الزلازل تنتقل خلال المناطق الداخلية للكرة الأرضية؛ وهي تبدو كمن يرسل رسالة لاستكشاف أرض جديدة، ودائمًا ما تأتي الرسائل، ودور علماء الزلازل هو سرعة تعلم ما تحمله.





ريجنالد دالي، عالم جيولوجيا كندي-أمريكي

عندما تجد خبرًا باكتشاف بئر نفط، أو تحديد شدة زلزال حدث في منطقة ما؛ فإن القصة التي تكمن خلف هذا تُروَى من خلال علم الجيوفيزياء.

يتم تحديد طرُق المسح أو التنقيب المناسبة على حسب نوع الهدف المراد البحث عنه، وما أن يتم تحديد الهدف؛ حتى تبدأ أجهزة التنفيذ بالعمل. هذه الأجهزة تكمن في 3 أنواع رئيسية: أجهزة إرسال (مصادر موجات سيزمية – Sources)، أجهزة استقبال- Receives ، أجهزة تسجيل- Records .

سنتحدث اليوم عن كيف نتمكن من إجراء بحث سيزمي في منطقةٍ ما، من خلال التعريف بأبرز مصادر الموجات السيزمية، وأجهزة الاستقبال والتسجيل، ومراحل إجراء مسح جيوفزيائي كامل، وكنا قد تحدثنا في

التقرير السابق

عن الجيوفيزياء كمقدمة علم بشكلٍ مختصر.


مصادر الموجات السيزمية (الزلزالية)

هناك مصادر طبيعية للموجات السيزمية على سبيل المثال؛ أشهرها هي الهزّات الأرضية التي تحدث في مناطق ضعف في القشرة الأرضية، لكن هناك أهداف يتم استخدام فيها مصادر خارجية مُختلفة تكون مُهمتها الرئيسية هي توليد الموجات السيزمية التي تنتشر تحت سطح الأرض ومن ثم ترتد مرة أخرى على أجهزة الاستقبال. أشهر هذه المصادر هي الآتي:-


  1. المتفجرات – Dynamite

برغم خطورة استخدام الديناميت بشكلٍ عام؛ فإن هناك ضرورات حتمية لذلك من ضمنها هو المسح السيزمي؛ حيث تُستخدم في طريقة المسح السيزمي الانعكاسية –Reflection في الأماكن الصعبة على اليابسة التي يصعب فيها البحث والتنقيب؛ مثل المناطق الجبلية، أو التضاريس الصعبة التي يكون عبور الموجات فيها أمرًا صعبًا.

يُستخدم الديناميت للحصول على الموجات السيزمية المنعكسة؛ ولكي يتم ذلك فإن هناك مقاييس لاستخدام الديناميت حيث يتم حفر ثقوب في المنطقة المراد تفجيرها على أعماق تتراوح مابين 30 قدم إلى بضعة مئات الأقدام، ويتم وضع كمية من المتفجرات فيها.

تحدد كمية المتفجرات المستخدمة بأقل من نصف كيلوجرام إلى بضعة مئات الكيلوجرامات، وتعتمد تلك الكمية على طبيعة المادة المستخدمة في التفجير، وتنوّع الطبقات الصخرية في المنطقة، وعمق الحفر.


  1. Vibroseis

تُستخدم كمصدر لتوليد الموجات الزلزالية في المسح السيزمي الانعكاسي؛ وهي عبارة عن أجهزة مُثبتة على شاحنات خاصة طورتها شركة النفط القاري «كونوكو – Conoco » في العام 1950م.

هذه الآلآت تولّد موجات زلزالية ذات تردد مُنخفض تُبث إلى باطن الأرض، وتعتبر من أشهر المصادر التي تستخدم في أكثر من نصف عمليات المسح السيزمي.

تزن هذه الآلة نحو 3 أطنان، وتعمل بنظام تحكم هيدروليكي، وأشهر هذه الألات حول العالم تُدعى «Nomad 90» التي تزن نحو 41.5 طن، وتعمل بقوة 90.000 باوند – lbf.

تتميز الموجات الصادرة من هذه الآلة بأنها موجات متذبذبة تستمر عدة ثوان قبل أن تتوقف، ويتغير تردد الموجة حيث يقل مع استمرار الموجة.

طريقة عمل هذه الآلات في المسح السيزمي تكون في شكل مجموعات مُكونة من 4 شاحنات أو أكثر تتحرك معًا. عند تحديد نقطة الهدف؛ تتوقف جميعًا ثم تبدأ في العمل في نفس اللحظة عن طريق إرسال موجات منخفضة التردد لطبقات الأرض تستمر لنحو 4 – 30 ثانية.


  1. Marin Air gun

يستخدم في طُرق المسح الجيوفيزيائي الانعكاسية والانكسارية في المحيطات. يحتوي الجهاز على غرفة هوائية كبيرة أو أكثر سعتها نحو 1.15 لتر حيث يصل ضغط الهواء فيها ما بين 14 – 21 ميجا باسكال تولد إشارة منخفضة التردد، وغرف صغيرة بسعة 70 بوصة مكعب تعطي إشارة ذات تردد عال.

يوضع الجهاز في كابلات مخصصة متصلة بسُفن المسح؛ ويتم سحبه عن طريقها في المحيط، ويمكن أن تحتوي طريقة المسح الواحدة على أكثر من 10 أجهزة تثبت في كابلات منفردة، بالإضافة لأجهزة استقبال الموجات المخصصة للمسح في المحيطات والتي تدعى Hydrophones


أجهزة الاستقبال المستخدمة في المسح الجيوفيزيائي على اليابسة

جيوفيزياء

جيوفون

من الطبيعي حين تذكر أجهزة إرسال لموجات سيزمية؛ إذًا لابد وأن تكون هناك أجهزة استقبال لتلك الموجات أيضًا. أهم تلك الأجهزة هو ما يعرف بالـ Electromagnetic geophone، أو كما يطلق عليه آخرون اسم Detector أو seismometer؛ وهو عبارة عن جهاز حساس للغاية يستخدم في علم الزلازل لتسجيل الموجات الزلزالية الطبيعية، أو لتسجيل الموجات السيزمية التي تنتشر وترتد من طبقات الأرض من مصادر موجية مختلفة، حيث يتم غرسه في الأرض في المنطقة المراد المسح فيها. يعتمد مبدأ عمله على تحويل سرعة الموجات السيزمية إلى جهد.

مما يتكوّن؟

جيوفون جيوفيزياء

مكونات الجيوفون

يتكون هذا الجهاز من جزء ثابت عبارة عن مغناطيس يلتف حوله ملف من سلك نحاسي لتوليد الطاقة الكهربائية، وجزء متحرك هو كتلة مُعلقة بزنبرك، ويتصل الجهاز بجهاز تسجيل موجات.

عند وضع الجهاز على سطح الأرض؛ يكون المغناطيس مثبت على الأرض؛ وعندما تحدث هزّة أرضية تحرك الجهاز معها؛ بالتالي تبدأ الكتلة المعلقة بالاهتزاز.

تعتمد حساسية الجهاز على شدة المغناطيس، وعدد لفات السلك النحاسي في الملف، والتوزيع الهندسي الذي يتحكم في التفاعل بين خطوط الفيض المغناطيسي والملف.


أجهزة التسجيل

أشهر أجهزة تسجيل الموجات السيزمية هو جهاز الـ Seismograph الذي يستخدم لرصد وتسجيل الموجات الزلزالية الصادرة من باطن الأرض.


خطوات المسح الجيوفيزيائي

جيوفيزياء

جيوفيزياء

بعد أن تحدثنا مُسبقًا عن مفهوم

علم الجيوفيزياء

، وفي ماذا يبحث وما نوعية الأجهزة المستخدمة فيه؛ يمكننا القول بأن العثور على بئر أو جسم دفين تحت سطح الأرض يمر بـ 7 مراحل قبل العثور عليه من خلال المسح الجيوفيزيائي كالآتي:


  1. تحديد الهدف

في الخطوة الأولى يتم تحديد الهدف المراد البحث عنه، وكيف يمكن أن يساهم المسح الجيوفيزيائي في التعرّف على هذا الهدف، وفي هذه الخطوة يتم اعتماد أربعة طرق لتحقيق ذلك وهي:

– تحديد منطقة ومكان الهدف.

– رسم خريطة توضّح الخصائص الفيزيائية للمنطقة.

– تحديد القيم الفيزيائية التي يمكن أن تتغير في المنطقة المستهدفة؛ مثل تأثير التضاريس المرتفعة، أو حدوث أمطار غزيرة أثناء العمل.

– تحديد القيم الفيزيائية الثابتة في المنطقة؛ مثل مقدار الجاذبية الأرضية.


  1. الحصول على المعطيات الفيزيائية للمنطقة

تعتبر من أهم الخطوات قبل البدء في عملية المسح؛ حيث يتم قياس الخصائص الفيزيائية المحتملة لمنطقة العمل مثل:

الكثافة، سرعات الموجات الزالزالية، القابلية المغناطيسية، التوصيل أو المقاومة الكهربائية، النفاذية في الصخور، وغيرها من الخصائص.


  1. عملية المسح –


    Survey

وفقًا لطبيعة الهدف ومعطيات المنطقة؛ يتم تحديد أفضل طرق المسح الجيوفيزيائية للبدء في عملية المسح، واستخدام الأدوات المناسبة لاتمام تلك العملية.


  1. الحصول على البيانات





    Data

يتم في هذه المرحلة تنفيذ عملية المسح الميداني التي اختيرت للحصول على بيانات المنطقة كاملة وبكفاءة، ويمكن جمع البيانات الجيوفيزيائية من داخل الآبار، أو عن طريق المسح الأرضي، أو من الطائرات وفقًا لطبيعة الهدف.


  1. عمليات معالجة البيانات –


    Processing

بعد إتمام عملية المسح والحصول على قراءات وبيانات المنطقة التي يجري فيها المسح؛ تبدأ بعد ذلك مرحلة من الإجراءات تدعى Processing يتم فيها معالجة البيانات المسجلة عن طريق إزالة كافة القراءات – الموجات – الأخرى؛ مثل موجات صادرة عن حركة أشخاص قرب المنطقة المستهدفة، أو أمطار ورياح قوية وغيرها من النشاطات التي يمكن أن تصدر موجات أخرى بخلاف الموجات الزلزالية، والهدف من هذه العملية هو محاولة الوصول لشكل المنطقة الصحيح التي يجري فيها المسح.


  1. تفسير البيانات –


    interpretation

تبدأ في هذه المرحلة تفسير ورسم ملامح البيانات التي أُخذت من المنطقة التي جرى فيها المسح؛ ويتم تفسير البيانات عن طريق تحديد وجود طبقات صخرية مختلفة التراص، أو العثور على كهوف أو آبار لنفط أو غاز أو مياه جوفية، أو تحديد أماكن تواجد فوالق وطيّات أرضية وغيرها من التراكيب الجيولوجية التي يمكن أن تتواجد في المنطقة.


  1. مرحلة تكوين الصورة النهائية

تبدأ المرحلة الأخيرة وهي محاولة تجميع كافة المعطيات السابقة لإعطاء تصوّر كامل عن المنطقة، وهل أتى المسح في تلك المنطقة بالنتائج المرجوّة أم لا؟ وهذا دائمًا ما يعتمد على الهدف الرئيسي من المسح؛ مثل البحث عن آبار نفط أو مياه أو حتى آثار.


أخيرًا

.. بطبيعة الحال علم الجيوفيزياء علم فسيح ومتشعّب، وله تطبيقاته في مجالاتٍ كثيرة ومتنوعة، إلا أن أهميته تكمن في كونه العلم الأساسي الذي مكننا من التعرّف على باطن كوكب الأرض عن كثب، بالإضافة إلى التعرّف على خصائص الكواكب الأخرى في نظامنا الشمسي.


المراجع



  1. Introduction to Geophysical Prospecting – ميلتون ب. دوبرن

  2. Seismic data acquisition equipment

  3. A general seven-step framework for using applied geophysics