شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 48 تحت عنوان «الاستبدال العظيم – The Great Replacement»، وفي أربع وسبعين صفحة منشورة على منتدى n8cha، عبَّر برينتون تارانت منفذ مجزرة مسجد النور بنيوزيلندا عن أفكاره بطريقة واضحة مصوغة في بيان «مانفيستو» مكوِّن من ثمانية وثمانين سؤالًا أجاب عنها، ولم يكتفِ بهذا لإظهار أفكاره ودوافع العمل الوحشي الذي قام به، حتى قام بكتابة أسماء وتواريخ مليئة بالدلالات والرمزية على أجزاء الأسلحة التي استخدمها، بل حتى بث الأغنية التي استمع لها في طريقه لتنفيذ المجزرة عبر الفيديو المباشر. هذا كله أتاح لنا محتوى ننفذ من خلاله لعقلية قاتلٍ منتمٍ لليمين المتطرف. تارانت وإن أعلن في بيانه أنه لا ينتمي لحزب أو جهة، ذكر صراحة أبطاله، ومنهم أليكسندر بيسونيت ودارين أوسبورن وأنتون لوندن وديلان روف ولوكا ترايني، وكلهم منتمون لليمين المتطرف، قاموا باعتداءات وحشية تسببت بقتل مهاجرين أو مسلمين، ويفيد بأنه تحديدًا طلب مباركة أندريس بريفياك اليميني المتطرف الذي قتل 85 شابًّا، والذي قام أيضًا بكتابة وثيقة يتحدث فيها عن آرائه، وبلغت تلك الوثيقة أكثر من 1500 صفحة. الاستبدال العظيم الاستبدال العظيم فكرة بسيطة، لديك شعب معين، وخلال جيل، سيصبح لديك شعب آخر. جملة منسوبة لرينو كامو، وهو كاتب فرنسي طرح نظرية مؤامراتية تقول أن السكان الفرنسيين الكاثوليك البيض، والسكان الأوروبيين المسيحيين البيض عمومًا، يتم استبدالهم بشكل غير منتظم في أوروبا وإحلال عرب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مكانهم، من خلال الهجرة الجماعية والنمو السكاني. تربط الفكرة وجود المسلمين في فرنسا بالخطر المحتمل وتدمير الثقافة والحضارة الفرنسية، ويطلق الموقع الذي يحمل اسم النظرية هاشتاغ (#إبادة_البيض) كوسيلة تحذير من الخطر القادم الذي يتهدد أوروبا والعالم الغربي بسبب انخفاض نسبة مواليد الأوروبيين وارتفاعها لدى المهاجرين والمسلمين. انتشرت تلك النظرية بشكل كبير بين أتباع اليمين المتطرف، وشكلت إطارًا يحوي داخله عدة أفكار أساسية يحملها ناشطو التيار ويكررها سياسيوه، إما بشكل صريح أو موارب في دعايتهم الانتخابية. تفوق العرق الأبيض «أنا رجل أبيض، من والدين من أسكتلندا وأيرلندا وإنجلترا، دافعي لهذا العمل هو لأجل إيماني ولأجل الغرب، ولأثبت لهم أن هذه البلاد هي بلادنا نحن وليست بلادهم ما دام فينا رجل أبيض حي»، ويكرر في موضع آخر: «وطالما بقي رجل أبيض، فلن يغزو أرضنا ولن يحل محل شعبنا أبدًا»، وفي موضع ثالث يجيب على سؤاله: «هل أنت داعم لترامب؟» بقوله: «كرمز للهوية البيضاء المتجددة؟ بالتأكيد». هذا التعريف المختصر للهوية المعتمدة على اللون، وعلى الأصل النظيف الأنجلوسكسوني، المتبوع بإعلان الاستعداد لمحاربة كل من يهدد تفوق وسيطرة الجنس الأبيض على أرضه، يجسد مقولة أحد التيارات المنضوية تحت اليمين المتطرف وهم النازيون الجدد، المنتشرون في كل دول أوروبا وروسيا وأمريكا. كُتَّاب النازيين الجدد يؤكدون عقيدة روحية وباطنية للعرق الأبيض، تتعدى العنصرية العلمية المادية المستوحاة من الداروينية، فيؤكدون أن أسلاف الآريين كانوا في الماضي البعيد بشرًا متفوقين، لكنهم عانوا من الانقلاب بسبب الاختلاط مع الشعوب الأرضية. ضمن هذه النظرية، إذا أراد الآريون العودة إلى العصر الذهبي للماضي البعيد، فهم بحاجة إلى إيقاظ ذاكرة الدم واستعادة صفاء عرقهم. واشتهر حاملو هذه الفكرة بشكلهم كحليقي رءوس، وهيئتهم الخاصة، واستعدادهم لارتكاب العنف، ومنذ عام 2011 عددت الجارديان البريطانية أربعة عشر هجومًا إرهابيًّا قام بها حاملو هذا المبدأ. العداء للمسلمين والمهاجرين أكره المسلمين الذين يعيشون في بلادنا، والمسلمون الذين أكرههم حقًّا هم المسلمون المهتدون من شعوبنا الأوروبية، الذي تركوا تراثنا وتقاليدنا وثقافتنا، وأصبحوا خونة لعرقنا الغربي، هؤلاء حقًا، وصدقًا أبغضهم، أطفال المحتلين (اللاجئين المسلمين في الغرب) لا يظلون أطفالًا، بل يصبحون بالغين، وسيكونون قادرين على زيادة عددهم، ليكونوا محل البيض ويستبدلوا هويتنا، ولذا أي واحد من هؤلاء نقتله فسيقل واحد من أعدائنا الذين سوف يواجههم أطفالنا. هذا ما كتبه تارانت في بيانه. يتوافق هنا تارانت مع موجة كراهية نحو المسلمين سادت بشكل كبير عقب الهجمات الإرهابية التي أوقعها تنظيم داعش في أوروبا في السنوات الأخيرة، لكن هذه الكراهية لها جذور ينظِّر لها منتمون لليمين المتطرف، يصرُّون على اعتبار المسيحية سمة لتعريف الذات، وتمييزها عن الآخر، وبالتالي فإن العدو المتوقع هو أقرب آخر غير مسيحي يمكن أن يتناقض مع المجتمع الغربي. وهذا يفسر نداءات الإسلاموفوبيا ومكافحة الأسلمة التي ينادي بها عدد كبير من سياسيي اليمين المتطرف، ومنهم فيلدرز الزعيم البرلماني الهولندي الذي قام بحملة لإيقاف ما يعتبره «أسلمة هولندا». وقارن القرآن بكتاب كفاحي لهتلر، وأتبع ذلك بحملة لجعل الكتاب محظورًا في هولندا. ونظرتهم قائمة للمسلمين في أوروبا كمستعمرين يودون احتلالها. قالها بصريح العبارة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في حوار مع صحيفة «بيلد» الألمانية، نُشر في يناير/ كانون الثاني 2018: «لا نعتبر هؤلاء الناس كلاجئين مسلمين ولكن كغزاة مسلمين». ورافق موجة اللاجئين السوريين التي تدفقت لأوروبا بعد 2016 تصاعد لدعوات المطالبة بصد المهاجرين وإغلاق أبواب أوروبا أمامهم من كل ساسة ومنظِّري وناشطي اليمين المتطرف، وكان موضوع مكافحة الهجرة بندًا ثابتًا في كل الدعايات الانتخابية التي قامت بها أحزاب اليمين المتطرف، وصل الأمر ببعضهم لتدابير فعلية تغلق الحدود أمامهم كما فعل أوربان في المجر، ودعا بعضهم الآخر لتلك التدابير كما فعل فيلدرز الذي شدد على «ضرورة منع الهجرة الجماعية إلى أوروبا حتى لو سنكون مضطرين إلى إقامة جدار». وأقيم اجتماع في براغ في ديسمبر/ كانون الأول 2017 جمع رءوس أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا مارين لوبان ولورنزو فونتانا من رابطة الشمال الإيطالية وغيورغ ماير من حزب حرية النمسا وغيرهم؛ رافعًا شعار : «من أجل أوروبا صاحبة السيادة»، بما يحمل ضمنيًا أن لا مكان للمهاجرين في القارة. استغلال ماضي الصراع الأوروبي العثماني ليكن الأمر مرئيًّا إنهم لا يخافون أحدًا لا يخافون أحدًا أيها الباليا «المسلمون» ، والأوستاشا «الكروات» الكروات الأوستاشا لا تلمسوا بيوتنا كاراجيتش! الصرب أهلك من كرايينا الذئاب قادمون احذروا يا أوستاشا ويا أتراك هذه كلمات أغنية غنَّاها أفراد ميليشيا صربية صدحت في سيارة برينتون تارانت منفذ مجزرة مسجد النور بنيوزيلندا قبل أن يترجَّل منها شاهرًا بندقيته ليقتل المصلين، قد يتساءل البعض، ما العلاقة بين أغنية صربية تعود لتسعينيات القرن الماضي وشاب أسترالي ذي أصول أيرلندية أسكتلنديّة؟ وفي تناسق مع الأغنية، يكتب تارانت على بنادقه أسماء شهيرة في تاريخ الصراع الأوروبي العثماني، الذي بدأ واستمر منذ ظهور الدولة وحتى نهايتها، كسيباستيانو فيني، الجنرال الإيطالي الذي هزم العثمانيين في معركة ليبانت عام 1571، وديمتري سينيافين الأميرال الروسي الذي خاض اشتباكات ضد العثمانيين، ليشير مباشرة إلى أحد السرديات التي يستخدمها اليمين المتطرف في تبرير خطابه الهجومي ضد المهاجرين واللاجئين بوصفهم مسلمين أتباع الأتراك الذين شكلوا التهديد الأعظم لأوروبا. حين كتب في بيانه «هذا الهجوم هو ضد الدين الإسلامي، وهو انتقامٌ من الإسلام طوال 1300 سنة من الحروب»، وأحد تمثلات هذه السردية ظهر في اختيار جبل كالنبيرج من قبل قادة اليمين النمساوي المتطرف، الأكثر تشددًا في أوروبا، كمكان لإعلان فوزهم في الانتخابات التشريعية النمساوية، وهذا الجبل تحديدًا شهد شرارة اندلاع المعركة التي انهزم فيها العثمانيون، واستعادت فيها الإمبراطورية النمساوية وحلفاؤها أمجادهم على حساب الدولة العثمانية عام 1683. قد يعجبك أيضاً كليوباترا السابعة: إمبراطورة الجمال والدهاء من يملك وسائل الإعلام في مصر؟ ما بعد الثورة الهندية: الاستعمار البريطاني يحتاط في مصر الزاهرة: مصير أقوى عاصمة إدارية للأندلس شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram مريم تولتش Follow Author المقالة السابقة الإرهاب الأبيض: كيف قامت القارة الأسترالية فوق الدماء؟ المقالة التالية كيف ألصق الغرب تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين؟ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك بين دول العالم تنطلق: ماذا تعرف عن وكالة «تيكا» التركية؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مجادلات لا تنتهي: 3 أسباب تؤدي لتكرار الشجار بين المرتبطين 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك المملكة تنزع أنياب هيئة الأمر بالمعروف! 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك بلاد الغرب أوطاني: أوضاع اللاجئين السوريين حول العالم 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الشاهنامة: «قرآن العجم» الذي أنقذ الفارسية من الضياع 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الانتحار في مصر: لماذا نهرب من المشكلة؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك انقلابات المغرب الفاشلة ضد الحسن الثاني والمخزن (1-2) 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك مليارا منزل يحتاجها العالم خلال الـ80 عامًا المقبلة 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك 7 دروس من فيلم The Founder لرواد الأعمال 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الوجه الآخر للنازية: اختراعات أنقذت البشرية من الضياع 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.