه انفراديًا في مكان مجهول. وزعمت السلطات الإماراتية أن أنشطته البحثية كانت مجرد غطاء للتجسس لصالح المخابرات البريطانية واتهمته بالعمالة لدولة أجنبية. وفي خضم الاحتجاج الدولي على مقتل الصحفي

جمال خاشقجي

في إسطنبول بطريقة وحشية على يد فريق إعدام سعودي، جاء هذا بمثابة صدمة أخرى لأولئك الذين ما زالوا حتى الآن يرون الخليج العربي موطئًا للاستقرار الإقليمي.على النقيض، لم يكن احتجاز ماثيو مفاجئًا لأولئك الذين يراقبون المنطقة. تظهر قضية طالب الدكتوراه في جامعة درهام حدود الحرية الأكاديمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، لكنها ليست حادثة منفردة. فبدلًا من ذلك، تضرب مثالًا للاتجاه الأكثر تسلطًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي أثر على الطلاب في المنطقة بمعدل ينذر بالخطر. خاصةً، تقليص مساحة الأبحاث الأكاديمية في الشرق الأوسط. يشير هذا الاتجاه إلى تراجع كبير في مناخ البحث في أعقاب ما يطلق عليه «الربيع العربي» لعام 2011.


ربيع عربي في العلوم الاجتماعية

في العام 2011، فاجأت موجة الاحتجاجات في المنطقة العديد من علماء الاجتماع. قبل الربيع العربي، ركزت دراسات السياسة في الشرق الأوسط بشكل كبير على العوامل الهيكلية والنخب السياسية. وركز عدد قليل من الباحثين النقاد على «

السياسة الجماهيرية

»، حتى أنهم ركزوا غالبًا على أنماط من الاحتجاج الأقل من بداية الاحتجاج الشعبي الذي كان نادرًا في السياقات القمعية للأنظمة العربية.كشف الظهور المفاجئ للائتلافات الشعبية بين مختلف القطاعات الاجتماعية التي افترضت أنها غير فعالة أو غير سياسية، بطريقة فعالة النقاط الخفية لهذه الأطر التحليلية. وتحول هذا الأمر إلى فرصة للعديد من الباحثين الذين لم يولوا اهتمامًا كبيرًا للمنطقة حتى الآن، حيث اهتم دارسو التحول السياسي (ترانزيتولوجيستس) بحماس ظهور موجة رابعة لتحقيق الديمقراطية في العالم العربي وشمال أفريقيا. وبحث دراسو الحراكات الثورية أوجه الشبه بين

موجة الثورات

في البحرين والقاهرة وصنعاء وتونس والاحتلال المكاني للحركات الاحتجاجية والمتظاهرين المناهضين للعنف في جنوب أوروبا. وقارَنَ الطلاب الدارسون للثورات بين التحالفات الطبقية والأيديولوجية في الربيع العربي والحركات الثورية في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية.علاوة على ذلك، أثارت الثورات مشاعر التضامن، لا سيما بين الباحثين الشباب الذين استطاعوا التعرف على عوامل التغيير ومُثُلهم التعددية والتحررية. توافَق حماسهم مع فرص التمويل الجديدة، وخلق الربيع العربي مزاجًا ذهبيًا دفع العديد من علماء الاجتماع إلى المغامرة في مناطق جديدة. ودفع هذا بشكل فعال نظام دراسات الشرق الأوسط من كيان صغير إلى مركز للعلوم السياسية.مع ذلك، أثرت الفائدة المكتشفة حديثًا في المنطقة على الطريقة التي يمكن أن يُرى من خلالها علماء الشرق الأوسط من الآن فصاعدًا. بين عامي 2011 و 2013، عزز صانعو السياسة الغربيون التبادل النشط بين النشطاء العرب ومنظمات المجتمع المدني. غالبًا ما يسهل الباحثون هذه العملية عبر إنشاء اتصالات وتجهيز اجتماعات للخبراء. هكذا قام الباحثون في العديد من العواصم الغربية بالعمل على تعزيز أصوات المحتجين وساهموا في نشر مطالبهم.عزز هذا من صورة دراسات الشرق الأوسط باعتبارها منهجًا متحيزًا لم يتعاطف فقط مع موضوعات أبحاثه بل دعمها بقوة في نضالها ضد الأوامر الاستبدادية القديمة. عززت حقيقة أن جزءًا من أدب الربيع العربي من الوافدين الجدد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا الانطباع.باختصار، ظهر عدد لا يحصى من الباحثين قليلي أو معدومي الخبرة في المنطقة في سياق ما بعد الانتفاضة لمقابلة ثوار التحرير. كان لهذا عواقب، بما في ذلك للباحثين المخضرمين الذين وعلى مدار سنوات، كانوا يسيرون بخفة لإجراء أبحاثهم على الرغم من الانغلاق الاستبدادي. عندما أفسح الربيع العربي الطريق أمام إعادة الاستبداد، كان كل من الوافدين الجدد والعمال القدامى في صدمة عنيفة.


البحث تحت تهديد السلاح

قبل عام 2011، اعتبرت السلطات في المنطقة علماء الاجتماع كتدخل محتمل، وإن كان مزعجًا إلى حد كبير. بالمقارنة بتكاليف الشرعية المطلوبة لاعتقال وترحيل العلماء «لا سيما الغربيين»، كان وجودهم ببساطة أقل شرًا. مع بعض الاستثناءات القليلة، تغاضت معظم القوى الاستبدادية عن المنح الدراسية النقدية في جامعات دولهم كطفل مدلل للمجتمع الدولي.في أعقاب الربيع العربي، عُدَّ هذا التنظيم غير الرسمي موقفًا للتنافر. في معظم البلدان التي اهتزت بسبب الاحتجاجات الجماهيرية في عام 2011 «وجيرانها»، أصبح البحث عن الجهات المنظمة غير الحكومية كـ «أحزاب المعارضة والمجتمع المدني الناقد والحركات الاجتماعية والنقابات» محظورًا، يليه قضايا أخرى تعتبر شائكة، كالعلاقات المدنية العسكرية والفساد والتاريخ الثقافي.في سوريا وليبيا واليمن والعراق، سرعان ما ساهمت الحرب وتفكك الدولة في تعقيد الوصول إلى ميدان البحث. على النقيض، انتقل الباحثون في البحرين ومصر والمغرب العربي ودول الخليج وتركيا إلى بؤرة اهتمام متجددة للدول الأمنية التي عادت إلى الانتعاش من نكستها خلال الانتفاضات، وتعلمت من أخطائها. اعترافًا بخدمة الوساطة للباحثين ونشرهم التفاصيل الثانوية التي تحدت النظام الجديد، بدأت هذه الأجهزة في استهداف المجتمعات الأكاديمية على مستوى جديد.نفتقر إلى

البيانات المنهجية

القابلة للمقارنة لانتهاك الحريات الأكاديمية في المنطقة. يعود ذلك جزئيًا إلى أنه لدى الباحثين المتضررين حافز للحفاظ على خبراتهم بأنفسهم؛ إما لتجنب فقدان القدرة على الوصول إلى ميادين البحث، أو الخوف من تعريض المشاركين في البحث والمحاورين للخطر. المنظمات غير الحكومية القليلة التي تجمع البيانات حول قمع الباحثين مترددة في نشر بيانات غير مفصلة، حيث يمكن أن تحتوي على أدلة تؤدي إلى حالات فردية وتترتب عليها تداعيات.لكن حتى الأدلة المتاحة ترسم صورة قاتمة. يعاني باحثو الشرق الأوسط اليوم بشكل روتيني من القمع من سلطات الدولة في شكل ترهيب أو حظر من السفر أو السجن بتهم ملفقة، يواجه آخرون الحرمان من الدخول إلى بلدان محددة. من بين الذين تعرضوا لإطلاق النار أيضًا علماء في الخارج: يتعرض الكتّاب المنفيون للترهيب من ممثلي الأنظمة التي يراقبونها. وتراقب البعثات الدبلوماسية العربية العلماء الأجانب. وغالبًا ما يخفي الباحثون في المنطقة بعناية مسارات رحلاتهم عند السفر للخارج لتجنب التبعات.بالتالي، أصبحت اليوم العديد من المدن التي كانت سابقًا مراكز فكرية «مثل برلين ولندن» غير مُحبذة من العديد من الأكاديميين في منطقة الشرق الأوسط، بسبب المراقبة الأمنية للأجهزة الأمنية العربية.في عامي 2016 و2017،

سجل

المجلس الأكاديمي للمخاطر في المملكة المتحدة أعلى طلب على الدعم الخارجي للأكاديميين منذ الهجرة الجماعية القسرية للعلماء من أوروبا المحتلة من النازيين في ثلاثينيات القرن العشرين، وكان معظمهم قادمين من الشرق الأوسط والمناطق المحيطة. كان أبرز المسؤولين عن ارتفاع عدد طلبات المساعدة الأسبوعية، من 3-4 طلبات قبل اضطرابات عام 2011 إلى 15-20 اليوم، هو اضطهاد العلماء المعارضين من النظام السوري، أو إبعاد أو احتجاز علماء على صلات بحقوق الإنسان أو المنظمات غير الحكومية أو المعارضة في مصر، وكذلك تعليق ومحاكمة الباحثين بعد الانقلاب العسكري الفاشل لعام 2016 في تركيا.يمكن التعرف على اتجاهات مماثلة في مشروع «

مراقبة الحرية الأكاديمية

» التابع لعلماء تحت الخطر، والتقرير السنوي «

التعليم أثناء الحرب

» التابع للتحالف العالمي لحماية التعليم أثناء الحرب. يركز هذا الأخير بشكل خاص على مجموعة من تسع دول في المنطقة، تحديدًا مصر والعراق وإسرائيل وليبيا وفلسطين والسودان وسوريا وتركيا واليمن كمناطق ساخنة للبحث الأكاديمي، وحتى لم يذكر دول مجلس التعاون الخليجي التي منحت بالكاد حق الدخول لباحثين أجانب واحتجزت مؤخرًا عدة دارسين بتهمة التجسس.


رمزية مقتل جوليو ريجيني

جنازة جوليو ريجينى بإيطاليا

على الرغم من ملاحظات الاحتجاج المشتركة على نطاق واسع، كان رد الفعل الدولي على الحملات المنظمة ضد الأكاديميات المسموعة محدودًا، كما كان لها تداعيات على الجناة. يعتبر هذا صحيحًا حتى في أكثر الحالات وحشية:

خُطف

الباحث الإيطالي في اتحادات العمال المستقلة جوليو ريجيني، في الذكرى الخامسة للثورة المصرية في يناير/ كانون الثاني 2016، وعُذب وقتل في القاهرة. تحمل الجريمة السمة المميزة للدولة الأمنية المصرية لكنها لا تزال معلقة، حتى بعد أكثر من عامين.لم يوجد ما هو مثير للجدل بشكل خاص حول بحث ريجيني. وفيما يتعلق بانتماءاته المؤسسية، لم تميزه سماته الشخصية، أو إجادته للغة العربية أو شبكة اتصالاته المحلية عن معظم الباحثين الآخرين في مصر. كان موضوع بحثه – دراسة قائمة على المقابلات مع اتحاد باعة جائلين مستقل – حساسًا، لكن ليس أكثر من دراسة عديدين آخرين.كان الباحثون في القاهرة وقتها يبحثون حول حركات اشتراكية أو إسلامية محظورة، مثل 6 إبريل أو الإخوان المسلمين. ويبحث آخرون حول مذابح الجيش أو الاختفاء القسري. أحدث مقتل ريجيني ضجة كبيرة لأنه كان

موكلًا

بمجال دراسات الشرق الأوسط بكامله. لعلماء الاجتماع، كان مقتله ذا تأثير مقصود. تشابهت استجابتهم مع علماء في تركيا بعد مرور نصف عام، عندما انخرطت السلطات في حملة تطهير ضد المتعاطفين المزعومين مع حركة غولن: غادر الباحثون الدولة على عجل أو قطعوا علاقاتهم مع محدثيهم، وحوّل طلاب الدكتوراه حول العالم تركيزهم عن الدولة، وأوقفت الجامعات المشهورة مشروعات شملت العمل الميداني في مصر.علاوة على ذلك، تسببت القضية في انعدام الثقة بين العديد من الباحثين والمشاركين في الأبحاث. أدان أحد محاوري ريجيني نفسه كجاسوس أجنبي للشرطة. رأى رئيس اتحاد الباعة الجائلين في القاهرة أنه «واجب وطني» للإبلاغ عن شكوكه للسلطات. من يستطيع ضمان ألَا يحذو المحاورون الآخرون حذوه؟ تتأثر اليوم تقريبًا جميع الاتحادات العمالية والحركات الاجتماعية وأحزاب المعارضة التي يبحثها علماء الاجتماع في المنطقة لدورهم في الربيع العربي، بقمع الدولة. بعد مقتل ريجيني، بدأ العديد من الباحثين بالتفكير في السيناريو القائل بأن بعضهم قد يتعاون مع الشرطة في مقابل تخفيف القيود.كانت الاستجابات الدولية واقعية أيضًا. عندما أوقفت السلطات المصرية التحقيقات الإيطالية، أطلقت الصحافة الصفراء

حملة تشهير

عنيفة ضد مها عبد الرحمن، المشرفة على شهادة الدكتوراه الخاصة بريجيني بجامعة كامبريدج. لم يوجد أي دليل بتورط عبد الرحمن بأي شكل في القضية. ومع ذلك، استجوبها قضاة إيطاليون، وصادروا

حاسوبها وهاتفها الخلوي

، وكان لذلك أثر مروع على الباحثين الذين كانوا حتى الآن يعتمدون على الدعم غير المحدود لحكوماتهم ومؤسساتهم الوطنية. لم يمض وقت طويل حتى تحول اللوم الذي لا أساس له على عبد الرحمن إلى شك عام. استنتجت العديد من وسائل الإعلام أن الباحثين في الشرق الأوسط كانوا يجلبون الشك لأنفسهم عبر إجراء الأبحاث في هذا الجزء الخطير من العالم. شكلت هذه الشكوك عن غير قصد رواية العديد من الحكام العرب الذين يعتبرون أن نشر علماء غربيين في العالم العربي يمثل تدخلاً أجنبيًا يخلد التناقضات الاستعمارية الجديدة.


تزايد الشك و«السياحة الأكاديمية»

ساهمت هذه التفاعلات في خلق مناخ من الشك، مقترنة بالحكايات الشائعة للتحرش أثناء العمل الميداني وحملات التشهير والتهديدات الشخصية ضد الأصدقاء أو المشاركين في البحث.في مجتمع دراسات الشرق الأوسط الصغير نسبيًا، تسبب ذلك في حدوث انتكاسة في الأنشطة البحثية، حيث شعر الباحثون أنهم تركوا بمفردهم مع الحقائق المتغيرة لعملهم. جمع

مشروع البحث الآمن

لتطوير كتيب، لأبحاث ميدانية أكثر أمانًا في البيئات المتنازع عليها، خبرات عشرات العلماء حول هذا الأمر. بصرف النظر عن الحماية الذاتية والحاجة إلى إعداد أفضل للبحث الميداني، كشفوا عن أن حماية المشاركين في البحث خصوصًا أصبحت صعبة في الشرق الأوسط حيث تتكون الخطوط الحمراء باستمرار. عادة ما يتأثر المخبرون والخبراء الاستشاريون المحليون – النشطاء والباحثون الآخرون، وأيضًا السائقون والمصلحون والمترجمون وغيرهم – بقمع الدولة بالفعل. كيف يمكن إضفاء الشرعية على الاهتمام الإضافي بأن «

السياحة الأكاديمية

» القادمة من شمال العالم؟ يعترف العديد من الباحثين أنه في منطقة الشرق الأوسط اليوم، لا يمكنهم ضمان إخفاء الهوية والحماية الكافية، بسبب تزايد الرقابة من الأجهزة الأمنية.تعتبر مؤسسات دراسات الشرق الأوسط أن التضييق الاستبدادي الحالي في المنطقة يطبق اختبارًا حاسمًا أيضًا. حتى الآن، تباينت ردود أفعالهم بين الجهل المطلق والتجاهل الإستراتيجي للمناخ المتحول والعودة التامة إلى منطقة الراحة البنيوية في تلك الأوقات قبل الربيع العربي: لا تضطر ميزة استمرار تسليط الضوء على المنطقة العلماء بالضرورة إلى التفاعل مع العناصر الفاعلة في المجتمع المدني التي يمكن تركها فورًا.


استجابات جيدة

على النقيض، تتحكم بعض مؤسسات التعليم العالي حسنة السمعة في خطر استهداف باحثيها، وذلك بفرض حظر غير رسمي على مشاريع في بلدان معينة تعتبر خطيرة للغاية. وشدد آخرون على الأقل على عملية الموافقة على العمل الميداني لأعضائهم. تتراوح درجة إضفاء الطابع الرسمي على تأشيرات البحث الإلزامي في الرحلات الميدانية «التي من المستبعد للغاية إصدارها للمشروعات الحساسة في معظم البلدان العربية»، بين الالتزام بالحصول على تأمين ضد الخطر «الذي لا تتوفر سياساته في معظم الجامعات العامة»، إلى تقييم المخاطر إلزاميًا قبل الباحثين الميدانيين.رحب العديد من الباحثين بمثل هذا الشكل للعمل الميداني. وأخيرًا، أظهرت أن مسألة كيفية جعل البحث أكثر أمنًا جعله على جداول الأعمال المؤسسية. تنبع حالات حظر البحوث الميدانية خصوصًا من إدراك وجود القليل من الجامعات بالفعل يمكن أن تقوم به لحماية موظفيها في حالة حدوث أخطاء. هكذا هي أولاً وقبل كل شيء الأعراض المرئية للمؤسسات التي تفي بواجب الرعاية. يعتبر هذا صحيحًا أيضًا عندما يقرر كبار العلماء – لأسباب مفهومة – عدم الإشراف على أي مشاريع قد تعرض الطلاب للخطر.مع ذلك، في الوقت نفسه، ساهمت القيود الجديدة على الأبحاث الميدانية عن غير قصد في توريق البحوث الميدانية وإضفاء الصبغة القانونية عليها. الأكثر من ذلك، تعتبر العديد من القيود الجديدة على الأبحاث مفيدة من الناحية النظرية، لكنها تضع عبء التعامل بشكل كافٍ مع المخاطر بشكل قوي على الباحث الفردي.على وجه الخصوص، أصبحت متطلبات تقييم المخاطر غطاءً دون أن تكون مصحوبة بالتدريب المناسب، وبالكاد قادرة على حماية الباحثين بشكل مناسب. مثل هذه الدورات لا تزال نادرة في الكليات. الموارد والمعلومات وفرص التدريب على الطرق السليمة للتصدي للمخاطر المتعلقة بالبحوث غير متوفرة على نطاق واسع. غالبًا، لا يزال الباحثون المبتدئون يكتسبون معرفتهم حول المخاطر المحتملة لعملهم عبر جمع نصائح زملائهم الباحثين. في أفضل الحالات، تكون هذه الإستراتيجيات مجربة وحديثة. وفي أسوأ الحالات، تكون قديمة أو حتى ذات نتائج عكسية، مما يخلق إحساسًا زائفًا بالأمن.


الحاجة للمشاركة


خلافًا لأزمات الصحفيين أو العاملين في المنظمات غير الحكومية، أهملت العلوم الاجتماعية عامل الخطر الذي يأتي مع أبحاثهم لفترة طويلة. هذا ليس صحيحًا فقط بالنسبة للعالم العربي، لكنها هنا حيث تكون الحاجة إلى المشاركة المهنية مع الشرطة من الباحثين أكثر وضوحًا في الوقت الحالي، وحيث يكون تأثير الأكاديميات المقصودة صارخًا للغاية.بتحول المنطقة إلى مكان غير قابل للبحث خاصة البحث النقدي، تحول بالفعل العديد من الباحثين الذين اكتشفوا للتو الشرق الأوسط لعملهم. مما أدى إلى نقص الدعم المؤسسي القوي في التعامل مع ظروف العمل الميداني الأكثر صرامة بشكل غير مفاجئ، وأيضًا توجيه العديد من الباحثين المخضرمين انتباههم إلى أجزاء أخرى من العالم حيث يواجهون مخاطر أقل. بشكل فردي، يعتبر هذا التحول في الأولويات معقولًا. أما بالنسبة لدراسات الشرق الأوسط كنظام، فهو ضار. ليس فقط لأنه يخاطر بالهبوط مرة أخرى إلى وجودها في ما قبل الربيع العربي. لكن أولًا وقبل كل شيء، لأن علماء الشرق الأوسط الباقين في المنطقة سيتركون لمحاربة معركتهم الشاقة وحدهم.