شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 78 في مظاريف بيضاء مع طوابع من الدرجة الثانية، استلم عدد كبير من سكان مناطق لندن وبيرمنجهام وبرادفورد وليستر وكارديف وشيفيلد، رسائل مجهولة المصدر، تدعو لجعل يوم 3 أبريل/نيسان القادم «يوم معاقبة المسلم». للأسبوع الثاني على التوالي، تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي رسالة كراهية مرعبة بمحتواها الذي ينطوي على أسوأ أنواع العنف تجاه المسلمين في المملكة المتحدة، ترافق ذلك مع دعوة شرطة مكافحة الإرهاب المجتمعات المسلمة في المملكة المتحدة للبقاء متيقظة، مؤكدة أنها باشرت التحقيق لمعرفة مصدر الرسائل التي تدعو المتلقين للهجوم على المسلمين. حيث تفاجأ عدد كبير من المسلمين المقيمين في بريطانيا منذ منتصف الشهر الجاري برسائل تهديد مجهولة المصدر، ولكنها من نوع مختلف عن العادة هذه المرة، لدرجة أنها أثارت الهلع والخوف في أنحاء البلاد، وجعلت الشرطة البريطانية تفتح تحقيقًا موسعًا تابعًا لوحدة شرطة مكافحة الإرهاب. هل نحن أمام محرقة «هولوكوست» جديدة؟ الرسائل تدعو المواطنين البريطانيين إلى القيام بأعمال عنف وشن هجمات ضد المسلمين في كل أنحاء بريطانيا، وذلك يوم 3 أبريل/نيسان القادم، بل تتعهد بمكافآت لمن يقوم بذلك، وحددت الرسائل – التي لم يعرف مصدرها بعد – عددًا من الاعتداءات التي يمكن للشخص أن يقوم بها ضد ضحيته المسلم، والتي تتراوح بين السب اللفظي وحرق المساجد، وتقدم نظامًا لتسجيل النقاط معلنة مكافأة مالية متصاعدة؛ وفقًا لدرجة الاعتداء وعدد النقاط! حيث يحصل المعتدي على 10 نقاط مقابل الاعتداء اللفظي، و25 نقطة مقابل نزع حجاب امرأة مسلمة، و50 نقطة مقابل إلقاء مادة الأسيد الحارقة على الوجه، و100 نقطة مقابل الضرب المبرح، و250 نقطة مقابل تعذيب بالصعق الكهربي أو السلخ، و500 نقطة مقابل القتل بمسدس أو سكين أو الدهس بالسيارة، و1000 نقطة لتفجير أو حرق مسجد، و2500 نقطة لضرب مكة بقنبلة نووية! من الواضح أن الرسالة تهاجم سياسات بريطانيا ودول أوروبا في التعامل مع المهاجرين والأقليات والمسلمين، حيث جاء في نص الرسالة : صدمة واستنكار أثارت الحملة العنصرية جدلًا كبيرًا في بريطانيا، مخافة نجاحها في إطلاق سلسلة من الاعتداءات على المسلمين الذين يعيشون هناك، والذين يشكلون ثاني أكبر ديانة في المملكة المتحدة. وعبر العديد ممن تلقوا تلك الرسائل عن صدمتهم، معربين عن استنكارهم لما جاء فيها من دعاوى كراهية وعنصرية، أثارت حالة من السخط بين أوساط الجالية المسلمة في بريطانيا، حيث قال «مقداد فرسي» مساعد السكرتير العام للمجلس الإسلامي البريطاني: «إن تلك الرسائل تعكس حالة الكراهية، التي تغذيها الجماعات اليمينية المتطرفة ضد المسلمين، ويجب على الجهات الرسمية العمل على مواجهة الإسلاموفوبيا». بينما قال متحدث باسم الشرطة: «نتابع التحقيق مع شرطة مكافحة الإرهاب في هذا الوقت، وننظر في أي روابط محتملة للتحقيقات الحالية. يجب على أي شخص لديه أي مخاوف بشأن أي اتصال تلقاه تبليغ قوات الشرطة المحلية». وقامت عضو البرلمان عن برادفورد ويست «ناز شاه» بنشر بيان على فيسبوك جاء فيه: «أناشد المجتمع كاملًا أن يظل يقظًا، وأن يبلغ الشرطة عن أي نشاط مشبوه». وأشارت جمعية «المشاركة الإسلامية والتنمية» الخيرية إلى أن الرسالة أثارت الرعب، معتبرة أنها صدرت بوضوح من جزء ساخط من المجتمع، وتتعين معالجتها بجدية، ويجب البحث عن حل فوري قبل فوات الأوان. بينما قالت «إيمان عطا» مديرة «تل ماما»، وهي منظمة تتعقب الجرائم ضد المسلمين: «لقد تسبب هذا في الكثير من الخوف داخل المجتمع. إنهم يسألون عن إذا ما كانوا آمنين، إذا كان أطفالهم آمنين للعب في الهواء الطلق». صعود اليمين ومخاوف المسلمين إنهم آذوك، وجعلوا من تحبهم يعانون. إنهم سببوا لك الألم. ماذا ستفعل إزاء ذلك؟ هل أنت خروف مثل الغالبية العظمى من السكان؟ إنهم يسمحون للأمم ذات الأغلبية البيضاء في أوروبا وأمريكا الشمالية بأن يتم غزوها واجتياحها من قبل أولئك الذين لا يريدون أكثر من إيذائنا، وتحويل ديمقراطياتنا إلى دول بوليسية تحكمها الشريعة. أنت فقط من يستطيع تغيير كل هذا، أنت فقط من يمتلك السلطة والقوة، لا تكن خروفًا. مع ازدياد أعداد المسلمين في بريطانيا – ذكر إحصاء عام 2011 أن المسلمين يشكلون أكثر بقليل من 4.4 في المائة من سكان المملكة المتحدة، حوالي 2.7 مليون شخص، مقارنة بـ1.55 مليون في عام 2001- ارتفع عدد جرائم الكراهية في إنجلترا وويلز وغيرها، فحسب إحصائيات وزارة الداخلية، كان هناك 80.339 جريمة في 2016/ 2017، مقارنة مع 62.518 في 2015/ 2016. وكانت تلك الزيادة، التي بلغت 29 في المائة، هي الأكبر منذ أن بدأت وزارة الداخلية تسجيل الأرقام في 2011/ 2012.حيث شملت هذه الاعتداءات هجمات متعمدة على المساجد والمدارس. في العام الماضي، تم اتهام رجل بريطاني بضرب سيارة «فان» في مجموعة من المسلمين يغادرون مسجدًا في لندن، مما أسفر عن مقتل مصلٍ وإصابة آخرين. وقالت الشرطة إن المشتبه به «دارين أوزبورن» 48 عامًا، تلقى رسالة على تويتر من «جايدا فرانسين»، نائب زعيم جماعة «بريتيش فيرست» –وهي جماعة يمينية متطرفة ذات سمعة سيئة- وذلك بعد أن أعاد الرئيس «ترامب» تغريد مقاطع فيديو معادية للمسلمين، كانت قد نشرتها جماعة «بريتيش فيرست». وفي ديسمبر/كانون الأول تم اعتقال السيدة «فرانسين» مع «بول غولدينغ»، زعيم «بريطانيا أولًا»، بتهم جرائم الكراهية، بعد أن اتُهموا بنشر مقاطع الفيديو على الإنترنت لمضايقتهم للمسلمين في مايو/ أيار 2017. وقد أُدين كلاهما هذا الشهر وحُكم عليهما بالسجن. مع صعود تيار اليمين المتطرف في أوروبا انتشرت ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين في الدول الغربية، وذلك عبر ترويج خطاب معادٍ للإسلام والمسلمين في تلك الدول، مما يعود بآثار سلبية على الوجود الإسلامي هناك، حيث إن اليمين المتطرف يرى في معاداة الأجانب والمسلمين نقطة قوة تضاف لصالحه في منافساته للوصول إلى سدة الحكم. برزت هذه الظاهرة من خلال تصويت البريطانيين على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بتأييد من اليمين الأمريكي، كما يتوقع المحللون كذلك صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في عدد من الدول الأوروبية التي تحمل أجندات معادية للمسلمين واللاجئين المهاجرين، وسياسات معاداة المسلمين والمهاجرين هذه ليست فكرة هامشية في السياسة الغربية، فهي موجودة عند مجموعة من نخب اليمين واليسار التقليدي، بشكل أو آخر، وما فعلته أحزاب اليمين الجديد أنها عبّرت بشكل أكثر صراحة وفجاجة عن هذه الفكرة، وعن التعاطي الأوروبي مع الجاليات المسلمة، وفق الإرث الاستعماري، والدفاع عن هوية مسيحية لأوروبا، ضد التغلغل الإسلامي فيها. اقرأ أيضًا: «يوم العقاب»: مقصلة الكراهية تطارد مسلمي بريطانيا لا يفرض المهاجرون المسلمون تحديًا اقتصاديًا وحسب، فبالنسبة لشرائح ليست بسيطة من المجتمعات الأوروبية، يطرح المهاجرون المسلمون تحديًا ثقافيًا ، يتعلق بتهديد نمط الحياة الغربي، والهوية والثقافة الوطنية في البلدان الأوروبية. وفي هذا الإطار، نصَّبَت أحزاب اليمين الراديكالي نفسها مدافعة عن التميز الثقافي والحضاري الأوروبي، في مواجهة ثقافات دونية، وهذا مكّنها من استثمار حالة الخوف التي يشعر بها مواطنون أوروبيون، في تحقيق نجاحاتٍ انتخابيةٍ مهمة، وباتت تنافس الأحزاب التقليدية على مقاعد البرلمان، وتدخل في التشكيل الحكومي في بعض البلدان. يشير عالم الاجتماع البولندي «زيغمونت باومان» إلى أن العولمة لم تقم بتوحيد الثقافات، كما كان يتوقع بعضهم، فهي تُفَرِّق بقدر ما تُوَحِّد، وتخلق اختلافات جديدة، ما يطرح تحديًا لفكرة التجانس التام، أو ابتلاع ثقافةٍ أخرى. صعود اليمين الراديكالي مؤشر على صعوبات كبيرة، تواجهها مفاهيم التعددية الثقافية في أوروبا، وعلى وجود أزمات هوية هناك، تستحق دراستها بتعمق. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً من المكتبة إلى القارئ: روائع إهداءات الكتب ثمن المواطنة: الأموال والاستثمارات مقابل الجنسية «الاقتصاد الدائري» والرأسمالية الصديقة للبيئة كيف يساهم إعداد القادة في تحفيز عملية التنمية؟ شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محمود صابر Follow Author المقالة السابقة ليالٍ عشر مع «المتنبي» المقالة التالية إيلون ماسك: المجنون الذي يحقق أحلامنا قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك رواية «لوليتا»: فراشة «نابوكوف» المفقودة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مونوبولي: لعبة اخترعتها الاشتراكية لفضح شرور الرأسمالية 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك معركة باب الشزري: فرنسا تغزو الأندلس 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كتاب «فلسفة الكذب والخداع السياسي»: بين الرفض والتبرير 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هكذا تصنعون طواغيتكم: ما بين «بيجوفيتش» و«المسيري» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نظرات الندم: بين «إيفان الرهيب» و«عبد الملك زرزور» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك «الأتمتة» ومستقبل الوظائف بعد أزمة كورونا 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك العمامة والأفندي: سوسيولوجيا خطاب وحركات الاحتجاج الديني 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك قانون التعادل: لهذا ستعيش دائمًا في صراع لإثبات ذاتك 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك أدب الديستوبيا: كيف يُهدد واقعنا ويُحرض على الراديكالية؟ 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.