شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 98 حينما تُسمع كلمة الفلسفة، فأول ما يتبادر إلى الأذهان الفلاسفة العظام القدامى أمثال سقراط وأرسطو وأفلاطون، لما قدموه من إسهامات وكتابات فلسفية ساهمت في تطور الفلسفة. ولكن، ما لا قد تعرفه أن الفلسفة لم تكن يومًا حكرًا على الرجال، فقد ساهمت النساء أيضًا في تطور الفلسفة، وفي هذا التقرير نستعرض عددًا من النساء الفيلسوفات في العصر اليوناني القديم، علمًا بأن أغلب المصادر، القديمة والحديثة على حد سواء عن هؤلاء النساء، مُتحيزة وتعمل على تشويه نظرتنا لهن وإنجازاتهن. 1. أسباسيا: منْ علّمت سقراط فن البلاغة رسم للفنان «ميشيل جورنيلي» يعود لبدايات القرن السابع عشر، تظهر فيها «أسباسيا» محاطة بعدد من الفلاسفة. / worldhistory عاشت في الفترة بين 470 و400 قبل الميلاد، ولأنها ولدت في مدينة ميليتوس اليونانية على الساحل الغربي للأناضول، ولم تولد في أثينا، فقد أقامت في أثينا كمُهاجرة، ولكن لم يُسمح لها بالزواج من مواطن أثيني، فأصبحت عشيقة بريكليس، زعيم أثينا في بداية الحرب البيلوبونيسية، وأنجبت منه ابنًا أسمته بريكليس أيضًا . ادّعى أعداء بريكليس أن أسباسيا هي منْ علّمته كيفية التحدث، كما أنها كانت المؤلف الفعلي لخطبة التأبين الشهيرة لبيركليس التي ألقاها في نهاية السنة الأولى من الحرب البيلوبونيسية؛ لتأبين قتلى الحرب. ورغم أن هذا الادعاء قد يكون من باب العداء فحسب، إذ كان سيُشكِّل إهانة كبيرة لرجل دولة يوناني أن يدين بنجاحه لامرأة، إلا أن سقراط نفسه قد نسب الفضل إلى أسباسيا في تأليف خطبة التأبين، كما قال إنه تعلّم منها فن البلاغة وكيفية بناء خطابات مقنعة. ساعدت بلاغة أسباسيا في براءتها من تهمة عدم احترام الآلهة، فقد صاغت بنفسها المرافعة التي تلاها بريكليس أمام هيئة المحلفين المكونة من 1500 شخص. وكما ذكرنا في المقدمة، فهناك تشويه وتقليل من قيمة الفيلسوفة أسباسيا، وظهر جليًا في كتابات المؤلف المسرحي الساخر «أريستوفان» ومعاصريه، فقد وصف صديقاتها بعاهرات أسباسيا، كما وصفها الشاعر الكوميدي «كراتينوس» بالمحظية ذات عيون الكلب، بينما ألقى المؤرخ اليوناني «بلوتارخ» باللوم عليها في ذهاب بريكليس إلى الحرب، وفي الوقت ذاته أشاد بحكمتها السياسية النادرة. ولكن، هذه الآراء لم تشأ لها الأقدار أن تستمر، فتغيّر رأي الكُتّاب اللاحقين أمثال «كينتيليان» في القرن الأول، و«لوقيانوس» في القرن الثاني الميلادي، كما وُصفت في موسوعة سودا البيزنطية التي تعود إلى القرن العاشر، بأنها ذكية فيما يتعلق بالكلمات وعلم البلاغة. 2. ديوتيما: أصل مفهوم الحب الأفلاطوني الفيلسوفة ديوتيما. / wikimedia في نص «الندوة» الفلسفي لأفلاطون الذي يناقش كل ما يخص الحب ؛ نشأته وطبيعته وغايته، عبر تصوير مسابقة ودية للخطب لمجموعة من الرجال البارزين، أوضح سقراط أنه تعلم فلسفة الحب في شبابه من الكاهنة ديوتيما. أمّا عن رأي ديوتيما في الحب حسب ما جاء في نص الندوة، فهي ترى أن الحب وسيلة الارتقاء للتأمل في الإله، وأن حب البشر ما هو إلا توجيه العقل نحو حب الإله. فحسب ديوتيما، عندما يحب الشخص، فإنه ينطلق من إدراك جمال الطرف الآخر إلى تقدير الجمال ذاته، ولذا يرتقي إلى حب الإله مصدر الجمال. كما أن الحب من وجهة نظرها هو الخلود عبر إنجاب الأطفال أو خلق الأشياء الجميلة. وأعتقد علماء القرنين التاسع عشر والعشرين، أن ديوتيما في كتابات أفلاطون كانت هي أسباسيا في الحقيقة، ولكن، جادل العلماء في هذا، وأشاروا إلى عدم استخدام أفلاطون لأسماء مزيفة، كما أن أسباسيا تظهر في حوارها باسمها الخاص في نص الندوة ذاته، وهو ما رجّح أن ديوتيما شخصية تاريخية حقيقية عاشت في القرن الخامس قبل الميلاد. كما أن هناك نقش برونزي يعود إلى القرن الأول عُثر عليه في بومبي، يُصوِّر ديوتيما تتحدث مع شخص باهتمام بينما سقراط يستمع إليها باهتمام، كما جاء ذكر ديوتيما في الكتابات من القرن الثاني إلى القرن الخامس الميلادي على أنها شخص حقيقي. 3. هيبارشيا: منْ تخلت عن حياة النخبة واتبعت المدرسة التشاؤمية الفيلسوفة هيبارشيا. / wikimedia كانت هيبارشيا فيلسوفة يونانية ، ولدت في الطبقة العليا في مارونيا شمالي شرق اليونان، وتزوجت من الفيلسوف اليوناني «أقراطس الطيبي»، رغم معارضة والديها، بعدما اتبعت تعاليم المدرسة التشاؤمية الفلسفية وتمردت على حياتها النخبوية، حيث بدأت باتباع أسلوب الحياة التشاؤمي الذي اتسم بتجنب الأمور المادية ورفض الكماليات وجميع العناصر غير الضرورية للبقاء على قيد الحياة، والتصرف وفقًا للدوافع الطبيعية بدلًا من الأعراف المجتمعية . كتبت هيبارشيا العديد من الكتب عن السخرية والمضايقات ضد الفلسفات الأخرى، ولكن لأنها أنثى وتتحدث عن مدرسة فلسفية غير شعبية، لم يُجرى الحفاظ على كتاباتها، إلا القليل منها في بعض مراجع الكتاب والفلاسفة القدامى، والتي تؤكد على خطابها المباشر المتشائم وعدم امتثالها للأدوار التقليدية للجنسين. اعتادت هيبارشيا على حضور المناقشات الفلسفية وحفلات العشاء مع زوجها، وإلى جانب محاضراتها الفلسفية، عملت أيضًا كمستشارة للمحتاجين، وكان الإرشاد الزواجي أحد تخصصاتها. كانت المدرسة التشاؤمية تستند كذلك إلى الاعتقاد الساخر بأن أي عمل فاضل طالما يمكن القيام به على انفراد، فلا تقل فضيلته عند تأديته في الأماكن العامة، وهناك بعض الأقاويل أن هيبارشيا وزوجها قد اتبعا هذا الاعتقاد، وأتما زواجهما في شرفة عامة. أصبح لدى هيبارشيا وأقراطس ابنًا وابنة، وحينما أرادت ابنتهما الزواج، جعلها والداها تُقيم مع صديقها لمدة شهر واحد أولًا قبل الزواج، ليكون بذلك أول زواج تجريبي مُسجَّل في التاريخ . 4. هيباتيا: رئيسة المدرسة الأفلاطونية في الإسكندرية وُلدت هيباتيا في الإسكندرية، وعاشت في الفترة بين 370 و415 بعد الميلاد، وكان والدها ثيون السكندري، عالم الرياضيات . درست هيباتيا الرياضيات والفلسفة، وساعدت والدها في نسخ أعمال إقليدس وبطليموس وكتابة التعليقات على هذه الأعمال، وانتقلت فيما بعد لكتابة أعمالها الخاصة. كانت هيباتيا رئيسة مدرسة الفكر الأفلاطونية التي طوّرها أفلوطين، في الإسكندرية، ولكن، للأسف لم تصل أي من أعمالها إلينا بسبب حريق مكتبة الإسكندرية. وصفها المؤرخ الأمريكي «ويل ديورانت» بأنها كانت الشخصية الأكثر اهتمامًا بالعلم في عصرها، وذكر أنها كانت تتوقف في الشوارع وتشرح النقاط غير المفهومة فيما قاله أفلاطون أو أرسطو. وقد كتبت هيباتيا في الفلسفة والرياضيات وعلم الفلك ، بما في ذلك حركة الكواكب. لم تكن الآراء كلها مُتفِقة على إبداع هيباتيا، بل على النقيض تمامًا، انتشرت بعض الأقاويل الأخرى تصفها بالسحر والشعوذة ، واستخدام الحيل الشيطانية لنيل إعجاب الكثيرين، حتى ادعى البعض أن «أوريستس» والي المدينة، كرّمها بعدما أثرت عليه بسحرها. بسبب أفكارها، وعدم اتباعها التعاليم المسيحية، قُتلت هيباتيا في عام 415 بعدما جُردت من ملابسها وضربت وسُلخ جلدها. بعد وفاة هيباتيا، هرب الفلاسفة والمفكرون من الإسكندرية، وذهبوا إلى أثينا حيث كانت التعاليم المسيحية حرة نسبيًا. مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير. قد يعجبك أيضاً غسان كنفاني: ما تبقى لكم وما تبقى لنا «رسالة في الطريق إلى ثقافتنا»: عندما تكتمل الرؤية سحر الرواية على شاشتي السينما والتلفزيون صورة الشرق في الخطاب الاستشراقي شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram الزهراء أبو العنين Follow Author المقالة السابقة مسجد السلطان حسن: نظرة على تحديات هذه الملحمة الإبداعية المقالة التالية بول لافارج: ذكريات شخصية مع «فريدريك إنجلز» قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك الحب في زمن الهجرة: هل يستحق الزواج المدبّر نظرة أخرى؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الألم وصل العظم: المقاومة تدعو جمهورها للتبرع عبر البتكوين 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك العملاق الصيني يغزو هوليوود: عن فيلم «Pacific Rim» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تحرير الجينوم: طموح إنساني أم طمع استثماري؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فيروس كورونا: 9 أفلام تتنبأ بانتشار أوبئة وفيروسات مدمرة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك رواية «الجريمة والعقاب»: دوستويفسكي يُصدِّق على موت إله نيتشه 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك فلسفة المقدس في الإسلام 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لماذا «اضطرابات الأكل» هي الأخطر على الإطلاق؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك كل مال العالم: عن أحدث صورة لـ«ريدلي سكوت» 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك في سوريا: الأمل أصدق إنباءً من السيف 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.