لطالما شكلت صعوبة اللغة الصينية عائقًا كبيرًا أمام القارئ العربي إذا ما حاول التوغل أكثر في الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية لتلك التجربة، لكننا نضع بين يديه دليلًا للقراءة، يمكّنه من مطالعة جوانب مختلفة لتجربة الصعود الصيني.

1. الزلزال الصيني: نهضة دولة متحضرة

كتاب «

الزلزال الصيني: نهضة دولة متحضرة

» للباحث السياسي الصيني تشانغ وي وي، الأستاذ بجامعة فودان بشنغهاي، ومدير ومؤسس معهد دراسات النموذج الصيني، يُطلق عليه المتحدث غير الرسمي للصين، حيث كان المترجم الخاص للرئيس، دينج شياو بينج، باني مشروع النهضة، ومن المقربين منه.

ويعد هذا الكتاب من أبرز الكتب على الإطلاق التي تتحدث عن مشروع النهضة الصينية، إذ تم تصنيفه على أنه أحد أكثر الكتب الجديدة تأثيًرا في البلاد منذ صدوره باللغة الصينية عام 2011، وتُرجم إلى عدة لغات، ونشرته دار سما باللغة العربية بالاشتراك مع مؤسسة بيت الحكمة للثقافة والإعلام عام 2016، بترجمة محمود مكاوي وماجد شبانة.

ويستعرض الكتاب ثلاثين عامًا من العمل في مشروع النهضة الصيني بدءًا من إطلاق دينج شياو بينج، للمشروع عام 1978، ويشرح كيف تحولت البلاد من الحالة المتردية التي تركها عليها الرئيس، ماو تسي تونج، إلى قوة اقتصادية كبرى من خلال منهجها الخاص دون الاعتماد على حلول مستوردة من الغرب، بل بابتداع حلول وطنية على المقاس المحلي.

ويصف وي وي، الصين بأنها تعد بمثابة مئات الدول التي اندمجت معًا على مدار التاريخ، مبينًا أن مساحتها تزيد على مساحة عشرين دولة أوروبية، وعلى المستوى السكاني تضم خُمس سكان العالم، ومن ثم فإن التطورات السريعة لا تناسب النموذج الصيني، ويحذر من أن تلاقي بلاده نفس مصير الاتحاد السوفييتي في عهد جورباتشوف، حين انهارت الدولة ولم تتحمل سياسات الإصلاح المتسارعة.

ويقارن الكتاب بين نهضة دولته ونهضة القوى الغربية واليابان، شارحًا بإسهاب مدى اختلاف أو تشابه ظروف البيئة الدولية في كل حالة، والانعكاسات المترتبة على ذلك.

اقرأ أيضًا:

إستراتيجية شرائح اللحم: كيف تحدى الصينيون الجغرافيا؟

2. السياسة الخارجية الصينية في الشرق الأوسط بعد الربيع العربي

ترجع أهمية كتاب «

السياسة الخارجية الصينية في الشرق الأوسط بعد الربيع العربي

» إلى حداثته ورصده للتحولات المفصلية في السلوك الصيني مع العالم الخارجي، وقد طبع الكتاب عام 2018 من قِبَل المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية في ألمانيا.

ويتكون الكتاب من 13 ورقة بحثية، من إعداء مجموعة مختلفة من الخبراء، تحت إشراف لجنة علمية تتكون من خمسة أكاديميين، تترأسها الباحثة الفلسطينية الدكتورة إسلام عيادي، الأستاذ المساعد في الجامعة العربية الأمريكية. ويرسم الكتاب صورة واضحة للإطار النظري والمفاهيمي للسياسة الخارجية الصينية، ويرصد التحولات التي طرأت على الموقف الصيني من بعض القضايا، وسيناريوهات مستقبل الشرق الأوسط في ضوء الدور الصيني المتزايد في الإقليم.

كما ترصد الأبحاث أسباب تصاعد الاهتمام الصيني بالملفات الأمنية والصراعات في المنطقة العربية، ومدى تأثر السلوك الخارجي الصيني بموجة ثورات الربيع العربي، وموقفها من الأزمة السورية، وقرائن تخليها بشكل تدريجي عن سياسة الحياد وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى، ودوافع هذا السلوك الجديد.

3. الاقتصاد الصيني

أصدرته الهيئة العامة السورية للكتاب عام 2010، وهو من تأليف فرانسواز لوموان، وترجمة الدكتور صباح ممدوح كعدان، ويركز الكتاب على الخطط الاقتصادية الصينية وتطورها، ويستعرض المراحل الرئيسية والفرعية لانتقال بكين من نمط الاقتصاد الاشتراكي الموجه من قبل الدولة إلى النظام الرأسمالي المسمى بـ «اقتصاد السوق الاشتراكي»، ويبين الدوافع خلف القرارات الاقتصادية المختلفة والسلبيات والإيجابيات التي ارتبطت بكل منها.

ويتميز

الكتاب

بتناوله للتغيرات الاجتماعية المصاحبة للنهضة الاقتصادية مثل الهجرة من الريف للمدن، وتفشي البطالة بسبب إعادة هيكلة القطاع العام، وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، والتفاوت الكبير في التنمية بين شرق البلاد وغربها، وبين المقاطعات الساحلية والداخلية، وكيفية تعاطي الدولة مع تلك التحديات.

اقرأ أيضًا:

الكتالوج الصيني: طريق طويل لسيادة العالم

ويتحدث أيضًا عن إدارة الموارد البشرية وتطوير قدراتها، والآثار الناجمة عن تطبيق سياسة «الطفل الواحد» الشهيرة، ويستشهد في ذلك كله بالإحصاءات الرسمية، والتي يتناولها بالنقد والتمحيص والتحليل العلمي، في محاولة للوقوف على أسباب التغيرات السنوية في البيانات الإحصائية.

4. التحدي الصيني: أثر الصعود الصيني في حياتنا

صدر

الكتاب

عام 2006، من تأليف فولفجانج هيرن، نشرته الهيئة العامة للكتاب عام 2016، بترجمة محمد رمضان حسين. يتميز الكتاب بأن مؤلفه صحفي نشط يزور الصين بانتظام منذ عام 1986، وبالتالي استطاع ملاحظة تطور الصين، والخروج بمقارنات مهمة، ساعدته عليها تنقلاته الكثيرة حول العالم، إذ رصد التأثيرات العالمية التي نتجت عن صعود الصين على الدول الأخرى، معضدًا حديثه بالأرقام والأمثلة الحية.

ويتحدث كيف تسبب الصعود الصناعي الصيني في تفشي البطالة في الدول الأخرى كالولايات المتحدة والمكسيك وكوريا واليابان، والدول الأوروبية التي استسلمت كبرى شركاتها ونقلت خطوط إنتاجها إلى الأراضي الصينية، ونقلت معها التكنولوجيا إلى هناك، وكيف تسبب ذلك في ظهور علامات تجارية صينية عالية التنافسية أجهزت على نظيرتها الغربية بمنتهى الضراوة، مبينًا في المقابل كيف أدارت بكين تنافسها مع جارتها اللدود، الهند، وكيف استطاعت الخروج من مربع التحدي إلى مربع التعاون والتكامل.

ويبرز هيرن كيف أن تراجع أهمية البعد الأخلاقي لدى الصينيين، جعلهم يسبقون الغرب في عدة مجالات كالتكنولوجيا الحيوية، وكيف أن قلة الاكتراث بالمعايير البيئية وحقوق الملكية الفكرية، حررتهم من قيود كثيرة وساهمت في تقدمهم بعدة مجالات.

5. على خطى الصين يسير العالم


الكتاب

من تأليف الدكتور كارل غيرث، أستاذ الدراسات الصينية بجامعة أكسفورد، صدر عام 2010، وطبعته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث عام 2012، بترجمة طارق عليان.

وبعكس الكتاب السابق فإنه يركز على تأثير تغير النمط الاستهلاكي – وليس الإنتاجي – الصيني على العالم، إذ يتحدث عن التأثيرات السلبية المدمرة للصناعة الصينية على العالم، وانعكاسات الإقبال الشره على الموارد النادرة، ويشير إلى أن ملايين الوظائف حول العالم باتت مرهونة بالتطلعات الاستهلاكية الصينية.

اقرأ أيضًا:

نظام عالمي جديد تبنيه الصين في الظل: تعرّف إلى أركانه

كما يتطرق إلى تصاعد حجم التأثير الاستهلاكي المتبادل بين الصين والعالم، وكيف تغيرت الثقافة الصينية بعد التخلي عمليًا – رغم بقائها الشكلي – عن نمط الحياة الاشتراكي العتيق، وكيف أصبح المستهلك يحتذي نظيره الغربي كمثال له، ودخول أعداد هائلة من المواطنين إلى الطبقة البرجوازية الوسطى، وانعكاسات ذلك على النمط الاستهلاكي العالمي، إذ أصبحت تفضيلات المستهلك الصيني تتحكم في خيارات الصناعة العالمية بشكل كبير.

ويستعرض المجالات التي زاحم الصينيون فيها الآخرين لأول مرة بتأثير ارتفاع مستوى المعيشة، كتدفق سائحيهم إلى دول العالم بشكل كبير، وشيوع رياضات الطبقات المترفة بينهم، كالجولف، التي أصبح عدد ممارسيها يفوق عدد سكان مجموعة من الدول مجتمعة. كما يناقش التدابير التي اتخذتها الحكومة الصينية للحد من المشاكل الناجمة عن الانفجار الاستهلاكي، ومدى جدواها، والنقاش العالمي حول سبل التعامل مع الأمر.

6. حول الحكم والإدارة


الكتاب

من إصدار المكتب الإعلامي التابع لمجلس الدولة الصيني، بالتعاون مع مكتب دراسات وأبحاث اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والهيئة الصينية للنشر والتوزيع، وهو عبارة عن رصد وتجميع أفكار وكلمات وخطب الرئيس الصيني، شي جين بينج، وقد صدر لأول مرة في أكتوبر من العام 2015، وتمت ترجمته إلى عدد من اللغات من ضمنها العربية.

يضم الكتاب 99 خطابًا للرئيس شي، يتحدث فيها عن موضوعات شتى تخص ماضي الصين ومستقبلها وكيفية الاستفادة من أفكار ورؤى قادة وحكماء الصين الراحلين ومن تاريخ الصين العريق، والموقف من التطورات العالمية والإقليمية. كما يجيب عن التساؤلات المتعلقة بالاتجاه العام للتنمية في الصين، و يوضح رؤية الرئيس الصيني للعلاقة بين الإصلاح والتنمية والاستقرار، وبين إصلاح الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقة الحكومة المركزية بالقواعد، والارتباط بين الشئون الداخلية والعلاقات الخارجية.

وبالرغم من استخدام الكتاب للأسلوب الدعائي – بالطبع – كونه منسوبًا للرئيس الصيني نفسه، وإكثاره من استخدام المصطلحات والعبارات الإنشائية، إلا أنه يعد مصدرًا مهمًا للاطلاع على الخطاب الرسمي الصيني، وفرصة لمعرفة الخطوط العامة للمشروع الصيني، وطموحاته ورؤيته للمستقبل، من مصادره الأصلية.

7. نهج الصين المتطور إزاء الردع الإستراتيجي المتكامل

يعد كتاب «

نهج الصين المتطور إزاء الردع الإستراتيجي المتكامل

» من الكتب المهمة التي تتحدث عن التطور العسكري في الصين، والكتاب من إصدار وترجمة مؤسسة «راند» الأمريكية، ومن إعداد الباحثين مايكل تشايس وآرثر تشان، وقد صدر عام 2016.

ويتحدث الكتاب عن مفهوم الردع الإستراتيجي المتكامل لدى الصينيين، وخطط تطوير الجيش لزيادة كفاءته وتقليل اعتماده على الكثرة العددية، وزيادة الاهتمام ببعض الأفرع أكثر من ذي قبل، ويستعرض الخيارات الجديدة التي أصبحت متاحة أمام القادة الصينيين من جراء تطور القدرات العسكرية.

اقرأ أيضًا:

كيف أضعف التجنيد الإجباري الجيش الصيني؟

ويوضح الكتاب سبل محاولة الصين إحداث توازن مع الولايات المتحدة، ومقاومة المحاولات الأمريكية لاحتوائها في آسيا، ويبين مدى تأثير التغيرات الحادثة في البيئة الأمنية الخارجية على تطوير القدرات العسكرية الصينية، ومخاوف حلفاء الولايات المتحدة الآسيويين حيال تلك المستجدات.