محتوى مترجم
المصدر

nationalinterest
التاريخ
2015/08/11
الكاتب
كريستوفر إس شيفيز، أماندا كادلك.

في البيئة الأمنية المتدهورة في شمال أفريقيا؛ تعتبر الجزائر مرشحة رئيسية لنيل جرعة من الاهتمام الوقائي. فمع تركز موارد مكافحة الإرهاب على صد توسع تنظيم الدولة الإسلامية، والتنظيمات الجهادية الأخرى في أنحاء ليبيا، مصر، تونس، ومنطقة الساحل؛ تعتبر الجزائر معرضة لخطر أن يتم إغفالها.

تمثل الجزائر لاعبًا إقليميًا ضخمًا. فبالإضافة إلى كونها شريكة أمريكية متناقضة ومثيرة للإشكال، إلا أنها تعاني من تحديات قديمة وجديدة. تواجه قوات الأمن الجزائرية تحديًا صعبًا في تأمين

حدود البلاد

التي يبلغ طولها 6,734 ميلًا من الصحاري غير محكمة الإغلاق مع تونس، وليبيا، والنيجر، ومالي، وموريتانيا، والمغرب، والصحراء الغربية.


ولد تنظيم القاعدة

في المغرب الإسلامي في الجزائر، ويحافظ على وجوده في شرق الجزائر بجبال منطقة القبائل. تستمر تنظيمات أصغر مثل المرابطين (تنظيم منشق يقوده القائد السابق لتنظيم القاعدة «مختار بلمختار»)، وتنظيم «عقبة بن نافع» التابع للقاعدة، وتنظيم «جند الخليفة» التابع لتنظيم الدولة الإسلامية، في العمل في أنحاء وداخل حدود الجزائر.



بسبب مساحة الجزائر وموقعها الجيوسياسي، يجعلها هذا شريكة إقليمية رئيسية لكلّا من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في محاربة الإرهاب.

في أواخر الشهر الماضي،

قتل تنظيم القاعدة

في المغرب الإسلامي تسعة جنود جزائرييين على الأقل في كمين ليس ببعيد عن العاصمة الجزائر. وبسبب مساحتها وموقعها الجيوسياسي؛ يمكن للجزائر أن تكون شريكة إقليمية رئيسية للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، في جهود الأمن ومكافحة الإرهاب ضد القاعدة والدولة الإسلامية.

الجزائر لديها مصلحة واضحة في إخماد التهديد الذي يمثله الجهاديون الإقليميون. حيث تتمتع الجزائر بمعرفة محلية يمكن أن تكون مفيدة للجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب. ودون تعاون نشط من الجزائر، سيكون دعم الأمن التونسي صعبا للغاية. ودون الجزائر، سيكون إنهاء الحرب الأهلية في ليبيا شبه مستحيل.

إلا أن التعاون الوثيق مع الجزائر سيكون شاقا لعدة أسباب. يظل الجزائريون متحفظين بشدة تجاه سيادتهم ودورهم الإقليمي، كما كانوا حذرين من التعاون مع الولايات المتحدة –ناهيك عن سيدتهم الاستعمارية سابقًا، فرنسا– بأي شكل يجعلها تبدو تابعة للقوى العالمية.

تفضل الجزائر أن تقود الجهود الإقليمية مع دول شمال أفريقيا الأخرى مثل تونس وليبيا، وفي الماضي، مع مالي عندما توسطت في عقد اتفاقيات سلام قبل ثورة 2012. (كما يبدو أنها وصلت إلى طريق مسدود مع المغرب –وهي أيضًا حليفة رئيسية لأمريكا وفرنسا– بصدد الصراع الذي يمتد عمره إلى عقود بشأن الصحراء الغربية، مع حفاظها على علاقات دافئة مع روسيا).

يصف المسؤولون الجزائريون بلدهم بأنها قوية، وقائدة إقليمية خالية من الاضطرابات الداخلية والتطرف الذي اجتاح دولا عربية أخرى. إلا أن الحقيقة أن الجزائر تمثل دولة كبيرة وغير مستقرة على نحو محتمل.

يقع التساؤل حول من سيخلف الرئيس الجزائري السبعيني «عبد العزيز بوتفليقة» على قمة المخاوف المستقبلية؟. يمثل «بوتفليقة» تجسيدا للنظام العسكري الذي حكم منذ حرب الاستقلال الجزائرية ضد الحكم الفرنسي. إلا أنه بعد إصابته بسكتة دماغية عام 2013، تركته في حالة صحية سيئة، لم يعد يظهر علنا، ما خلق ضبابية شديدة حول هوية خليفته.

وبالتالي فإن الجيش والأجهزة الأمنية المتمتعة بهيبة كبيرة (التي تعرف بالاختصار الفرنسي، «دي آر إس»)، هي بالتالي في حالة مرحلية من الانقسام. علاوة على ذلك، يشيخ أيضًا بقية النظام، ويختلف مع الأجيال الأصغر التي انتظرت طويلًا دورها لتحكم.

سيُستَبدل «بوتفليقة» وصورته البطولية خلال الخميسينيات في الحرب ضد الاستعمار الفرنسي، ولكن لا أحد يعلم من أو ماذا سيحل محله. تتمثل النتيجة في احتمالية الاقتتال بين النخبة وتمزق العلاقات على المستويات العليا للدولة.



أدى الهبوط في الدخل والعجز المالي المستمر منذ عام 2008 إلى تعقيد جهود الدولة لمواجهة المشكلات الاقتصادية المزمنة، وبطالة الشباب، والتوترات المدنية.

وفي غضون ذلك، يبدأ انخفاض إنتاج النفط والغاز، مصحوبًا بالهبوط العالمي في أسعار الطاقة، في إجهاد الاقتصاد وماليات الدولة. تشكل صادرات النفط والغاز أكثر من 90%من كامل صادرات الجزائر و60% من عائدات الدولة[1].

وهوت أرباح المواد الهيدروكربونية بنسبة 43% في النصف الأول فقط من العام 2015، مع هبوط إجمالي بنسبة 25% منذ عام 2012، وفق صندوق النقد الدولي[2]، حيث اعتمدت الحكومة على صندوق الثروة السيادية الخاص بها لتخفيف آثار ذلك الهبوط، ولكنها لن تستطيع فعل ذلك للأبد.

ومنذ عام 2005، حدث عنف منخفض المستوى في جميع أركان البلاد ونتج عنه آلاف الاحتجاجات الصغيرة، والتي كانت تؤدي أحيانًا إلى أعمال شغب، حيث تمثل

الاشتباكات التي حدثت

قرب منطقة القرارة في يوليو/ تموز بين العرب والبربر، والتي أودت بحياة أكثر من 20 شخصًا؛ أحد الأمثلة القريبة.

يتفاقم القلق العام بشكلٍ مبرر بفعل الاضطراب الجاري في مالي وليبيا، ناهيك عن النجاحات الأخيرة لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا. بالتأكيد لا تعني تلك التوترات أن الدولة على مشارف تمرد داخلي. لقد عاش الجزائريون لمدة عقد من الحرب الأهلية خلال التسعينيات، وسيكونون حذرين من إثارة المشاعر التي أحدثت ذلك الصراع.

ومع كونها مثيرة للإضطراب؛ لا تزال معظم الاحتجاجات تبدو هادفة إلى دفع الدولة نحو صرف معونات، وليس تغيير النظام. كما يعتمد أعضاء النخبة على بعضهم البعض، رغم شقاقاتهم، لمنع الدولة الحصينة من السقوط. علاوة على ذلك، تعتبر تنظيمات المعارضة منقسمة وغير فعالة.

ربما الأهم من كل ذلك أن الجزائريون قد شهدوا النماذج الأخيرة في مالي، نيجيريا، الصومال، ليبيا، مصر، اليمن، سوريا، والعراق –والتهديدات في كل مكان آخر– ما أخمد الحماس لثورة ضد الدولة. حتى إن كانت الحكومة اليوم فاسدة، فهي على الأقل تقدم صورة من الأمن الشخصي والاقتصادي.

ستستمر المخاطر التي تهدد استقرار الجزائر في السنوات القليلة القادمة، طالما استمرت الضبابية بشأن الخلافة والمشكلات الاقتصادية. على سبيل المثال، قد تؤدي أخطاء قوات الأمن المنتشرة لقمع تلك الاحتجاجات، إلى توليد سخط أكثر صدقًا وموجات من الاحتجاجات واسعة النطاق، مثلما تكرر في الماضي.

لا داعي للقول بأن العالم يحتاج إلى تركيز المزيد من الاهتمام نحو تلك القوة الإقليمية الوسيطة في شمال أفريقيا. فإن استمرت التوجهات الإقليمية على منحاها الأخير، قد تصبح الجزائر آخر خط للدفاع أمام الفوضى التي اجتاحت ليبيا وتهدد المنطقة بالكامل.


المراجع




  1. congressional research service, Algeria: Current Issues, Nov.18 – 2013, page.11

  2. International monetary fund, ALGERIA, Dec. 2014, p.5