عودّتنا

جوجل

دائمًا على الجديد والفريد، ولذا فليسَ غريبًا أن تتعلق عقول وأبصار مطوري ومستخدمي التقنية بكل جديد يقدمه عملاق التقنية العالمي جوجل، والذي لا يمر يوم على معظمنا دون أن نستخدم تطبيقاته ومنجزاته عشرات أو مئات المرات.

في مؤتمر جوجل لهذا العام ٢٠١٨م، والذي ينعقد هذه الأيام، تم الإعلان عن عشرات الأفكار والتطبيقات التقنية الجديدة والمتنوعة، لكن كان هناك عنوان عام يجمع بين معظمها، وهو

المزيد والمزيد من الذكاء الاصطناعي

بمختلف تنويعاته. وهذا عرض لأبرز ما تم الإعلان عنه في المؤتمر المنتظر.



1. الأندرويد أولًا وأخيرًا

أتى في صدارة اهتمامات جوجل، كل ما يتعلق بتطوير نظام الأندرويد، والذي يدير لملياريْ مستخدم حول العالم هواتفهم الذكية، بسلاسة ومرونة. أعلِن في المؤتمر عن صدور نسخة أولية بيتا من

نظام أندرويد P

والذي من المتوقع صدور نسخته النهائية في الصيف.

أهم نقطة، هي الفلسفة الجديدة في هذا التحديث. بدلًا من السياق المعتاد في التحديثات التقنية، والتي تهدف لجذب المستخدم، والاستحواذ على المزيد من وقته وانتباهه، ستساعد نسخة أندرويد الجديدة المستخدمينَ على الوصول لنوع من التوازن في استخدام هواتفهم الذكية. سيصارحك أندرويد p ببعض الإحصاءات التي ستكون مقلقة لأغلبنا. سيذكر عدد المرات التي استخدمت فيها كل تطبيق، والوقت الذي قضيته في كلٍ منها، وحتى سيقدم لك أشكالَا بيانية تلخص هذه الإحصاءات ! لكنه سيساعدك على تعديل ما تريد، بالسماح لك بوضع حد أقصى لاستخدامك كل تطبيق.

تخيل معي كم من الوقت سيتوافر لديك لأنشطة مختلفة، عندما يساعدك هاتفك مثلًا على قضاء نصف ساعة فقط يوميًا على الفيسبوك. إذ بعد انتهاء الوقت الذي حدَّدته لكل تطبيق، سيتغير لون أيقونته إلى الرمادي، ويتوقف مؤقتًا عن العمل. بالطبع يمكنك تعديل الحد الأقصى للاستخدام، وزيادته إن أردت. وهنا دور إرادتك الشخصية، تطلق جوجل على تلك الخصائص الجديدة Digital Wellbeing، الصحة الرقمية.

بنفس المنطق السابق، يمكنك تحديد وقت نومك، وعندما تدق ساعته، سيوقف الهاتف نفسه تلقائيًا، ويتحول إلى الحالة الرمادية، ويتحول في تلقي الاتصالات لحالة عدم الإزعاج، وذلك ليساعدك على الخلود إلى نومٍ هانئ خالٍ من المنغصات والمشتتات. ونظام عدم الإزعاج الجديد اسم على مسمى بشكل حاسم، فلن يسمح لأي رنة أو تنبيهة أن تصلك إلا من أشخاص عالي الأهمية كنت قد حددتهم مسبقًا. وهناك خاصية جديدة لتسهيل وضع هاتفك في حالة عدم الإزعاج، وذلك بمجرد قلب الهاتف على وجهه !

هناك تطوير آخر لكيبورد جوجل Gboard لكنه غير مرتبط بأندرويد بشكل مباشر، حيث أصبح يدعم الآن شفرة مورس ويحولها لصوت منطوق سيستفيد به الكثيرون من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك باستخدام تقنيات تعلم الآلة.

يتضمن الأندوريد الجديد أيضًا تسهيلًا في التعامل مع التنبيهات عمومًا، وفي التخلص من المزعج منها. وكذلك يتيح إمكانات أكثر للتحكم الأبوي في استخدام الأطفال للهواتف الذكية. وهناك بالطبع تحسينات أكثر في الواجهة الرئيسة للمستخدم، وتحسن في طريقة عمل التطبيقات والبطارية والمعالج كالمعتاد في كل تحديث لنسخة أندرويد.

شاهد هذا الفيديو المبسط الذي يشرح لك الجديد في أندرويد p (لم نعرف بعد أي حلوى تبدأ بحرف p، ستنال شرف أن يكون الأندرويد الجديد باسمها).



2. مساعد جوجل الشخصي… المزيد من الأصوات والمساعدة

نال

مساعد جوجل الشخصي

حصة وافرة من التطوير. فهذا التطبيق الذي يحتويه حوالي نصف مليار هاتف ذكي حول العالم، وتستخدمه كذلك أكثر من 40 ماركة سيارات، سيدعم بحلول نهاية العام 30 لغة، وسينتفع به المستخدمون في أكثر من 80 دولة.


سيكتسب مساعد جوجل المزيد من الروح الإنسانية. فبدلًا من الصوت الواحد شبه المعدني الذي نسمعه عندما نقول OK google، سيكون هناك ستة أصوات، منها صوت مطرب أمريكي مشهور هو جون ليجيند، ولن نكون بحاجة لقول افتح يا سمسم أو Ok google، إنما اطلب ما تريد فورًا !

تم تحسين الذكاء اللغوي الاصطناعي لمساعد جوجل، ليتمكن من فهم بعض الأساليب اللغوية، والعبارات المجازية الدارجة، مما سيسهل التواصل معه. كذلك لن تضطر للتواصل مع المساعد مستخدِمًا جملة جملة، إنما سيمكنه استيعاب عدة جمل أو أسئلة متتالية منك، أو محادثات كاملة، حتى لو كنت تتكلم بسرعة كبيرة. كذلك سيستطيع إجابة المزيد من الأسئلة الأكثر تعقيدًا

كذلك سيساعدك مساعد جوجل على تكريس كل تركيزك للطريق أثناء استخدامك لتطبيق خرائط جوجل الشهير للوصول إلى الجهة التي تريد. إذ يمكن أن تطلب منه أن يقرأ لك آخر الأخبار أو الرسائل التي وصلتك أثناء القيادة … الخ، وذلك دون الخروج من نافذة الملاحة عبر خرائط جوجل، ودون الحاجة لمزيد من التشتت أثناء القيادة.

كذلك ستتيح تقنية google Duplex – والتي تكرس

الاستفادة من الذكاء الاصطناعي

في تفاصيل الحياة اليومية – لمساعد جوجل إمكانية إتمام حجز فندق أو تذكرة طائرة أو وجبة من مطعم .. الخ من أجلك. حيث سيقوم أوتوماتيكيًا بالتواصل مع الجهة التي تريد الحجز لديها، والتحدث بشكل شبه طبيعي، والتواصل بشكل سليم مع من يرد عليه، حتى يتم ما تريد، دون أن تميز الشركة أن ما يحدثها هو روبوت.



3. Gmail الذي سيصبح أكثر ذكاءً

سينال جي-ميل كذلك ما يليق به من اهتمام، وستغزوه خاصيات الذكاء الاصطناعي. خاصية smart compose الجديدة ستجعل كتابة الإيميل أكثر سلاسةً وأقل في استهلاك الوقت والجهد. لا يخدعك الاسم، فتظن أن هذه الخاصية ستتيح لجي-ميل قراءة أفكارك، وصياغتها في إيميل، وإرساله دون اطلاع مباشر منك. لم يصل جي-ميل بعد لمثل هذه الدرجة من الذكاء، إنما ستساعدك الخاصية الجديدة باقتراحات دقيقة لاستكمال العبارات التي تبدأها. وهكذا ستنهي عملية الكتابة في وقتٍ أقل كثيرًا، وبدون أخطاء لغوية أو إملائية.

سيتم تعميم الخاصية الجديدة لدى مستخدمي الجي-ميل خلال الأسابيع القليلة القادمة، وهي تأتي بعد

قائمة أخرى من التحديثات

التي نالها جي-ميل مؤخرًا، وأغلبها تحديثات أمنية للحفاظ على سلامة البيانات وخصوصيتها.


4. خرائط جوجل .. المزيد من جعل حياتنا أسهل

عدة تحديثات قيمة نالها تطبيق

خرائط جوجل

بجانب ما ذكرناه سابقًا من تطوير استخدام مساعد جوجل الشخصي بشكل متزامن مع تطبيق خرائط جوجل، لتقليل التشتت أثناء القيادة، ولإتاحة القيام بمهام متعددة. بالطبع هناك المسار التقليدي في التحديث بإضافة المزيد من الأماكن الجديدة، وتحديث الخرائط القائمة حسب المتغيرات على أرض الواقع. وكذلك تحسين دقة تتبع حركة المرور على مدار الساعة.

أما التحديثات غير التقليدية، فكان أبرزها تعزيز خرائط جوجل بتقنية الواقع الافتراضي المعزز ِ Augmented reality. حيث سيقوم التطبيق مثلًا بتوجيهك في مسارك بإضافة أسهم الاتجاهات على الصورة الحية التي تلتقطها كاميرا الهاتف الخاص. فبدلا من الرسم الكروكي الافتراضي الرمزي المعتاد في خرائط جوجل، ستوضع الإشارات على صورة حقيقية مباشرة لأماكنها، مما يقلل كثيرًا فرص الخطأ. يشبه الأمر عملية دمج بين خرائط جوجل، وتطبيق جوجل للتجول في الأماكن google street view.


كذلك

سيسهل التطبيق وصولك إلى ما تريد

حسب اهتمامك من خلال نافذة من أجلك For you tab داخل التطبيق. عند بحثك عن أحد المقاهي، سيعطيك التطبيق قائمةً بأبرز المقاهي القريبة التي فضلها غيرك من المستخدمين. من خلال تحليل بياناتك، وتفضيلاتك، سيعطيك التطبيق أيضًا تقييمًا لهذه الاقتراحات، ونسبة مئوية تعبر عن مدى توافق كل اقتراح معك. فمثلًا your match = 96% أي أن هذا المكان قد يناسبك بنسبة 96%. كذلك سيقترح عليك التطبيق المزيد من الأماكن في النطاق المحيط بك، لتسهيل التواصل مع بيئتك.

سيساعدك التطبيق كذلك على حسم خيارات النزهة مع الأصدقاء. قم بوضع الأماكن المقترحة في قائمة قصيرة داخل التطبيق، ثم قم بمشاركتها مع الأصدقاء عبر أي تطبيق للتواصل (ماسنجر – الواتس آب … الخ)، ويقوم كل منهم بالتصويت على المكان المفضل.


5. صور جوجل .. لوِّن ماضيك وغير حاضرك

تم تزويد تطبيق

صور جوجل google photos

بالمزيد من القدرات في تعديل الصور وتصحيح أخطاء الإضاءة باستخدام الذكاء الاصطناعي. سيصبح بإمكان التطبيق استخلاص صورة معينة من خلفيتها، وفصلها في ملف منفصل، وكذلك استخراج الصور من ثنايا الكتب، للاستفادة منها.

وهناك إضافة طريقة للتطبيق، وهي القدرة على تلوين الصور القديمة الأبيض والأسود بشكل أقرب بكثيرٍ إلى وقائعها، من خلال الذكاء الاصطناعي. قم بتصوير الصورة القديمة بكاميرا هاتفك، وسيتكفل تطبيق صور جوجل بالباقي.

ولأن جوجل لا تحتكر إبداعاتها، فقد تم الإعلان أيضًا عن

أدوات خاصة بالشراكة مع المطورين

، للاستفادة من إمكانيات تطبيق صور جوجل، في الحصول على تجربة أكثر تميزًا في الصور والفيديو في تطبيقاتهم المختلفة.


تحديثات أخرى

أعلنت جوجل عن تحديثات أخرى لن نتناولها تفصيليًا، مثل تحديث خدمة أخبار جوجل Google News وإعادة إطلاقها بشكل جديد كليًا، مع تفعيل دور الذكاء الاصطناعي بها بشكل غير مسبوق. كذلك أعلنت جوجل عن إحصاءات مبهرة بخصوص سيارتها

ذاتية القيادة

. كذلك أعلنت عن تطبيق جديد يساعد

ضعاف البصر في حياتهم اليومية

.

الواضح هذه المرة أن الذكاء الاصطناعي يسيطر على خدمات جوجل، وأن كل هذه الخدمات رغم روعتها ستمتص المزيد والمزيد من بياناتك الشخصية، فهل ستقدم بيانات على طبق من ذهب لآلة جوجل الذكية؟ أخبرنا عن رأيك.