شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 178 سيكون من الضروري لفهم هذا المقال مراجعة الجزء الأول: هنا. 1- فيتنام.. أغسطس من عام 1964.. أعلن رئيس الولايات المتحدة ليندون جونسون أن مدمرتين أمريكيتين قد هوجمتا في خليج تونكن بعيدا عن ساحل فيتنام الشمالية. ارتاب بعض الأمريكيين في أن يكون الهجوم قد حدث، ولم يؤكد الهجوم فيما بعد على الإطلاق. ولكن الرئيس جونسون أمر بهجمات جوية أمريكية ضد فيتنام الشمالية. 2- العراق.. مارس من عام 2003م.. وبعد شد وجذب عن حقيقة امتلاك العراق لأسلحة نووية، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش انطلاق حربه لتحرير العراق. ||سنقضي على آلة الترهيب وسنساعدكم على بناء عراق مزدهر وحر. ولن يشهد العراق الحر حروبًا عدوانية على جيرانكم، ولا مصانع للسموم، ولا عمليات إعدام للمنشقين، ولا غرف تعذيب، ولا غرف اغتصاب. سيرحل الطاغية قريبًا. ويوم تحرركم قد اقترب|| ||الطريق الوحيد لخفض الضرر ومدة الحرب هو في استخدام القوة المطلقة لقواتنا وعظمتها، ونحن مستعدون لذلك|| بالطبع لم تكن هذه بداية الأحداث.. ***** سرد للبدايات: ||you can kill ten of our men for every one we kill of yours,But even at those Odds you will lose we will win|| ||بإمكانك أن تقتل عشرة من رجالنا مقابل كل واحد نقتله من رجالكم. لكن حتى أمام تلك الحسبة، أنتم ستخسرون ونحن سننتصر|| هو تشي مينج Ho Chi Minh بدأ التدخل الأمريكي الفعلي في فيتنام مباشرة بعد هزيمة فرنسا أمام الحلف الثوري لاستقلال فيتنام بقيادة ( هو شي منه ) * في ديان بيان فو 1954. عقد بعدها مؤتمر للسلام في جنيف الذي قضي بتقسيم البلاد إلى شطرين: الشطر الشمالي شيوعي عاصمته هانوي ، والشطر الجنوبي يرتبط بعلاقات وثيقة مع الغرب عاصمته سايغون . كما قضت أيضا هذه المعاهدة بإقامة انتخابات تجمع شطري البلاد عام 1965 لإعادة توحيدها. هذا السعي الذي عارضته الولايات المتحدة؛ فهو يفقدها موطأ قدمأ بجوار بكين وموسكو، ويفقدها خانة على رقعة الشطرنج في سياق الحرب الباردة بين القطبين.كانت حكومة الشمال الشيوعية عازمة على إعادة توحيد الشطرين. وبينما قوض الجنوب بدعم أمريكي هذه المحاولة، ساندت حكومة الشمال الأعمال الثورية في الجنوب، ودعمت ما سمي بالـ (فيت كونج) في ثورتهم. وفي عام 1960، تم تأسيس جبهة التحرير الوطني ، وهي الإطار التنظيمي السياسي والعسكري الذي سيتولى مهمة الحرب ضد حكومة سايغون .في أبريل من 1960، أعلن الرئيس كينيدي وقوف بلاده التام خلف حكومة الجنوب وتوقيع معاهدة صداقة معها. ومن هنا بدأ يتوالى الحشد الأمريكي لعدته وعتاده. حاولت الولايات المتحدة بطرق مختلفة وقف خطوط الإمداد بين الشمال والحركات المسلحة في الجنوب. ومع الاضطرابات الداخلية في الجنوب الفيتنامي، وفشل الحكومة في الحفاظ على استقرار البلاد، توالت الانقلابات العسكرية وتزايدت العمليات العسكرية من الشمال ومن المسلحين في الجنوب؛ إلى أن ارتأت أمريكا أن عليها أن تدير الأمر بطريقتها.إذن.. استهدفت الاستراتيجية الأمريكية قطع خطوط الإمداد بين الشمال والجنوب؛ ومن ثم تأديب الحكومة الشيوعية في الشمال وإجبارها على التراجع عن مخططاتها في تحقيق الوحدة أو دعم الثوار الشيوعيين في الجنوب (الفيت كونج).يمكننا أن نقسم الحرب الأمريكية – الفيتنامية إلى عدة تفاعلات تختلف في طبيعتها وفي سياقها الزمني والمكاني. ونحاول أن نؤطرها بنظرية (التفاعلات الاستراتيجية).. (راجع الجزء الأول ) التفاعل الاستراتيجي الأول: حرب بربرية (أمريكية) × دفاع مباشر (الشمال الفيتنامي) (عملية الرعد): بدأ في مارس 1965 عملية قصف جوي استراتيجي أمريكي على الشمال الفيتنامي كانت تهدف إلى تركيع إرادة الفيتناميين وثنيهم عن دعم الثوار في الجنوب الفيتنامي. ولم تصمم هذه العملية للإطاحة بحكومة الشمال الشيوعية وإنما كانت تهدف إلى الضغط عليها وتضييق الخناق وإحداث الخسائر الكافية لثنيها عن دعم الثورة المسلحة في الجنوب. وبينما قررت الإدارة زيادة وتيرة العمليات الجوية، أصبح فشلها أمرا واضحا للعيان. فعلي الرغم من كم الدمار الواسع الذي حققته، إلا أنها لم تنجح في تحقيق أهدافها من الضغط على الحكومة بما يثنيهم عن دعم الحركات الشيوعية في الجنوب. بل بالعكس، أدت هذه الهجمات إلى زيادة الشعور بالوطنية وروح الانتقام من الهمجية الأمريكية مع تزايد الرغبة في التضحية والانتقام، بل وقوت ظهر النظام الشيوعي في فيتنام.وهذا النوع من القصف الذي لا يستهدف فقط الأهداف العسكرية يعد نوعا من جرائم الحرب البربرية. وقد استمرت هذه العملية إلى نوفمبر من عام 1968، وتوقفت قبل أسبوع من بدء الانتخابات الرئاسية الأمريكية.وهنا نجد فاعلا قويا (أمريكا) يشن حربا بربرية أمام فاعل ضعيف (الشمال الفيتنامي) الذي مارس الدفاع المباشر. وفشل الفاعل القوي في تحقيق أهدافه. التفاعل الاستراتيجي الثاني: هجوم مباشر (أمريكا) × دفاع مباشر(الشمال الفيتنامي): 1965 – 1969 شهدت هذه الفترة مجموعة من المعارك بين القوات الأمريكية وحليفها الجيش الفيتنامي الجنوبي، وبين الجيش الفيتنامي الشمالي وحليفه في الجنوب الفيت كونج. وشهدت هذه المعارك انتصارت ساحقة للقوات الأمريكية التي جمعت بين أسلحتها التكتيكية على الأرض وبين سلاح الجو والمدفعية الثقيلة. وبمرور الوقت بدأت، تقل وتيرة هذا النوع من المعارك المباشرة، ويعكس هذا نوعا من التطور لدى الجيش الفيتنامي الشمالي الذي أدرك أنه في هذه المرحلة يحارب الأمريكيين وفقا لقواعدهم، فبدأ في التحول عن استراتيجيته السابقة إلى استراتيجية حرب العصابات عن طريق القتال عن قرب والكر والفر، مما حرم الجيش الأمريكي من التمتع بغطاء جوي فعال. التفاعل الاستراتيجي الثالث: هجوم مباشر (أمريكا) × حرب عصابات ( الجنوب الفيتنامي) (1): شنت العصابات في الجنوب حربا منظمة على السلطة المتعاونة مع أمريكا، مع قدر كبير من الاحترافية. وقابلتها الولايات المتحدة بقوات منظمة قامت بعمليات بحث وتدمير بناء علي معلومات مخابراتية. وبينما اعتمد الجنوب علي الدعم الجوي والمدفعي القوي من أمريكا بدأ ميزان القوة يميل لصالح العصابات مع فشل لهذه الاستراتيجية نتيجة لكثرة الإصابات في جانب المدنيين.وعلى جانب آخر قامت الولايات المتحدة في بعض المناطق بتجنيد الفلاحين وتسليحهم مع دعم جوي ومدفعي، ومن قوات المارينز؛ ولاقت هذه الاستراتيجية نجاحا نسبيا. ولكن في النهاية لاقت القوات الأمريكية فشلا ذريعا في القضاء على هذه العصابات لأن القوات الأمريكية دربت في المقام الأول لخوض حرب أمام قوة منظمة ذات قوة نارية كبيرة وليست أمام مجموعة من الأشباح. التفاعل الاستراتيجي الرابع: حرب بربرية (أمريكا) × حرب عصابات (الجنوب الفيتنامي) (2): طورت القوات الأمريكية نوعين من الاستراتيجية للتعامل مع هذه العصابات: الأولى شملت تهجير الفلاحين من قراهم في المناطق المستهدفة وجمعهم في معسكرات تشرف عليها الحكومة الجنوبية. وهدفت هذه الاستراتيجية إلى تدمير البنية التحتية للعصابات والدعم الشعبي الذي كانت تحصل عليه من المدنيين. الاستراتيجية الثانية (العنقاء): وهي عبارة عن برنامج مخابراتي استهدف القضاء على قيادات الفيت كونج وتدمير بناها التحتية مجبرة الجنود على التراجع إلى قواعدهم في كمبوديا بعد خلخلة صفوفهم. وهذا البرنامج يعد الوحيد الذي حققت فيه أمريكا نصرا فعليا. وبين عامي 1968 – 1972 قتلت أمريكا ما يزيد عن الـ 26 ألفا من قيادات الفيت كونج ومنتسبيها ودوائر دعمها. هذا، غير عشرات الآلاف الآخرين الذين تم أسرهم وتعذيبهم بطرق مختلفة.ولكن هذه الاستراتيجية (هاملت – العنقاء) أثارت استياء الجنوبيين ودفعت العديد منهم لمساندة العصابات. (دبابة الثوار تقتحم القصر الرئاسي في جنوب فيتنام بعد انتصار الثورة 1975) ***** لماذا أقحمت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في المعترك الفيتنامي؟! وهل كانت فيتنام تمثل مصلحة حيوية لفيتنام أم لا؟! ثم لماذا انسحبت؟! لم يتفق المؤرخون أبدا.. هل كانت فيتنام مصلحة حيوية للولايات المتحدة أم لا. ولكن ما اتفقوا عليه هو أن أمريكا اعتقدت أنها سوف تكون كرحلة بسيطة، وباستخدام بسيط للقوة، يمكنها أن تعيد الاستقرار للنظام السياسي في جنوب فيتنام ثم تغادر. ولكن في النهاية وبصورة درامية أصبح مصير الجنوب الفيتنامي مرتبطا بسمعة الولايات المتحدة ومكانتها كقائد للعالم الحر.والحقيقة أن انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام كان بسبب الضغط الداخلي للرأي العام. وذلك لأن الجيش الأمريكي لم يقاتل بفاعلية كما كان متوقعا منه. ولكن في نفس الوقت أثبت الجيش الأمريكي مرونة كبيرة في تطوير تكتيكاته الحربية بسرعة. ورغم أن عام 1969 انتهى بنصر أمريكي؛ إلا أن الحرب استمرت لأربعة أعوام أخرى.. حاملة الهزيمة للجيش الأمريكي. إن الانسحاب المذل للجيش الأمريكي من فيتنام كان نتيجة لسببين رئيسين: الأول اعتقاد ادارة الحكومة الأمريكية أن هزيمة الجيش الفيتنامي الشمالي سوف يدفعه الي الاستسلام لمطالب أمريكا ووقف الدعم عن الثوار الجنوبيين .. ولكن ذلك لم يحدث … فقط انسحب الجيش الفيتنامي الي ما خلف خطوط (نزع السلاح) وأعاد تنظيم دفاعاته منتظرا خروج الولايات المتحدة ليكتسح الجنوب الفيتنامي معيدا توحيد الشطرين. الثاني أن الهزيمة العسكرية للثوار الجنوبيين والجيش الشمالي أخذ وقتا طويلا لتحقيقه مما أثر على الرأي العام الأمريكي ليس فقط لأن أمريكا تمتلك جيشا من أقوي الجيوش على الأرض مدعما بأحدث التكونولوجيا ولكن أيضا لأن أمريكا وفي حروبها السابقة اعتقدت أن قضيتها عادلة وتستحق الوقوف من أجلها وهذا ما افتقدته الحرب في فيتنام ولم تسعي الادارات المتلاحقة إلى إثارته. خلاصة: امتلك الشمال الفيتنامي نوعين من الجيوش: جيشا نظاميا مدربا على مواجهات مباشرة ونوعا آخر مدربا ومعدا لحروب العصابات لذا يكون الشمال أكثر مرونة من الجنوب المتحالف مع أمريكا في تغيير استراتيجيته بين المواجهه المباشرة أو حروب العصابات مما قاده في النهاية الي النصر. (مظاهرات أمريكية تتكرر ضد الحرب بعد فشل الجيش الأمريكي في تحقيق نصر سريع من فيتنام إلى العراق) ***** العراق: يمكننا أن نلحظ التشابه الشديد بين الحرب في العراق و الحرب في فيتنام .. بل يكاد يعد تطابقا .. بداية من الظروف المحيطة بالحرب ..1- دولة تعد نفسها قائد العالم الحر تواجه خطر ضياع هيبتها بعد ضربات 11 سبتمبر أو امام الاتحاد السوفيتي .2- فكرة الحرب غير العادلة والغير مبنية علي قضية حقيقية خصوصا بعد أن ظهر الكذب الأمريكي في ادعائه بوجود الأسلحة النووية كما لم تظهر أمريكا سابقا أي دليل علي قصف مدمراتها قبالة سواحل شمال فيتنام.انتهت الحرب ولكن بعد أن عاني الفيتناميون مثلما عاني الشعب العراقي ..فقد قُتل في الحرب ما يزيد عن المليون و المائة ألف .. هذا غير ثلاثة ملايين من الجرحي .. لم تكن الحرب نزهة كما توقعت أمريكا ولم تكن كذلك للشعب الفيتنامي ولكنه في النهاية انتصر بعد الفظائع التي مورست بحقه.وكما تتشابه التفاعلات الاستراتيجية في فيتنام تتشابه وتتطابق مع مثيلاتها في العراق كما بينا في المقال السابق .. وبينما تزداد الآن وتيرة التفاعل بين وكلاء أمريكا وبين جنود أبي بكر البغدادي .. نميل إلى الاعتقاد بأن نتيجة هذه الحرب سوف تحسمها طبيعة الاختيارات الاستراتيجية لكل طرف. ***** يمكنك الآن أن تنظر لكل الحروب التي تجري في المنطقة بنفس العين التي قرأنا بها الحرب الأمريكية الفيتنامية، وأن تبحث في طبيعة التفاعلات الاستراتيجية بين الخصوم بما يمكنك من استشراف طبيعة الصراع ونهايته. تكمن المشكلة في أن تتمتع بالبصيرة النافذة لتحديد الاستراتيجية التي يتبناها الفاعل على الأرض، ثم يمكنك عندها أن تستشرف طبيعة الصراع مهما طال أمده؛ كمثال: (صراع بشار الأسد × الثورة السورية) (التحالف الدولي × داعش) (عاصفة الحزم × الحوثيين). المراجع: * هو تشي منه: سيرته ( هنا ). وثائقي ( هنا ). 1- Politics of asymmetric conflict., Andrew Mack. 2- .How the weak win wars: a theory of asymmetric conflict, Ivan M. Arreguin, Cambridge University Press 3- مذبحة ماي لاي قد يعجبك أيضاً داليا خورشيد: المرأة الحديدية على عرش الإعلام المصري هل يفلت وزير الخارجية الأمريكي من الإقصاء؟ الأمير فيليب: ظل الملكة إليزابيث وإله قبيلة تانا ليس الدين: هنا ضواحي أوروبا التي تصنع الإرهاب شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محمد فارس Follow Author المقالة السابقة من يحكم السياسة الخارجية في إيران؟ (مترجم) المقالة التالية الجنرال بخاري يحكم نيجيريا..وماذا بعد؟ (مترجم) قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك الفريق محمد زكي: تعرف إلى خليفة «صدقي صبحي» 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تاريخ من الضياع السياسي وراء موقف موريتانيا من أزمة الخليج 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل تحسم التدخلات العسكرية الحرب في اليمن؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تغير المناخ: أسئلة وأجوبة حول الأبعاد السياسية للأزمة 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الأزمة التونسية: صراع على السلطة مطيته الدستور 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك انتخابات الكنيست: الحصان الأسود القادر على خلافة نتنياهو 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لماذا أصرت بيلوسي على زيارة تايوان؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك بعثة مصرية لدى الناتو: دور إقليمي مقابل حماية سواحل أوروبا 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الأسباب الخفية للتدخّل الروسي في سوريا 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تقهقر بوكو حرام: صفعة أخرى على الوجه الأسمر لداعش 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.