محتوى مترجم
المصدر

Open Democracy
التاريخ
2018/02/12
الكاتب
سام كوسار-جيلبرت

نحن نعيش في عالم يواجه العديد من الأزمات المدمرة والمتداخلة، مثل

عدم


المساواة


المتزايدة

، تغير المناخ، الفقر، التلوث، وانتهاكات حقوق الإنسان. ولا شك أن نظامنا الاقتصادي الحالي يُسهم في استمرار هذه الأزمات وتفاقمها.

على مدى السنوات الـ30 الماضية، كانت الأصولية النيوليبرالية تُقدم المصالح المؤسسية والمالية على المعايير المجتمعية والبيئية، عبر سياسات مثل الخصخصة وتحرير التجارة، وإلغاء الضوابط التنظيمية. إذا كان الاقتصاد يتعلق بتخصيص وتوزيع الموارد الشحيحة كما تدعي العديد من الكتب الدراسية الجامعية للسنة الأولى، فإن تلك السياسات التي استمرت لمدة 30 عامًا قد فشلت.

لقد صنعنا ثروة أكبر من أي وقت مضى؛ لكننا لم نتمكن من تقاسمها بإنصاف، وبينما كنا نفعل، دمرنا وطننا المشترك. نحن بحاجة إلى اقتصاد جديد للقرن الـ21. ولحماية كوكبنا الضعيف، علينا أن نصغي للمجتمعات والحركات الاجتماعية في كافة أنحاء العالم؛ الذين أعدوا بالفعل حلولًا اقتصادية عادلة ومستدامة للتحديات المجتمعية والبيئية. نذكر هنا خمسة منها.


1. توفير الخدمات العامة للجميع من خلال العدالة الضريبية

بدءًا من العيادات الصحية في جنوب أفريقيا إلى

ترشيح المياه في أوروجواي

و

النقل


العام


في


فيينا

، الخدمات العامة توفر احتياجات مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم. كما أنها تشجع النشاط الاقتصادي، وبالتالي يمكن أن تلعب دورًا رائدًا في التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة.

وللقيام بذلك، يجب عليها أن تضمن المشاركة الفعالة للمجتمعات المحلية عبر نظم مثل

ميزانية


تشاركية

، وشفافية أكبر، و

معايير


بيئية


أكثر


صرامة


فيما


يتعلق


بالأداء


والتوريدات

، والإشراف الدولي الإجباري.

ويتوجب لدفع تكاليف هذه الخدمات إقرار سياسات ضريبية عادلة. وبدلًا من تخفيض الضرائب، نحتاج للمزيد منها على الشركات متعددة الجنسيات، والمعاملات المالية، وأرباح رأس المال، والأثرياء.

تكلف الملاذات الضريبية الحكومات مئات المليارات من الدولارات. وتُعتبر حماية كوكبنا من الاحتباس الحراري أمرًا ممكنًا، لكنه يتطلب العدالة الضريبية لتمويل بدائل الطاقة اللازمة. فعلى سبيل المثال، تقدّر منظمة «

أصدقاء


الأرض

» الدولية أن العوائد المهدرة بين عامي 2015 و 2030 إلى الملاذات الضريبية يمكنها أن تمد نصف العالم بما نسبته 100% من الطاقة المتجددة.


2. توسيع نطاق الملكية المجتمعية والجمعيات التعاونية



يوجد في جميع أنحاء العالم

أكثر


من


مليار

شخص هم بالفعل أعضاء في الجمعيات التعاونية، وهي جزء أساسي من «الاقتصاد الاجتماعي والتضامني» الذي تُعرّفه «

منظمة


العمل


الدولية

» كمفهوم يشمل المنظمات التي تنتج السلع والخدمات والمعرفة، في حين تسعى لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية.

يدور مفهوم الاقتصاد التضامني في الأساس حول إعادة تأكيد سيطرة الناس على الاقتصاد، وتستند مبادئها على عوامل مثل: القوة المشتركة، صنع القرار الديمقراطي، استقلال المرأة، الشفافية، الاستدامة، الإدارة الذاتية، والتوزيع العادل للعائدات الاقتصادية.

تقوم الجمعيات التعاونية بإنتاج وتوزيع الملايين من السلع والخدمات كل يوم، بدءًا من الطعام الذي نأكله إلى الفنادق التي نمكث فيها والمصانع التي نعمل فيها والاتحادات الائتمانية حيث يمكن اختيار استثمار مدخراتنا. ففي كيبيك – كندا، 10% من مجموع الأنشطة الاقتصادية هناك تقع ضمن الاقتصاد التضامني، وفي البرازيل

نشل


الملايين


من


الناس


من


براثن


الفقر

.

وبدون الدعم الكافي، يمكن لهذه المبادرات أن تُكافح لتتحول من مشاريع صغيرة إلى حلول تحويلية ذات أثر اجتماعي واقتصادي أوسع. كل ما علينا أن نضمن حصولهم على التمويل المناسب والأطر التنظيمية الداعمة، والتعلم من «المدن التشاركية» الناشئة مثل سيول وأمستردام.


3. دعم الأسواق المحلية والتجارة العادلة



تعتبر الاقتصادات المحلية والإقليمية المرتبطة معًا عبر علاقات تجارية منصفة، هي العمود الفقري لمجتمع مستدام. ومع ذلك، فقد أدى تحرير التجارة إلى تزوير اللعبة، وكتابة القواعد لصالح الشركات متعددة الجنسيات. وأدى ذلك إلى «سباق إلى القاع» على المعايير المجتمعية والبيئية.

نحتاج إلى نظام تجاري يقوم على التعاون وليس المنافسة. ينبغي للسياسات أن تمكن الحكومات من

الحد من التجارة في المنتجات الضارة بيئيًا واجتماعيًا

، وإدخال «بند السيادة» الذي يُلزم الدول باتباع القانون الدولي وضمان تفوق حقوق الإنسان قانونيًا على الصفقات التجارية.

تقوم المجتمعات والشركات المحلية بإعادة تدوير حصة أكبر بكثير من عائداتها في الاقتصاد المحلي أكثر من الشركات متعددة الجنسيات. ووجدت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا أن المال استقر في المجتمع وتضاعف عندما اشترى الناس المنتجات التي يحتاجونها من أسواق المزارعين المحليين بدلًا من المتاجر. كما أن الترويج للإنتاج المحلي والزراعة البيئية يُقلل النقل غير الضروري كثيف الكربون.

تعترف العديد من الحكومات بأهمية الاقتصادات المحلية بالفعل: حيث تعطي برامج «من المزرعة إلى المدرسة» في البرازيل و

الولايات


المتحدة

و

فرنسا

الأولوية للأغذية المزروعة محليًا في المقاصف المدرسية، في حين تدعم إندونيسيا

الاقتصادات


الريفية

بواسطة صندوق يهدف إلى تحسين المرافق العامة المحلية والمؤسسات.


4. تثبيت اقتصادات الغرض بتعظيم رفاهية الناس والكوكب



في ظل النيوليبرالية، يتم التعامل مع التطور و

المنافسة

كأهداف في حد ذاتها بدلًا من أن تكون وسيلة لتحقيق نهاية أوسع. ويؤدي هذا لتعميق عدم المساواة وتجاوز المعدل الذي يمكن للبيئة أن تُجدد فيه الملوثات أو تمتصها.

ينبغي أن يكون الهدف الرئيسي للتنظيم الاقتصادي هو تلبية احتياجات المجتمعات المحلية في انسجام مع الكوكب. وينبغي إعطاء «إجمالي الناتج المحلي» أولوية أقل بكثير والاستعاضة عنه بمؤشرات جديدة للتقدم، وكما تقول الاقتصادية «

كيت


راورث

»: «اقتصادات اليوم انقسامية وانتكاسية تلقائيًا، ولا بد لها أن تصير توزيعية وتجددية عن عمد».

في ظل «اقتصادات الغرض»، توافق الحكومات الخاضعة للمساءلة الديمقراطية على إعطاء الأولوية لأنشطة مثل الرعاية الصحية والتعليم والطاقة المتجددة عبر الإعانات والتدابير الأخرى، مع تقليص أو وقف الأنشطة الضارة مثل استخراج الفحم وإنتاج الأسلحة.

يحدث هذا بالفعل في بعض مناطق العالم. وتقود مفاهيم «الحياة الجيدة» سياسة الحكومة في أجزاء من أمريكا اللاتينية. وهناك مبادرات انتقالية ذات صلة تجري في الهند تحت عنوان «

سواراج


بيئية

»، وفي أوروبا من خلال

حركة


المدن


الانتقالية

.


5. قواعد ملزمة لتفكيك قوة الأعمال التجارية الكبيرة

تنتشر انتهاكات حقوق الإنسان في أكبر الشركات.

فقدت

المجتمعات المحلية في إندونيسيا منازلها لصالح مزارع زيت النخيل، كما تلوثت الأنهار في كولومبيا بشدة بسبب مناجم الفحم ما حرم السكان المحليين من

الصيد

، بينما دمرت مشاعل الغاز الطبيعي من معامل التكرير وخطوط الأنابيب المجتمعات في نيجيريا، على الرغم من عدم قانونية ذلك.

المسئولية الطوعية للشركات أو «التنظيم الذاتي» ليست كافية. نحتاج إلى قواعد دولية ملزمة قانونًا لضبط الشركات الدولية ومراعاة أعمالها. ويعمل فريق «

جماعة


العمل


الحكومية


الدولية

» بالفعل لوضع هذه الوثيقة الملزمة، وتم إقرار «

قانون


وجوب


الرعاية

» الفرنسي في عام 2017 لإيقاف الشركات الفرنسية المسؤولة عن الانتهاكات البشرية والبيئية المرتكبة في أي مكان في العالم.

يجب على الحكومات أيضًا أن تتدخل لمنع الاحتكارات الوطنية والإقليمية والعالمية واحتكارات القلة، لإيجاد مجال أكثر تكافؤًا للمؤسسات الصغيرة والجمعيات التعاونية والخدمات العامة. في هذه المساحات مجتمعةً توجد بالفعل حلول للفقر وعدم المساواة والتدهور البيئي. ويتمثل التحدي في توسيع نطاقها وتعديل الاقتصاد بطرق تخدم كلًا من البشر والكوكب.