محتوى مترجم
المصدر

Jacobin
التاريخ
2018/03/20
الكاتب
حوار مع إيزابيل هيلتون

ألغى «المجلس التشريعي الشعبي» تقييد فترة رئاسة الصين لفترتين رئاسيتين فقط مطلع مارس/آذار الحالي، وهو الإجراء الذي اتخذه في الأصل

دنغ شياو بينغ

لئلا تُعبد شخصية الرئيس. وعليه أصبح الرئيس الحالي

شي جين بينغ

، الآن حاكم الصين بلا منازع.في الواقع، يحتل شي بالفعل أعلى ثلاثة مناصب في البلاد؛ فبالإضافة لكونه رئيسًا، يتقلد منصب الأمين العام للحزب الشيوعي ورئيس المؤسسة العسكرية. يمكنه الآن أن يشغل هذه الوظائف طالما يتنفس. ما الذي يعنيه كل هذا؟ وما هي طموحات شي للصين على المدى الطويل؟لمعرفة المزيد، تحدث دوج هينوود إلى إيزابيل هيلتون -محررة وصحفية تتمتع بخبرة واسعة في الشؤون الصينية-. المقابلة كاملة متاحة

هنا

.


دعم السلطة

أُعلن شي جين بينغ للتو لما يشبه رئيسًا مدى الحياة للصين. على ماذا ينطوي هذا الإعلان بالضبط، وماذا يعني؟

حسنًا، إنها خطوة غريبة قليلًا. ولعلك تتذكر، كان المصلح العظيم دنغ شياو بينغ، يحاول إنشاء مجموعة من الهياكل في الدولة الصينية والحزب للاحتراز من أن يصل أي رجل إلى هذا النوع من السلطة التي وصل إليها

ماو تسي تونغ

والأشياء السيئة التي قد تترتب على ذلك.لذلك وضع عددًا من التدابير. أحدها كان توجهًا نحو قيادة أكثر جماعية، والآخر – الأمر ذو الصلة هنا – هو التقليد القائل بأن يخدم رئيس الصين لفترتين، تمتد كل منهما خمس سنوات، على أنه وبعد عشر سنوات، يجب أن يتنحى.لهذا الأمر عدد من التداعيات. إذا كنت تعلم أن عليك التنحي في نهاية العشر سنوات، فستضبط أفعالك. لا تريد أن يكون لديك مجموعة كاملة من الأعداء تنتظر النيل منك. لذا، فإن أسلوب ونبرة الإدارة التي أعقبت دنغ شياو بينغ كانت أهدأ تمامًا مما كانت عليه في عهد ماو.حلت حدود المدة أيضًا المسألة التي أفسدت السياسة الصينية، وهي مسألة الخلافة. طوال الفترة الملكية -2000 سنة من الصراعات الواضحة على السلطة والخلافة- ترى الآثار السلبية لعدم وجود عملية تداول دستورية. ورأينا ذلك أيضًا في السنوات الأولى من رئاسة ماو، عندما كان أي شخص يطلَق عليه الرجل الثاني، ويُتوقع أن يرث ماو، ينتهي به الأمر إما ميتًا أو في السجن.إنها وصفة لعدم الاستقرار، وهي خطوة غريبة في هذه المرحلة.

من أين أتت الفكرة؟ هل كان هناك توافق كبير بين زملائه ورفاقه، أم أنه وحده من قاد الطريق إلى هذا الإعلان؟

من المؤكد أنه قد تم تقديمه على أنه بالتزكية، لكن إذا تتبعت ما فعله شي جين بينغ خلال السنوات الخمس الماضية، فلا شك أن هذا جزء أُعد بعناية.كان لديه خمس سنوات لإصابة أعدائه من خلال حملة لمكافحة الفساد. كانت لديه طريقة لإعادة سلطة الدولة إلى يد الحزب وحاشيته الشخصية الضخمة – مما رفع شأن شي جين بينغ ومجموعته ليصبحوا في صدارة الحزب. إذن، لديك الهيكل التنظيمي الذي غيّر البوصلة في السنوات الخمس الماضية، حتى عاد الحزب إلى السيطرة بشكل كبير، وعاد شي للسيطرة الواسعة على الحزب.

الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما، والرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي في قمة جوهانسبرج لمنتدي التعاون الصيني الإفريقي

الآن، وبعد قولي هذا، لماذا كان يحتاج أن يكون رئيسًا مدى الحياة؟ المناصب القوية في الصين هي السكرتير العام للحزب ورئيس الهيئة العسكرية، وهما الوظيفتان اللتان يشغلهما، كما أنهما ليستا محددتين بوقت. لذا، يجب أن يكون هناك سبب آخر لشعوره أن هذا المنصب ضروري لتعزيز سلطته. وهناك تفسيران محتملان لذلك؛ الأول، أن دوره الدولي فاعل للغاية كرئيس، يتفاعل مع الرؤساء الآخرين، في حين أنه كأمين عام، تكون مقابلته «الملكة إليزابيث» أو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أكثر تعقيدًا.الاحتمال الثاني، هو أنه على الرغم من أن الوظيفة ليست الأقوى في الصين، فإن احتلال شخص آخر لها قد يمنح المعارضة منبرًا. لكنه يهيمن على جميع الأدوار السياسية الثلاثة الرئيسية في الصين الآن وفي المستقبل المنظور.

ماذا عن العلاقة بين الحزب والدولة؟ هل الدولة تابعة للحزب؟

نعم، بشكل تام وصريح. فالبند الأول من الدستور -الذي يمنح المواطنين نظريًا كل أنواع الحقوق- ينص على قيادة الحزب الشيوعي. لذا، كل هذه الحقوق هي نعمة وفضل يمنحها الحزب ويمكنه التراجع عنها.كانت الحملة المناهضة للفساد -التي قادت الكثير من الناس إلى السجن وجرّدتهم من ممتلكاتهم وما إلى ذلك- عملية يقودها الحزب، ويمكن بموجبها تطبيق الإجراءات التأديبية على أحد أعضاء الحزب، والتي يمكن أن تكون صعبة للغاية. وفي نهاية شهور عديدة من الصمت، سوف يتم تقديمهم للمحكمة للتصديق على عقوباتهم. الآن يتم إصلاح هذا، من بعض النواحي، لدمج العمليات القضائية. ولهذا، تُرى سيطرة مستمرة للحزب الشيوعي على وظائف الدولة.

أفترض أنه من المؤكد أن هناك الكثير من الفساد لملاحقته في الصين، لكني أتخيل أن ملاحقة المخربين كانت انتقائية إلى حد ما، أليس كذلك؟

ليس ثمة عجز في الفساد. وقبل الذهاب بعيدًا في هذا المثل، إذا ما تم القبض على عضو في المافيا واتهم بجريمة، فلن تسأله بالطبع عما إذا كان مجرمًا. بل كيف خسر دفاعه. وإذا ما سقط شخص ما أثناء حملة مكافحة الفساد هذه، كان السؤال هو ما هي السلطة التي يمثلها؟ وأي جناحٍ يمثل؟ لماذا هو وليس أي من الآخرين؟كانت أداة مفيدة جدًا لـشي جين بينغ لإسكات المعارضة. ومع ذلك، لها جانبها السلبي لأنك تعتمد على البيروقراطية في إدارة البلاد، وبعد الكثير من هذا النوع من الإجراءات، تقف البيروقراطية مكتوفة الأيدي. لن تقاومه بشكل صريح، لأن ذلك سيكون خطيرًا، ولكن يظل هناك الكثير من المقاومة السلبية في الصين.صنع شي جين بينغ قطعًا الكثير من الأعداء، وهو ما قد يعني أنه لا يستطيع التنحى بأمان حتى لو أراد ذلك في وقت ما. إذن، فهي عملية ذات أغراض متباينة، لا تعالج الأسباب المنهجية للفساد، وما إن كنت إحدى ضحاياها فهذا لأنك فقدت الحماية.


الإمبراطورية السماوية

الاستثمار الصيني في إفريقيا، جاكوب زوما، شي جين بينغ، روبرت موجابي

الاستثمار الصيني في إفريقيا، جاكوب زوما، شي جين بينغ، روبرت موجابي

دعنا نتحدث عن بعض أهداف السياسة. سمعت منذ عشر سنوات على الأقل أن الصين ترغب في تحويل الاقتصاد بعيدًا عن الصادرات نحو المزيد من الاستهلاك محليًا. هل يحدث أي من هذا؟

نعم إنه كذلك. إذا نظرت إلى حصة الخدمات في الاقتصاد الصيني، تبدو كأنها تزداد. ترى بعض الإيقاف للمنتجات الفائضة، لكن ليس بما فيه الكفاية. هناك أيضًا توجه لتصدير قدر كبير من هذا الفائض عبر عملية «الحزام والطريق».والمشكلة الحقيقية هي النمو. هذا النمو الذي شهدناه في الاقتصاد الصيني كان مدفوعًا إلى حد كبير بالدَين، عن طريق الاقتراض، والآن مستويات الدين مرتفعة للغاية بالفعل. إذا كان لديك عملية إفلاس فعلية، فربما يكون لديك الكثير من النخب في هذه المرحلة.

اقرأ أيضًا:

الحزام والطريق: الصين ولعبة السيطرة على مفاصل الدولة

من غير الواضح حقاً كيف ستتعامل الدولة مع ذلك في المستقبل. كانت هناك بعض الإجراءات لتنظيف ما يسمونه بالقطاع المصرفي الرمادي وقطاعات الظل المصرفية، حيث تم استحداث أدوات مالية من النوع الذي تسبب الكثير من المتاعب في النظام المالي الغربي من قبل السلطات المحلية والشركات المملوكة للدولة للاستمرار في تمويل نموهم. لا يمكنك الاعتماد على هذه الطريقة للأبد، كما أنها واحدة من المشاكل التي سيتعين على شي جين بينغ معالجتها.

يصدر الناس بعض التصريحات المفجعة حول انهيار النظام المالي الصيني، ومعه الاقتصاد الحقيقي. هل تعتقد أن الصينيين يستطيعون إدارة ذلك؟

لقد تمكنوا من ذلك من قبل. فمنذ بضع سنوات كان لديهم حالة كارثية تمامًا في البنوك، وتمكنوا من إنهائها تمامًا. لا يزال في جعبة الدولة الصينية الكثير. لديهم القدرة على إيقاف انهيار متتابع، والذي قد يتسبب في مأساة هائلة لأن المستثمر الصيني -أو صاحب الحساب المصرفي الصيني- سريع جدًا إلى الشوارع عندما لا يكون لديه أي مال. إذا نظرت إلى رد فعل المستثمرين تجاه انهيار سوق الأسهم قبل ثمانية عشر شهرًا، كانوا يتظاهرون قائلين: «أين ربحي؟». إذن، هذه هي الأشياء الحساسة جدًا فيما يخص عامة السكان. الخطر هو شي جين بينغ، الذي قال بشكل أساسي للناس، إذا بقيتم بعيدًا عن السياسة، سنجعلكم أفضل حالًا -هذه هي الرسالة منذ أحداث

تيان آن من

عام 1989-. قد لا تكون قادرًا على تقديم هذا النوع من النمو الذي سيجعل الناس قادرين على نسيان أمر السياسة. وسيكون الأمر بالغ الصعوبة في حال كان الاقتصاد أصلًا راكدًا.

دونالد ترامب، شي جين بينغ، الصين، الولايات المتحدة

ما هي طموحات الصين عندما يعطل ترامب الموقف الأمريكي تدريجيًا على المستوى الدولي؟

«شكرًا جزيلًا، للرئيس ترامب»، أعتقد أن هذا ما يقولونه في بكين. بالكاد يتعين عليهم رفع إصبعهم ليُنظر إليهم على أنهم قوة مسؤولة هذه الأيام. لكن هناك بعض العثرات.يميل الصينيون إلى تجاوز الحدود، وأعتقد أن ذلك ربما لن يفيد الصين عندما تتعلم الاعتياد على قيادة العالم. لذا، على سبيل المثال، عندما ذهبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى الصين، طالب الصينيون بتوقيع نوع من الموافقة الشاملة على مشروع «الحزام والطريق». حسنًا، لا يوجد سياسي غربي جاد قد يفعل ذلك.وإذا رأيت حالة اللعب بين أستراليا والصين مؤخرًا، فهناك الكثير من القلق والضغط الأسترالي بخصوص الممارسة المفرطة للنفوذ الصيني في صورة شراء للنفوذ في الأحزاب السياسية وترهيب الطلاب الصينيين والأكاديميين الغربيين الذين لا يتبعون مسار الحزب، وغيرها.

اقرأ أيضًا:

الزحف الصيني المقدس: كيف احتلت الصين أندونيسيا؟

تحاول الصين الحفاظ على نفس الصورة لقيادة الحزب في العالم التي تحتفظ بها في الصين. وهذا أمر معقد. إذا نمت الصين كقوة عالمية، سيتعين عليها أن تتعلم تقبل الانتقاد وألا تكون شديدة الحساسية.إنها عملية تعلم. أصبحت الصين قوة قاسية وناعمة على حد سواء، وإذا استمر مشروع «الحزام والطريق»، فستضطر الصين لتحمل المسؤولية عن الأمن في أماكن مثل أفغانستان، ووزيرستان، وبلوشستان، ناهيك عن ذلك، فكما تعلم، إقليم سنجان وتلك الاتصالات عبره إلى آسيا الوسطى. سيتعين على الصين القيام بالكثير من التعلم السريع قليلًا حول كيفية إدارة الأصول العالمية وحماية استثمارات البنية التحتية في عالم ليس بالضرورة أن يكون ودودًا.

ما هي رؤية الصين النهائية؟ ماذا تريد؟

أعتقد أن الرؤية النهائية هي استعادة الصين لشعورها بأنها مركز عالمها. كانت تلك هي الطريقة التي شعرت بها الصين حول نفسها لعدة قرون، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها لم تذهب بعيدًا كثيرًا. كانت هناك فترة وجيزة في عهد «أسرة مينغ» عندما كانت السفن تذهب وتأتي على سواحل إفريقيا، كما كانت هناك دائمًا تجارة برية على طول «طريق الحرير»، لكن الصين كانت راضية عن معاملة الدول وجيرانها في المنطقة المجاورة كروافد، والتي كرمت الصين كقوة إقليمية كبرى. كما كانت تمثل 20% من اقتصاد العالم، وهو أمر جيد جدًا حين نسترجعه.تريد الصين استعادة هذا الموقف، لكنها تريد أيضًا الحفاظ على نظام حكمها ضد أنظمة الحكم المنافسة. سعيًا لتحقيق ذلك، تعمل الصين بعزم على إقامة مؤسسات موازية. يقوم «البنك الاستثماري الآسيوي للبينة التحتية» وهو بنكها الاستثماري متعدد الأطراف الصغير حتى الآن، بصياغة قواعد تناسب الصين بدلًا من القواعد التي كانت جزءًا من نظام ما بعد الحرب.أعتقد أننا سنرى الصين تبني عالًما يناسبها أكثر فأكثر، محاولةً عدم المبالغة.

كيف يقرؤون العداء الذي يظهره بعض الناس تجاه ترامب الذي يعتبر الصين بصراحة عدوًا مخيفًا؟

حسنًا، أعتقد أن الصين اعتادت على ذلك، في معظم الحملات السياسية بالتأكيد. هناك تفاهم بأن السياسة الأمريكية تحتاج إلى عدو، وقد وقع الاختيار مؤخرًا. لا أعتقد أن الصين فكرت للحظة أنها من المحتمل أن تقوم بتبادل لإطلاق النار. فكما تعرف، هي قيادة حساسة نسبيًا، ولا أحد يربح.

اقرأ أيضا:

حمائية ترامب: الطريق إلى حرب تجارية قادمة

أعتقد أنهم قلقون قليلًا بشأن تقلب ترامب، لكن بخلاف ذلك يلائمهم ترامب جيدًا، لأن التقليل من مكانة وتأثير أمريكا في العالم يمثل فرصة للصين. وما إذا تمادى، سيكون قلق الصين أنه سيتعين عليها أن تتقوى قبل الأوان لاستعادة النظام وضمان ظروف التجارة وكل تلك الأشياء التي لا تزال الصين تعتمد عليها.لذا، لا أعتقد أنها في الواقع تريد من ترامب أن يدفع الولايات المتحدة نحو الهاوية، لكن فقط إضعاف مكانتها.

اقرأ ايضًا:

العسكرية الصينية: التحولات الكبرى تبدأ دائمًا من الجيش

يبدو أنه لدى الصين طبقة قيادية جادة للغاية يمكنها التفكير في القضايا طويلة المدى بدرجة كبيرة من الدقة والوضوح في وقت تبدو فيه هذه العناصر غير موجودة في واشنطن ونيويورك ولندن. هل هذا انطباع عادل؟

صحيح أن لديهم طبقة سياسية وإدارية جادة. فأنت لن تصل إلى قمة الصين دون سنوات من التدريب في إدارة مدينتك الصغيرة ومن ثم مقاطعتك. لا نرى السياسة الصينية لأنها تحدث كلها داخل الحزب، لكن هذا لا يعني أن السياسة ليست موجودة، وأنه لا توجد فصائل ولا صراعات على السلطة.إذًا، يمكن للسياسة الصينية أن تبدو هادئة جدًا من الخارج، ثم تنفجر فجأة إلى أكثر مذبحة دموية غير مسبوقة. فهي مثل محاكمة «تيودور» في يوم سيئ. من المؤكد أن لدى الناس الكثير من الخبرة والتدريب، وإذا كنت تملك كل السلطة، فيمكنك القيام بالكثير من التخطيط طويل المدى دون الاضطرار إلى مواجهة انتخابات. لهذا الأمر مزاياه، لكن القوة غير المقيدة يمكن أن تؤدي إلى قرارات سيئة غير مقيدة. يعتمد ذلك على كيفية ممارسة هذه القيادة.