نشأ الشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وفيها تمت صياغة شخصيته الروحانية والدينية والسياسية، وفيها عاش حياة مستقلة في دولة ذات سيادة، وفيها أنتج ثرواته الثقافية الوطنية والإنسانية العامة وأورث العالم أجمع سفر الأسفار الخالد. وعندما أُجلِيَ الشعب اليهودي عن بلاده بالقوة، حافظ على عهده لها وهو في بلدان شتاته كلها، ولم ينقطع عن الصلاة والتعلق بأمل العودة إلى بلاده واستئناف حريته السياسية فيها.

من نص

وثيقة الاستقلال

التي قرأها ديفيد بن غوريون رئيس الوزراء الأول لإسرائيل في 14 مايو/آيار 1948.

في ذلك اليوم، بات الحلم اليهودي بإنشاء وطن قومي يجمع شتاتهم حقيقة واقعة لا مفر منها. ولم يكن تأسيس «إسرائيل» نتاجًا لدعم الانتداب البريطاني للحركة الصهيونية وتمكينها من إرساء دعائمها على أرض فلسطين فقط، بل كان أيضًا نتيجة لمجهودات شخصيات يهودية وصهيونية بارزة لعبت الدور الأكبر في التأسيس. وفي هذا التقرير نقدم أبرز الشخصيات التي ساهمت في تأسيس «إسرائيل».


1. اللورد شافتسبري (مؤسس العقيدة الصهيونية)

اللورد شافتسبري، أنتوني أشلي كوپر، مؤسس العقيدة الصهيونية

أنتوني أشلي كوپر (اللورد شافتسبري)

عُرف اللورد شافتسبري باسم

«

أنتوني أشلي كوبر

»

، وهو واحد من أبرز الشخصيات الإنجليزية في القرن التاسع عشر، فقد تبلورت العقيدة الصهيوينة على يديه في كتاباته النظرية.

ويُعد أشهر ما كتب هو مشروع

«

أرض بلا شعب لشعب بلا أرض

»

الذي قدمه أثناء عقد مؤتمر الدول الأوروبية في لندن 1840، ودعا فيه لتبني لندن إعادة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة خاصة بهم.

وقد تمخض عن هذا المؤتمر تبني اللورد «هنري بالمرستون»، وزير الخارجية آنذاك، مشروعا يهدف إلى خلق

كومنولث

يهودي في النصف الجنوبي من سوريا. ولم يكتف أنتوني بالصياغات النظرية الصهيونية، بل كان يكتب المذكرات التفصيلية المحددة لبالمرستون،حتى أن أول قنصلية إنجليزية في

القدس

تم افتتاحها نتيجة لإِلحاحه وبناءً على توجيهاته


.


2. موسى مونفيوري (أول مؤسس للاستيطان اليهودي في القدس)

موسى مونفيوري

موسى مونفيوري

كان يهوديًا بريطانيًا ثريًا جداً، امتلك عدة مصارف، وكان أحد أكبر المتبرعين اليهود لدعم نشاطات وفعاليات يهودية وصهيونية. ويعتبر أول من قاد حملة للاستيطان اليهودي، إذ تلقى الدعم من اليهود الأثرياء في أمريكا، وعمل على إيقاف حملات التبشير المسيحية في القدس.

نجح في عام 1855 في الحصول على فرمان من السلطان العثماني آنذاك، يسمح له بشراء أول قطعة أرض في القدس، فأقام عليها أول حي سكني، وتمكّن من تهجير يهود اليمن إلى القدس وأسكنهم في حي أسماه

«

حي موشيه اليمني

»

، كما تملّك أرضًا غربي القدس عام 1859، وأقام

مستوطنة

باسم «موتسا تحتيت» عام 1864.


3. تيودور هرتزل (المؤسس الحقيقي لإسرائيل)

تيودور هرتزل

ولد هرتزل لأسرة يهودية برجوازية وحصل على الدكتوراة في القانون الروماني. ورغم أنه لم يتعلم العبرية ولم يزر فلسطين، إلا أنه يعد المؤسس الحقيقي لإسرائيل.

ويرجع الفضل في ذلك إلى كتابه

«

الدولة اليهودية

»

الذي كان ذا أثر عظيم بالنسبة لليهود والحركة الصهيونية، إذ تمكن هذا الكتاب من أن يزرع في نفوس اليهود فكرة أنهم ليسوا أبناء دين واحد فقط، بل هم قومية واحدة مستقلة لها الحق في أن يكون لها كيان ودولة مستقلة.

ووضع في هذا الكتاب مخططا للكيان الصهيوني يشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والتنظيمية. وبالإضافة إلى ذلك، دعا هرتزل إلى عقد مؤتمر بازل في سويسرا الذي ضم ممثلين لليهودية في أوروربا، وتم عقده بالفعل عام 1897، وانتُخب هرتزل رئيسا لهذا المؤتمر ثم رئيسا للمنظمة

الصهيونية

التي تمخضت عن المؤتمر، وظل يرأسها حتى وفاته في عام 1904.


4. حاييم وايزمان (أول رئيس لإسرائيل)

حاييم وايزمان

حاييم وايزمان

يعتبر أحد أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل، فبعد أن نسج هرتزل الخطوط العامة للحركة الصهيونية ووضع استراتيجيتها من أجل إنشاء الدولة الصهيونية، واصل حاييم وايزمان تلك المسيرة.

فقد لعب دورا مهما في استصدار وعد بلفور، إذ وطّد علاقته بسياسيي بريطانيا، وأبرزهم آرثر بلفور وونستون تشرتشل، حتى زاد نفوذه في دائرة اتخاذ القرار البريطاني، ومن ثَمَّ صدر وعد بلفور.

كما عمل رئيسًا للمنظمة الصهيونية العالمية من عام 1920 حتى 1946، وخلال تلك الفترة استطاع استغلال حالة المجتمع الدولي وركّز جهود الحركة الصهيونية على إنشاء الشركات المصرفية للاستثمار في فلسطين، وخصوصاً في مجال شراء الأراضي وتوطين اليهود. ثم أصبح

أول رئيس لإسرائيل

عام 1949.


5. دايفيد بن غوريون ( أول رئيس وزراء إسرائيلي)

دايفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي

دايفيد بن غوريون

يعتبر ديفيد بن غوريون المسئول الأول عن تأسيس القاعدة الاقتصادية والعسكرية والتنظيمية وكل البنى التحتية للمجتمع اليهودي في فلسطين، كما شارك في تأسيس الاتحاد العام للعمال اليهود المعروف باسم

«

الهستدروت

»

.

بالإضافة إلى تأسيسه للمنظمة العسكرية

«

الهاغانا

»

التي أصبحت البذرة التي نشأ منها جيش الدفاع الإسرائيلي فيما بعد، وكانت تلك التنظيمات جميعها تابعة للمنظمة الصهيونية في الأساس.

وقد ساهم دهاؤه السياسي في قيام «إسرائيل» عام 1948، إذ كان يخطط وفق سياسة المراحل والاستيلاء التدريجي على الأراضي الفلسطينية، وأصبح بفضل مجهوداته أول رئيس وزراء

لإسرائيل

.


6. هربرت صموئيل (أول مندوب سامٍ في فلسطين)

هربرت صموئيل، أول مندوب سامٍ في فلسطين

يعتبر من أبرز الشخصيات اليهودية التي ساهمت في تأسيس إسرائيل، إذ لعب دورا كبيرا في رسم السياسة البريطانية مع توليه للمناصب المختلفة.

ففي عام 1914 قدم مذكرة حول مستقبل فلسطين لرئيس الحكومة البريطانية آنذاك

«

هربرت هنري أسكويث

»

، وتمكن من إقناع بريطانيا بقدر المنافع التي ستجنيها إذا سيطرت على فلسطين. وقد مهدت تلك المذكرة لوعد بلفور الذي صدر عام 1917.

وفي مؤتمر الصلح في باريس، لعب دورا كبيرا مع الوفد الصهيوني الذي حضر المؤتمر برئاسة حاييم وايزمان، واستطاع على إثر ذلك أن يصبح مندوبًا ساميًا في فلسطين من عام 1920 إلى عام 1925، وسنّ خلال تلك الفترة قوانين جعلت فلسطين في النهاية ليست جاهزة فقط لإنشاء وطن قومي لليهود، بل جاهزة لاستقبال «دولة إسرائيل».


7. موشيه شاريت (أول وزير خارجية إسرائيلي)

موشيه شاريت، أول وزير خارجية إسرائيلي

موشيه شاريت

عاش شاريت شأنه شأن المؤسسين الأوائل لإسرائيل مؤمنًا بالأفكار الصهيونية الداعية إلى تهجير اليهود، وإقامة دولة تحظى بالدعم المالي والسياسي من الدول الكبرى.

وقد اختارته المنظمة الصهيونية العالمية في بداية حياته السياسية رئيسًا للجنتها التنفيذية في فلسطين. وظل رئيسًا لها على مستوى العالم حتى خمس سنوات قبل وفاته.

كما ساهم شاريت في تأسيس قواعد الدبلوماسية الإسرائيلية كسياسي إسرائيلي حينما تم اختياره كأول وزير خارجية لها عام 1949. ثم شغل منصب رئيس الوزراء عام 1953، ويعتبر من أهم إنجازاته هو إعادة تنظيم الوكالة اليهودية والمنظمة

الصهيونية

التي اُختير رئيسًا لها عام 1960.


8. البارون روتشيلد

البارون روتشيلد - إسرائيل

البارون إدموند جيمس دي روتشيلد

أشك إن كنا سنجد في جميع أجيال الشعب اليهودي على مدى ألفي عام شخصا رائعا كهذا الذي بنى التوطين اليهودي في هذا الموطن.





كتب دافيد بن غوريون، رئيس الحكومة الأول، في مديحه للبارون.

ساهم البارون روتشيلد في تشكيل مستقبل الشعب اليهودي، فقد كان شخصية مركزية في استعمار فلسطين، وكان لثرائه هو وأسرته الدور الأكبر في التوطين اليهودي.

فقد بدأ في التوطين العبري منذ بداية ثمانينيات القرن الـ19، حين تعرضت المستوطنات التي بنيت على يد

«

محبي صهيون

»

إلى أزمة مالية، فأخذت أسرته على عاتقها تمويل أول مستعمرة بريطانية لليهود

«

بتاح كفاه

»

، وقام البارون روتشيلد بتنظيم أول هجرة جماعية لليهود إلى فلسطين عام 1882، كما أنه تبرع بـ 30 ألف دونم من الأراضي التي امتلكها بمنطقة قيسارية لإسرائيل.

وقد ترك بصماته على التصنيع اليهودي حين بنى أول مصانع

«

إسرائيل

»

ومصانع زراعية ومحطات توليد الطاقة. وأسس عام 1924 شركة بيكا

«

رابطة الاستعمار اليهودي لفلسطين

»

.

ولم يتوقف دوره عند ذلك، فأسرته حتى يومنا هذا تمتلك صناديق ضخمة لتمويل المشاريع المختلفة التي تعمل على خدمة إسرائيل حول العالم، كما أنها تمول الأبحاث وتقدم منحًا طلابية لأبناء «

إسرائيل

».


9. ليوبولد أميري (اليهودي الذي صاغ وعد بلفور)

ليوبولد أميري

يبدو أنني وضعت أصبعي في الكعكة، ليس فقط بكتابة إعلان بلفور، بل أيضاً في وضع أسس الجيش الإسرائيلي الراهن.

مما كتب «ليوبولد أميري» مفتخرا بماضيه في مذكراته واصفا الدور الذي لعبه في تأسيس إسرائيل.

كان المستشار السياسي لوزير الخارجية السابق أرثر بلفور، ورغم أنه كان يهوديًا لأم يهودية فإنه فضّل إخفاء هويته الدينية والدفاع عن الصهيونية من خلف الستار.

ولعل أبرز إنجازاته كتابته لمسودة الإعلان البريطاني وصياغته لوعد بلفور. بالإضافة إلى إنشائه

«

الفيلق اليهودي

»

، الذي أصبح في وقت لاحق ومرحلة لاحقة جيش الدفاع الإسرائيلي.

كما عمل من خلال موقعه كوزير للمحميات البريطانية في الفترة بين 1925 و1929 على الإشراف على ازدهار ونمو المستعمرات

اليهودية

في فلسطين


.


10. زئيف جابوتنسكي (مؤسس الحركة التصحيحية)

ليوبولد أميري

ليوبولد أميري

زئيف جابوتنسكي، مؤسس الحركة التصحيحية

زئيف جابوتنسكي

هو «زئيف فلاديمير جابوتنسكي» مؤسس الحركة التصحيحية عام 1925 كحركة صهيونية سياسية، ويعتبره البعضالأب الروحي للفكر اليميني المتطرف، وأحد أكبر رموز التطرف في تاريخ الحركة الصهيونية.

دعا من خلال حركته إلى ضرورة إجراء إصلاحات شاملة وإحداث مراجعات في سياسة الإدارة الصهيونية تجاه الحكومة البريطانية وسلطات الانتداب في

فلسطين

.

ففي السنوات الأولى للانتداب دعم جابوتنسكي التعاون مع بريطانيا، ولكن عندما بدأت سلطات الانتداب تتراجع عن دعمها للفكرة الصهيونية، دعا إلى مكافحتها واتهمها بالخيانة، ولجأ لاتخاذ سياسة الضغط على الإدارة البريطانية من خلال العرائض والمظاهرات الاحتجاجية الجماهيرية من أجل حث بريطانيا على تأسيس دولة يهودية والوفاء بوعد

بلفور

.


المراجع




  1. ذياب الفهداوي، هربرت صموئيل حياته، ودوره السياسي في تأسيس الكيان الصهيوني، جامعة الأنبار، كلية الآداب، مجلة التربية الأساسية/ العدد الرابع والسبعون2012، ص213.