انتهى كلاسيكو الذهاب بالليجا الإسبانية في ملعب سانتياجو برنابيو بفوز برشلونة بثلاثية نظيفة في مُباراة جديدة قديمة تكررت فيها العديد من الأخطاء من الجانبين، خصوصًا المدريدي. الفوز جعل الفارق 14 نقطة لصالح أبناء المقاطعة مع مباراة أقل للفريق العاصمي، وبالتالي فعلى زيزو منطقيًا التفكير في أي شيء ليفوز به هذا الموسم إلا الليجا.

كيف يُعاد نفس السيناريو كل يوم وبطريقة تبدو مختلفة؟ وكيف يمكن أن يتم كسر هذا الروتين؟ بالتأكيد هناك حلول، ولكن غرابة الأمر تكمن في أن من شاهد ذهاب وعودة السوبر الإسباني لابد أنه شعر بأنه يشاهد فريقًا آخر اليوم، فريقًا غير الذي فاز على برشلونة بـ10 لاعبين في الكامب نو.


قبل المباراة

الهزلية وصلت قمتها مُنذ اللحظات الأولى، عفوًا من قبل بداية اللقاء حينما كان يُحلل الجميع الكلاسيكو كان يُقال إن ريال مدريد أفضل من برشلونة في عناصره، إذا وضعنا ميسي ورنالدو جانبًا فإن ريال مدريد يتفوق في مُعظم المراكز، وقد وضح للكُل كيف كان ريال مدريد يُسيطر طولًا وعرضًا على برشلونة نفسه في مُباراتي السوبر الإسباني حتى أن الفوز الثاني كان بدون رونالدو وبيل.

ولكن الجميع كان يؤكد أن كُل شيء ممكن، ويبررون ذلك بإحدى أشهر العبارات في تاريخ التحليل الكُروي بأن كُرة القدم لا تعترف بالأفضلية، وأن الكفتين في الكلاسيكو دائمًا مُتساوية. حسنًا رُبما يبدو هذا منطقيًا في مُباراة أُخرى، ولكن في الكلاسيكو فإن تلك الجُملة هي غطاء للسبب الحقيقي بأن لاعبي ريال مدريد رُبما أحيانًا لا يريدون الفوز، وأن أفضليتهم فرديًا لن تكون بالضرورة مُسببًا لتحقيق فوزهم.


الشوط الأول: ماذا سنفعل اليوم؟

ريال مدريد، برشلونة، الكلاسيكو

تشكيل الفريقين، المصدر: www.whoscored.com

بدأ زيدان المباراة بمفاجأة فالفيردي بتكوين 4-4-2 بدلًا من 4-3-1-2 المُعتادة، حيث وضع كوفاسيتش بدلًا من إيسكو رابعًا مع كاسيميرو وكروس ومودريتش خلف رونالدو وغير القابل للمس كريم بنزيما. في حين بدأ فالفيردي المُباراة بنفس التكوين، ولكن كما كان مُتوقعًا قبل المُباراة بتواجد بوسكيتس وراكيتيتش وباولينيو وإنيستا خلف ميسي وسواريز.

مُفاجأة زيدان فُهمت قبل اللقاء في مُحاولة لتكثيف الرقابة على ميسي بين كاسيميرو وكوفاسيتش، لأن ميسي خطورته تكمن في الفراغ بين قلبي الدفاع ولاعب الوسط المُدافع، فأراد زيزو حماية الفريق بوجود كوفا هُنا ولكن كان على حساب وجود لاعب مثل إيسكو في مركز صناعة اللعب، وليس ذلك فقط بل الضغط على بوسكيتس وتوفير الحُرية اللازمة لكروس ومودريتش. خطأ زيدان في الحسابات وترتيب الأولويات كانت بداية المُشكلة، فمن الواضح أن زيزو فكر في عدم الخسارة قبل الفوز رغم أنه مُطالب بالفوز، وبالتالي كان فالفيردي سعيدًا جدًا لأنه كان يُريد ذلك أيضًا.

تحقق الهدف المرجو من زيزو ولم يظهر ميسي تقريبًا في الشوط الأول، وكانت الخطورة الأولى والوحيدة من باولينيو، ولكن على الجانب الآخر قرر لاعبو ريال مدريد العودة للطفولة وتذكر المسلسل الكرتوني بينكي وبراين والجملة الشهيرة «ماذا سنفعل اليوم براين؟! ما نفعله كل يوم يا بينكي». مستوى برشلونة رغم الأرقام الرائعة خلال الموسم لم يكُن مُبهرًا، وبالتأكيد بدا ذلك اليوم خصوصًا في الشوط الأول، ولكن لاعبي ريال مدريد قرروا الاكتفاء بتهديد برشلونة فقط وليس التسجيل في مرماهم وكأنه إنذار شديد اللهجة، عودوا لمستواكم وإلا فسنُسجل!

رعونة من رونالدو في واحدة وتمريرة خاطئة من بنزيما في أُخرى مع سوء تقدير من توني كروس وتهور من كارفخال والتعامل مع شتيجن على أنه حارس ريال مدريد في التمرين، كل هذا بالإضافة لسوء حظ مُستحق بكرة بنزيما في القائم، الحظ الجيد يأتي مع المُجتهدين ومن يمتلكون الرغبة، ولكن لاعبي الريال كانوا يستمتعون بشمس مدريد الساطعة وهم يُمررون الكُرة فيما بينهم. كان يحدث ذلك في كل مرة كان الريال متفوقًا في المستوى حتى عندما كان يتقدم بفارق مثل كلاسيكو ذهاب الليجا 2014-2015 اكتفى اللاعبون بثلاثة أهداف فقط بينما كان لاعبو برشلونة غير قادرين على المشي حتى!

إحصائيات الشوط الأول من الكلاسيكو، المصدر: www.whoscored.com

سيطرة ريال مدريد كانت واضحة جدًا في هذا الشوط، حيث سدد لاعبو الريال 9 مرات مُقابل 3 فقط لبرشلونة، وصنع مارسيلو 3 فرص مُحققة للتسجيل في حين صنع لاعبو برشلونة مُجتمعين هذا العدد.


الشوط الثاني: عيد ميلاد سعيد يا سيد فالفيردي

ريال مدريد، برشلونة، الكلاسيكو

ريال مدريد، برشلونة، الكلاسيكو

تحذير لاعبي ريال مدريد لنظرائهم في برشلونة لم يُجد نفعًا في الشوط الأول، فقرر هُنا لاعبو الميرينجي بتصعيد الأمر وإعطاء برشلونة هدايا مُباشرة رُبما ليعلو رتم اللقاء أو لأي سبب آخر، حيث فجأة قرر كوفاسيتش بتصرف غريب جدًا ترك راكيتيتش وحيدًا في وسط الميدان يركض بالكرة حتى وصل لحدود منطقة الجزاء، هُنا اضطر فاران الذي كان بالأصل يُغطي تقدم كارفخال للتقدم ليُغطي منطقة كوفاسيتش، ولكن راكيتيش سرعان ما مرر على الناحية اليُمنى ثم إلى سواريز القابع خلف فاران الذي كان يحمي ثلاثة مراكز في نفس اللحظة. الأغرب في هذا الهدف هو أن لاعبي ريال مدريد بأكملهم لم يحاول أحدهم الانطلاق بالسرعة القصوى للحاق براكيتيتش وظل الجميع يُشاهد فقط.

ردة الفعل من لاعبي الريال كانت بطيئة جدًا، سواء في القرار أو في الحركة نفسها، شيء يدل على قصور شديد في التحضير الذهني والنفسي للاعبين قبل اللقاء، تشعر وأنهم كان لا يعلمون ماذا يجب عليهم فعله وسط حالة من التوهان استمرت حتى قرر كارفخال في تصرف أحمق إبعاد الكُرة من باولينيو الذي كان بمثابة الإزعاج الأكبر لدفاع ريال مدريد لسرعته وقوته ولا مركزيته طوال اللقاء بيده في الدقيقة 62 من على خط المرمى! لماذا يا داني؟ هل هي الدقيقة الأخيرة والريال مُتقدم؟ لماذا يخسر فريقك هدفًا ولاعبًا ومازال مُتبقيا نصف ساعة كاملة من اللعب ممكن يحدث فيها أي شيء؟ إرهاق ذهني كبير أصاب الظهير الأيمن في تلك اللقطة أسفر عن تقدم بهدفين مُقابل لا شيء أمام فريق يلعب ب 10 لاعبين ضمنهم بنزيما، هنيئًا بالمُباراة برشلونة، عفوًا هنيئًا بالليجا.

لاعبو ريال مدريد بدوا مُرهقين وفاقدين للرغبة والقدرة أيضًا، ففي أحد أغرب الدقائق في تاريخ الكلاسيكو بدأ لاعبو برشلونة بتدوير الكُرة بينهم لتعطيل تغييرات زيزو في الدقيقة 66، ولم يحاول أي من لاعبي ريال مدريد الضغط على نظيره أو عمل خطأ تكتيكي ليُسرع التغيير حتى حدث التغيير في الدقيقة 71! تقمص دور بابا نويل الذي يقدم الهدايا لم يمل منه لاعبو الملكي وربما لن يتغير إلا بتغيير العقلية على مدى طويل، كل ذلك يتحمله زيزو وحده لأن اختيار التكشيل كان سيئًا، ولكن ليس بسوء تحضير اللاعبين بدنيًا وذهنيًا لمُباراة كانت من المُمكن أن تُغير مصير الليجا.

كل تلك الدروس تعلمها زيدان، وربما لا، وسيظل يُردد لا نحتاج مُهاجما، ولكن الأكيد أن فالفيردي هو المُستفيد الأوحد لأنه لابد أن يعلم الجميع أن برشلونة يفوز وهو سيئ، فما بالكم لو ارتفع مستوى الفريق؟