شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 62 هكذا فجأة دون مقدمات، رحل عن عالمنا رفعت السعيد؛ الرئيس السابق لحزب التجمع التقدمي الوحدوي، وأحد أكثر الشخصيات السياسية «اليسارية» المصرية قربًا من الدولة، لدرجة استدعت رئاسة الجمهورية أن تصدر بيانًا تنعاه فيه، بوصفه «رمزًا من رموز العمل السياسي الوطني، وممثلًا لحركة اليسار السياسي المصري باقتدار». كان من المفترض أن ينهي رحيل السعيد الجدل حوله، أو على الأقل ألا يثير سوى الرثاء من باب «ذكر محاسن الموتى»، وأنه ليس أكثر من الموت يبيّض صحائف السياسيين، لكن على العكس تمامًا؛ أثار موت الرجل موجة من الانتقادات، جاء أغلبها من رفاق اليسار، الذين يتهمونه بـ«إخصاء» اليسار المصري بالتعاون مع الدولة، أو بالأحرى بالتعاون مع أجهزتها الأمنية. من عداء النظام إلى موالاته ولد رفعت السعيد عام 1932 لأسرة من الطبقة المتوسطة العليا، تعيش بمدينة المنصورة. انضم إلى «الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني – حدتو» وهو في سن صغيرة، تأثرًا بقريب له كان من أعضاء المنظمة، واعتُقل لأول مرة في أواخر الأربعينيات وعمره 16 سنة. اعتقل السعيد أربع سنوات (1954 – 1958) إثر حملة اعتقالات طالت عددًا من طلاب «حدتو» بتهمة الشروع في مؤامرة لاغتيال جمال عبد الناصر، على خلفية الخلاف الذي حدث بين مجلس قيادة الثورة و«حدتو»، بسبب مطالبتها بالديمقراطية والحرية، واعتقل مرةً أخرى لفترة وجيزة في العام 1978 بسبب مقال انتقد فيه جيهان السادات. بدأت حياة رفعت تأخذ منحنى آخر بسبب علاقته بخالد محيي الدين، عضو تنظيم الضباط الأحرار ومؤسس حزب التجمع، ورغم أنه لا توجد معلومات كثيرة عن بداية هذه العلاقة، لكن يمكن التأريخ لها بعمل السعيد في مؤسسة أخبار اليوم عندما كان محيي الدين رئيسًا لمجلس إدارتها عام 1964. قرر خالد محيي الدين بعد الهجمة الأمنية الشرسة على حزب التجمع بعد انتفاضة يناير 1977 تسليم الحزب لرفعت السعيد باعتباره الشخص الذي يعرف كيف يتعامل/ يتعاون مع الأمن. أسس محيي الدين «التجمع التقدمي الوحدوي» عام 1976 كمظلة كبيرة تجمع اليسار المصري، وأصبح رفعت ذراعه اليمنى التي تسيطر سيطرة كاملة على كل كبيرة وصغيرة في الحزب، لدرجة أن البعض وصف الحزب بـ «التجمع الوطني التقدمي الوحدوي .. لصاحبه رفعت السعيد وولده ليمتد»، بحسب عماد عطية، القيادي السابق بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي. يقول عطية إنه وبعض رفاقه اشتكوا إلى محيي الدين من ممارسات السعيد –الذي لا يثق فيه كثيرون- فكان رد خالد «أصل رفعت بيصحى بدري وأول واحد بييجي الحزب.. فتلاقيه بيخلص كل حاجة قبل ما باقي الناس تيجي»، لكن ما تفسير الاستيقاظ المبكر الذي تحدث عنه محيي الدين؟ يرد عماد عطية: «قام خالد محيي الدين بعمل شيء يشبه ما كان عبد الناصر ينوي عمله بعد النكسة. عبد الناصر بعد النكسة ويأسًا من إمكانية الانتصار على إسرائيل، قرر تسليم البلد لزكريا محيي الدين بصفته الشخص الذي يستطيع التحدث مع الأمريكان وإنهاء المسألة. خالد محيي الدين بعد الهجمة الأمنية الشرسة على حزب التجمع بعد انتفاضة يناير 1977 قرر تسليم الحزب لرفعت السعيد باعتباره الشخص الذي يعرف كيف يتعامل/يتعاون مع الأمن»، هذا كان التفسير. بعد مقتل الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات وتولي حسني مبارك مقاليد الحكم، أصبح رفعت واجهة الحزب بعد أن ارتخت قبضة محيي الدين، وبدأ صوت الحزب يخفت أكثر فأكثر ويتحول من أكبر حزب معارض في مصر أيام الرئيس أنور السادات، إلى حزب صغير مهادن لنظام الرئيس المخلوع مبارك، كما يرى عبد الغفار شكر، أحد المنشقين عن حزب التجمع ومؤسس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. تولى رفعت السعيد رئاسة حزب التجمع في العام 2002، خلفًا لخالد محيي الدين، واستمر خط الحزب مهادنًا للنظام، وبعد سقوط نظام مبارك ساند السعيد المجلس العسكري، ثم عارض الإخوان والرئيس الأسبق مرسي، وعاد مرة أخرى لأحضان النظام بعد الإطاحة بمرسي، ليس كمهادن هذه المرة ولكن كمؤيد وداعم دون خجل أو وجل، وكانت آخر تصريحاته قبل الوفاة تأييد سعودية جزيرتي تيران وصنافير، وتأييد ترشح الرئيس السيسي لفترة رئاسية ثانية. عدو الإسلاميين اللدود «رفعت السعيد.. عدو الإخوان الأول يرحل بعد إتمام رسالته»، «رحيل أشد معارضي جماعة الإخوان»، «رفعت السعيد .. قطب اليسار .. المُعارض الأبدي للإسلاميين»، «رفعت السعيد .. اليساري عدو الإخوان»، كانت هذه نماذج من عناوين الصحف، التي نعت السعيد، والتي تدل على اتفاق الجميع على كونه عدوًا لدودًا للإسلاميين وعلى رأسهم جماعة الإخوان. انصبت أغلب كتابات الراحل على مناهضة الإسلاميين ووصمهم، ومن بينها كتابا «حسن البنا: متى؟.. كيف؟.. ولماذا؟»، و«ضد التأسلم»، وله بعض المقالات التي يهاجم فيها الإخوان كذلك، كمقال « خيانة جماعة الإخوان في ملفات المخابرات» ، ومقال « القرضاوي.. منافقًا» . قالوا عنه قال «تامر وجيه»، المفكر اليساري، تعليقًا على وفاة السعيد: «رفعت السعيد مات من زمان. دوره التاريخي -في القضاء على اليسار التجمعي- خلص من أكثر من عشرين سنة. ومن ساعتها وهو عايش بلا أي معنى ولا دور (كشخصية عامة). ولذا فموته البيولوجي هو من وجهة نظر التاريخ تحصيل حاصل. لكن إذا كنا نتكلم على التاريخ وتقييمه، فالحقيقة إن رفعت دوره محوري في بلدنا، فهذا الراجل قاد عملية إخصاء رهيبة وناجحة بشكل لا يصدق لأكبر تنظيم حزبي يساري في تاريخ مصر. كان يقود بحرفنة وأستاذية تيارًا كاملًا من المنبطحين الذين دفعهم منظورهم اليساري الوطني الستاليني دفعًا إلى مزبلة التاريخ في سنوات تدهور ثم سقوط الاتحاد السوفييتي». قاد رفعت السعيد عملية إخصاء رهيبة وناجحة لأكبر تنظيم حزبي يساري في تاريخ مصر وكتب المخرج «باسل رمسيس» بعضًا من مواقف السعيد قائلًا: «ربيع ١٩٩٥، أخذت إفراج بكفالة من سرايا النيابة، ورغم هذا بقيت خمسة أيام في السجن. أهلي والمحامين وأصحابي يسألون عني وكل الجهات تنفي وجودي عندها». ويضيف: «واحد من أعز أصدقاء والدي، كان في التجمع لحضور اجتماع وقابل رفعت وقال له: باسل ابن رمسيس لبيب لا نعرف أين مكانه وكل زملائه خرجوا. فرد رفعت بأني قليل الأدب (قليل الأدب مع السلطة طبعًا). فالرجل قال: بغض النظر عن قلة الأدب تدخّل حتى نطمئن. فرفعت اشترط: رمسيس يتصل بي ويطلب هذا بنفسه. فكان رد صديق والدي: أنت تعرف أن رمسيس مستحيل يتصل بك، ومستحيل يطلب. فكان رد فعل رفعت: فليظل لا يعرف أين ولده». أما الناشطة السياسية جانيت عبد العليم فحكت عن واقعة حدثت خلال مظاهرات 6 أبريل/نيسان 2008، حيث رفض رفعت السعيد إيواءها هي وزملاؤها من الأمن الذي كان ينتظرهم أسفل مقر حزب التجمع، وأصر على مغادرتهم فورًا من مقر الحزب قائلًا: «ليس لدي أوامر بحماية أحد»، وعندما نزلوا من الحزب وقعوا في قبضة رجال الشرطة الذين أبرحوهم ضربًا. قد يعجبك أيضاً الانتخابات الفرنسية: فرانسوا فيون والعودة المبكرة إلى الظل انتخابات إسرائيل: اليمين يتعادل مع اليمين فورين أفيرز: هل يغير محمد بن سلمان وجه المملكة؟ جيروزاليم بوست: قصة ميلاد «الأمة اليهودية» شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram كريم أسعد Follow Author المقالة السابقة يساريون بغير يسار: كيف أحال رفعت السعيد الحلم كابوسًا؟ المقالة التالية الحج بين التسييس والتعظيم: الأزمة الخليجية تشرح لك قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك فيلق عربي و«جيوش غامضة»: مَن يُحارب مَن في أوكرانيا؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لماذا تستمر الحرب في مناطق «خفض التصعيد» السورية؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الطموح العسكري لجيش مولانا: المغرب يتجهز للحرب 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك وقف إطلاق النار في سوريا: لماذا بدأ الروس جني الثمار... 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك لماذا يرى الرئيس الفلبيني أن على «أوباما» أن يذهب للجحيم 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك نيكولاي تشاوتشيسكو: ديكتاتور سرق قوت شعبه وبنى المصانع 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك إلى أين يحج الأفارقة: السعودية أم إيران؟ 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك رصاصات «أطويلة» تحسم انتقال السلطة في موريتانيا 01/03/2023 احفظ الموضوع في قائمتك إيران: بلد يطفو على بحر من الثورات 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك تغير المناخ: أسئلة وأجوبة حول الأبعاد السياسية للأزمة 01/03/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.