محتوى مترجم
المصدر

Jacobin
التاريخ
2018/11/21
الكاتب
كولي ستانجلر

نهاية الأسبوع الماضي، خرج أكثر من 300 ألف شخص إلى الشوارع والطرق السريعة في فرنسا، يسيرون ويعطلون حركة المرور، يغلقون الطرق العامة للاحتجاج على ارتفاع أسعار الوقود. متوحدين بغضبهم من ارتفاع تكاليف المعيشة، واستجابة لدعوات

وسائل التواصل الاجتماعي

لـ «تعطيل البلاد» وإظهار التضامن عبر ارتداء «سترات صفراء»، قطعة ملابس يرتديها السائقون الفرنسيون في حالة الطوارئ.تراجع الحشد يوم السبت – اليوم الأول – 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث شارك – حسب وزارة الداخلية – 290 ألف شخص في أكثر من 2000 وقفة ومسيرة مختلفة في جميع أنحاء فرنسا. وبالرغم من الدعوات لاستمرار الضغط، فإن 46 ألفًا فقط خرجوا يوم الأحد و20 ألفًا يوم

الاثنين

. يبدو أن الحراك بعيد عن الموت، حيث يستعد المتظاهرون لمسيرة في العاصمة

السبت

المقبل. يأخذ الحدث على فيسبوك اسم «الحراك الثاني: فرنسا كلها إلى باريس».أُخذت المؤسسة السياسية على حين غرة. تعهد رئيس الوزراء إدوار فيليب – عضو الحزب الجمهوري «إلى الأمام» الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون – بعدم إلغاء الحكومة أي خطة لرفع الضريبة المقررة على الوقود، والتي يعاني منها المحتجون. لكنه صرَّح أيضًا بأنه يفهم «معاناة» الشعب. وبشكل نموذجي، لم يعلق ماكرون حتى الآن على الأمر، قائلًا إنه لن يفعل إلا «

في الوقت المناسب

».بوغت اليسار أيضًا. بينما قادت النقابات العمالية والأحزاب اليسارية معظم الاحتجاجات في ظل

رئاسة إيمانويل ماكرون

حتى هذه المرحلة، إلا أنهم غابوا عن الأنظار أو اخُتزلوا إلى أدوار ثانوية داعمة لـ «السترات الصفراء». لم تؤيد أي من الاتحادات النقابية الكبرى الاحتجاجات، ولا الأحزاب السياسية الكبرى كالاشتراكيين وحزب الخضر و

فرنسا التي لا تقهر

. أبدى جان لوك ميلونشون دعمه الشخصي للحراك،

قائلًا

:«الناس على حق في الثورة». وكذلك اليمين المتطرف، رموز مثل

مارين لوبان

من حزب التجمع الوطني «المعروف بالجبهة الوطنية» ونيكولا دوبون إينيون من حزب انهضي فرنسا الذي وصف نفسه بأنه كان سيخدم كرئيس وزراء لوبان لو أنها فازت بالرئاسة العام الماضي.الاحتجاجات فوضوية وخطيرة، فهيكلهم الأساسي – تجمع الناس في الطرق ومحاولة وقف حركة المرور – هو دعوة للمواجهة وأحيانًا أسوأ من ذلك بكثير. تحصي وزارة الداخلية أكثر من 500 إصابة حتى الآن. و

قُتل

أحد المتظاهرين المسنين بعد أن صدمته امرأة مذعورة كانت تصطحب ابنتها إلى عيادة الطبيب.


غضب في القواعد الشعبية


ربما تكون الحقيقة الأبرز حول الحراك هي إخلاص أصول قواعده الشعبية. طبع كل من الجناح اليميني الغالب «الجمهوريين» فضلًا عن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وانهضي فرنسا ملصقات ونشرات دعمًا للحراك – داعين إلى الدفاع عن «سائقي السيارات» – لكن يبدو أنه لم يكن لديهم سوى القليل من التخطيط الفعلي للاحتجاجات. فنظرًا لنقص القادة أو المتحدثين الرسميين، نشأت الحركة على الإنترنت.في مايو/ أيار أطلقت

بريسيلا لودوسكي

– البالغة من العمر 30 عامًا، وموظفة في أحد البنوك –

عريضة

على موقع Change.org، مطالبة بـ «خفض أسعار الوقود». وبعد ذلك بوقت قصير، أطلق سائقو الشاحنات دعوة للحشد الوطني في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، بإنشاء صفحة على

الفيسبوك

تحت شعارات مثل «حراك وطني ضد زيادة الضرائب»، و«لسنا ضد البيئة». وصرَّح أحدهم لاحقًا في شريط فيديو نشره

موقع

باستا الفرنسي: «هذا حراك ضد الضرائب التعسفية».انتشرت هاتان الدعوتان

لسبب

بسيط جدًا: ارتفعت أسعار الوقود في فرنسا بشكل كبير خلال العام الماضي. يستخدم معظم السائقين الفرنسيين الديزل، والذي ارتفع سعره بنسبة 23% في الاثني عشر شهرًا الأخيرة إلى 1.51 يورو للتر، وهو الأعلى منذ بداية الألفية

وفقًا

لوكالة الأنباء الفرنسية، «يساوي طبق المفردات الأمريكية 6.53 دولار للجالون». علاوة على ذلك، أزكت الحكومة الزخم بفرض ضرائب على الوقود – جزء من برنامجها البيئي – حيث رفعت سعر الديزل بـ 7.6 سنت لكل لتر وللبنزين 3.9 سنت. وتعتزم فرض ضريبة إضافية قدرها 6.5 سنت على الديزل، و 2.9 سنت على البنزين في يناير/ كانون الثاني 2019.أثرت هذه الزيادات بشكل كبير على المناطق الريفية وما يعرف بـ la France périurbaine، وهي المجموعات التي تشكل القشرة الخارجية للتجمعات الحضرية في البلاد. يتناقض تقليل جودة النقل العام والخدمات العامة في هذه الأجزاء من البلاد بدرجة كبيرة مع شبكة الحافلات والسكك الحديدية جيدة التمويل في باريس، والتي تغذي الشعور بالاستياء الثقافي الذي يتشاركه العديد من المتظاهرين.

اقرأ أيضًا:

إيمانويل ماكرون: الوجه الجديد لتجاوز الأيديولوجيا

العديد من مرتدي «السترات الصفراء» من الطبقة العاملة، مزيج من العمال ذوي الدخل المنخفض والمتقاعدين والعاطلين عن العمل. ينضم إليهم أشخاص مثل

بيرتراند روشيرون

، وهو أب لثلاثة أطفال في الأربعينيات من عمره، يعمل حاليًا كأستاذ في المدارس الإعدادية بدوام جزئي، ويقطع مسافة 70 كم يوميًا من منزله في ريف بريتاني. صرَّح لصحيفة محلية: «أعمق مخاوفي هو تعطل سيارتي، وهي على وشك ذلك». آخرون من طبقة متوسطة أكثر صلابة، مديرون من المستوى المتوسط أو موظفون من ذوي الياقات البيضاء مثل ناثالي، وهي طبيبة نفسية تبلغ من العمر 51 عامًا في ضواحي باريس، تجني أكثر بقليل من الحد الأدنى المطلوب لمساعدات الدولة. و

صرَّحت

لصحيفة لو باريزيان الفرنسية أنها تشعر كأنها «متدنية الوضع الاجتماعي»، على الرغم من خمس سنوات من الدراسات الجامعية.بشكل قاطع لا يحتوي

الموقع الإلكتروني

الوطني للاحتجاجات على صفحة للمطالب. يعتبر المتظاهرون أكثر اتفاقًا وتوحدًا حول ما يعارضونه مما يفضّلونه، وحتى هذا ليس فعالًا بشكل كبير. يوجد شعور بأن أسعار الوقود خارج نطاق السيطرة، وأن النظام الضريبي الأوسع غير عادل، مما يمنع الميسورين من العيش كما يرغبون.


قضية عادلة؟

دعت الثورة لإجراء

مقارنات

بين انتفاضات فلاحي فرنسا في العصور الوسطى، والتمردات الريفية قصيرة المدى وغير المنظمة والتي تركت أثرًا سياسيًا ضئيلًا. ووضع آخرون أوجه الشبه مع poujadistes، وهي حركة مناهضة للضرائب في خمسينيات القرن الماضي بقيادة معظم العناصر الرجعية من الطبقة الوسطى الفرنسية.لا يزال آخرون يربطون بين «السترات الصفراء» وحركة حزب الشاي الأمريكية في عهد الرئيس أوباما. يبدو هذا غير عادل بصورة خاصة. وكما

أشار

عالم الاجتماع ومؤلف كتاب صدر مؤخرًا عن الثورات المناهضة للضرائب في فرنسا أليكسيس سباير، لا تدعو «السترات الصفراء» الدولة إلى التراجع عن الحياة المدنية، حيث يطالبون بالتصرف بطريقة أكثر إنصافًا، وينتقلون إلى الشوارع ردًا على عوائد الخدمات العامة المتناقصة. تعبيرًا عن سياسة طبقية أكثر وضوحًا. انتقد بعض المتظاهرين الحكومة للإبقاء على ضريبة الوقود، التي تضر ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، في نفس الوقت الذي تدافع فيه عن إلغاء

ضريبة الثروة

، التي تنطبق فقط على أولئك الذين تساوي أصولهم أكثر من 1.3 مليون يورو.

اقرأ أيضًا:

الربيع في موطنه الأصلي: الإضرابات صداع في رأس ماكرون

ليس من الواضح إذا ما كانت «السترات الصفراء» ستثبت أنها حركة دائمة ضد حكومة لا تتزايد شعبيتها، أم أنها مجرد

ومضة خاطفة

. في الوقت الحالي، يعتزم الكثيرون من اليسار تجنب الاحتجاجات تمامًا، والتي انحرفت بسبب عدائها تجاه الضرائب والتنظيم البيئي بالإضافة إلى التعاطف الذي اكتسبوه من اليمينيين. هذه التحفظات مفهومة، ومع ذلك ربما لا تستحق تسليم الحوار الوطني إلى لوبان وتخويف أمثالها دون قتال.من جانبهم، يرى قادة التجمع الوطني أن هذا وقتهم للعمل، حتى أنهم – على ما يبدو – مستعدون لتجاهل انعدام الثقة التاريخي في احتجاجات الشوارع والعصيان المدني. إذا كان الحزب يستثني السترات الصفراء، فذلك لأن التمرد يظهر أنه يجسد الهيئة الانتخابية المثالية: «فرنسا المنسية» من العمال والبسطاء من الطبقة المتوسطة الدنيا الذين يعيشون خارج المناطق الحضرية الكبرى ويريدون التمسك بها للنخب الباريسية. كما يتناقض تأييد التجمع الوطني للحركة – على الرغم من الاشتباكات العنيفة مع الشرطة – بشكل فج مع تبجيله المعتاد للقانون والنظام. ينتقد الحزب بانتظام أدنى استخدام للقوة من المتظاهرين اليساريين ضد إنفاذ القانون. وعندما حاصر العمال المضربون الطرق في العام الماضي، لم

يتردد

قادة الحزب في السخرية منهم واتهامهم بإيذاء الركاب العاديين.سيكون من الخزي المفجع السماح للوجود الملتوي للتجمع الوطني وحلفائه بتحديد شروط النقاش. أخيرًا، مصدر النزاع واضح، لا يتعلق الأمر بالمناطق الريفية والضواحي ضد باريس، أو حول المدافعين عن البيئة ضد المسافرين. الهدف الحقيقي من هذه المعركة هو حكومة تهتم بأغنى الفرنسيين، بينما تتجاهل الجميع الذين تم إقصاؤهم!