للعطلة الصيفية طعم آخر، فبدايتها يعني نهاية معاناة عام دراسي بأكمله، وبداية فترة خالية من إرهاق الدراسة والجامعات، لكن يظن الكثير أن مفهوم العطلة يعني الراحة والنوم فقط، وهذا مفهوم خاطئ تمامًا. بينما تضييع العطلة فيما لا يفيد، هناك من يستثمرها فيما يفيد، وهذا ما يصنع فارقًا في المهارات.

تنتهي العطلة، فتجد صاحبك هذا قد عمل على صقل مهارة من المهارات وبرع فيها، وهذا قد بدأ مشروعًا تجاريًا وتوسع وربح، وآخر قد تعلم قدرًا ليس بضئيل من الإنترنت وما يسمونه «التعلم الذاتي – MOOCs»، وحينما يأتي دورك، يعجز لسانك عن الرد، إليك 7 طرق للاستمتاع بالعطلة الصيفية وتحقيق أقصى استفادة منها:


1. حدد أهدافك

أول ما يجب أن تبدأ به العطلة هو تحديد ما تود أن تفعله فيها، وقاعدة للحفظ: «كل دقيقةٍ تقضيها في التخطيط، توفّر عليك من 5 إلى 10 دقائق عند التنفيذ»، فاجلس وفكر واكتب خطتك، وما تود أن تفعله في شهور العطلة، ارسم صورة عامة لما يمكن أن تصبح عليه بعد انقضاء تلك الفترة، قسم أهدافك لأهداف شهرية؛ كي تستطيع العمل عليها ومراجعتها بشكل شهري، ثم قم بتقسيمها لأهداف أسبوعية تقدر على إنجازها خلال الفترة المحددة، ولا تنس وضعها في مكان تراه دائمًا؛ كي تتذكرها، قم بالعمل على إنجازها، وعلّم على كل إنجاز تفعله، وبنهاية الأسبوع والشهر، تجد ما تفخر به، وبالتالي تتحقق أهدافك، وتزداد ثقتك بنفسك، وتركيزك، مما يجعلك سعيدًا بهذا الإنجاز.


2. تعلّم جيدًا

من المفترض أن تكون فترة التعلم – المتمثلة في المدارس والجامعات – فترةً ممتعة تنال إعجاب ورضا الكثيرين؛ لما في العلم من متعة البحث والتعب، ولكن هذا عكس ما نلمسه فيها، فنبغض هذا الجانب أشد البغض، ونظرًا لأن هذه ليست مشكلةً فردية ولا لفئة قليلة من البشر، فيكون السبب في ذلك هو جمود طريقة التعلم، أو المحتوى المُقدَّم أصلًا.

يقع على عاتقنا البحث عن العلم الحقيقي، والطريقة المثلى في تعلمه، وفي وجود شبكة الإنترنت العالمية، أصبح هذا الخيار ممكنًا، بل أصبح البديل الأمثل، فيمكنك الآن من خلال مواقع التعلم الذاتي كمنصة «رواق» و«إدراك» و«زاد» و«ملتقى الدارين» وغيرها بالعربية والإنجليزية تعلم ما يمكنك تعلمه في المدارس والجامعات، وما لا يمكنك تعلمه فيها، فيمكنك تعلم العلوم الشرعية وحفظ القرآن إذا كنت مهتمًا بعلوم الدين.

يمكنك أيضًا تعلم البرمجة بجميع لغاتها، والتصميم الجرافيكي والتسويق الإلكتروني وغيرهم إذا كنت مهتمًا بمجالات التقنية، ولا ننس فنون الإدارة، وتنظيم الوقت، والعديد من الأمور الاجتماعية والسياسية والإعلامية وما شابه، أصبح بحوذة الإنترنت كل شيء، وبالتالي أصبح بحوذتك هذا الـ«كل شيء» مجانًا، فكيف سيكون استغلالك له؟


3. العمل الحر

الآن أصبح بإمكانك بدء مشروعٍ دون الحاجة إلى رأس مال، فقط مهارتك ووقتك، وأنت في بيتك على أريكتك تشرب نوعك المفضل من القهوة، وتؤدي عملك المفضل في وقتك المفضل والذي تود أن تعمل به، وبعد كل ذلك تحصل على مال يرضيك، نعم يمكنك فعل كل ذلك عبر الإنترنت، فمنصة «مستقل» و«خمسات» و«بيكاليكا» والعديد من المنصات العربية والأجنبية أمثلة للأماكن التي تبدأ منها عملك الحر.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكنك فتح متجرك على الإنترنت، سواء البدء بموقع والتسويق لمنتجاتك، أو استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في ذلك، وفي كلٍ، لست بحاجة إلى دفع إيجارٍ لتوفير مكان لبداية المشروع، بمنتجاتك مع بعض مهاراتك التسويقية تصنع المستحيل، وأفضل مثال لذلك موقع «أمازون».


4. القراءة

لا إجازة دون قراءة، بل لا عقل بلا قراءة، القراءة هي المصدر الأساسي لتغذية عقلك بالمعلومات وإفادته، وهي أول ما وصانا بها الدين الإسلامي الحنيف، فكانت أول آية نزلت على خير البشر هي «اقرأ»، فيجب أن تصاحبك طوال الوقت، وحقها عليك أن تخصص لها مثلًا ساعة من وقتك يوميًا. انتق الكتب بعناية، فلا تضيع وقتك في قراءة ما لا يفيد، فابحث عن جودة الكتاب والآراء حوله قبل أن تفكر فيه.


5. مارس موهبتك

لكل منا مواهبه التي يجب عليه الاهتمام بها، فهذا يجيد الرسم أو الخط العربي، وهذا يجيد التصميم أو البرمجة، وآخر يمتلك الصوت الندي، قم بصقل تلك الموهبة، واجعل لها وقتها الخاص، واعمل عليها حتى تتأكد أنك أجدتها بنهاية هذا الصيف، وتأكد من وجود من يحمل نفس اهتماماتك في الدائرة المحيطة بك؛ حتى تعلو همتك، وتزيد سرعتك.


6. التطوع

ابحث عن المؤسسات، والجمعيات التي تقدم فائدة علمية أو دينية أو اجتماعيةً وما شابه، وتسمح لك بالتطوع فيها بالجهد كان أو بالمال، وساعدهم في ذلك، وفوائد التطوع كثيرة، غير أن الإسلام حث على التطوع والانخراط في المجتمع وتقديم يد العون لكل محتاج، إلا أن له فوائد عقلية وذاتية كثيرة، فيساعدك على تكوين صداقات من مختلف الثقافات، وبالتالي يُخرجك من حالة الانغلاق التي قمت بفرضها على ذاتك، ويُحسن من تعاملك مع الناس، ويقوي لغة الجسد والوجه عندك، ويبني عندك القدرة على الإقناع، والمناقشة وإبداء الآراء، والمشاركة في عمل جماعي، مما يجعلك تعتاد على العمل والجدية، فلا يكون سوق العمل بعد ذلك جديدًا عليك، بل تكون في أفضل حالات استعدادك.


7. نصيحة عامة

لا تجعل الدراسة والجامعة تلهيك عن تعلمك الحقيقي. لا شك أنه إذا اعتمدت على ما تلقنه لك الجامعة أو المدرسة، فسيكون مصيرك عاطلًا على المقهى لا محالة، وكل لحظة تغتنمها تجعل لك السبق والتقدم على العديد من أقرانك، فابدأ من الآن ولا تؤجلها لحظة أخرى، وقم بتنفيذ أول خطوة؛ كي تضمن عطلة ناجحة.

لا يعني كلامي هنا أن تتجاهل أوقات الترفيه عن النفس، فالترفيه مطلوبٌ وحثنا الدين على ذلك، حيث رُوي عن رسول الأمة – صلى الله عليه وسلم -: «روحوا عن القلوب ساعة وساعة..»، وهذا مطلوب؛ كي لا تمل.

إجمالًا، استمتع وامرح وسافر، لكن لا تنس نصيبك العقلي، وإذا أردت لنفسك مستقبلًا مشرقًا فابدأ بتهيئته من الآن.



مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.