لا تفصح المصادر التاريخية -التي
اطلعت عليها- عن شيء من سيرة «الأسطى محمد الحلاق»، نزيل مصر المحروسة، ذي الأصول
المغربية، الذي كانت له أوقاف كثيرة خصصها في أواخر القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر
الميلادي، على رواق السادة المغاربة وعلى غيره
من أروقة الأزهر المعمور.

وكلُّ الذي توصلتُ إليه من حجج
وقفياته ووثائقها هو: أن الأسطى محمد كان يمتهن مهنة «الحلاقة»، وقد قَدِم إلى
القاهرة من إحدى بلدان المغرب العربي الكبير، وحط رحاله بها في طريق عودته من الحج
(لم تفصح وثائق وقفياته عن اسم بلده الذي جاء منه، والأرجح أنه جاء من المغرب
الأقصى). وقد عاش هو وأسرته في منطقة الأشرفية، بالقرب من الجامع الأزهر الشريف، وكان
ذلك في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري (الربع الثاني والربع الثالث من
القرن الثامن عشر الميلادي)، وكان على قيد الحياة حتى مطالع القرن الثالث عشر
الهجري/الربع الأخير من القرن الثامن عشر الميلادي، وتوفي قبل قدوم الحملة
الفرنسية على مصر في سنة 1798م.

ويظهر أن الأسطى محمد نجح في مهنته،
وحقق مكاسب كبيرة منها، واستطاع بذكائه وحسن تصرفه أن يصبح موسراً ومن ذوي الأملاك
العقارية (حوانيت، ومنازل، وورش، ومخازن، وقاعات… إلخ)، بل إنه أصبح من أصحاب
المرتبات والجرايات والعلوفة العثمانية، التي كانت تمنح لبعضِ الأشخاص نظير
الخدمات التي يؤدونها، أو التي أدوها بالفعل للدولة.

والظاهر والثابت أيضاً من وثائق
وقفياته أنه كان هو وأولاده من المحسنين المتصدقين المسارعين إلى الإنفاق في وجوه
البر والمنافع العامة. ولم تقتصر وقفياته على تمويل «رواق المغاربة» وحده، بل إنها
غطَّت جهات ومصالح أخرى منها: مساجد، وزوايا، ومقامات، وفقراء، ومساكين، ويتامى،
وأرامل، وقرَّاء قرآن كريم، ومؤذنين، وطلاب علم مجاورين بالأزهر الشريف من مختلف
المذاهب الفقهية، وبمختلف الأروقة الأزهرية.

وإنه لأمر يدعو إلى التعجب والإشفاق -في
الوقت عينه- أن تصمت المصادر التاريخية عن سيرة أمثال «الأسطى محمد الحلاق»؛ رغم
أهمية أوقافه وأعماله الخيرية، ورغم ما كان لها من تأثير على الحياة العامة
بالنسبة لأهل رواق المغاربة وغيرهم من سكان مصر المحروسة؛ من الذين نالهم نصيبٌ من
خيرات وقفياته. ولكن لا عجب في هذا الصمت؛ فأغلب المدونات، وبالتالي البحوث
والدراسات التاريخية غالباً ما تركز اهتمامها على حياة الحكام ومشاهير القادة
وكبار العلماء والتجار، أما «العامة» من أصحاب الحرف والمهن والصنائع، فلا يكاد
يرد لهم ذكر، ناهيك عن أن يُسمع لهم صوت في المصالح العمومية، رغم أنهم في الحقيقة
هم بناة التمدن الحضاري العمليون. وهؤلاء قد وجدوا من خلال «الوقف» طريقاً ميسوراً
ومأجوراً، في آن واحد، للتعبير عن رأيهم بحرية، وعلى نحو عملي في الشئون العامة
لمجتمعهم ومصالحه، في حاضره –آنذاك- وفي مستقبله أيضاً من بعد حياتهم، وذلك حسب
الشروط التي وضعوها تحسباً لما قد يحدث في المستقبل، أو افتراضاً لتقلبات الدهر
وصروفه.

ويكاد يكون الاستثناء «التأريخي»
الوحيد الذي سجل جوانبَ من سيرة حياة «عامة الناس» هو: حجج الأوقاف ووثائقها التي
كان بإمكان أي شخص أن يَتركَ من خلالها بصمةً لا تمحى بسهولة من على وجه الحياة الاجتماعية
والاقتصادية والعلمية و”الأمنية والدفاعية” في بعض الحالات. وهذا
الاستثناء يكاد يكون هو الوحيد الذي يرد على ذلك التوجه التاريخي العام المتمركز
حول التأريخ فحسب لطبقة الحكام وعلية القوم من القادة وكبار العلماء والتجار.

بدأ صاحبنا الأسطى محمد الحلاق في
التبرع بأملاكه على سبيل الوقف في 15 ربيع الأول 1181هــ/11 أغسطس 1767م، وتضمنت
حجة وقفيته الأولى المحررة في ذلك التاريخ أمام محكمة الباب العالي عدداً من
العقارات (حوانيت وحواصل: أي مخازن ومنافع). وقد جعل قسماً من ريعها مصروفاً على وأهل
بيته وأولاده وذريتهم، وجعل قسماً آخر مصروفاً في وجوه خيرات متنوعة منها: مساجد،
وزوايا، وفقراء، وقرَّاء القرآن الكريم.

بعد اثنى عشر عاماً من وقفيته الأولى،
بادر الأسطى محمد الحلاق بوقفية ثانية أكبر حجماً من سابقتها، وذلك بموجب حجة
حررها في غرة ذي الحجة 1193هــ/10 أكتوبر 1779م، أمام محكمة الصالحية النجمية
بالقاهرة، ووقفَ بموجبها تسعة عقارات كانت عبارة عن: أبنية للسكنى، وحقوق انتفاع، وجدك
بمحلات وحوانيت تجارية، ومخازن أو حواصل كائنة بخط الأشرفية ووكالتها المعروفة
آنذاك بـ «وكالة الحمير». وجعل ريعها للصرف على رواق السادة المغاربة المجاورين،
وعلى خيرات متنوعة أخرى.

وبعد خمس سنوات من وقفيته الثانية،
قام الأسطى محمد بتغيير وتبديل وضم وإلحاق لهذه الوقفية بموجب حجة محررة أمام
محكمة الباب العالي بمصر في 25 محرم 1198هــ/20 ديسمبر 1783م. وكان عدد العقارات
التي أضافها لأصل الوقف السابق وألحقها به عبارة عن خمسة عقارات، وبلغ إجمالي
العقارات الموقوفة بالحجتين: أربعة عشر عقاراً، إضافة إلى: جميع مرتبات الجرايات
التي عدتها 43 جراية قمح حنطة بالأنبار الشريف بدفتر المشايخ (تساوي 473 أردباً من
القمح، حيث أن الجراية الواحدة تساوي 12 أردباً قمحاً -قبل طحنه- و11 أردباً قمح
حنطة؛ بعد طحنه). وجميع مرتبات العثمانية العلوفة التي عدتها 265 عثماني ونصف
عثماني علوفة جامكية بالجوالي، وقيَّد كامل تلك المرتبات العثمانية بدفتر «رواق
السادة المغاربة بالأزهر الشريف».

أما العقارات السابق ذكرها، فقد قسَّم الأسطى ريعَها إلى «جرايات قمح». كل جراية مقدارها أحد عشر أردب قمح حنطة. وجعل منها جراية واحدة في السنة لمن يكون شيخاً للأزهر، على أن يكون ناظراً حسبيًا على وقفيته. وجعل جراية أخرى فى السنة لمن يكون شيخاً لرواق السادة المغاربة. وقسَّم الجراية الثالثة إلى قسمين: قسم عبارة عن أربعة أرادب قمح لعدد من الأشخاص نظير عملهم في خدمة رواق المغاربة، وهم: الجابي، والمباشر، والشاهد، ونقيب خزانة وقف المغاربة، وشيخ مقرأة القرآن التي رتبها الأسطى محمد الحلاق بنفسه. وقسم آخر كان عبارة عن سبعة أرادب يتصرف فيها الأسطى محمد بمعرفته مدة حياته، ثم من بعده اشترط أن تُصرف لأولاده ذكوراً وإناثاً للذكر مثل حظ الأنثيين، إلى حين انقراضهم جميعاً، فإذا انقرضوا تُضم تلك الأرادب السبعة إلى الأربعة أرادب السابق بيانها، ويعمل من الجراية بكاملها (= الجراية الثالثة) أرغفة خبز “زنة كل رغيف ثلاثة أواقٍ مستوي نظيفٍ، وتوزع على طلاب العلم بالأزهر، وعلى المنقطعين بزاوية الإمام الليث، وزاوية سيدي معاذ الحسني، وأشخاص آخرين وفقراء وقراء القرآن الكريم الذين عينهم الواقف للتلاوة في أيام المواسم والأعياد. ولنا أن نلاحظ شرطه وهو: أن يكون الخبز مستوياً ونظيفاً، وقد تمسك بهذا الشرط في جميع وقفياته التي خصص ريعها أو جزءاً منه لعمل الخبز والتصدق به.

وخصص الأسطى محمد أيضاً: 745 رغيفاً
من تلك الجراية، وجعلها للـ 60 طالباً المرتبين برواق السادة المغاربة، على أن
يصرف لهم في كل يوم 120 رغيفاً، ويعطى لكل واحد منهم رغيفان، وللعشرين المتطوعين بهذا
الرواق كل يوم 100 رغيف بالسوية بينهم؛ لكل واحد منهم 5 أرغفة، وللـ 20 المنتظرين
التطويع بالرواق أيضاً كل يوم 100 رغيف، لكل واحد 5 أرغفة. واشترط أن «كل من سافر
من أولئك المشار إليهم وغاب عن مصر المحروسة، وكان له أهل بها، يُصرف استحقاقه من
الأخباز لأهل بيته، ومن سافر وليس له أهل بيت يُصرف استحقاقه للـ 20 المنتظرين
التطويع برواق المغاربة».

ومن التوزيع، أو التقسيم السابق ذكره،
نعرفُ أن أهل رواق المغاربة كانوا ثلاث طبقات: الطبقة الأولى تضم الستين طالباً
المرتبين، أو المنتظمين، وكان لهم حق الإقامة والمبيت والإعاشة الكاملة في الرواق،
والطبقة الثانية تضم 20 طالباً متطوعين، وكان لهم حق حضور الدروس بالرواق والقراءة
في مكتبته والحصول على بعض الجرايات اليومية، والطبقة الثالثة كانت تضم «المنتظرين»،
وهم طلابٌ كانوا ينتظرون خلو أماكن لهم في الرواق، وكان ذلك يحدث عندما يتخرج بعض
الطلبة من الطبقة الأولى ويعودون إلى بلادهم، فيحل محلهم طلبة من الطبقة الثانية،
ويحل محل هؤلاء طلبة من المنتظرين ليصبحوا متطوعين، وهكذا.

وقد خصص الأسطى محمد، من ريع وقفيته
تلك، جرايات خبز أخرى لطلبة العلم المجاورين بأروقة الأزهر المختلفة، إلى جانب
رواق المغاربة، وهي أروقة: الصعايدة، والحنابلة، والشوام، والأروام، والأكراد،
والهنود، والبغداديين. كما خصص جرايات خبز لعدد من المؤذنين والموقِّتين في عدد من
المساجد والزوايا بالقاهرة منهم: 15 مؤذناً بمنارات الجامع الأزهر الأربع، و4 بجامع
السلطان الغوري، و3 بجامع الأشرفية، و6 بجامع المؤيد، و4 بجامع الإمام الحسين، و3 بجامع
الفكهاني، وواحد بكل من: جامع سيدي يحي بن عقبة، وجامع العيني، وزاوية معاذ
الحسني. وخصص جرايات أخرى لعدد آخر من القائمين على خدمة المساجد والزوايا، وعلى
طلبة العلم ذوي المذاهب الأربعة بالأزهر، بما في ذلك: شراء كتب في المذاهب
الأربعة، لكي تخزن في الخزائن الخمسة التي وقفها برواق المغاربة، على أن تخصص
خزانة واحدة منها لحفظ أرغفة الخبز لحين توزيعها.

وهذا الترتيب الذي أجراه الأسطى محمد
في وقفيته، شهده عدد كبير نسبياً من الوجهاء والكبراء من أهالي منطقة الأزهر في
زمانه؛ وكان منهم 5 من الشيوخ الأزهريين، و11 من الأسطوات أصحاب المهن والحرف في
الأشرفية وما حولها من الأحياء المحيطة بالأزهر، و8 من السادة الأشراف. وتم
الإشهاد أمام قاضيين: أحدهما حنبلي، والآخر مالكي. وهذا العدد الكبير والمتنوع من
الشخصيات ذوي المكانة العالية يشير إلى تمتع الأسطى محمد الحلاق بمكانة مرموقة في
الوسط الاجتماعي الذي عاش فيه، كما يشير إلى قدر لا بأس به من العلاقات الودية
فيما بينه وبينهم، ويشير أيضاً إلى حب هؤلاء وأولئك لفعل الخيرات التي قام بها
الأسطى محمد، بدليل تعاونهم معه على إمضائها والاحتفاء بصنيعه في تلك المناسبة.

وبعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ وقفيته الثالثة السابق ذكرها، أنشأ
الأسطى محمد الحلاق وقفيته الرابعة، بموجب حجة محررة أمام محكمة الباب العالي بمصر
في 25 ربيع الأول 1201هــ/15 يناير 1787م. وحضر مجلس إشهاده على نفسه في تحرير تلك
الحجة 12 من وجهاء ومشايخ منطقة الأشرفية بالقاهرة. وقد ألحق بوقفه السابق 8
عقارات (خلوات ومنافع حوانيت، وحصص في حوانيت، وحواصل أخرى، وأحكار أصلها يرجع إلى
وقفيات: السلطان الغوري، والسلطان الأشرف برسباي، وجانبيك الداودار)، ووقف وألحق
أيضاً مرتب 8 جرايات حنطة في السنة (= 88 أردب قمح مطحون)، ومرتب قدره 210 عثامنة
علوفة في السنة. وتضمنت هذه الحجة تفصيلات أكثر، وشروحات أطول مما تضمنته حجة
وقفيته الثانية المشار إليها سابقاً.

ويشد الانتباه ويثير الإشفاق أيضاً في
هذه الوقفية الثالثة -مقارنة بالوقفيتين السابقتين- أن الأسطى محمد زاد اهتمامه
بالتفاصيل بالغة الدقة والكثرة؛ التي تتعلق بتدبير شئون الوقفية، سواء من حيث
تحديد العقارات الموقوفة ووصفها بدقة وبيان حدودها، وتوثيق مصدر تملكه لكل واحد
منها بالإحالة إلى عقود الشراء والخلو وحقوق الانتفاع، وبيان مصارف الريع، وجهات
الاستحقاق، ومواقيت صرف الريع، والاحتياط للظروف الاستثنائية التي قد يتعرض لها
الوقف في المستقبل، وشروط النظارة، والرقابة أو الاحتساب على الوقف وأعيانه.

وليس من اليسير سرد تلك التفاصيل التي
تضمنتها هذه الحجة، وبخاصة أنها تشمل موضوعات وجهات استحقاق كثيرة ومتنوعة إلى
جانب جهة «رواق المغاربة».

ومثال ذلك: أن الواقف اشترط أن تصرف
مرتبات الجرايات الثمانية التي عبرة كل منها 12 أردب قمح غير مطحون بالكيل المصري،
منها ثلاث جرايات يصرف منها سنوياً: أردبان لجابي الوقف، وأردب واحد للمباشر،
وأردب واحد للشاهد، وأردب واحد لنقيب الأخباز (المشرف على عمل أرغفة الخبز) بشرط
أن يختبر أوزان الأخباز في الشهر مرة أو مرتين بالوزن. ويُصرف أردبان لرجلين غير
متزوجين من المتطوعين برواق المغاربة لحراسة الخزانة الوسطى، التي بها الدراهم
برواق المغاربة، على أن يحفظا بقية الخزانات الخمسة بالرواق، ويكون دوامهما ليلاً
لأداء مهمات الحراسة.

ومثال آخر مما اشترطه الأسطى محمد (مالكي
المذهب) وهو: «أن يرتب أحد علماء الشافعية المجاورين بالأزهر من حارة البشابشة، أو
غيرها، يقرأ درسًا في الفقه والوعظ لعامة الخلق بزاوية سيدي معاذ الحسني، ويعلمهم
العبادة والديانة في كل ليلة من بعد صلاة المغرب إلى أذان العِشاء، وفي شهر رمضان
من بعد صلاة العصر إلى أذان المغرب، ويكون جلوسُه بحائط القبة بحيث لا يبطل
القراءة مطلقاً إلا ليلة الجمعة، وإن حصلَ له عذرٌ يقيد رجلاً عوضاً عنه في كل
سنة، وله أردب قمح حنطة».

ومثال ثالث مغرق في التفاصيل ويدل -في
الوقت نفسه- على إحساس الواقف بالشفقة على المستحقين في وقفيته، وموجزه هو: أنه
اشترط أن يصرف أردب قمح حنطة لمن يكون مباشراً على وقف الجامع الأزهر نظير تقيده
(التزامه) براحة المستحقين في كيل الجرايات من المَركِب (وسيلة نقل نهرية)، وراحة
الخباز في عمل الجرايات أيضاً. وأن تصرف جراية واحدة للخباز نظير ضبط أوزان أخباز
الجهات المستحقة، وإن حصل نقصٌ في الرغيف بمقدار درهم أو درهمين، يحاسبُه الناظر
الحسبي على الوقف، الذي هو شيخ الأزهر، بحضور الناظر الأصلي، وأهالي زاوية سيدي
معاذ الحسني، ويؤخذ النقصُ منه، ويعطى نصف ذلك للناظر الحسبي والنصف للناظر الأصلي
وللمستحقين. ويظهر من هذا الترتيب أن الواقف كان على دراية بنظام «اللفيف» الذي
جرى العمل به في قضاء المالكية ببلاد المغرب؛ حيث أجاز فقهاء المالكية الشهادة
باللفيف؛ أي بمجموع الناس الذين يعيشون في المنطقة التي ينتمي إليها أطراف النزاع أو
الخصومة، وإليه أشار الونشريسي (راجع كتاب الونشريسي الذي طبعته وزارة الأوقاف
المغربية في سنة 1998م، بعنوان: فتاوى تتحدى الإهمال). وقد اقتبس النظام القضائي
الإنجليزي «الشهادة باللفيف» من الفقه المالكي، وأدخلها في إجراءات الإثبات.

ومثال رابع يوضح جوانب ابتكارية في
أعمال الخير التي رتبها الأسطى محمد الحلاق في وقفيته: وهو ما اشترطه ضمن شروط
خيرات خصصها لمولد سيدي معاذ الحسني:

أن يتم شراء نخلتي بلح حياني مثمر، طويلاً أصيلاً بمحله في أرض مصر، ويكون شراؤهما بحضرة المباشر والشاهد على الوقف، والأربعة ميقاتية، ويكتب ورقة بشراء ذلك على البائع للنخلتين، وتعرض على الناظر الحسبي ويختمها وتحفظ الورقة بالخزانة الوسطى برواق المغاربة في كل سنة. والذي يُدكِّر النخل المذكور ويقلمه ويخدمه يأخذ الزحاحيف التي يحتاج الحال لتقليمها نظير أجرته، ويكون النخل الذي يشترى وثمره وقفاً لله تعالى على الفقراء والمساكين والعواجز والأرامل والمنقطعين، وكل من كان له نصيب في شيء من ذلك أكله، وإن حصل تقصير أو إهمال في شراء النخل من الجابي والمباشر والشاهد في سنة من السنين يكونون مخرجين من خدمتهم، ويباشر شراء النخل أهالي زاوية سيدي معاذ الحسني، ويستغلون المئتي نصف فضة التي للجابي والمباشر والشاهد والأربعة ميقاتية ويقسموها سوية (بالتساوي) بينهم.

يُتبع في مقال آخر.