فاز عبد المحسن سلامة بمنصب نقيب الصحفيين بـ ٢٤٥٧ صوتٍ، من إجمالى عدد الناخبين البالغ ٤٥٢٤، فيما حصل يحيى قلاش على ١٨٩٠ صوتٍ، وحصل المرشح إسلام كمال على ١٢١ صوت، و بينما حصل سيد الإسكندرانى على ١٩ صوت، بعدما انتهت انتخابات النقابة اليوم 17 مارس 2017.


المعركة الانتخابية: الدولة في مواجهة النقابة

«الدولة في مواجهة نقابة الصحفيين»، هذا هو ملخص المعركة الانتخابية على منصب نقابة الصحفيين التى أسدل عليها الستار منذ قليل بفوز مرشح الدولة عبد المحسن سلامة بمنصب النقيب، في مشهد انتخابي انقسامي بشكل واضح وهو المشهد الذى لم تشهده النقابة منذ آخر انتخابات جرت في عهد الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك.

ورغم أن الانتخابات في عهد المخلوع كانت تشهد الكثير من الدعم لمرشح الدولة في مقابل مرشح تيار الاستقلال، إلا أن المعركة لم تكن فقط تنافسًا بين مرشحين هما الأبرز لمنصب نقيب الصحفيين، وهما يحيى قلاش الكاتب الصحفي بجريدة الجمهورية والنقيب السابق فى الفترة من مارس 2015 وحتى مارس2017، وعبدالمحسن سلامة مدير تحرير جريدة الأهرام القومية، وإنما هي انعكاس لحالة الانقسام الحاد التي تعيشها مصر.

عبد المحسن سلامة، هو مدير تحرير جريدة الأهرام القومية، ووكيل النقابة السابق، إلا أن السمة الأهم له أنه أحد مرشحي الحزب الوطني في برلمان 2010، بالإضافة إلى كونه مرشح الدولة في انتخابات نقابة الصحفيين في 2013 أمام نقيب الصحفيين الأسبق ضياء رشوان، رغم أن النظام الحاكم في تلك الفترة هو نظام جماعة الإخوان المسلمين، وفي هذا التقرير نلقي الضوء على الأسباب التى مهدت طريق عبد المحسن لمنصب النقيب.


1. انسحاب الأقوى: رشوان يتنازل عن المنصب

قرر مجلس نقابة الصحفيين في 11 فبراير/ شباط الماضي فتح باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي للنقابة لاختيار نقيب للصحفيين و6 من أعضاء مجلس النقابة، وذلك وفقًا لقانون 67 لسنة 1970، والذى ينظم إجراءت علمية للانتخابات بنقابة الصحفيين وانعقاد جمعيتها العمومية العادية، ومنذ ذلك التاريخ وحتى إجراء الانتخابات بدأ المشهد الانتخابي مختلف فى طريقة إعلان المرشحين لقرار ترشحهم ودعم أنصارهم.

وكان أول من أعلن ترشحه لانتخابات النقابة هو الكاتب الصحفي ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والنقيب الأسبق للصحفيين، و

قال

فى بيان ترشحه إن هدفه:

وأثبتت الأيام التالية لتصريحات رشوان صحة قوله فالاهتمام بانتخابات النقابة لم يكن عاديًا من قبل جميع الأطراف،

ليعلن

بعدها عبدالمحسن سلامة مدير تحرير جريدة الأهرام ترشحه فى انتخابات النقابة، من مؤسسته بحضور رموز محسوبة بشكل واضح على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي أبرزهم الإعلامي أحمد موسي وكذلك مكرم محمد أحمد آخر نقيب صحفيين فى عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وهو المشهد الذى اعتبره الكثيرون انعكاسًا لتوجه سلامة وتوجه الدولة فى دعمه منذ اليوم الأول لإعلان ترشحه،

ليعلن

بعدها يحيى قلاش ترشحه للانتخابات، مع التأكيد على ما قاله ضياء رشوان من قبل أنها الانتخابات الأهم فى تاريخ النقابة، ومع تقدم كل المرشحين بأوراقه رسميًا يفجر نقيب الصحفيين السابق ضياء رشوان مفاجأة من العيار الثقيل

معلنا

الانسحاب وعدم خوض سباق الانتخابات بنقابة الصحفيين.

بل ووصل الأمر أن شبه رشوان الانتخابات بنقابة الصحفيين بجولة الإعادة فى انتخابات الرئاسة عام 2012، والتي جرت بين أحمد شفيق أحد رموز نظام مبارك، ومرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي الذى فاز بتلك الانتخابات، واصفًا الاختيار ب «المر» على المستوى النقابى، ليصبح المشهد مقتصراً عقب خروج رشوان على سلامة وقلاش.


2. «البدل» سلاح الدولة في كسب النقابة

يعد «بدل التدريب والتكنولوجيا» بمثابة قبلة الحياة للعديد من الصحفيين، لا سيما الصحفيين المنتمين للصحف الخاصة والحزبية، فنتيجة لضعف إمكانيات التدريب للصحفيين، تصرف كل شهر مبالغ مالى لاعضائها يقدر بـ1380 جنيه مصري تحت مسمي «بدل التدريب».

ورغم أن بدل التدريب كان الغرض الاساسي منه دعم خبرات الصحفي، إلا أن تدني مرتبات الصحفيين حوله لمصدر دخل، وورقة يلعب بها النظام في كل انتخابات، وقد استخدمت الورقة بقوة في أكثر من مناسبة منها منافسة مكرم محمد أحمد وضياء رشوان الاولى في 2009، والتى خسرها رشوان.

وكذلك استخدمها النظام في منافسة ممدوح الولي وقلاش في 2011، واسفرت المنافسة بفوز الولي، إلا أنها فشلت في 2015 فرغم زيادة البدل في عهد ضياء رشوان والوعود الخاصة بزيادته في برنامجه الانتخابي إلا أن الجمعية العمومية صوتت لصالح قلاش، وعادت لاستخدامه مرة أخرى المنافسة بين قلاش وسلامة خاصة وأن بدل التدريب لم يزيد خلال فترة تولي قلاش.

فمع بداية السباق الانتخابي وعد عبدالمحسن سلامة بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا مؤكدا على تواصله مع مجلس الوزراء ووزارة المالية، للحصول على تلك الزيادة، بل وقبل الانتخابات بساعات

قال

في مؤتمره الصحفي الختامي الذى عقده للمرة الثانية فى مؤسسة الاهرام، أن قيمة الزيادة ستتخطي أي زيادة سابقة وستتعدي «280» دون أن يعلن عن صاحب الوعد بتلك الزيادة أو موعدها.

بالمقابل

رد

يحيي قلاش المرشح المنافس، أن وزير المالية عمرو الجارحي رفض لقاء أي من المرشحين، ومن يتحدث عن وعود بزيادة البدل متاجرة انتخابية . وكشف قلاش النقاب عن تشكيل لجنة منذ شهور تضم ممثل لوزارة المالية ولنقابة الصحفيين والمجلس الاعلي للصحافة ، والتي بحثت وجود زيادة سنوية فى البدل ستقر خلال الفترة المقبلة.

وقبل الانتخابات بساعات قليلة خرجت وزارة المالية

بتصريحات

تنفي خلالها وجود زيادة قريبة بالبدل وتؤكد أن القرار فقط بيد مجلس الوزراء، وهو ما استغله مؤيدو قلاش ضد سلامة.


3. كتلة الاهرام: حاضنة مؤتمرات «جبهة تصحيح المسار»

تمثل كتلة الاهرام في أي انتخابات لنقابة الصحفيين «الكتلة الحرجة»، فالمؤسسة باصداراتها المختلفة تضم ما يقرب من 1700 عضو من الجمعية العمومية البالغ عدد أعضائها 8600 عضو، لذلك تمثل دعماً في العملية الانتخابية لاي مرشح على منصب النقيب، وهو الدعم الذى اعتمد عليه عبد المحسن سلامة في الانتخابات الحالية، ويظهر ذلك في

عقد

مؤتمره في مقر المؤسسة.

والمتابع لانتخابات نقابة الصحفيين يجد انه منذ ثورة 25 يناير كانت معركة النقيب محصورة داخل الاهرام، ولم يفز أي مرشح من خارج الاهرام على مرشح الاهرام إلا مرة واحدة، وهي انتخابات 2015 التى فاز فيها قلاش ضد ضياء رشوان.

وهي المرة الثانية التي يخوض فيها قلاش الانتخابات على منصب النقيب بعد الثورة، الاولى كانت أمام النقيب الاسبق ممدوح الولي وخسرها قلاش بفارق يقترب من 300 صوت.

اختيار مؤسسة الاهرام لتكون مقر لمؤتمرات سلامة له دلالة أخرى غير دلالة اعتماده على الاهرام، فالمؤسسة هي حاضنة مؤتمرات جبهة تصحيح المسار التى وقفت ضد تعامل قلاش مع أزمة اقتحام نقابة الصحفيين.


4. «خائبي الرجاء»: الانقسام سيد المشهد

إنقاذ المهنة والنقابة من المآزق الخطيرة التي وصلت إليها، من جهة مواقف افتقدت لأي حكمة بدعوى المبدئية، ومن جهة أخرى سياسات أخطأت في تقديرها للصحفيين ونقابتهم العريقة وأكد أنها الانتخابات الأهم والأكثر حسمًا فى تاريخ النقابة.

في الانتخابات الحالية، كان من الواضح وجود جبهتين الاولي هي جبهة «4 مايو» نسبة إلى الجمعية العمومية الرافضة لاقتحام النقابة، والثانية هي جبهة تصحيح المسار، إلا ان كتلة أخرى تواجدت بقوة وأن لم يبدو ذلك واضحاً للعيان وهي كتلة خائبي الرجاء.

وهى الكتلة المنبثقة من 4 مايو والتى لم ترضى عن إدارة قلاش لازمة النقابة، معتبرة أياه تراجع عن موقفه بعد سماحه

بدفع

الكفالة له وعضوي المجلس عبد الرحيم والبلشي في قضية اقتحام النقابة رغم

اعلان

مجلس النقابة رفض الدفع.

كتلة «خائبي الرجاء» انقسمت بدورها إلي جبهتين، الاولي؛ قررت التصويت لصالح قلاش دعماً ضد احتمالية سجنه، اما الثانية فقررت ابطال صوتها أو التصويت لباقي المرشحين أمثال سيد الاسكندراني و اسلام كمال، وهو ما يتضح من الارقام النهائية للتصويت فقد حصل الاسكندراني على 19 صوت واسلام كمال على 121 صوت.

ويبقي هتاف «عاش نضال الصحفيين» الذى ردده أنصار عبد المحسن عند اعلان فوزه، شعار لمستقبل الصحافة خلال العامين القادمين، فالدولة التى حشدت كل قوتها لمؤزارة النقيب الحالي، لن تسمح بان تكون نقابة الصحفيين مغرداً خارج السرب مرة أخرى، ولن تسمح بصوت أخر يعلو فوق صوتها، وهو ما يعني جولات جديدة منتظرة من النضال ضد سيطرة الدولة.


المراجع




  1. بوابة نقابة الصحفيين المصريين

  2. من دفع الكفالة؟.. غضب وسط الصحفيين المصريين بعد سداد “مجهول” كفالة إخلاء سبيل النقيب وزميليه