أحداث عدة وتغيرات استراتيجية شهدتها المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط في السنوات الماضية خاصة منذ عام 2011، أثرت فصولها على مستقبل دول المنطقة وشعوبها، وسط تساؤلات عن أسباب حدوث هذا التحول الدراماتيكي وإلى أين يصير هل للأفضل أم للأسوأ؟ هل ستشهد المنطقة تغيرات جوهرية أم مجرد إعادة إنتاج للماضي الأليم بل الذهاب إلى الأسوأ، والدخول في دوامة حروب وصراعات سواء بين الأنظمة السياسية وشعوبها أم بين الدول وبعضها البعض، والتباكي على أطلال الماضي الأليم بكل معانيه.

خاض كثيرون في هذا الأمر محاولين سبر أغوار ما حدث، وكيف تم، وماذا ينتظرنا؟ في هذا التقرير نستعرض لك بعض الكتب المهمة التي حاولت الإجابة عما يدور في ذهنك وتٌقدم لك إجابة عن بعض ما تريد فهمه.

1. أجندة إيران اليوم: الرواية الحقيقية من داخل إيران والخطأ الذي حصل في السياسة الأميركية

كتاب أجندة إيران اليوم للكاتب الأمريكي ريز إرليخ
كتاب «أجندة إيران اليوم» للكاتب الأمريكي (ريز إرليخ)

بصياغة سلسة تخلو من الاستفاضة والمبالغة، يقدم الكاتب الأمريكي ريز إرليخ العامل في مجال الصحافة منذ 40 عامًا، رؤية لطبيعة العلاقات العدائية بين الولايات المتحدة وإيران. يكشف الحقيقة وراء عداء الولايات المتحدة للبرنامج النووي الإيراني. ويوضح كيف اتخذت واشنطن من العداء لإيران ذريعة لتحقيق أهداف داخلية خاصة بالشعب الأمريكي حيث ضرورة خلق عدو دائم، وأخرى خارجية تتعلق بالمصالح الأمريكية والهيمنة في الشرق الأوسط.

في فصل تلو الآخر، يشير إلى أنّ معظم وكالات الاستخبارات الأميركية متفقة على أنّ إيران لم تكن تمتلك برنامجاً نووياً قبل عام 2003، ومع هذا استخدمت مختلف الوسائل للضغط على طهران.

وفي حين أن

الموضوع الرئيسي للكتاب

هو العلاقات الدولية بين واشنطن وطهران، إلا أنه قدم أيضًا نظرة ثاقبة حول السياسة الداخلية الإيرانية، متحديًا بذلك الفهم الغربي للوضع الداخلي في إيران. فعبر 351 صفحة، ناقش الكتاب قضايا الفساد، انتهاك الحقوق المدنية، تمييز الأقليات العرقية والدينية، وسلط الضوء على الممارسات التي توضح التطور الديمقراطي المستمر الذي يميز إيران الحديثة، والذي ظهر في الحركات الاحتجاجية ولا سيما الثورة الخضراء عام 2009.

أهم ما تميز به الكتاب، كان استناد تحليلاته إلى مقابلات سابقة مع مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى منهم نجل الشاه السابق رضا بهلوي، والمنفيين الإيرانيين فى لوس أنجلوس. باختصار «أجندة إيران اليوم» مرشد لمن يريد أن يفهم المجتمع الإيراني اليوم.

2. تركيا والنزاع على الشرق الأوسط

كتاب تركيا والنزاع في الشرق الأوسط للصحفية إزغي باشاران
كتاب «تركيا والنزاع في الشرق الأوسط» للصحفية (إزغي باشاران)

إذا كنت مهتماً بالسياسة التركية،

فهذا الكتاب

سيساعدك كثيراً. فالصحفية إزغي باشاران والتي اشتهرت بتغطيتها الصراع التركي الكردي، قدمت من خلاله إجابة عن التساؤل الذي تردد منذ سنوات، بشأن السياسة التركية وتدخلاتها بالشرق الأوسط حاليًا.

من خلال ـ8 فصول شكلت 304 صفحات، أرجعت باراشان السياسة التركية إلى علاقة أنقرة بالأكراد في المنطقة والداخل التركي. ففشل الرئيس رجب طيب أردوغان في إحلال السلام مع الكرد رغم وعوده بذلك، أدت إلى تخبط سياسته بالمنطقة.

وإذا كنت غير مُطلع على هذه القضية بالشكل الكافي، أو ترغب في الإلمام بمختلف جوانبها، يمكنك قراءة الفصل الأول بالكتاب، حيث يتناول السياق السياسي والاجتماعي لظهور حزب العمال الكردستاني. ثم ينتقل موضحًا القمع الذي تعرض له الأكراد أثناء بناء الدولة التركية. ومن بعدها بدايات عملية السلام المزعومة مع صعود حزب العدالة والتنمية.

خلال الفصول التالية يحلل الكتاب العوامل التي أعاقت حل المشكلة الكردية، ومن بينها الخلاف بين حكومة العدالة والتنمية وحركة عبدالله غولن. والوضع المتدهور في سوريا، وخاصة بعد حصار داعش لـكوباني، وغضب الكثير من الأكراد من استجابة تركيا البطيئة للأزمة، بينما واجه إخوانهم الأكراد مذابح على يد التنظيم.

حتى أنه حينما تغيرت موازين
القوى على الأرض، ونجح الأكراد في مواجهة التنظيم، قامت أنقرة بالتدخل في سوريا، وفتح
الحدود أمام الجهاديين للانضمام إلى داعش في سوريا والعراق، الأمر الذي أدى إلى تخبط
سياساتها بالمنطقة، وإيجاد ثغرات أمنية هائلة.

بنهاية الكتاب، عادت الصحفية التركية إلى تأكيد أن الحل لما يحدث في الشرق الأوسط يرتبط مباشرة بالمشكلة الكردية، لكنها بعد ذلك تعرضت لانتقادات من الحكومة التركية، دفعتها إلى الاستقالة من وظيفتها كمحررة صحفية.

3. تدمير وطن: الحرب الأهلية في سوريا

كتاب تدمير وطن للدبلوماسي الهولندي نيكولاس فان دام
كتاب «تدمير وطن» للدبلوماسي الهولندي (نيكولاس فان دام)

الحرب الأهلية في سوريا حقًا معقدة. عدد كبير من الفصائل تتقاتل على مثلث صغير من الأرض. قوى أجنبية أبت ألا يكون لها دور. بعضها دعم النظام، والبعض الآخر ساعد المعارضة. زاد الأمر صعوبة ظهور تنظيم داعش.

نظرًا لهذا التعقيد، فلن تتفاجأ أن

كتاب «تدمير وطن»

، للدبلوماسي الهولندي نيكولاس فان دام، لم يقدم وصفًا سريعًا للحرب. لكنه استفاض في تحليل العوامل والأحداث التاريخية التي شكلت مسار الحرب السورية.

فالكتاب الذي يأتي في 5 فصول بنحو 320 صفحة، وضح من خلاله فان دام، الذي شغل منصب المبعوث الهولندي الخاص إلى سوريا، أن طبيعة وتاريخ حزب البعث السوري هما من تسببا في الحرب، وأن التدخل الأجنبي أطالها، والدبلوماسية الضعيفة حالت دون انتهائها.

فعقب الانقلاب الذي قام به حزب البعث عام 1963. تم التخلص من المنافسين الأيديولوجيين الرئيسيين، والذين كانوا من السنة. ظهر الرئيس السابق حافظ الأسد منتصرًا. لكنه لم يسمح هو ولا ابنه بشار الأسد بأي تقاسم حقيقي للسلطة خارج حلقة صغيرة من العلويين. أصبح الحزب مصدرًا للاضطهاد الذي بدا ثقيلًا بشكل خاص على السنة.

بهذه الطريقة، مهدت طائفية الحزب، الطريق للصراع الحالي. جعلت الثورة حتمية. ثم جاءت القوى الأجنبية لتطيل أمد الصراع على أمل التخلص من الأسد. لكنهم لم يمارسوا ضغطاً كافياً لجعل هذا الأمل حقيقة واقعة. ولم يكن لديهم نفوذ قوي في ظل خلافتهم مع الدولتين اللتين يمكن أن تؤثرا حقًا على نظام الأسد – روسيا وإيران.

أهم ما ميز الكتاب، أنه لم يعط مجرد تعليق عابر على الحرب، لكن تحليلًا تاريخيًا ودبلوماسيًا لها، مرفقًا إياه بـ 5 سيناريوهات مستقبلية لما يمكن أن تنتهي إليه. فالكتاب حقًا مهم لمن يرغب فهم طبيعة الصراع المعقد في سوريا.

صدر الكتاب عام 2017، باللغة الإنجليزية، قبل أن تتم ترجمته من قبل عدة مترجمين وتنشره دار جنى تامر للدراسات والنشر عام 2018.

4. أزمات مجلس التعاون لدول الخليج العربية: الجذور – الأسباب – الوساطات – وسيناريوهات المستقبل 2011 – 2018

كتاب أزمات مجلس التعاون لدول الخليج العربية للأكاديمي الكويتي عبد الله خليفة الشايجي
كتاب «أزمات مجلس التعاون لدول الخليج العربية» للأكاديمي الكويتي (عبد الله خليفة الشايجي)

تزامنًا مع الذكرى السنوية الأولى للأزمة الخليجية،

صدر هذا الكتاب

عام 2018، عن الدار العربية للعلوم ناشرون. وثق الأكاديمي الكويتي عبد الله خليفة الشايجي من خلاله تلك الأزمة، معتبرًا إياها النكسة الثانية للعرب بعد هزيمة عام 1967.

تتبع جذور الخلافات بين قطر من ناحية ودول الرباعي من ناحية أخرى. وأوضح أن الخلافات بدأت تظهر مع موجات التغيير التي حدثت عام 2011 ببعض دول المنطقة، وما أفرزته من تداعيات على مصالح دول مجلس التعاون المختلفة بالأساس.

ورغم هذا أشار إلى أن البداية الحقيقية لها على أرض الواقع، تمثلت في أزمة عام 2013 – 2014 بين كل من السعودية، والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى.

عُرفت هذه الأزمة بأزمة سحب سفراء الدول الخليجية الثلاثة من الدوحة، وحُلَّت في ديسمبر عام 2014 بوساطة كويتية وتعهدات، لكن الأمر لم ينته، وعاد للاشتعال مجددًا مع أزمة عام 2017 وهي الأكثر تهديدًا لكيان ومستقبل مجلس التعاون.

وبالنهاية، اختتم أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، كتابه المكون 294 صفحة بقراءة استشرافية لمستقبل الأزمة الراهنة، وسيناريوهات مستقبل منظومة مجلس التعاون.

5. هوية السلطة في اليمن: جدل السياسة والتاريخ

كتاب هوية السلطة في اليمن للكاتب اليمني أحمد علي الأحصب
كتاب «هوية السلطة في اليمن» للكاتب اليمني (أحمد علي الأحصب)

صدر الكتاب عام 2019 عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. تناول فيه الكاتب اليمني والأستاذ الجامعي أحمد علي الأحصب، ظاهرة السلطة باعتبار أنها المحور الرئيس الذي تدور حوله مختلف الصراعات في اليمن. فاليمنيون خاضوا وما زالوا يخوضون جدلًا حول الانتماءات العصبوية للحكام أو السلطة، واتهم بعضهم بعضًا بالسيطرة على هذه السلطة والاستئثار بها.


هدف الكتاب

عبر فصوله الأربعة وصفحاته الـ 240، إلى التعرف إلى توزيع السلطة بين الهويات المحلية المختلفة في هذا البلد، وما إذا كانت ثمة هوية معيَّنة تستأثر بهذه السلطة. وخلص إلى أن مسألة الوصول إلى السلطة لم تكن تتمحور حول العصبية، بل ارتبطت، بمساعي الأفراد وطموحاتهم ومصالحهم بالطبع. فالصراع في اليمن لم يكن له دوافع عرقية أو عشائرية نقية، لكن العرقية والعشائرية إنما استُخدمتا كَمسهّل ومحفّز صراعي، والتذرع بهما لم يكن يشكّل نزوعًا طائفيًّا إلا بدافع المصلحة.

ليس هذا فقط، تناول الكتاب
فكرة الفيدرالية وإمكانية تطبيقها، لكنه حذر منها، فأوضح أن اليمنيين إذا مضوا في مشروع
التحول نحو الفدرالية من دون تلبية شروط الفدرلة، فهذا سيقودهم إلى مزيد من الفوضى
وسيتسبب للحياة السياسية وللبلاد في مزيد من الحرائق.

فبقاء المركز ضعيفًا سيُغري، السلطات الإقليمية وُيثير نزعاتها الاستقلالية. سيجعلها تتعامل مع جغرافيتها كأوطان مستقبلية، وتتعامل مع الدولة اليمنية كوطن مؤقت، إلى أن تتوافر الفرصة للانقلاب عليه وفك الارتباط به. وحينها عندما يحاول المركز التصدي لها، ستكون البلاد قد دخلت في طور الفوضى الشاملة.

6. ليبيا وإشكالية بناء الدولة-الأمة: 1951 – 2017

كتاب ليبيا وإشكالية بناء الدولة-الأمة للكاتب صادق حجال
كتاب «ليبيا وإشكالية بناء الدولة-الأمة» للكاتب (صادق حجال)

قدم الكاتب صادق حجال عبر 186 صفحة، محاولة جادة لفهم عملية بناء الدولة الليبية منذ استقلالها إلى مرحلة ما بعد نظام الراحل معمر القذافي.

وتتبع كتابه

الصادر عام 2019 عن مركز الكتاب الأكاديمي، عملية بناء الدولة الليبية التي مرت كما يوضح بثلاث مراحل أساسية منذ نشأتها واستقلالها إلى عام 2017. وكذا المعوقات التي تحول دون قدرة القوى الليبية على بناء الدولة الحديثة خصوصًا في فترة ما بعد 2011.

أهم ما ميز هذا الكتاب، إلمامه بمختلف الجوانب المؤثرة على عملية بناء ليبيا الجديدة بعد سقوط نظام القذافي. حيث ركز على ثلاث جهات أثرت سلبًا على هذه العملية وهي: العامل الخارجي، وطبيعة المجتمع الليبي، وكيفية تشكل واستقلال الدولة الليبية.

خرج الكتاب بنتائج وتفسيرات تختلف عن تلك النتائج والتفسيرات النمطية التي غالباً ما تركز على سياسات القذافي أو على تدخل حلف شمال الأطلسي كأحد السببين الرئيسيين لأزمة الدولة الليبية حالياً. ومن هنا جاءت أهمية الكتاب.

وما زاد أهميته، تطرقه لأهم
مراحل بناء الدولة الليبية ومختلف الإشكاليات المصاحبة لعملية البناء ورؤية إعادة البناء
بعد إسقاط نظام القذافي في 2011.

ومن فصل لآخر، انتقل الكتاب ليوضح كيف اختفى التفاؤل ببناء دولة جديدة بعد انهيار نظام القذافي في سياق الحراك العربي لعام 2011. فعلى الرغم من توقع الكثير، على أنّ المجتمع الليبي وأخيراً سوف يبني دولته بنفسه على أسس الديمقراطية، إلا أنه بعد مرور سنوات، بات واضحاً أن هناك الكثير من العوامل الداخلية والخارجية التي حالت دون قدرة الليبيين على بناء دولتهم.

فقد تمزّق المجتمع. انزلقت البلاد إلى حرب أهلية مدمرة. وحاولت القوى الإقليمية والدولية المنقسمة بدورها والمتنافسة فيما بينها البحث عن نفوذ لها وموطئ قدم لها بليبيا الجديدة؛ لكن هذه القوى، سرعان ما جعلت من ليبيا ميداناً للحروب بالوكالة بين القوى الإقليمية، العربية أساسًا.

7. التحولات في حركة حماس

كتاب التحولات في حركة حماس للدكتور جهاد عودة والدكتور محمد راضي
كتاب «التحولات في حركة حماس» للدكتور (جهاد عودة) والدكتور (محمد راضي)


جاء الكتاب

الصادر عن المكتب العربي للمعارف عام 2017، ليوضح مسيرة حركة المقاومة الإسلامية حماس. كيف ظهرت، ما السياق الذي نشأت فيه، كيف تطورت سياسيًا، وماذا حدث داخلها. وفي تحليلهما للحركة، أوضح كل من الدكتور جهاد عودة والدكتور محمد راضي- مؤلفي الكتاب، أن عملية تفسير نشأة الحركة لا يمكن أن تتم بمعزل عن إطـارين أساسيين حكما سلوكها السياسي ومنطلقاتها، أولهما: نشأتها في بيئة فلسطينية كفاعل سياسي واجتمـاعي، وطبيعة هذه البيئة التي تتحرك فيها الحركة. وثانيهما: أنها في النتيجة، امتداد لجماعة الإخـوان المسلمين.

فالاحتلال الإسرائيلي، شكل مدخلًا مهمًا لبلورة هوية الحركة، وفي الوقت نفسه، شـكلت العوامل العقائدية للإسلام بخاصة، والظروف الاجتماعية والسياسية للفلسطينيين بعامـة، إطارًا لبلورة هويتها الإيديولوجية.

ورغم أن الكتاب لم يتعد 166 صفحة، فإنه أعطى شرحًا وافيًا لكيفية تطور الحركة سريعًا لتصبح من أكثر التنظيمات الإسلامية فـي فلسـطين نفـوذًا، والمُنافس القوي لحركة فتح كبرى التنظيمات الفلسطينية. ثم انطلق بعد ذلك لتوضيح التحولات التي طرأت على الحركة على مختلف المستويات.