لا يمكن أن يحميك من أثر مجفف الشعر لفيرجسون سوى المهارة، المهارة وحدها.

لا شيء أصعب من أن تجلس أمام السير أليكس فيرجسون بين شوطي المباراة وتشعر بأثر «مجفف الشعر». كلمات ساخنة وتوبيخ عنيف عندما تقصر، وكأنك جلبت مجفف شعر بقدرة كهربائية عالية وقمت بتشغيله أمام وجهك بسنتيمترات قليلة لمدة طويلة. الشيء الوحيد الذي يعفيك من هذا الموقف هو مراوغة أو اثنين قد قمت بها أثناء الشوط أثارت إعجاب الجمهور في المدرجات. في هذه الحالة ينظر لك السير بشيء من التقدير حتى وإن كان غاضبًا.

هكذا رأى المهارة أحد أعظم مدربي اللعبة عبر تاريخها،

وهكذا عبر عنها واين روني

في سيرته الذاتية «My Decade In The Premier League» والتي صدرت عام 2012.

مقاطع فيديوهات كانت أول ما اهتم به الجمهور بانتشار تكنولوجيا الحواسيب والهواتف المحمولة، آهات آلاف المعجبين في المدرجات، تصفيق جمهور النادي المنافس لك، بناء رصيد يشفع لك عند الجمهور عندما لا تكون في يومك. أشياء لا عامل مشترك لها سوى المهارة.

يحاكيها اللاعب فيعشقه الملايين، فما بالك وإن اخترعها من الأساس بل وسُميت باسمه؟ إليك أبرز 5 مهارات اخترعها لاعبون لأول مرة فارتبطت باسمهم وصاروا المرجع الأول لها عند الحديث عنها.


1. السمكة الصغيرة


عرضية بقدم اللاعب داني بليند

، فان بيرسي يطير وجسمه ممتد في الهواء ليضرب الكرة برأسه معلنًا عن هدف التعادل في مرمى المنتخب الإسباني بكأس العالم 2014 في ريودي جانيرو. تنطلق الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بدون توقف لكتابة تعبيرات على شاكلة «كيف حدث هذا؟ غير معقول، واااو!» الهدف كان جميلًا ويستحق كل هذا الصخب بالفعل، ولكن هل فكرت يومًا عن أصل هذه الحركة؟

تُسمى هذه الحركة في أغلب بلدان العالم العربية وغير العربية بـ «السمكة». يعتقد الكثيرون أن تلك التسمية ترجع بالأساس إلى وضعية الجسم بها وأنها تشبه جسم السمكة بشكل كبير،

لكن الحقيقة أن سبب التسمية غير ذلك

.

في عام 1960 وفي مباراة ودية بين سبورتنج لشبونة وساوباولو البرازيلي، في الدقيقة الثانية عشر من اللقاء رُفعت عرضية، فطار عليها لاعب يُدعى «Peixinho» ليلعبها بهذه الوضعية لأول مرة أمام جماهير كرة القدم.

«Peixinho» هو اسم برازيلي يعني السمكة الصغيرة. فوالد اللاعب كان لاعبًا هو الآخر لفريق سانتوس البرازيلي وكان يُدعى «Peixi» أي السمكة. فلما لعب ابنه كرة القدم من بعده أطلقوا عليه اسم السمكة الصغيرة، وعندما أحرز الابن هذا الهدف لأول مرة ارتبطت الحركة باسمه إلى الأبد.


2. مراوغة كواوتيموك

كواوتيموك بلانكو، أحد أهم لاعبي المكسيك عبر تاريخها، صاحب الصورة المترسخة والتي تحضر تلقائيًا في أذهان جماهير كرة القدم حول العالم بمجرد ذكر كلمة «منتخب المكسيك».

في كأس العالم 1998 في فرنسا بمباراة المكسيك وكوريا الجنوبية، استلم بلانكو الكرة ناحية اليسار وركض نجوه اثنان من لاعبي المنتخب الكوري. قرر بلانكو حينها أن يمر بالكرة بطريقة غريبة. ضغط اللاعب المكسيكي على الكرة بين قدميه اليمنى واليسرى وقفز بها بين لاعبي كوريا الجنوبية وبالفعل مرّ بها!

نالت المهارة استحسان جماهير المونديال حينها، لكن الأمر مع جماهير المكسيك والأمريكتين الشمالية واللاتينية ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. حيث

أطلقوا على تلك المهارة اسم «كواوتمنيا»

أي مراوغة كواوتيموك المرحة. وانتشر هذا المصطلح بين جماهير الأمريكتين ويُستخدم حتى الآن مدارس الكرة ولكنه لم ينتشر في مجتمعنا العربي بشكل كبير.



3. كوستلينا

إن لم تسمع من قبل عن مهاجم هندوراسي اسمه كارلوس كوستلي، فاطمئن هذا شيء طبيعي. فاللاعب لم يلعب في أي نادٍ مشهور سوى برمنجهام سيتي عام 2009 على سبيل الإعارة،

ولم يشارك معهم

سوى 9 مباريات فقط لم يحرز خلالها أي هدف.

لكن المثير في كوستلي أنه وبالرغم من طوله الفارع والذي يصل إلى حوالي 190 سم، وثقل حركته، إلا أنه يمتلك في جعبته مهارة غريبة قد تبدو لأول وهلة في متناول العديد من اللاعبين، ولكن عند التدقيق فيها تجد أن الأمر ليس بهذه السهولة.


ما يفعله كوستلي هو استلام الكرة بقدمه اليسرى ثم الوقوف لثوانٍ قليلة. يقوم بعدها بأرجحة قدمه للخلف بقوة فيوحي للمدافع أنه سيلعب الكرة بكعبه للخلف، وبمجرد أن يأخد المدافع خطوة للخلف ينطلق كوستلي للأمام.

يستخدم كوستلي هذه الحركة بشكل زائد عن الحد حتى أصبحت جزءًا من تكوينه كلاعب كرة قدم، فأطلق عليها جماهير الهندوراس اسم «كوستلينا». وإذا قمت بالبحث بكلمة «Costlyña» في محركات البحث ستجد لها جمهورًا ليس بالقليل.


4. دوران كرويف

لا، لم يكن إذلالًا بل كانت أهم لحظة في مسيرتي الكروية؛ لأن كرويف كان عبقريًا ولم يكن هناك حظوظ متكافئة في المواجهة بيننا. الأمر كان محسومًا له من قبل المباراة.

هكذا حكى المدافع الأيمن لمنتخب السويد في كأس العالم 1974 «جان أولسون» للكاتب ديفيد وينر في

كتابه «البرتقالي العبقري»

الذي يتحدث عن تأثير الكرة الهولندية على أجوارها.

أولسون هو من قام يوهان بمراوغته بطريقة بدت مهينة بعض الشيء في عُرف كرة القدم. عُرفت بعد ذلك بدوران كرويف «Cruyff turn».


استلم كرويف الكرة مع الدوران، فضغط عليه المدافع من خلفه. فقام يوهان بتمويه جسده بشكل كامل وكأنه سيمرر الكرة داخل الملعب ثم قام بتمرير الكرة بجانب قدمه اليسرى الثابتة ليمر من أولسون الذي ذهب بنظره مع كل اللاعبين والمشاهدين في المنازل إلى وسط الملعب في حين كان يمر كرويف بجانب الخط. راوغ كرويف الجميع حينها وليس أولسون بمفرده!


5. ركلة بانينكا لا تفقد رونقها

جاءتني الفكرة قبل عامين من نهائي كأس الأمم الأوروبية. تدربت عليها كثيرًا وراهنت على تعود حراس المرمى على اختيار الحراس زاوية من الاثنين اليمنى أو اليسرى فقط دون التفكير أن هناك احتمالية للتصويب في المنتصف.

هكذا قال أنتونين بانينكا في

لقائه مع موقع Goal

. بانينكا الذي اتهمه الألمان بجرح كبرياء أسطورة حراسة المرمى الألمانية سيب ماير في نهائي كأس الأمم الأوروبية عام 1976. ضربة جديدة أتت باللقب لمنتخب تشيكوسلوفاكيا والذي لم يكن أحد يرشحه لنيل اللقب قبل مباراة الافتتاح.


أقبل بانينكا على الكرة الأخيرة في ركلات الترجيح بسرعة كبيرة توحي أنه سيسدد بقوة في أحد زاويتي المرمى، وبالفعل اختار ماير الارتماء ناحية اليسار لكن بانينكا فاجأه بركل الكرة بشكل رائع للغاية ولأول مرة في تاريخ كرة القدم، ليتبعه بعد ذلك العديد من نجوم اللعبة. وفي كل مرة تُسدد ركلة جزاء بهذه الطريقة يقف الجماهير في المدرجات وهم يصفقون لصاحب الركلة ويقولون: «انظر، لقد لعبها بطريقة بانينكا!»