هل تشعر أنك تتعرض للاستغلال يوميا في العمل، في البيت، أو في معاملاتك اليومية.. الأمر يثير غضبك ويشعرك أنك تقع تحت ضغط دائم. إذن أنت من ذلك النوع الذي يسعى بشكل دائم لاسترضاء الآخرين، ولو على حسابه هو الشخصي، فبالتأكيد أنت أكثر عرضة للسيطرة والاستغلال من غيرك.

هكذا بدأت د. هاريت ب. بريكر

كتابها

«من يشد خيوطك: كيف تكسر دائرة الاستغلال»، بالإشارة إلى أنها كتبت هذا الكتاب حتى تجعلك أنت وغيرك من ضحايا سيطرة واستغلال الآخرين على دراية بما تمتلكونه من سيطرة مضادة. بإدراك أن اشتراكك فيما تتعرض له من سيطرة واستغلال من المرجح أنه قد جعلك تشعر بالعجز التام. وهذا هو ما يريد الشخص المستغل أن تعتقده.

ولكن الحقيقة هي أنك تملك المفتاح الذي تستطيع بواسطته، إما أن تمكن الشخص المستغل من النجاح، وإما أن تحبط جهوده.


من هو الشخص المستغل؟

ربما يكون زوجك أو شريكك في العمل أو حتى موظف مبيعات.

ومن المرجح أنك تريد أن تعرف لماذا وكيف أصبحت واقعا في مصيدة تلك العلاقة التي تثير جنونك وغضبك، والتي تعد فيها الخاسر على الدوام، حتى لا تقع في علاقة مثلها مرة ثانية. والأهم من ذلك أنك تريد وتحتاج أن تعرف كيف تضع حدا لسيطرة الآخرين عليك واستغلالهم لك.

أنت فريسة سهلة للسيطرة والاستغلال، ربما لأن نقاط ضعفك تكشف عن نفسها، وتجعل من السهل اختراقك من خلالها بدون قصد منك، فيجب أولا أن تغير من طريقة تفكيرك وسلوكياتك حتى تقلل من قابليتك لأن تصبح هدفا سهلا.


اعرف نقاط ضعفك

إن الأشخاص الأكثر عرضة للاستغلال يكشفون عن سبع مناطق يمكن اختراقها في شخصيتهم، فكر جيدا في تلك المناطق السبع باعتبارها نقاط ضعفك التي يقوم الساعون للسيطرة عليك بالضغط عليها، سواء كنت تدرك ذلك أم لا.

والأشخاص المستغلون لديهم من الخبرة والحدس ما يمكنهم من تحديد الهدف المطلوب، وذلك عن طريق التقاط مفاتيح شخصيتك التي يستطيعون منها العبور من خلالك، وهم يقومون بذلك ببساطة لأنك أنت من تكشف لهم باختيارك عن نقاط ضعفك.

الخطوة الأولى في اتجاه المنطقة الآمنة هو تحديد نقاط ضعفك وفهمها والتعرف عليها، باعتبارها مصادر الضغط أو المشكلات في حياتك، مع ذلك فمن المحتمل أنك لا تدرك تماما مدى الدور الذي تلعبه هذه المجالات في تعريضك لتجارب متكررة، تكون فيها ضحية لمحاولات السيطرة عليك واستغلالك.

نقطة ضعفك رقم 1: أنت مريض بالرغبة في إرضاء الآخرين

نقطة ضعفك رقم 2 : أنت مريض بالرغبة في نيل استحسان الآخرين

نقطة ضعفك رقم3 : أنت مريض برهاب العاطفة؛ الخوف من المشاعر السلبية

نقطة ضعفك رقم 4 : قلة الحسم وعدم القدرة على الرفض

نقطة الضعف رقم 5: الذات الهلامية، أي لديك إحساس غير واضح بهويتك، ولا تعرف من أين تبدأ ولا إلى أين تنتهي

نقطة الضعف رقم 6 : ضعف الاعتماد على الذات

نقطة الضعف رقم 7 : موضع السيطرة الخارجي هو عبارة نفسية تشير إلى الكيفية والمكان اللذين ترجع إليهما السبب في الأشياء التي تحدث أو لا تحدث لك، أي تشعر على الأغلب أن حياتك تقع تحت سيطرة الآخرين أو أي عوامل أخرى خارجية أكثر مما تقع تحت سيطرتك.


القواعد الأساسية لمحاولات السيطرة والاستغلال

1. لن يمكنك أن تتفوق على شخص بارع يسعى للسيطرة عليك واستغلالك، فلا تفكر حتى في مجرد المحاولة.

2. انتبه دائما إلى ما يفعله هذا الشخص، لا إلى ما يقوله.

3. لا تسأل عن الأسباب التي تجعله يتصرف بطريقة معينة وتتوقع أن تحصل على إجابة صحيحة أو مفيدة أو صادقة.

4. لن يمكنك أن تغير شخصا كهذا عن طريق قيامك بالإشارة إلى عيوبه ونقائصه، فلا تحاول ذلك.

5. لا تزعج نفسك بإخباره بأنه ليس منصفا معك أو محبا لك. إذا كان هدفك من القيام بذلك هو أن تحدث تغييرا ما، فانس الأمر، لأنه ببساطة لن يحدث.

6. لا تطمع في أن يضع هذا الشخص نفسه مكانك ذات مرة ويشعر بمثل مشاعرك. ولذلك لا تتخيل أنك عندما تخبره بمشاعرك كضحية لاستغلاله لك فستنجح في تحقيق أي شيء؛ فهو لا يهتم بالأمر.


5 خطوات لمقاومة محاولات السيطرة والاستغلال

ربما آن الأوان لتتعلم أساليب المقاومة حتى تمارس بدورك السيطرة المضادة. سوف تقوم بتغيير سلوكك في البداية، حتى قبل أن تعمل على تغيير طريقة تفكيرك، فالخطوات التالية هي خطوات ذات طبيعة تراكمية على أساس أنها مبنية على بعضها البعض.

الخطوة الأولى: المماطلة من أجل كسب الوقت

يمارس راغبو السيطرة والاستغلال ضغوطهم من خلال وسائل مختلفة لإجبارك على الخضوع لما يريدون منك القيام به. قد يلجئون من أجل ممارسة هذا الضغط إلى استخدام وسائل نشطة كالغضب والصراخ وتوجيه الشتائم، وغير ذلك من أساليب التنمر، أو قد يختارون وسائل سلبية كالعبوس والتجهم والبكاء والتجاهل.

أول خطوة للمقاومة هي أن تقوم بكسر هذا النمط، وفي أثناء ذلك تقوم بعملية إعادة معايرة توازن القوى في العلاقة. ويمكنك أن تقوم بذلك عن طريق إدراج فترة من الوقت بين لحظة تلقي الطلب واللحظة التي تستجيب فيها. بمجرد أن تتعلم تخصيص وقت للتفكير في الخيارات المتاحة أمامك، فسوف يتزايد إحساسك بالسيطرة على الفور، وعندها تتمكن من إخضاع هذا الشخص وفق جدولك الزمني لا جدوله هو.

الخطوة الثانية: الأسطوانة المشروخة

يمكنك بالطبع التكهن بأنه سيعترض على طريقتك في المماطلة لكسب الوقت، ولأنك المسيطر الآن فسوف تكون مستعدا لوابل المبررات والكلام المصطنع بدون الوقوع في شرك ذلك التزييف.

من المهم للغاية ألا تنخرط في جدال حول سبب حاجتك إلى الوقت أو حول مدى أهمية ذلك الآن، أو عن تحديد وقت محدد للاستجابة، دع الأمر زئبقيا، دعه دائم التفكير بما تفكر وما ستكون ردود أفعالك، الانتظار غير محدد الأمد ذلك سيثير جنونه.

ويطلق على تلك الطريقة اسم «الأسطوانة المشروخة». وهي طريقة بسيطة ولكنها فعالة:

  • أولا تظهر بوضوح أنك تنصت إلى ما يقوله هذا الشخص وتفهمه؛ وذلك بأن تحدد وتصف على وجه الدقة «الإحساس» أو الشعور الذي يعبر عنه.
  • بعد ذلك تكرر نفس العبارة التي قلتها من قبل، فالهدف من الأمر هو كسب الوقت والمماطلة ليس أكثر.

وتذكر أنك إذا أكثرت الكلام فسوف تفقد السيطرة، لا تبرر ولا تطرح أسبابا، فأنت لست في موقف التبرير.

الخطوة الثالثة: إضعاف مشاعر القلق والخوف والذنب

حتى تقاوم تعرضك للسيطرة والاستغلال يجب أن تتعلم تحمل بعض المشاعر غير المريحة إلى حد ما تعتبر الفتيل الذي يؤدي اشتعاله إلى تفجير أحاسيسك السلبية، فالفتيل سيكون قصيرا إلى حد كبير. ونتيجة لذلك؛ عندما يقوم الشخص المستغل بإشعال هذا الفتيل عن طريق إشعارك بالقلق أو الخوف أو الذنب، يحترق هذا الفتيل بسرعة شديدة، وأحيانا على الفور، مثيرا بذلك استسلامك وخضوعك للسيطرة والاستغلال.

وهنا يأتي أسلوب إضعاف المشاعر الذي سوف يساعدك على أن تصمد أمام المشاعر السلبية.

أولا، عندما يستثير الشخص المستغل مشاعر القلق من خلال الضغط على نقطة ضعفك المتمثلة في عدم الشعور بالأمان أو بأن يثير بداخلك مشاعر عدم الثقة بالنفس. وتزيد لديك مشاعر عدم التأكد والشك، وذلك من خلال تقديمه لإشارات مبهمة وغامضة لشيء سلبي قد حدث أو سيحدث في المستقبل.

فترتفع مستويات القلق نتيجة للنقد السلبي أو حكمه عليك بشكل قاطع مما يؤدي إلى جرح كبريائك أو حتى لعقد مقارنة ليست في محلها بينك وبين شخص آخر.

وهنا يكون الخوف هو وسيلة للتسلل من خلالها إليك لإكراهك على الخضوع لإرادته.

وحتى تقاوم محاولات السيطرة عليك واستغلالك، تحتاج لتغير رد فعلك تجاه مشاعرك السلبية فمشاعر القلق والخوف والذنب التي يلعب عليها الأشخاص المستغلون لن تتسبب في تدميرك إن فشلت في قمعها، ولكنها سوف تشعرك بعدم الارتياح والضيق، ومشاعر الضيق وعدم الارتياح من الممكن احتمالها والصمود أمامها.

والواقع أنه كلما سمحت لنفسك بالبقاء فترة أطول معرضا للمشاعر غير المريحة قلت حدة تأثرك بها، ويطلق علماء النفس على تلك الحالة «التعود»، وهنا سيقل أو ربما تنعدم قدرته على إشعارك بالحرج بأي شكل كان، فالأمر لم يعد بالنسبة لك ذا أهمية وهنا تكون قد امتلكت زمام نفسك.

الخطوة الرابعة: وضع شروطك

أثناء قيامك بتطبيق أساليب المقاومة سوف تشعر بهويتك وهي تبزغ من جديد.

فعن طريق إعادة معايرة ميزان القوة في العلاقة، وصد أساليب الشخص المستغل القسرية، فإنك بذلك ترسي حدودا جديدة لشخصيتك.

وعناصر هذه الخطوة تتمثل في:

  1. أعلن عن عزمك على أنك ستكون من يقرر ما ستفعله أو ما لن تفعله في العلاقة، وذلك بناء على وضع حاجتك ومصالحك الخاصة في الاعتبار جنبا إلى جنب مع حاجات ومصالح الآخرين.
  2. قم بتعليم الشخص المستغل الطريقة التي تريد أن تعامل بها، باحترام ، على سبيل المثال، كشخص فاضل له قيمة؛ كشخص ناضج أو كشريك مساو. صرح بشكل مباشر بأنك لن تسمح بأن يتم تجريحك أو إيذاؤك.
  3. ضع حدودا واضحة بحيث تشير إلى أنك لن تشترك في أي حوار يشتمل على الأساليب التي تتجاوز تلك الحدود.
  4. يجب أن تجبره على أن يقر بأنك أيضا لك حقوق وحاجات وقيم تتعلق بسلوكك ويجب عدم تجاوزها.
  5. أخبر الشخص المستغل أن وضع حدود للمعاملة يعمل على تحسين العلاقة في المستقبل، وأن غير ذلك لم يعد مقبولا بعد الآن.

الخطوة الخامسة: التفاوض للوصول لحل وسط

على الرغم من أنه يجب ألا تكون هناك تسويات أو مفاوضات بشأن تلك الأساليب، فإن هناك ضرورة لأن تكون هناك مسألة أخذ وعطاء سليمة تتعلق بكيفية الوفاء بحاجاتك الشخصية، وكما سبق أن أشرنا أن الشخص المستغل لا يهتم إلا بخدمة مصالحه، ولن ينتبه من تلقاء نفسه إلى ما تحتاجه أو ترغب فيه إلا بعد أن تفصل بينه وبين حيله ووسائله.

إذا كان الشخص المستغل على استعداد للتكيف مع التغييرات التي بدأتها فهناك مجال لخدمة مصالحك ومصالحه على حد سواء، أما استمرار أسلوب الضغط لاقتناص أي فرص متاحة على حسابك فلا يخلق علاقة سليمة بل علاقة من طرف واحد، هذا الطرف يأخذ فقط.