محتوى مترجم
المصدر

Bloomberg Businessweek
التاريخ
2017/02/02
الكاتب
Jonathan Ferziger & Peter Waldman

الصفقات الجيدة وسياسة الإنكار يكونان أصدقاء جيدين

بتلك الكلمات استهل الصحفيان جوناثان فيرزيجر وبيتر والدمان تقريرهما، الذي كشفا خلاله عن حجم التعاون «السري» بين إسرائيل ودول الخليج في مجالات عدة.وجاء في التقرير الذي نُشِر بمجلة «بلومبرج بيزنس ويك» الأمريكية أن شموئيل بار، عمل طيلة ثلاثين عامًا مع الاستخبارات الإسرائيلية قبل أن يؤسس شركة خاصة به وهي «Intuview»، والتي تقوم بالبحث في البيانات على الإنترنت، لاكتشاف التهديدات الإرهابية، ثم تقوم ببيع خدماتها لوكالات الاستخبارات الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا.

إن رسالة قد وصلتني قبل عامين، طلب خلالها مسئول رفيع في السعودية مناقشة مشروع محتمل، بعد أن سمع السعوديون بخدماتي وطلبوا الاستعانة بها في التعرف على الإرهابيين المفترضين





شموئيل بار

ومن هنا بدأ التعاون بين بار والسعودية، باستخدام برنامج «Intuscan»، للتعرف على الجهاديين السعوديين، حيث يقوم البرنامح بمسح 4 ملايين منشور يوميًا على فيسبوك وتويتر لتتوسع المهمة لاحقًا وتشمل أبحاثًا حول الرأي العام تجاه الأسرة المالكة. ويلتقي «بار» بحرية مع مسئولين سعوديين في الوقت الحالي، ومسئولين من باقي دول الخليج سواء في مؤتمرات خارجية أو فعاليات خاصة.ويسلط تقرير الشبكة الضوء على ازدهار مجالات أخرى للتعاون بين دول الخليج وإسرائيل، كالتجارة والمجالين التقني والاستخباراتي، حتى وإن كان المشاركون في ذلك سواء أشخاصًا أو شركات نادرًا ما يتحدثون عن ذلك صراحة. وعلى الرغم من عدم إرساء السلام بالمنطقة وعدم انتهاء الحروب بالشرق الأوسط، فإن ثمة تقاطعًا للمصالح استنادًا للمخاوف المشتركة، وهي تصنيع إيران لقنبلة نووية، والإرهاب الجهادي، والتمرد الشعبي الداخلي، والتراجع الأمريكي في المنطقة.ويؤكد «بار» أن شركته «Intuview» تمتلك تصاريح تصدير إسرائيلية، كما أنها تحظى بدعم كامل من الحكومة، لمساعدة أي دولة تواجه تهديدات من إيران والجماعات الإسلامية المتشددة، قائلًا: «إذا كانت هناك دولة غير معادية لإسرائيل يمكننا أن نساعدها، سنفعل ذلك عدا سوريا ولبنان وإيران والعراق».مجال آخر واعد للتعاون بحسب الشبكة، ألا وهو أمن الإنترنت، ففي عام 2012، تمكن قراصنة من اختراق النظام الحاسوبي لشركة آرامكو السعودية للبترول، لذا فقد تم استدعاء الشركات الإسرائيلية للمساعدة في حل تلك المشكلة، وبعضهم شارك عبر شركات خارجية «أوف شور» بحسب إيريل مارجاليت العضو بالكنيست الإسرائيلي.وعلى الرغم مما سبق، فإن مسئولي السعودية رفضوا الحديث عن سجل التعاون والعلاقات المحتملة مع إسرائيل، إلا أن بريدًا إليكترونيًا ورد إلى الشبكة من أحد المصادر في الرياض، والذي رفض الكشف عن هويته، أنكر فيه أي علاقات تجارية أو أي من الأصعدة مع إسرائيل.ويلمح التقرير إلى أن الحظر الذي تفرضه الدول العربية على مجالات التعاون مع إسرائيل منذ إعلان قيام الدولة الإسرائيلية عام 1948، يتطلب أن تجرى الأعمال المشتركة مع إسرائيل من خلال وسطاء في دول أخرى، بيد أنه يصعب إخفاء حجم ونطاق النشاط الإسرائيلي في 6 دول خليجية على الأقل. ويتحدث التقرير عن أن رجل أعمال إسرائيلي أسس شركات في أوروبا والولايات المتحدة قامت بتركيب بنية تحتية أمنية بأكثر من 6 مليارات دولار بالإمارات العربية المتحدة، مستعينة في ذلك بمهندسين إسرائيليين، ثم عملت تلك الشركات فيما بعد مع السعودية للسيطرة على الزحام في مكة.وهناك شركات إسرائيلية أخرى تعمل في الخليج من خلال شركات وسيطة، في مجالات تحلية المياه وحماية البنية التحتية وأمن الإنترنت وجمع المعلومات الاستخباراتية. وينسب التقرير لشابتاي شافيت، الذي أدار جهاز الموساد في الفترة ما بين 1989 و1996 ورئيس شركة الأمن الإسرائيلية الحالية في العاصمة اليونانية أثينا (GS3) قوله: «إن كل الشركات الكبيرة نشطة وكذلك بعض الشركات الصغيرة»، لكنه رفض إعطاء مزيد من التفاصيل حول ماهية من يدير تلك الشركات.يكشف التقرير أيضًا عن التعاون مع «Elbit systems» للأنظمة الدفاعية الكبرى، وهي شركة إسرائيلية، تم الالتفات لمبيعاتها إلى السعودية قبل عامين، بعد وفاة أحد الفنيين الأمريكيين، «كريس كرامر» في ظروف غامضة أثناء عمله على منظومات صواريخ هناك. وخلال مقطع فيديو نشره على حسابه بفيسبوك، أوضح كرامر أنه أرسِل لمساعدة الجيش السعودي في تجارب إطلاق النار الحي لأنظمة استهداف جديدة من الشركة لصواريخ التاو، وعمل كرامر طيلة 12 يومًا في بناء المنظومة. ولم توضح الشركة من جانبها ماهية المهمة التي كان يقوم به كرامر في السعودية، واكتفت بالقول «إنه كان يعمل على منتج أمريكي ليست به أية تقنية إسرائيلية». ولم تتدخل الحكومة السعودية في ذلك الأمر من قريب أو بعيد، وأوكلت الأمر برمته إلى الهيئات القضائية بحسب مصدر سعودي.ويورد التقرير أيضًا خططًا جديدة للتعاون، وتشمل مشاريع بين إسرائيل والفلسطينيين والأردن، من بينها مشروع لسحب مياه البحر الأحمر وضخها بالبحر الميت، ومشروع آخر لتحلية المياه بقيمة 10 مليارات دولار سيوفر المياه والكهرباء للأطراف الثلاثة. ويشير إلى دور الحكومة الإسرائيلية، حيث رتّب أيوب القرا الوزير بالحكومة مقابلة مع نظيره الأردني لمناقشة إنشاء طريق محتمل من أوروبا وتركيا عبر ميناء حيفا الإسرائيلي إلى الأردن والسعودية والخليج.ويعمل القرا مع دبلوماسيين خليجيين من خلال شركاء كبار في الحكومة الأردنية لإعادة فتح الطريق الإسرائيلي–السعودي إلى شبه الجزيرة العربية، لمضاعفة مرور الشحنات التركية خمس مرات عبر حيفا.ومنذ توقيع اتفاقات أوسلو عام 1990، أدارت إسرائيل مكاتب تجارية في قطر وعمان، وقبل عام تلقت موافقة على إقامة موقع دبلوماسي في العاصمة الإماراتية أبوظبي، كممثل عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ويقوم ذلك المكتب مقام السفارة بغرض توسيع علاقات إسرائيل داخل الخليج.ويصف التقرير دور القرا بالفريد، فهو العربي الوحيد في حكومة نتنياهو، والذي يلتقي بشكل منتظم بدبلوماسيين عرب ورجال أعمال في القاهرة والدار البيضاء وجنيف ونيويورك. ويورد التقرير عن القرا قوله: «إن للخليج مصلحة في إقامة خطوط أنابيب جديدة بالبحر الأحمر، وقد تم إنشاء الخط الأول قبل 50 عامًا بالشراكة مع شاه إيران عندما كانت البلدان تحتفظان بتحالفات سرية».ويعمل الخط الأول (إيلات – عسقلان) بطول 160 ميلًا على نقل النفط من ميناء إيلات بالبحر الأحمر إلى ميناء عسقلان بالبحر الأبيض متجاوزًا قناة السويس ليقلل من تكاليف الشحن إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.مثال آخر للتعاون يبرزه التقرير؛ ألا وهو رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوخافي الذي نجح في استثمار 6 مليارات دولار في شركات الأمن بالإمارات، وأنشأ كوخافي (54 عامًا) عددًا من الشركات الأمنية في أعقاب هجمات الـ11 من سبتمبر/ أيلول. إحدى هذه الشركات تُدعى «4D Security Solutions»، والتي أنشأت أنظمة المراقبة في مطارات نيويورك. وقام كوخافي ببيع خدمات شركاته لقادة الإمارات وأبوظبي ولم يُخف أن غالبية تقنيات شركاته وموظفيها قدموا من إسرائيل وذلك أمر لا يقلقه. وباع كوخافي للإمارات ما أصبح أكبر منظومة أمنية متكاملة في العالم في ذلك الوقت، ومنذ عام 2007 مرورًا بـ2015 قامت إحدى شركات كوخافي وهي (AGT International)، ومقرها زيوريخ السويسرية، بتركيب آلاف الكاميرات والمجسات وأجهزة التعرف على لوحات السيارات على طول الحدود الدولية للإمارات (620 ميلًا) وفي شتى أنحاء أبوظبي. كذلك تقوم منصة الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة بتحليل الصور والبيانات بعد استخراجها من الأجهزة السالف ذكرها.وفي ذروة ذلك المشروع، كانت تغادر طائرة بوينج مرتين أسبوعيًا من مطار بن جوريون بإسرائيل لتهبط في قبرص أو الأردن لفترة ثم تطير لأبوظبي وعلى متنها مهندسون إسرائيليون والكثير منهم كانوا يعملون بالاستخبارات. وكان هؤلاء المهندسون يعملون ويتحركون لكنهم كانوا يخفون جنسيتهم وأسماءهم العبرية قدر ما استطاعوا، وكانوا يطلقون على إسرائيل اسم «C country» ويطلقون على كوخافي «MK». وفي عام 2014 وبينما كان مشروع الإمارات على مشارف النهاية، تعاونت شركتا «AGT» و«4D» لبناء نظام تحكم بالزحام، بالتعاون مع شركة موبايلي السعودية في مكة وتحديدًا خلال موسم الحج. وفي سبيل ذلك، قام مهندسو «4D» بتصميم نظام يلزم كل حاج معتمد أن يرتدي سوارًا إليكترونيًا لتسجيل حضوره في حافلات الحجاج. ويمكن للحافلات أن تستخدم نظام موبايلي الخلوي لإعطاء إشعار لحاسوب مركزي حول عدد الركاب على كل حافلة سواء كانوا يرتدون الأساور أو لا يرتدونها.وقد يضىء ضوءًا أحمر خارج الحافلات التي تحمل ركابًا غير معتمدين لتنبيه الشرطة قبل أن يصلوا إلى مكة أو ربما تعيدهم البوابات الآلية إلى نقاط التفتيش الإليكترونية. ويمكن للمسئولين السعوديين أيضًا نشر أنظمة مشابهة للتحكم بحركة المرور الجوية وتسلسل وصول الحافلات لتخفيف الازدحام.وقامت وزارة الحج في جدة بتجريب نموذج أولي لذلك النظام في أحد مواقف السيارات، ونال النظام المشترك بين الشركتين المركز الأول بين ثلاثة نماذج مقدّمة، لكنهم لم يحصلوا على المشروع. وبعد عدة أشهر، نشر عدد من المهندسين في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن فكرة شبيهة بذلك النموذج في إحدى الصحف.وخلال عام الحج الأخير، طلب السعوديون من الحجاج ارتداء الأساور لأول مرة، وأعلنت الشرطة عن إعادة أكثر من 200 ألف شخص دون تصريح، ولم يرد أحد المتحدثين باسم وزارة الحج على الأسئلة حول ذلك الموضوع. واكتفت شركة موبايلي على لسان متحدثها (محمد البلوي) بالقول: إن الشركة تقدمت بالتعاون مع شركة أمريكية للحصول على هذا العقد لكن لم يُكتب لمحاولتها النجاح، مؤكدًا أن أي ادعاءات بالتعاون بين موبايلي وشركة إسرائيلية ادعاءات (مضللة) حيث لا تسمح سياساتنا بذلك.وينسب التقرير لمهندس سابق بشركة «كوخافي» قوله إنه وفريقه يعتقدون أن فكرتهم قد سُرِقت وقال «إن ما يدهشني دائمًا هو كم المال والتكنولوجيا والمعدات التي تتدفق بين أعدائنا على الصعيد السياسي».