دليلك لاستكشاف سماء ليل الوطن العربي — سبتمبر/أيلول 2019

كان صيفًا حارًا حقًا، في الواقع فإن الأمر ليس فقط شعورًا ذاتيًا، لكن شهري يوليو وينيو الفائتين قد سجلا بالفعل أرقامًا قياسية في متوسطات درجات الحرارة، وجاء أغسطس ليستكمل الضغط علينا فأصبح الأمر –تقريبًا– لا يطاق، لهذا السبب فإن قدوم سبتمبر، حيث تبدأ درجات الحرارة في الانكسار، لهو عيد لكل هواة الطقس المعتدل إلى البارد، لكنه كذلك أيضًا بالنسبة لمحبي سماء الليل، فالمشهد سيختلف قريبًا عما عهدناه خلال الشهور القليلة السابقة.

أهم الأحداث

2 سبتمبر

بعد الغروب، يمر القمر قريبًا من السماك الأعزل Spica، وهو ألمع نجوم برج العذراء Virgo، النجم يفوق في لمعانه الشمس بحوالي 12 ألف مرة، لو كانت الأرض على نفس المسافة منه كما هي من الشمس، لم يكن السماك ليسمح بوجود حياة عليها.

5 سبتمبر

القمر يبدأ رقصاته الشهرية، هذه المرة يقف أعلى قلب العقرب Antares، ألمع نجوم برج العقرب Scorpius، يبتعد هذا النجم عنا مسافة تجعلنا نرى الآن الضوء الذي سافر من عليه قبل 600 سنة.

6 سبتمبر

القمر في التربيع الأول، بالتمام والكمال، يقف إلى جوار المشتري اللامع، لن يتكرر هذا المشهد كثيرًا، فبحلول نوفمبر سيختفي المشتري خلف الأفق.

8 سبتمبر

القمر يقف إلى جوار زحل، على مسافة
قريبة جدًا تجعله أجمل وأهم مشهد في شهر سبتمبر كله، يظهر الكوكب مثل نجم لامع
بلون أبيض مائل للأصفر، لكن في تلسكوب صغير يمكن لك أن تراه بوضوح مع حلقاته
البهية.

8 سبتمبر

القمر في العقدة النازلة بتمام
الساعة 19:35 بتوقيت مصر، يحدث ذلك لأن القمر لا يدور على الأرض في نفس المستوى،
بل يصعد قليلًا عنه، في أثناء دورته، ثم ينخفض قليلًا، ويلتقي مع مستوى الأرض
مرتين كل شهر قمري، الأولى هي العقدة النازلة والثانية هي العقدة الصاعدة وستكون
يوم 23 سبتمبر في تمام الساعة 08:06 بتوقيت مصر.

13 سبتمبر

القمر في الأوج، إنها أبعد مسافة له عن الأرض في أثناء دورته حولها، حيث يكون على مسافة 406378 كيلومترًا.

14 سبتمبر

في تمام الساعة 06:33 صباحًا يكون القمر في طور البدر.

19 سبتمبر

بحلول منتصف الليل يمكن لك أن ترى
القمر، بإضاءة حوالي 71%، في مشهد جميل، واقفًا بين الثريا Pleiades والدبران Aldebaran، الأخير
ألمع نجوم برج الثور، وهو عملاق أحمر لو كان بحجم كرة قدم لكانت الشمس بحجم كرة
سلة.

21 سبتمبر

بداية من 21 سبتمبر ولمدة 3 ليلات يمر القمر في سداسي الشتاء.

22 سبتمبر

القمر في التربيع الثاني، في تمام
الساعة 04:22 صباحًا بتوقيت مصر

23 سبتمبر

صباحًا، في تمام الساعة 09:50 بتوقيت مصر، تتعامد الشمس على خط الاستواء، أهلاً بكم في فصل الخريف.

26 سبتمبر

الهلال، فقط بإضاءة 10%، يقف إلى جوار قلب الأسد أو المليك Regulus من برج الأسد.

28 سبتمبر

في تمام الساعة 04:27 بتوقيت مصر يكون القمر في الحضيض، إنها أقرب نقطة له من الأرض، على مسافة 357803 كيلومتر.

28 سبتمبر

في تمام الساعة 20:26 يولد القمر الجديد.

ألمع نجوم الشهر

أوضاع الكواكب في شهر سبتمبر

عطارد: سبتمبر ليس، في المجمل، شهرًا يمكن أن تستمتع خلاله برصد عطارد، لكن على الرغم من ذلك يمكن لك، بداية من 20 سبتمبر، أن تراه بعيد الغروب بصعوبة شديدة، يوم 29 سبتمبر تحديدًا سيقف إلى جوار السماك الأعزل من كوكبة العذراء.

الزهرة: يتراقص على خط الأفق الغربي طوال شهر سبتمبر، في بعض الأحيان، بحلول نهاية الشهر، قد يكون من الممكن أن تراه بعيد الغروب مباشرة، لكن الرصد لا زال صعبًا.

المريخ: سيقف إلى جوار الشمس يوم 2 سبتمبر، ما يعني أننا لن نتمكن من رؤيته طوال الشهر.

المشتري: يغرب حول العاشرة مساءً في سبتمبر، وخلال الشهر تتقدم فترة غروبه إلى التاسعة والنصف.

زحل: يغرب حول منتصف الليل في سبتمبر، وخلال الشهر تتقدم فترة غروبه إلى الحادية عشر والنصف.

مشهد مميز لشهر سبتمبر

في شهر سبتمبر يمكن لنا تأمل مشهد رائع، حيث تظهر كوكبة برشاوس Perseus، أو ممسك الأعنة، الخريفية يومًا بعد يوم إلى جوار رفيقتها “ذات الكرسي”، هناك عدد من النجوم اللامعة والممتعة في كوكبة برشاوس، لكن أهمها هو “نجم الشيطان”!

يسمى هذا النجم أيضًا بـ رأس
الغول (Algol)، وكان قديمًا مصدر رعب للناس، لأنه
“يغمز” لنا على الأرض، أي أنه يستمر في لمعان ظاهري ثابت لمدة يومين
وعشرين ساعة وتسعة وأربعين دقيقة، ثم ينخفض اللمعان بشدة لمدة عشر ساعات، ثم يعاود
الكرة من جديد. هنا تصور الناس قديمًا أن تلك هي عين الشيطان المرعبة التي
“تغمز” لهم إنذارًا بشر قريب.

بالطبع ذلك ليس حقيقيًا، لكن الأمر تطلب ما يقرب من ألفي سنة لكي نكتشف أن هناك فئة كاملة من النجوم يتغير لمعانها – على عكس العادة – بنمط ثابت أو غير ثابت، أي أن ينتقل من درجة ألمع لدرجة أقل لمعانًا كأنه يغمز، قد يحدث ذلك بفارق كبير بين حالتي اللمعان أو فارق صغير، مرة كل واحد على الألف من الثانية أو حتى كل عام، إنها “النجوم المتغيرة”.

يمكن لك رصد رأس الغول خلال سبتمبر والتعرف على تغيره، حيث ينخفض لمعانه من 2.7 إلى 3.4، استخدم الخريطة المرفقة للتعرف على موضعه في السماء، وفي هذه المواعيد بتوقيت مصر سينخفض اللمعان لعشر ساعات، يمكن لك الخروج قبلها ومشاهدة هذا التغير بعينيك أو نظارة معظمة أو تلسكوب:

10 سبتمبر الساعة 04:54

13 سبتمبر الساعة 01:43

15 سبتمبر الساعة 22:31

سماء سبتمبر

بحلول الخريف تتجهز ذات الكرسي Cassiopeia للسيطرة على المشهد السماوي بحلول الساعة العاشرة مساءً، ومع السيدة “كاثي” فإن مربع الخريف، الهيكل الرئيسي لكوكبة الفرس الأعظم Pegasus، يتجهز هو الآخر لتسيد سماء الليل، رغم ذلك فإن المثلث الصيفي، بكوكباته الثلاثة “العقاب” و”الدجاجة” و”القيثارة” لا زال مسيطرًا بشكل أو بآخر، إلا أنه سيميل قريبًا ناحية الغرب.

استخدم المثلث الصيفي، كما تعلمنا من قبل، للوصول إلى ثلاثة أشكال مميزة لثلاث كوكبات، وهي هرقل وقيفاوس والتنين، ورغم خفوت نجوم تلك الكوكبات إلا أنه يمكن لك تأمل نجومها بسهولة؛ لأنها الألمع في المناطق التي تسكن بها، كذلك يمكن أن تُشرك بذات الكرسي والدب الأصغر في عملية البحث لتوضح باقي نجوم تلك الكوكبات.

يمكن لك أن تستخدم مربع الفرص الأعظم للإمساك بكوكبتين جنوبيتين ممتعتين: الأولى هي قيطس Cetus ونجمها اللامع الضفدع Diphda، والثانية هي الحوت الجنوبي Pisces Australis عن طريق نجمها اللامع فم الحوت Fomalhaut، وكلا النجمين هو الألمع في المنطقة المحيطة به لذلك يمكن لك بسهولة أن تجده.

فم الحوت هو حالة خاصة من النجوم التي نعرفها، ليس فقط لأنه كبير بحيث يتمكن من حمل أربع كرات كالشمس، أو حتى لأنه نظام نجمي ثلاثي، ولكن لأنه ثالث ألمع نجم في سماء الليل تدور حوله كواكب: الأول هو شمسنا الدافئة، والثاني هو “رأس التوأم المؤخر” من كوكبة التوأم، أما الثالث فهو فم الحوت، ويدور حوله كوكب يُعتقد أنه أكبر في الكتلة من المشتري، ويسمى «داجون».

ورغم أن كوكبات دائرة البروج في شهر سبتمبر تكون خافتة وصعبة الرصد، إلا أنه يمكن لك أن تستخدم ما سبق من إرشادات لفهم صورة كاملة عن سماء الليل، بالتالي يمكن لك، بستخدام المثلث الصيفي ومربع الخريف، أن تتبع تلك الكوكبات بهدوء وصبر، مع نظارة معظمة يُفترض أن يكون هذا المشهد ممتعًا.

علامات تليسكوبية

لنبدأ بأهم أجرام مسييه لسماء الليل في شهر سبتمبر، بالنسبة للتجمعات المفتوحة فيمكن لك التقاطها بسهولة عبر تليسكوب بسيط، أما التجمعات العنقودية فتحتاج لتليسكوبات متوسطة وكبيرة، استخدم برنامج Stellarium لإيجادها.

ما يمكن أن يلفت نظرنا في كوكبة الدلفين هو تجمعان عنقوديان كلاهما مذكور في أطلس كالدويل، وهو قائمة قام بجمعها باتريك مور لتكون مكملة لأطلس مسييه، التجمع الأول هو  NGC 6934 (Caldwell 47)، وهو تجمع كبير نسبيًا تجده بسهولة بجانب النجم أبسيلون من الكوكبة، يبتعد عنا 50 ألف سنة ضوئية ويمكن فقط التقاطه عبر تليسكوب متوسط أو كبير إذ إن قدره الظاهري هو 8.83، أما التجمع الآخر فهو NGC 7006 (Caldwell 42) وهو يتخطى حاجز الـ130 ألف سنة ضوئية بعدًا عنّا، يتواجد بعيدًا في هالة مجرتنا، يقترب التجمع من النجم جاما ويمكن لك اصطياده عبر تليسكوب كبير فقدره 10.6.

حكايات النجوم

كلا الكلبين، الأكبر والأصغر، كان رفيقًا للصياد (كوكبة الجبار) في رحلات صيده، سميت الشعرى اليمانية عند العرب قديمًا بالعبور والشامية بالغميضاء، فتقول الأسطورة إن النجمين كانا رفيقين متلازمين طول الوقت، ومعهما سهيل، لكن لسبب ما تحركت الشعرى اليمانية وسهيل إلى اليمين تجاه الجبار، وعبرت الشعرى اليمانية نهر المجرة (لذلك سميت بالـ «عَبور»)، وبقيت الشعرى الشامية حزينة باكية حتى أُغمضت عيناها فسميت «بالغميضاء» لتقول الحكمة: «قد يقع بين الأخوين من الخلصاء ما وقع بين الشعريين: العبور والغميضاء».