لا تبكِ حين تأتي لاستلام ابنك فتجده جثة هامدة، لم تنجح في تربيته

إذا قررت عرض هذا التصريح على أي متابع لكرة القدم حول العالم وحاولت إقناعه أن صاحب هذا التصريح صار رئيسًا للنادي الذي يهدد مشجعيه بمثل هذه التهديدات العنيفة فسيتهمك حتمًا بالجنون، وإذا تماديت وأخبرته أنه فاز في «انتخابات ديمقراطية» بفارق شاسع يصل إلى 10 آلاف صوت، فسيبدأ في التشكيك في قدراتك العقلية، أما إذا قررت قلب الطاولة وشرحت له أن هذه هي ولايته الثانية بعد ولاية أولى، لم تشهد إلا خمس بطولات -منها ثلاثة كئوس وسوبر مصري- وأحد عشر مديرًا فنيًا ومقتل عشرين شابًا من عاشقي ناديهم تحت إشرافه وعدد من التحسينات الإنشائية المُبالغ في التسويق الإعلامي لها، فسيفر جريًا من أمامك خوفًا منك.

إذا فزت بفارق يقل عن عشرة آلاف صوت فسأتنازل لأحمد سليمان عن مقعد الرئاسة

تصريحات مرتضى منصور قبل أسبوع واحد من انتخابات نادي الزمالك.

اتسمت تصريحات مرتضى منصور دائمًا بالثقة المُفرطة عند الحديث عن الانتخابات، ثقة نابعة من فهمه لقذارة لعبة الانتخابات في مصر، ثقة واعية لسذاجة أغلب أعضاء الجمعيات العمومية في الأندية الكبرى وطلباتهم البسيطة المُتمثلة في توفير الأمان لأبنائهم في النادي وبعض التجديدات الإنشائية التي تخطف الأبصار، ناسين أو بالأحرى متناسين أمنيات الملايين من الجماهير البسيطة التي لا تتمنى إلا إدارة محترمة لناديها لا تحرجهم يومًا تلو الآخر أمام جماهير النادي المنافس.

لذا لا تحاول عزيزي القارئ شرح ما يدور في مصر لأي متابع عاقل حول العالم؛ لأنه لن يفهمك بأي حال من الأحوال، لن يفهم ما يدور في مصر إلا من عاش فيها وذاق من كأس غرابتها.


هذا مرتضى منصور، أين المجلس؟

لم تختلف غرابة قائمة مرتضى منصور عن غرابة الجمعية العمومية التي انتخبته رئيسًا لها، فحوَت عددًا من الشخصيات عديمة الإنجازات، فعلى سبيل المثال ضمت القائمة شريفة الفار الحاصلة على الدكتوراة في علم الحيوان، وكذلك جائزة الأم المثالية في النادي منذ عشرين عامًا.. نعم تلك هي إنجازات عضو مجلس الإدارة الجديد. حازم ياسين هو الآخر، الذي يكاد يجزم أغلب متابعي الانتخابات أنه لم يكن على علم بموعد الانتخابات من الأساس، رجلٌ بلغ من العمر أرذله لا ينتبه لما يقوله ولا يقوى حتى على السير بجانب رئيس الجمعية العمومية في النادي.

كذلك إسماعيل يوسف الذي لم يحظ باحترام لاعبي فريقه حين كان مديرًا للكرة بالفريق الأول نظرًا لخضوعه المُبالغ فيه لمرتضى منصور، حتى أطلقت عليه الجماهير واللاعبون معًا لقب «العصفورة». علاء مقلد هو الآخر، أو اللواء علاء مقلد كما يحب أن يُنادى، صاحب المشاهد الأكثر كوميدية في السنوات الأخيرة بنادي الزمالك، حيث تم حصره بين دورين لا ثالث لهما، دور قائد أوركسترا جماهير مرتضى منصور في المدرجات الخاوية ودور مُتلقي تعليمات مرتضى منصور عبر الهاتف أثناء المباريات لإبلاغها للأجهزة الفنية المتعاقبة على نادي الزمالك، وفي النهاية لم يرض عنه مرتضى منصور وأعلن إقالته على الهواء أمام الجميع في إهانة صارخة للواء شرطة سابق، لواء شرطة بكرامة أمين شرطة !


أحمد سليمان رجل الداخلية الـمُخلص

لعل أبرز ما يعيب تلك الانتخابات هو تصدير العميد أحمد سليمان في صورة المُنقذ المحتضن لجماهير نادي الزمالك، خاصة أعضاء الوايت نايتس منهم، لا أعلم هل نسى من يدعمون هذا الرجل أنهم أمام أحد رجال الداخلية المخلصين؟ هل نسوا أنهم أمام مُرشح يتفاخر بعلاقته المميزة بوزير الداخلية في حكومة عبدالفتاح السيسي؟ هل نسوا أن وزير الداخلية نفسه هو من منح عميد الداخلية صاحب الصوت الهادي الإذن بالغياب عن عمله كعميد في الداخلية لمدة 6 شهور لخوض تجربة الانتخابات أمام مرتضى منصور؟ هل نسوا أن عميد الشرطة ذاته متورط في اتهامات بالتعذيب في أحد أقسام الشرطة لأحد المُعتقلين السابقين والذي يُدعى «مجدي ذكي» حين كان ضابطًا بالمباحث؟


https://www.youtube.com/watch?v=H-b4W_qleb8

فوز أحمد سليمان لم يكن ليضيف شيئًا جديدًا على الساحة البيضاء سوى بعض من الابتسامات السمجة والاعتراضات اللبقة والتعامل الأهدأ مع منظومة التحكيم، بل منظومة الكرة المصرية ككل، والتي لازالت ترتعد حين تسمع مرتضى منصور يصرخ باسم أحد أفرادها على أي من الفضائيات التي تحرص على استضافته، فوز عميد الشرطة الأنيق لم يكن ليضيف شيئًا لمُعتقلي جمهور الزمالك أو تكريمًا للعشرين شهيدًا ضحايا مذبحة الدفاع الجوي. الصورة الهادئة لسليمان كانت ستتحول إلى بركان عند نقد شباب الأولتراس لتعامل الأمن معهم أو عند نقده هو شخصيًا، ولكم في محمود طاهر ومجلسه عبرة ومثل.

لن يسمح النظام الحالي في مصر بأي احتمالية ولو ضئيلة لوصول رجل لا يطبق سياساته الحاسمة لكرسي الرئاسة في أحد قطبي الكرة المصرية، صحيح أن مرتضى منصور هو الصورة الأبشع لرئيس النادي، ولكن أحمد سليمان كان سيجعل الصورة أكثر أناقة فقط، أما المضمون فكان من المستحيل تغييره لأن القصة برمتها لا تقتصر على أصوات جمعية عمومية فحسب، بل تتعلق باتجاه دولة لا يمكن مخالفته مهما كان المسئول، فما بالك بعميد حالي بالداخلية.


أين الكوارد الحقيقية؟

واجه حازم إمام بعضًا من اللوم العنيف بعد نتيجة الانتخابات المُحبطة للسواد الأعظم من جماهير الزمالك؛ نظرًا لرفضه الترشح في تلك الانتخابات، وكذلك لموقفه الرمادي من الانتخابات، الموقف الرمادي ذاته الذي يتخذه الإمبراطور -كما يلقبه محبوه- في أغلب الصراعات والمواقف الحساسة التي تعرض لها بعد اعتزاله. هذا الموقف الذي تبناه ابن أحد رموز نادي الزمالك-والذي لم يسلم من تجريح مرتضى منصور- جعل العديد من الجماهير تتساءل عن الكوارد الحقيقية التي تستطيع حمل راية التغيير في نادي الزمالك.

لم نرَ في أي من القائمتين المُرشحتين قامات علمية بارزة أو أكاديميين رياضيين قادرين على النهوض بالألعاب الرياضية الأُخرى في النادي كما هو الحال في أغلب أندية العالم، بل سيطر الصراع المُجرد على أجواء الانتخابات في القلعة البيضاء، وأصبح الاختيار قائمًا على الطاعة والولاء فقط لا غير، كما هو الحال في أغلب المؤسسات المصرية؛ لذلك لن ينتظر منهم الجمهور شيئًا مغايرًا لما يحدث في كل المؤسسات المصرية، الفشل الذي يصاحبه آلاف المبررات!