كم مرة فكرت في القراءة عن إيران ولم تجد من يساعدك؟

مَن لم يداعب خياله رغبة المعرفة عن إيران، البلد الأكثر فاعلية في المحيط الإقليمي، وصاحبة الثورة التي غيرت شكل الشرق الأوسط، والتي لم يغب ذكرها عن عناوين الأخبار اليومية. أتباعها يعبثون في سوريا والعراق واليمن، ولا يكاد يخلو بلدٌ عربيٌ إلا وللجمهورية الإسلامية فيه يدٌ تعمل. وربما لن نكون مبالغين، إذا قلنا إنه لا بلدٌ في العالم إلا وقد امتدت إليه اليد الإيرانية، هنا في أفريقيا، وهناك في آسيا وأمريكا اللاتينية، والقوقاز، وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية، ثمة متنفذون يغازلون السلطة ويعملون لحساب جمهوريتهم!

مهمتنا في هذا إذن، أن نساعدك، ونقدم لك عددًا من الكتب التي يمكنك – كغير متخصص – من خلالها الانطلاق والبحث عما تود معرفته – بعمق – عن إيران، بلاد الجمال والطبيعة، والسياسة.

1. تاريخ إيران الحديثة

هذا ما قاله المؤرخ الأمريكي،

ديفيد لوينثال

، لكن في الحالة الإيرانية وفق ما يسرد لنا صاحب الكتاب «تاريخ إيران الحديثة»، فإن التاريخ الإيراني له بنيةٌ صلبة، وتتابعات زمنية وأحداث، أشبه بالجسد الوحد.

«تاريخ إيران الحديثة» للمؤرخ الأمريكي

أروند إبراهيمان

، المولود في إيران، والمهتم بشئون الشرق الأوسط. ويعرض الكتاب سردًا تاريخيًا منمقًا، مستعرضًا أبرز المحطات السياسية والاجتماعية في إيران، ابتداءً بعهد الملكية القاجارية وانتهاءً بتولي الرئيس السابق لإيران، محمود أحمدي نجاد، سُدة الحكم. يمتاز الكتاب بإضافة الكثير من الإحصاءات، التي تساعد القارئ على تخيّل الدولة الإيرانية في ذلك الوقت، وهو ما يجعل الصورة لدى القارئ مكتملةً إلى حدٍ كبير.

ورغم أن المترجم، مجدي صبري، تعمد في مقدمة الكتاب أن ينقل عن إبراهيميان، حياده في النقل ورغبته الجامحة لإيصال صورة عادلة، غير منحازة، للقارئ إلا أنه، شأنه شأن الكثير من كُتاب اليسار، بدا متحمسًا للثورة في بدايتها، وهو التوجه العام الذي ساد إيران في ذلك الوقت.

ويركز إبراهيميان في كتابه على القرن الـ20 الطويل في إيران، والذي شهد ثورتين، ثانيهما شهدها جيلٌ لا يزال بيننا اليوم، وهي الثورة الإسلامية 1979، والأولى، كانت الثورة الدستورية عام (1905-1911)، الثورة التي صنعت الحراك الذي ظل ملتهبًا لعقود، وترتب عليه حل الأسرة القاجارية وتولي رضا شاه الرئاسة الإيرانية 1925. وبحسب إبراهيميان، فالثورة الدستورية كانت أولى حلقات الصراع الإيراني الذي تُوج نهاية القرن بالثورة الإسلامية، وجمهوريتها الناشئة.

تُرجم الكتاب للعربية، بواسطة الأستاذ مجدي صبحي، ونُشر ضمن سلسلة عالم المعرفة، عدد فبراير/شباط 2014، بواسطة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت.

2. إيران: الثورة الخفية

يأتي كتاب «إيران: الثورة الخفية»، مكملًا للكتاب السابق، لمؤلفه الفرنسي تييري كوفيل. وكوفيل باحثٌ في الشئون الإيرانية، نُشرت له العديد من الأبحاث والكتب في هذا المجال، مثل؛ اقتصاد إيران الإسلامية بين الدولة والسوق 1994، واقتصاد إيران الإسلامية بين النظام والفوضى 2002.

الكتاب ترجمه للعربية الأكاديمي اللبناني اليساري، خليل أحمد خليل، وتتبلور الفكرة العامة للكتاب خلافًا للسرد التاريخي الماتع، في كونه يعرض جانبًا من الحياة الاجتماعية الإيرانية، مبرزًا الدور الذي لعبته المظالم الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة كوقود للثورة الدستورية ثم الإسلامية، ويفترض كوفيل من خلال قراءته للمشهد الاجتماعي والاقتصادي أن إيران تطفو على بحر من المظالم الاجتماعية، مما يجعل المجتمع الإيراني في حالة ثورة كامنة.

وكون الكاتب درس الاقتصاديات النفطية، فقد ركّز في فصل من الكتاب على ضرورة التنوع الاقتصادي، والخلل البنيوي الذي عانت منه إيران بعد الثورة، لاعتمادها على النفط كمصدر رئيسي للدخل القومي، وتنبأ الكتاب بأن الداخل الإيراني لن يستقر، ما دامت المظالم الاجتماعية، وما فتئ الاقتصاد الإيراني موسومًا بالريعية النفطية. ويسلط كوفيل الضوء، في قراءته للداخل الإيراني، على تنامي القومية الإيرانية على حساب الدين، وفي هذا يتساءل، إلى أي حد يمكن وصف النظام بأنه إسلامي؟

نُشر الكتاب للمرة الأولى بالفرنسية في العام 2007، وترجم للعربية في العام التالي في دار الفارابي، ومقرها بيروت، لبنان.

3. إيران من الداخل

للكاتب المصري والمفكر الإسلامي، فهمي هويدي، صدر عن مركز الأهرام للدراسات والنشر، يرصد الكتاب الحالة الثورية التي كانت عليها الجمهورية الإسلامية نهاية العقد الثامن ومطلع التاسع من القرن الماضي. لم يخفِ الكاتب تعاطفه مع الثورة الإيرانية، لاعتبارات نشأته الإسلامية، أو كما قال هو باعتبارها انتصارًا لفئة المستضعفين التي ينتمي لها، لكنه للظرف الإقليمي حال صدور طبعته الأولى، اعتمد بعض العبارات الهشة «غير المعبرة» في سياقها، وهو ما ذكره بنفسه في مقدمة الطبعة الرابعة، متعللًا بالظرف السياسي العربي الرافض لإيران في ذلك الوقت، والمحارب لكل من يتناولها بالبحث أو الدراسة أو الإعجاب.

لكن ما يميز هويدي، أنه لم يعمد يومًا إلى تبديل الحقيقة، كما يراها، ففضل إخفاء بعضها وإبراز الآخر وفق ما هو مسموح به. وساعدته على ذلك بالتأكيد الخبرة الصحفية الطويلة.

ويجدر تنبيه القارئ، بألا يتناول ما ورد في هذا الكتاب على أنه التاريخ الإيراني، وإلا فسيكون التاريخ ضحية فهم القارئ غير المكتمل لحقيقة الكتاب، فالكتاب لم يكن سوى رصدٍ لحالة، شاءت الأقدار أن يكون هويدي قريبًا منها، بالقدر الذي سمح له برصدها ومتابعتها في خمس زيارات قام بها للجمهورية الإيرانية خلال الفترة ما بين عام 1979 و 1986.

كما أن الحالة الإيرانية لم تكن تبلورت بالشكل الكافي لدراستها حال صدرت الطبعة الأولى عام 1987، ومعلومٌ أن رؤية الماضي بعين الحاضر أقرب الرؤى وأصوبها، فرؤية الحاضر قاصرةٌ بقصور المعلومات المتواترة على علم الإنسان، لاسيما إن كان خارج دائرة الفعل في الحالة التي يهم لدراستها. لكن يُحسب لهويدي أنه حمل على عاتقه الحديث عن الثورة في وقت كان السائد في العالم شيطنتها.

4. إيران: جمهورية إسلامية أم سلطنة خمينية؟

الكتاب الذي عكف على إنجازه خمسة من الباحثين، هم: الدكتور مصطفى اللباد، والدكتور وحيد عبد المجيد، والدكتور محمد السعيد عبد المؤمن، والدكتور مدحت حمادو، والأستاذ محمد عباس ناجي، وتكمن أهمية الكتاب في تركيزه على الجمهورية الناشئة من بدايتها، وحتى انتخابات الرئاسة 2009، وهي الحقبة التي شهدت النصيب الأكبر من صراعات الداخل الإيراني بعد الثورة، لتثبيت الدعائم التي عليها بناء الجمهورية الإسلامية اليوم.

ويناقش الكتاب، الصادر عام 2009 عن مركز الأهرام للدراسات والنشر، الانقسام الحاد الذي شهدته الجمهورية عام 2009، كصراع بين جناحينِ، الجمهوريين والسلطانيين، ويركز الدكتور وحيد عبدالمجيد في بحثه، على نقطتين رئيسيتين؛ الأولى أن النظام الإيراني الآن شبه جمهوري أو نصف جمهوري، والصراع هو بين من يتطلعون إلى جمهورية كاملة ومن يريدون نظامًا سُلطانيًا يتمدد في الخارج. والثانية تكمن في الصراع الداخلي على حدود ولاية الفقيه، ويرتبط بالصراع على المستقبل، فأنصار الولاية المطلقة هم «السُّلطانيون»، والداعون إلى تقويض هذه الولاية أو تقييدها هم «الجمهوريون»، ويندرج تحت كليهما طيفٌ واسع من الأطراف الفاعلة في الداخل الإيراني.

أما الدكتور مصطفى اللباد فيركز على الحركات الفكرية والسياسية، ويرى إيران في حالتها الآنية تخرج عن كونها طائرًا له جناحان، إصلاحيٌّ ومحافظ، إلى طائر خرافي بثلاثة أجنحة، ويشدد خلال رصده على أن الأجنحة الثلاثة باتت جميعها يمينية في ظل ضمور جناح اليسار.

5. التيارات السياسية في إيران

يُعد الماضي بلدًا أجنبيًا

غلاف الطبعة الأولى من كتاب (التيارات السياسية في إيران)

غلاف الطبعة الأولى من كتاب (التيارات السياسية في إيران)

للوهلة الأولى يبدو التصنيف السياسي في إيران سهلًا، ثمة تيار إصلاحي وآخر محافظ وبينهما معركة حول بنية النظام ومساراته، لكن يبدو الأمر أعقد من هذا بكثير. إذ تتدخل عوامل عديدة في تكوين التيارات السياسية والحركات الاجتماعية في إيران، ويأتي في مقدمتها، التحول الذي شهده المجتمع الإيراني من التقليد إلى الحداثة، فضلًا عن معدل التحديث المتزايد، وتوزيعاته الجغرافية، مما يسمح بوجود فجوات تاريخية بين أبناء البلد الواحد، وهو ما يلقي بظلاله على الحركات المنبثقة عن هذه المجتمعات المتفاوتة.

الدكتورة فاطمة الصمادي، الباحثة في مركز الجزيرة للدراسات، تنكأ بعصاها البحثية في هذه التصنيفات، متتبعة بذور النشأة وآليات العمل، والأهداف، لكل فصيل وحركة، مُحاولةً رسم خريطة تفصيلية للتيارات السياسية الإيرانية.

تبدأ الباحثة الفصل الأول من الكتاب، بالتعرض للعقد الأول من عمر الثورة الإسلامية، وموجات الصراع بين القوى الإسلامية الملتفة حول آية الله الخميني، والقوى اليسارية، والليبرالية، محاولة الإجابة عن التساؤل المنطقي حول كيفية نشوء اليمين واليسار في إيران، والتركيز على إفرازات هذه المرحلة، والتي لا تزال مؤثرة في المشهد السياسي والاجتماعي الإيراني اليوم. بينما تعرج في الفصور اللاحقة على مختلف التيارات والحركات، انتهاء بالتيار النجادي، نسبةً للرئيس الإيراني السابق، محمود أحمد نجاد.

صدرت طبعة الكتاب الأولى في العام 2012، عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومقرها الدوحة، قطر.