شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 66 على مدار سنوات الاحتلال الماضية راهن الكثيرون على ذوبان النسيج الفلسطيني ممن بقوا في الأراضي المحتلة عام 48، والمُقدر عددهم بمليون ونصف المليون، أي ما يُقارب 20% من مجمل السكان في المجتمع الإسرائيلي، والتخلي عن القومية والوطنية التي تُشكل شخصيتهم العربية، لكنهم أبدًا ما ربحوا الرهان، فظل أولئك أوفياء لوطنهم متجذرين بهويتهم التُراثية والثقافية والوطنية، رغم كل التحديات والمُغريات التي واجهوها. ويواجه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 48 أصنافًا من التمييز العنصري على صعيد الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باعتبارهم أقلية فهم بداية مواطنون من الدرجة الثانية أو مواطنون قيد الاختبار عليهم إثبات ولائهم الدائم لإسرائيل التي اغتصبت أرضهم، بالتنازل عن حقوقهم والرضا بالعيش أذلاء في وطنهم، محرومون من هويتهم الوطنية والقومية. لكن ذلك لم يمنع وجود جبهات مقاومة على الأرض تمثلت في دخول العرب إلى الكنيست الإسرائيلي، ومشاركتهم الفعلية في صنع القرار السياسي بشكل قانوني، رغم ما يتعرضون له من تحديات واتهام متواصل بالإرهاب والخيانة. المقاومة العربية داخل الكنيست على مدار دورات الكنيست العشرين السابقة، مثّل أعضاء الكنيست العرب الشوكة التي أفشلت محاولات ابتلاع الهوية الوطنية والقومية للفلسطينيين الذين بقوا متجذرين في بلداتهم وقراهم بعد احتلالها. ما أدخلهم في مواجهة مباشرة مع الحكومة والأعضاء من الأحزاب اليهودية المختلفة في الكنيست، فبعضهم قاتل بسلاح القانون لتحسين أوضاع المواطنين العرب، وآخرين امتشقوا سلاح المعارضة حتى أصبحوا أعداءً لإسرائيل. في عام 2013، ابتدع جيش الاحتلال «وحدة الكلاب» التي دُربت على مهاجمة أي إنسان يصدح بكلمة «الله أكبر» أينما كان في المسجد أو الشارع. وفريق ثالث احترف المناكفة ودخل في حالة صراع شبه دائم من أجل إحقاق الحق سواء بالنضال ضد العنصرية وإيجاد سبيل للمساواة أو بالنضال المدني الخدماتي للمواطن العربي؛ مُبديًا إنجازات واضحة على صعيد إلغاء قرار مصادرة أراضي لصالح الاستيطان في مناطق التماس الفلسطيني بالضفة الغربية والقدس المحتلة، أو على صعيد الانسحاب من قطاع غزة. ليس ذلك فحسب بل استطاع النواب العرب تمرير بعض القوانين في الكنيست كتمثيل العرب في الوظائف العامة، وتمثيل العرب في إدارة الشركات الحكومية، بالإضافة إلى تخفيف قانون منع إحياء النكبة. ورغم المطالبة اليهودية الدائمة بعدم السماح للعرب بتمثيلهم سياسياً في الكنيست، إلا أنها لم تفلح، وبقي الأعضاء العرب في الكنيست الصوت الأعلى الذي يكشف عورة إسرائيل، ويُزيح الستار عن ممارساتها العنصرية ضد الأقلية العربية، على أمل إنهائها وتهويد الأراضي المحتلة بالكامل دونما وجود إسلامي عربي فلسطيني. قانون منع الأذان المؤذن سيؤذن أيها المارون بين الكلمات العابرة… الله أكبر عليكم. هكذا صرخ أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير «القائمة المشتركة» في الكنيست الإسرائيلي، رافضًا مصادقة اللجنة الوزارية لشئون التشريع على قانون «منع الأذان»، ليس ذلك فحسب بل طالب باسم القائمة المشتركة حجب الثقة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يُعد «المُحرض الأول» ضد الجماهير العربية وقياداتها، قائلًا: من الأولى إسكات نتنياهو وحكومته ووقف المعاناة التي يُسببونها للملايين. ففي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، صادقت اللجنة الوزارية على مشروع قانون ينص على منع استخدام مكبرات الصوت لبث «رسائل» دينية أو وطنية بهدف مناداة المصلين للصلاة في أحياء القدس، وجاء في نص القانون أن مئات الآلاف من الإسرائيليين يعانون يومياً من الضجيج الناجم عن صوت الأذان في المساجد. وقد سبق ذلك في عام 2013، أن ابتدع جيش الاحتلال «وحدة الكلاب» التي دُربت على مهاجمة أي إنسان يصدح بكلمة «الله أكبر» أينما كان في المسجد أو الشارع، عابر سبيل أو مُقيم، ما يُؤكد على وجود حالة استهداف ممنهجة لمحاربة الدين وتقييد حرية العبادة على الفلسطينيين في القدس والأراضي المحتلة عام 48. ويبدو واضحًا حجم التبجح والتحريض العنصري ضد العرب في هذا القانون الذي يحرمهم من أداء عباداتهم بالطريقة التي جاءت بها أديانهم، في وقت لا يسمح لهم بإبداء أي معارضة من ممارسات دخول السبت أو يوم الغفران لدى اليهود، بما فيهما من تقييد لحرية حركتهم وتحملهم للضجة الكبيرة التي تُحدثها الأبواق في تلك المناسبات. وهو ما أكده الطيبي في خطابه الغاضب، حيث قال: «نحن أيضًا نعاني من ضجيج النفخ بالبوق أيام الجمعة والسبت، ونعاني من منع السفر في أعيادكم وخاصة عيد الغفران، ولكننا لا نعترض ولا نمس شعائركم». إن ما يُشير إلى خطورة القانون رغم أنه ليس الأول من نوعه. هو ما يحمله من تأييد الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الذي يقوده نتنياهو، مما يُعطي القانون بُعدًا رسميًا على الأرض، قد تلجأ معه المؤسسة الإسرائيلية إلى اتباع أساليب الترهيب من أجل تطبيقه، خاصة بعد حالة الرفض الشعبي والمؤسسات الرسمية الفلسطينية الفصائلية والدينية. أحمد الطيبي قائد جبهة الرفض لم يكن الرفض للقانون والمطالبة بعده بحجب الثقة عن حكومة نتنياهو سبيلًا جديدًا اتخذه الطيبي لإعلاء صوت الحق والدفاع عنه. فابن مدينة يافا المولود في عام 1958م، شق طريقه وسط نظام احتلالي عنصري ضد الفلسطينيين، فكان المُدافع الأول بالكلمة والموقف الغاضب. في صغره حين كان في الصف التاسع رافق والده للعمل في الإجازة الصيفية في الأراضي المحتلة عام 48 داخل مصنع للمعلبات اسمه «السيسي للمعلبات»، وكان أحد العمال خارجًا في استراحة الغداء لكنه تأخر قليلًا وحين عاد وبخه مشرف العمل وركله بقدمه فيما بادره العامل بابتسامة صامتة، الطيبي الذي استشاط غضبًا من العامل والمشرف اليهودي لم يقبل أن يُركل الفلسطيني فهب صارخًا في وجه اليهودي «ضربه غير مسموح لك». ومن ثمَّ تكررت المواقف الرافضة لعنصرية الاحتلال الذي يُلحق التمييز ضد العرب في كل مجالات الحياة، وغالبًا ما يكون الرد عليها بالإنكار. ففي إحدى جولاته في الكنيست الذي يُمثل قاعة الصراع والمقارعة على الحق الفلسطيني، قال الطيبي في وجود رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون، أن عصر المخاتير قد ولى وانتهي وتم استبداله بجيل قيادي يُمارس حقه بأسلوب العزة والكرامة ويحصل عليه بالند بعيدًا عن الخنوع والخضوع. وجوده في الكنيست زاد من قدرته على التأثير في الشخصية العربية في الأراضي المحتلة عام 48، لتبقى نابضة بالقومية والوطنية بعيدًا عن حالات السلخ والتجريد التي لا تكف عنها الحكومة الإسرائيلية، بما يسمح بذوبان النسيج العربي الفلسطيني في المجتمع الإسرائيلي. يقول: «إنهم يرون ذلك وقاحة مني لا يُمكنهم القبول بها». لكنه يعتبرها حق لا يُمكن التنازل عنه، الأمر الذي جعله مستهدفًا بالاعتداء والضرب تارة والتهديد بالقتل تارة أخرى، حتى أنهم في الربع الأول من الألفية الثالثة أقروا قانون «الطيبي» الذي يسمح شطب أي قائمة أو مرشح يؤيد ما يُسموه الإرهاب أو الكفاح المسلح لأي طرف أو منظمة ضد إسرائيل وتقديمه للمحاكمة. كان ذلك القانون ردًا على الخطاب الغاضب والاتهام الصريح من قبل الطيبي لشاؤول موفاز «بالفاشية والإجرام» بعد تبجح الأخير بالإعلان عن قتله للفلسطينيين بدمٍ بارد في عمليات استهداف وحشية في غزة والضفة الغربية. ولا أحد ينسى محاولاته الكثيرة لاختراق الحصار الذي فُرض على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ونجاحه في إدخال مواد غذائية ولجان إغاثة طبية وعمليات إغاثة واسعة وغير مسبوقة لكل مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. فهو لم يسمح للاحتلال أن يفصل وحدة الشعب لا تراثيًا ولا وطنيًا، وكانت النتيجة أن رُفعت عنه الحصانة في نهاية مايو/أيار 2002م، وفقًا لعدد من الاتهامات في مقدمتها دخول مخيم جنين بما يُخالف الأوامر العسكرية خلال عملية «الجدار الواقي»، بالإضافة إلى التهجم على الجنود والضباط في الجيش الإسرائيلي والاشتباك معهم على حاجز قلنديا، ناهيك عن تصريحاته الداعمة للمقاومة في جنين حيث وصفها «بالعمل البطولي الواجب»، والتي تُشير وفق لائحة الاتهام إلى معاداته لإسرائيل وعمله لصالح الشعب الفلسطيني. غضب عام في الأوساط العربية والإسلامية وجود أحمد الطيبي في الكنيست زاد من قدرته على التأثير في الشخصية العربية في الأراضي المحتلة عام 48، لتبقى نابضة بالقومية والوطنية. بعد الموافقة على مشروع قانون منع الأذان، سار العديد من النواب العرب في الكنيست على خطى الطيبي، رافضين الانصياع للقانون، ومُشددين على ضرورة رفعه بصوتٍ أعلى وأقوى عبر مكبرات الصوت، وإسكات صوت العنصرية ليس في الكنيست فقط وإنما في الحكومة والشارع الإسرائيلي ككل. وسادت حالة من الغضب العام على المستوى المحلي والدولي، وبخاصة من قبل الأردن التي أكدت عبر وزارة الأوقاف رفضها للقانون الذي يُقيد حرية الدين والعبادة وقالت في رسالة صريحة: «إن كل القرارات التي يتخذها الاحتلال في هذا الاتجاه لاغية وأن قانون الأذان لن يكون مُلزمًا ولن يُطبق». وفي ذات السياق عبرت وزارة الخارجية الفرنسية عن رفضها للقانون الذي اعتبرته تمهيدًا لزيادة توتر الأوضاع على الأرض. وعلى الصعيد المحلي أكد «حنا عيسى» رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات في بيان حصلت عليه «إضاءات» أن القانون يحمل الكثير من العنصرية والتطرف ضد المقدسات الإسلامية في القدس والأراضي المحتلة عام 48، لافتًا إلى أن الأذان أهم السمات الدينية للمدن المقدسة، والتعدي عليه تعدي على كل ما هو مقدس في الأراضي الفلسطينية، وأن الهدف منه تغيير الطابع العام لمدينة القدس وصبغها بالمعالم اليهودية التلمودية الغريبة عن عروبتها وتاريخها وحضارتها الإسلامية، وشدد أن إصرار إسرائيل على تنفيذ القانون سيقود المنطقة إلى حالة من الصراع المحتدم الذي لا يُحمد عُقباه. المراجع “النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي”، برنامج الملف، موقع الجزيرة نت 14 يونيو2010. دانا ديبيترو، “الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل: قضية جوهرية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، جريدة حق العودة، العدد 52. “أحمد الطيبي لدنيا الوطن: بدأت حياتي عاملاً في مصنع إسرائيلي وهنالك كان التحول بعد ان ركل إسرائيلي عامل فلسطيني”، صحيفة دنيا الوطن، 1 أغسطس 2012. “أول مرة: نائب عربي يطرد وزيراً إسرائيلياً من الكنيست (فيديو)”، موقع روسيا اليوم، 22 أكتوبر 2015. “وحدة تدريب الكلاب في الجيش الإسرائيلي فيديو”. “فيديو: الطيبي يرفع أذان المغرب داخل الكنيست”، وكالة معًا، 15 نوفمبر 2016. قد يعجبك أيضاً القمع مقابل الطعام: صفقة سالازار مع شعب البرتغال الدور الوظيفي للدول والمليشيات في الثورة السورية اذكروا محاسن موتاكم: هكذا يُنعى حسني مبارك حوار مع «ياسين الحاج صالح» شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram محاسن أُصرف Follow Author المقالة السابقة ماذا خسرت الجزائر بفوز ترامب المقالة التالية على خلاف الرؤية الإسرائيلية: سياسة أوباما ساهمت في إضعاف روسيا قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك الزحف الصيني المقدس: كيف احتلت الصين إندونيسيا؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك هل تكشف تيران عن عمق العلاقات السعودية الإسرائيلية؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تحليل عام لأبعاد القوة الشاملة لأقطاب الخليج 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك التنظيم الدولي للإخوان، الديناصور يشهد لحظاته الأخيرة (1-2) 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك سعيد الحاج: قراءة في نتائج الانتخابات التركية 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك إخوان الجزائر: هل يعودون للحكم بعد سنوات من المعارضة؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لماذا يتجه السعوديون إلى الطاقة الشمسية؟ 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك رئيس جديد لكوريا الجنوبية: حليف لكوريا الشمالية وخصم لواشنطن 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك روسيا على المدى الطويل: عقدة اللحاق بالغرب 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك قراءة في الانتخابات التركية وأثرها على تركيا والمنطقة 28/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.