إنه، وبدون شك، واحد من أفضل الضباط في جيله.





دونالد ترامب متحدثًا عن جيمس ماتيس

الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس والملقب بـ «الكلب المجنون»، بات المرشح لوزارة الدفاع في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وكان ترامب قد

أعلن

ذلك في الجولة الدعائية التي قام بها في مدينة سينسيتي بولاية أوهايو: «سوف نُعيِّن (الكلب المجنون) ماتيس في منصب وزير الدفاع».


من أين أتى الكلب المجنون


http://gty.im/103120109

قضى جيمس ماتيس أربعة عقود في الجيش الأمريكي منذ التحاقه بقوات المارينز، مرورًا بمشاركته في معركة الفلوجة ضد المقاومة العراقية، قبل أن يصير القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي، الناتو، كما كان المسئول عن القيادة المركزية الأمريكية، المسئولة عن القوات الأمريكية العسكرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


قال

جيمس ماتيس

لقّبه ترامب بالكلب المجنون، وكان قد حصل على اللقب بعد قيادته للقوات القتالية في حرب الخليج عام 1991، وفي أفغانستان والعراق لاحقًا. إذ اشتُهر بـ «الكلب المجنون» بعد معركة الفلوجة عام 2004 في العراق، حيث قاد القوات البريطانية والأمريكية ضد المسلحين العراقيين، وعزز ماتيس هذا اللقب بتصريحات قوية، مثل

إعلانه

في 2005 في حلقة نقاش حول حركة طالبان أن «من الممتع إطلاق النار على الناس».

إبان معركة الفلوجة، وتحديدًا في مايو/آيار 2004،

أصدر

ماتيس أمرًا بإطلاق النار على تجمع غير واضح الهوية، ما أسفر عن مقتل 42 من المدنيين، منهم نساء وأطفال، و

قالت

صحيفة التليجراف البريطانية أن ماتيس أكَّد أن الأمر لم يستغرق منه سوى 36 ثانية لأخذ القرار بإطلاق النار، «فمن يَعقِد عُرسًا في الصحراء!».

جيمس ماتيس إذن هو الجنرال المهووس بالحرب، والمهووس كذلك بإطلاق التصريحات الهوجاء والمُثيرة للجدل. الجنرال الأعزب الذي يُحب البعض أن يطلق عليه «الراهب المحارب»، سوف يصبح وزيرًا للدفاع في الحكومة التي يرأسها ترامب، بعد اعتماد الكونجرس.


طهران العدو رغم الصفقة!

يَعتقد ماتيس أن طهران تشكل الخطر الأكبر على مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، ربما أكثر من داعش وبقية التنظيمات الإرهابية الأخرى. فمن وجهة نظره، مثّل الدعم الذي قدمته إيران للميليشيات الشيعية التي حاربت القوات الأمريكية في أعقاب غزو العراق سببًا مباشرًا لقتل المئات من الجنود الأمريكيين.كما عارض ماتيس الصفقة النووية مع إيران، ويرى فيها فرصة لإيران لتوسيع نفوذها في الساحة الإقليمية والدولية، وما يشكله ذلك من خطر على مصالح الولايات المتحدة. ورغم نجاح الصفقة في تعليق البرنامج النووي الإيراني، إلا أن هذا لم يكن كافيًا من وجهة نظره.ففي تعليق له بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية،

قال

ماتيس أن طهران تشكل خطرًا على الولايات المتحدة الأمريكية من خلال أربعة محاور، فباستثناء خطر السلاح النووي، تسعى طهران لتطوير منظومتها من الصواريخ الباليستية، التي ستشكل خطرًا على إسرائيل وأوروبا.

كما أنها تهدد بشكل دائم بقطع مضيق هرمز أو السيطرة عليه بما يشكل خطرًا داهمًا على التجارة الدولية. هذا إلى جانب الهجمات الإلكترونية المنظمة التي تقوم بها على المصالح الخليجية والغربية، ودعمها المستمر للميليشيات الشيعية مثل حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله (الحوثي).

تَعامل ماتيس مع الخطر الإيراني باهتمام شديد وخاصة بعد توقيع الصفقة النووية، ويشير توماس ريكس، الصحفي بـ «واشنطن بوست» والمعني بتغطية شئون الجيش الأمريكي، أن الجنرال جيمس ماتيس أثناء وجوده في القيادة المركزية للقوات الأمريكية دفع باتجاه رسم سيناريوهات محتملة وخطط بديلة لعمل عسكري ضد طهران! وكان دائم الإصرار على طرح أسئلة وافتراضات مثل «ماذا لو نجحت الصفقة النووية وبقيت إيران عدوًا للولايات المتحدة الأمريكية؟ ما الذي يمكن فعله إذا تمكنت طهران من تطوير قدرات استثنائية تمكنها من فرض سيطرتها على الخليج العربي؟».لاحقًا، وكنتيجة للصداع الذي سببه جيمس ماتيس في رأس الإدارة الأمريكية بعد الصفقة النووية،أحاله باراك أوباما للتقاعد، ليعود من باب أوسع من ذلك الذي خرج منه.


الخلاف المحتمل مع ترامب

كن مُهذبًا،كن محترفًا، ولكن جَهِّز خطة لقتل كل من تقابله.






http://gty.im/624400138


ماتيس ليس فقط قائدًا عسكريًا محنكًا، ولكنه أيضًا قارئ من الدرجة الأولى، له رؤية ثابته عن الدور الأمريكي في العالم، وله

آراء

ضد الانعزالية التي يدعو إليها دونالد ترامب، ويرى قوة الدور الأمريكي في شبكة التحالفات التي تملكها أمريكا بدءًا من الناتو وانتهاءً بحلفاء الشرق الأوسط وشرق آسيا. كما يملك ماتيس أيضًا رؤية محافظة للغاية تجاه الدور الروسي في شرق آسيا، فهو -وبخلاف ترامب- يرى في بوتين تهديدًا للدور الأمريكي ولحلفاء أمريكا الأوروبيين. فوفقًا لمعهد البحرية الأمريكية، أعلن ماتيس أن التدخل الروسي في القرم وشرق أوكرانيا يمثل تهديدًا خطيرًا و جديًا للمصالح الأمريكية لم تتعامل معه إدارة أوباما بالجدية اللازمة، وفي رأي ماتيس يحاول بوتين كسر تحالف شمال الأطلسي.وبعد كل هذا، ورغم إعلان دونالد ترامب عن استقراره على ترشيح جيمس ماتيس لوزارة الدفاع، فإن هذا الترشيح سيكون سابقة على السياسة الأمريكية لم تتكرر منذ عهد روزفلت. فأولًا، لا يُفضل الساسة الأمريكيون، منذ زمن، تولي عسكري لمنصب وزير الدفاع حتى وإن كان عسكريًا سابقًا أو متقاعدًا. ثانيًا، ينص

القانون

على أنه لترشيح عسكري سابق لمنصب وزير الدفاع، يجب أن يكون قد مر 7 سنوات على إحالته للتقاعد؛ وهذا ما لا يتوفر في ماتيس، حيث مضت 4 سنوات فقط على تقاعده.يبدو الأمر شديد الغرابة بالطبع على ثقافة الدول التي ننتمي إليها، لكن يرجع ذلك إلى تشدد المشرِّع الأمريكي في رسم إطار واضح للعلاقات المدنية العسكرية، ورغبته تجنيب العسكريين التدخل في رسم سياسة الدولة.السابقة الوحيدة التي استثني فيها الكونجرس عسكريًا من هذا القرار كانت في عهد الرئيس روزفلت، حيث قدم الكونجرس استثناء للجنرال المتقاعد جورج مارشال ليتولى منصب وزير الدفاع.

وباستقراء

الأوساط السياسية في الكونجرس الأمريكي، يبدو هذا الأمر مرشحًا للحدوث بشدة، حيث أكَّد جون ماكين الذي يشغل الآن رئاسة لجنة القوات المسلحة، دعمه لهذا الترشيح، قائلا: «سوف تكون أمريكا سعيدة بعودة الجنرال ماتيس للخدمة مرة أخرى»، ووصفه بأنه قائد مميز ومن أفضل الضباط في جيله.إذا افترضنا تمكن الحزب الجمهوري من دعم ترشيح ماتيس لمنصب وزير الدفاع، فسوف يكون على ترامب التعامل مع عسكري من الطراز القديم يوافقه في بعض الأفكار ويختلف معه في أخرى، ومن أهمها رفضه لتحجيم الدور العسكري الأمريكي بالخارج، ورؤيته التقليدية التي تشمل الخطر الروسي والإيراني وأهمية دعم الحلفاء في أوروبا والشرق الأوسط.