شاركها 0FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram 124 ربما ستفاجئك إجابة السؤال، لكن كل ما نراه بالفعل قد حدث في الماضي نسبيا مقارنة باللحظة التي تم إدراكه فيها. ولكي نفهم هذا، يجب أن نتذكر كيفية الرؤية من منهج العلوم بالصف الأول الإعدادي، والذي كان يقول أن الحسن ابن الهيثم منذ أكثر من ألف عام، قال في كتابه «المناظر» أن سبب الرؤية هو خروج شعاع الضوء من الجسم المرئي إلى العين. وعند سقوط الضوء على شبكية العين تحوله الخلايا العصبية بها إلى شحنات كهربية، تُنقل عبر العصب البصري لمركز الرؤية في المخ حيث يتم تحليلها وإدراكها. وبالتالي فهناك عاملين يتحكما في الرؤية، الأول هو بعد الجسم المرئي عن العين، والثاني هو سرعة نقل الإشارة وإدراكها داخل المخ. لكن كيف يعني هذا الكلام أننا نرى الماضي؟ عند قياسها معمليا، وجد العلماء أن نقل الإشارة العصبية من شبكية العين عبر العصب البصري لمركز الإبصار بالمخ، وتحليل المخ للصورة وإدراكها يتأخر لمدة 100 جزء من الألف من الثانية. وبالتالي فعند النظر ليديك أو للتلفاز أو لأي حركة ما، فإن ما تنظر إليه يكون بالفعل في الماضي نسبة لوقت إدراكك له. لكن 100 جزء من الألف من الثانية ليست بالوقت المحسوس الذي يُوضع في الاعتبار. ولكن ماذا لو كان الجسم المرئي بعيدا.. في أعماق الفضاء مثلا؟ في ليلة صافية في مكان مفتوح قم بالنظر للنجوم. ستعتقد أن ما تراه هو النجوم في لحظتها الحالية، لكنك مخطئ، فما تراه بالفعل هو الضوء الذي خرج من النجوم وعبر الفضاء ليصل إلى عينيك. وقديما اعتقد العلماء بأن الضوء ينتقل لحظيا، وكان جاليليو من أوائل من رفضوا تلك الفرضية، ولكنه لم ينجح في إثبات رأيه عمليا. حتى جاء أوول رومر في القرن السابع عشر وأثبت خطأ تلك الفرضية، وقام بأول تجربة عملية لقياس سرعة الضوء اعتمادا على متابعة خسوف «أيو» قمر المشترى. وأثبت منها أن الضوء لا ينتقل لحظيا، بل يحتاج لبعض الوقت للوصول لنا. لكنه لم يستطع قياس سرعة انتقال الضوء بدقة. ويقوم الضوء بعبور مسافات كبيرة جدا من النجوم لحين رؤيته، بسرعته التي تم قياسها بدقة بعد ذلك والتي تبلغ 299,792.458 متر لكل ثانية. وابتكر العلماء طريقة لقياس المسافات في الفضاء تُعرف بالسنة الضوئية، وهي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة. فعند النظر لنجم يبعد عن الأرض 100 سنة ضوئية مثلا، نرى الضوء الذي خرج منه منذ 100 عام، أي أننا نرى الماضي. ماضي هذا النجم نسبة إلى لحظة رؤيته وإدراكنا له. والمسافة بين الشمس والأرض 149,500,000 كيلومتر. ويحتاج الضوء لثمان دقائق لقطع تلك المسافة. أي أن الشمس التي ننظر إليها يوميا لا نراها في الوقت الحقيقي، لكننا نراها وقد مر عليها ثمان دقائق. ولهذا في وقت الغروب، تغرب الشمس بالفعل قبل أن نرى الغروب، أي أننا نراها في الماضي. ونفس الأمر بالنسبة للقمر الذي يبعد عن الأرض حوالي 384,400 كيلو والذي نراه في الماضي أيضا ب 1.3 ثانية. كما أن أقرب مجرة لنا هي مجرة المرأة المسلسلة، والتي يمكن رؤيتها بالعين المجردة لو نظرنا للسماء في ليلة صافية وخارج نطاق التلوث الضوئي للمدن. والتي تبعد عنا حوالي 2.5 مليون سنة ضوئية، أي أن كل ما نرصده منها الآن هو ماضيها العتيق. وعند رصد علماء الفلك لأي حدث كوني كانفجار نجمي أو نشأة نجم جديد أو مجموعة شمسية جديدة، فإن هذا الحدث يكون قد تم بالفعل في الماضي حسب بُعد هذا الحدث عن كوكب الأرض. لكن، هل يمكن رؤية ماضي كوكب الأرض؟ الإجابة الخيالية هي نعم. فلو كان المراقب ينظر للأرض من كوكب يبعد عنها ألف سنة ضوئية، فسوف يرى ماضي الأرض منذ ألف عام. ولو أن أحد ما تمكن من صنع مركبة فضائية قادرة على السفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فسوف يسبق بمركبته الضوء، ليراه، ويشاهد الماضي. فيمكنه مثلا السفر لمسافة 7000 سنة ضوئية ورؤية قدماء المصريين أثناء بناء الأهرامات، أو الصينيين أثناء بناء سور الصين العظيم. أو حتى السفر لبداية القرن الفائت ومشاهدة الحرب العالمية الأولى أو الثانية. لكن، لا تغرق في الخيال أكثر من هذا، فتطبيق كل هذا عمليا مستحيل. فسرعة الضوء هي أقصى سرعة يمكن الوصول إليها حسب النظرية النسبية لأينشتاين. فحسب نسبية أينشتاين، يتباطأ الزمن بالنسبة للجسم المتحرك ذو الكتلة ويزداد التباطؤ كلما زادت السرعة، حتى تصل السرعة لأقصى سرعة ممكنة يتوقف عندها الزمن وبالتالي يتوقف كل شيء، وهي سرعة الضوء. كما أن كتلة الجسم المتحرك تزداد أيضا بازدياد السرعة، حتى تصل إلى كتلة لا تكفي أي طاقة لزيادة سرعة الجسم بعدها. ويصل الجسم لتلك الكتلة عند سرعة الضوء أيضا. وجسيمات الضوء «الفوتونات» هي فقط التي تستطيع التحرك دائما بتلك السرعة حيث أنها جسيمات عديمة الكتلة. وهذا جزء مما أثبتته النظرية النسبية وما أثبتته التجارب العملية المتعددة بعد ذلك. وحتى صنع مركبة بتلك المواصفات وتوفير مصادر الطاقة الكافية لها هو محض خيال. وأقصى ما استطاع العلماء عمله في هذا الخصوص هو إيصال الجسيمات الأساسية للمادة لسرعات تقارب سرعة الضوء وذلك في أجهزة عملاقة تسمى مسرعات الجسيمات. ما الذي نستنتجه من كل هذا؟ نحن بالفعل نرى الماضي سواء كان هذا الماضي مقدرا بجزء من الألف من الثانية أو حتى بملايين السنين الضوئية، لكننا لن نستطيع رؤية ما فاتنا رؤيته بالفعل. وربما نتمكن من هذا لو استطاع الإنسان اختراع آلة الزمن الخيالية، وتمكن من السفر بنفسه ليعيش ذلك الماضي. المراجع Einstein’s Theory of General Relativity Why can’t anything travel faster than light? قد يعجبك أيضاً التلصص على الجزيئات الحيوية يحصد نوبل الكيمياء 2017 مياه على المريخ: القصة من البداية أنثى العذراء: لماذا يلجأ الناس للخرافة؟ التشتت الذهني: كيف يمكن هزيمة مرض العصر؟ شاركها 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinRedditWhatsappTelegram أحمد السيد Follow Author المقالة السابقة ببالون وطائرة بدون طيار.. جوجل تنشر الإنترنت في العالم كله المقالة التالية عاصفة شمسية شديدة القوة ضربت الأرض الأمس.. فماذا يعني هذا؟ قد تعجبك أيضاً احفظ الموضوع في قائمتك كاسيني قبل الوداع: «إنسيلادوس» قمر زحل ربما يحمل مقومات حياة 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك إعادة برمجة المناعة: فتح جديد في طريق قهر السرطان 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك خرافة العِرق: هل العرق مركب بيولوجي؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دليلك لاستكشاف سماء ليل الوطن العربي – أبريل/نيسان 2017 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك طريقك إلى العالم السحري: كيف تشتري تلسكوبك الأول؟ 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك جوجل للغزل والنسيج.. جديد جوجل في مؤتمرها السنوي 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الهايبومانيا: عن الخيط الرفيع بين السعادة والهوس 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك دليل المصادر الموثوقة لمتابعة تطورات وتوصيات فيروس كورونا 28/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك الطباعة ثلاثية الأبعاد.. العلم يحول الأحلام إلى حقائق 27/02/2023 احفظ الموضوع في قائمتك ميلاد العمالقة: علماء يشهدون التقاء ثقوب سوداء لأول مرة 27/02/2023 اترك تعليقًا إلغاء الرد احفظ اسمي، البريد الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح للمرة القادمة التي سأعلق فيها.